الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الصفات التي لا تلحقها التاء]
قال ابن مالك: (فصل: لا تلحق التّاء غالبا صفة مفعال أو مفعل أو مفعل أو مفعيل أو فعول بمعنى فاعل أو فعيل بمعنى مفعول إلّا أن يحذف موصوف فعيل فتلحقه، ولشبهه بفعيل بمعنى فاعل قد يحمل أحدهما على الآخر في اللّحاق وعدمه، وربّما حمل على فعيل في عدم اللّحاق فعال وفيعل).
ــ
قال الشيخ: وهذا التعليل أظنه وقول الخليل. ثانيها: كونها وصف بها في الأصل مذكر كأنه قيل شخص طالق أو شخص حائض، قال الشيخ: وهذا التعليل أظنه قول سيبويه. ثالثها: أمن اللبس؛ لأن التاء الأصل فيها إذا دخلت في الصفات أن تكون فارقة بين وصف المذكر والمؤنث، وهذه أوصاف مختصة بالمؤنث، فلا يحتاج فيها إلى فرق لعدم وجوده في المذكر، فلما أمن اللبس لم تلحق.
قال الشيخ: والتعليل بأمن اللبس هو قول الكوفيين ثم إنك قد عرفت أن المصنف مثل للصفات المشتركة بين المذكر والمؤنث بقوله: رجل عانس، وامرأة عانس، وجمل ضامر، وناقة ضامر، ومن ذلك أيضا جنب، وعزب، يقال: رجل جنب.
وامرأة جنب ورجل عزب وامرأة عزب، ومنه أيضا بازل، وعقيم، وعاقر، وعاشق وكلمات أخرى، ذكرها الشيخ في شرحه (1).
قال ناظر الجيش: الكلمات التي ذكر أن التاء لا تلحقها خمس، وهي مفعال ومفعل ومفعيل ومفعول بمعنى فاعل وفعيل، وذكر في الكافية والألفية كلمة أخرى وهي مفعل لكنه لم يذكر فيها صيغة مفعل فتكون الكلمات على ما ذكر هنا، وأنا أورد كلامه في شرح الكافية أولا ثم أرجع إلى ما في الكتاب، قال رحمه الله تعالى (2) من أمثلة الصفات ما لا تلحقه علامة التأنيث الفاصلة بين المؤنث والمذكر، وذلك ما كان على زنة فعول مقصودا به المبالغة في فاعل، وكذا ما كان على مفعال أو مفعيل أو مفعل، فيقال: رجل صبور وامرأة صبور، ورجل مهذار وامرأة مهذار، -
(1) التذييل والتكميل (الجزء الخامس) قال: ومنها رجل بكر وامرأة بكر وكذا أيم ووقاح الوجه، كما يقال امرأة أمين ووزير ووكيل وكفيل وشاهد ومؤذن، قال: قال الفراء؛ لأن أكثر ما يكون ذلك في الرجال دون النساء فلما احتاجوا إليه في النساء أداروه على الأكثر، وقد يدخلون الهاء في أمين وما بعده على القياس.
(2)
انظر شرح الكافية الشافية لابن مالك (4/ 1738).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورجل معطير وامرأة معطير، ورجل مغشم وامرأة مغشم، فلا تلحق التاء الفارقة شيئا من هذه الأمثلة إلا على سبيل الندور، فمن النادر قولهم عدوة ورجل ميقان وامرأة ميقانة، وهما الموقنان بكل ما سمعا، ومسكينة. ومن العرب من يقول: امرأة مسكين على القياس، حكاه سيبويه (1) فإن كانت للمبالغة لا للفرق لحقت المذكر والمؤنث، نحو: رجل ملولة وامرأة ملولة، وقد يؤنث بالتاء فعول بمعنى مفعول، وهو قليل كركوبة ورغوثة بمعنى مركوبة ومرغوثة أي موضوعة (2) فإن كانت الصفة على فعيل بمعنى مفعول لم تلحقه التاء إلا إذا جرد عن الوصفية، نحو: ذبيحة ونطيحة فإن قصدت الوصفية، وعلم الموصوف جرد من التاء نحو: رجل قتيل وامرأة قتيل وعين كحيل وكف خضيب وقد يشبه فعيل الذي بمعنى فاعل بهذا ويشبه هذا به فيعطي كل منهما حكم الآخر. فمن حمل الذي بمعنى فاعل على الذي بمعنى مفعول، قول الله - تعالى -: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (3) وقوله تعالى: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (4) ومن حمل الذي [5/ 235] بمعنى مفعول على الذي بمعنى فاعل قول العرب: خصلة حميدة وصفة ذميمة بمعنى محمودة ومذمومة أجروهما مجرى جميلة وقبيحة انتهى. وفهم من قوله فمن النادر عدوه وسقاية ومسكينة أن هذا هو الذي احترز عنه بقوله هنا غالبا بعد قوله لا تلحق التاء صفة على كذا وكذا؛ لأن هذا اللحاق لهذه الكلم الثلاث ليس هو الغالب، ومثال مفعل قول العرب امرأة مذكر (5) ومحمق ومغزل ومطفل ومعصر للتي أدركت ومسلف للتي بلغته خمسا وأربعين ومتيم ومعقل ومقذف، ومن أمثلة الصفة الجائية على مفعال: معطار ومذكار (6) ومقلات ومن أمثلة الجائية على مفعيل محضير وميسير ومكثير ومعليم، ومن أمثلة الجائية على فعول شكور وضروب وقتول وغيور وجهول وضحوك وظلوم ودلو وودود وعروس وكلها معدولة عن فاعل. واحترز بقوله بمعنى فاعل عن أن تكون بمعنى مفعول فإن -
(1) انظر الكتاب (3/ 640).
(2)
في القاموس: الرغوث: كل مرضعة كالمرغث، وقد أرغثت ورغثها وارتغثها: رضعها، وأرغثته: أرضعته.
(3)
سورة الأعراف: 56.
(4)
سورة يس: 78.
(5)
في القاموس: أذكرت المرأة ولدت ذكرا وهي مذكر ومذكار.
(6)
في القاموس: المقلات: المرأة لا يعيش لها ولد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التاء تلحقه نحو: أكولة بمعنى مأكولة وركوبة. قال الشيخ: وفي قول المصنف بمعنى فاعل تجوز؛ لأنه إذ ذاك يدل على المبالغة، فليس بمعنى فاعل حقيقة؛ لأن فاعلا لا دلالة فيه على المبالغة انتهى (1). والجواب أن المراد بقوله بمعنى فاعل أن مدلول الصفة فاعل لذلك الفعل لا مفعول له لا أن مدلول فعول هو مدلول فاعل، ومن أمثلة الجائية على «فعيل» بمعنى مفعول جريح، ودهين، وقتيل واحترز المصنف بقوله: بمعنى مفعول من نحو: مريض، وشريف، وظريف؛ إذ يقال فيه للمؤنث مريضة وشريفة وظريفة، وقد ذكروا من هذا النوع كلمات لم تدخلها التاء وهي:
ملحفة جديد وملاة قشيب وشاة سديس وريح خريق وكتيبة خصيف (2) وهي السواد من السلاح فحذف التاء مما ذكر على غير قياس، لأنها ليست بمعنى مفعول قالوا: وأما قريب وبعيد، فتكون للمذكر والمؤنث، وأما قوله تعالى: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (3)[ففيه وجهان: أحدهما: أنه فعيل بمعن مفعول أي مبغيّا بها، والثاني أن تكون فعيلا بمعنى فاعل ثم أعلى](4) ونبه المصنف بقوله إلا أن يحذف موصوف فعيل فتلحقه على أنه يقال مررت بقبيلة بني فلان، ورأيت قبيلة؛ إذ لو لم يأت بالتاء لحصل لبس المؤنث بالمذكر، ومراد المصنف بقوله إلا أن يحذف موصوف فعيل أن الموصوف إذا لم يعلم كان الحكم كذلك، ولهذا قال في شرح الكافية (5):
فإن قصدت الوصفية، وقد علم الموصوف، وعلى هذا لو قلت: رأيت قتيلا من النساء دون أن تأتي فيه بالتاء، جاز وأما قول المصنف ولشبهه بفعيل بمعنى فاعل قد يحمل أحدهما على الآخر في اللحاق وعدمه فقد تقدم بيانه بما نقلناه عنه من شرح الكافية، وقوله: ربما حمل على فعيل في عدم إلحاق فعال، وفيعل، أما فعال، فأشار به إلى قولهم: هدية هذام ومدية جراز (6) حكاهما سيبويه (7) وقال: جعلوا -
(1) التذييل والتكميل (الجزء الخامس) مخطوط بدار الكتب.
(2)
يقال شاه سديس أتى عليها ستة أعوام وريح خريق باردة أو لينة (ضد) وكتيبة خصيف (بالخاء) فيها سواد وبياض سلاح.
(3)
سورة مريم: 28.
(4)
ما بين المعقوفين بياض في ناظر الجيش أكملناه من التذييل والتكميل.
(5)
شرح الكافية (4/ 1740) وأصله: فإن قصدت الوصفية وقد علم الموصوف جرد من التاء، نحو:
قتيل وامرأة قتيل وعين كحيل وكف خصيب.
(6)
من الهذم وهو القطع والهذام: السيف القاطع وجراز بمعناه أيضا.
(7)
الكتاب (3/ 638).