الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم تقديم معمول الشرط أو الجواب عليهما]
قال ابن مالك: (ويجوز نحو: إن تفعل زيد وفاقا لسيبويه، ونحو:
إن تنطلق خيرا تصب خلافا للفرّاء).
ــ
4028 -
وكلّ امرئ بغى على النّاس ظالما
…
تصبه على رغم عواقب ما صنع (1)
وقال الآخر:
4029 -
وإنّ امرأ لا يرتجى الخير عنده
…
يكن هيّنا ثقلا على من يصاحبه (2)
قال (3): وهذا كله ضرورة، ونظير هذا التشبيه دخول «الفاء» في الخير تشبيها بجواب الشرط نحو:
كلّ رجل يأتني فله درهم، والذي يأتني فله درهم، إلا أن هذا جائز في الكلام وذلك لم يسمع إلا في الشعر. انتهى.
ولا يخفى أن بين الشبيهين في البابين فرقا، لأن «الفاء» إنما دخلت في الخير لشبه المبتدأ باسم الشرط وشبه الخبر بالجواب كما عرف ذلك في موضعه، ولهذا اشترطوا فيه أن يكون الخير مستحقا بالصلة أو الصفة.
قال ناظر الجيش: قال الإمام بدر الدين (4): ويجوز في الشرط بـ «إن» تقديم معموله عليه وحده باتفاق، وأجاز سيبويه (5) والكسائي (6) نحو: إن طعامنا تأكل نكرمك، وفي الجزاء المجزوم بـ «إن» تقديم معموله عليه نحو: إن تكرمنا طعامك نأكل، وإن تنطلق خيرا تصب كما جاز مثله في الشرط، وأنشد الكسائي (7): -
(1) هذا البيت من الطويل وهو لقائل في قوله «تصبه» فإنه مسبب عن نكرة موصوفة هي قوله «امرئ» الموصوف بجملة «يبغي على الناس»
وقد جزم تشبيها له بجواب الشرط.
(2)
هذا البيت من الطويل وهو لأبي الأسود الدؤلي ملحقات ديوانه (ص 229) والشاهد في قوله «يكن» ، حيث جزم تشبيها له بجواب الشرط لأنه مسبب عن نكرة موصوفة هي قوله «امرأة» الموصوفة بجملة «لا يرتجى الخير عنده» .
(3)
أي: الشيخ أبو حيان.
(4)
انظر شرح التسهيل لبدر الدين (4/ 84).
(5)
انظر الكتاب (3/ 113، 114).
(6)
انظر معاني الفراء (1/ 422)، والإنصاف (ص 621).
(7)
انظر معاني الفراء (1/ 423).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4030 -
وللخيل أيّام فمن يصطبر لها
…
ويعرف لها أيّامها الخير تعقب (1)
ومنع ذلك الفراء (2) وأوجب في الجزاء إذا تقدم معموله الرفع على القلب أو على تقدير «الفاء» نحو: إن تنطلق خيرا تصيب، وجعل «الخير» في البيت صفة لـ «الأيام» .
وإن صدر الجزاء باسم يليه فعل مسند إلى ضميره فالوجه ذكر «الفاء» ورفع الفعل نحو: إن يفعل فزيد بفعل، وأجاز سيبويه (3) ترك «الفاء» والجزم نحو: إن تفعل زيد يفعل، ووجهه أن يكون الاسم مرفوعا بفعل مضمر يفسره الفعل الظاهر لصحة عمله في محل الاسم السابق لو خلا عن الشاغل، ومنع ذلك الفراء والكسائي (4)، أما الفراء فمنعه له متّجه على أصله فإنه [5/ 159] لما منع عمل الجواب المجزوم فيما قبله وجب عليه أن يمنع تفسيره عاملا فيما قبله، وأما الكسائي فإنه يجيز عمل الجواب المجزوم فيما قبله، فقد كان ينبغي له أن يجيز تفسيره عاملا فيما قبله، اللهم إلا أن يكون مذهب الكسائي امتناع إضمار الفعل على شريطة التفسير إلا عند وجود الموجب لإضماره أو المرجّح أو المسوى، فحينئذ يكون نحو:
إن تنطلق زيد يفعل ممتنعا عند الكسائي لوجوب كون «زيد» مبتدأ، وكون الفعل خبره وامتناع جزم الخبر انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
والذي ذكره المصنف مسألتان:
أما الأولى:
وهي إن تفعل زيد يفعل فقال الشيخ (5): «قد اختلف رأي المصنف في هذه -
(1) هذا البيت من الطويل وقائله طفيل الغنوي في ديوانه (ص 16) وقوله «الخير تعقب» الخير: مفعول مقدم لـ «تعقب» ومعناه: تحدث الخير في عاقبة أمرها، وفيه الشاهد فإن «تعقب» واقع جواب في الشرط الذي هو «من» ويدل على ذلك أنه مكسور الروي، وقد تقدم عليه معموله وهو «الخير» وهذا جائز على مذهب سيبويه والكسائي ومنعه الفراء. والبيت في الإنصاف (ص 621)، وشرح الكافية للرضي (2/ 256)، والخزانة (3/ 642).
(2)
انظر معاني القرآن (1/ 422، 423)، والإنصاف (ص 621).
(3)
قال في الكتاب (3/ 114)«فإن قلت: إن تأتني زيد يقل ذاك جاز على قول من قال: زيدا ضربته، وهذا موضع ابتداء» .
(4)
انظر معاني القرآن (1/ 422).
(5)
انظر التذييل (6/ 844).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المسألة، ففي هذا الكتاب وافق سيبويه، وفي شرح الكافية اختار المنع، وقال: أجاز ذلك سيبويه دون سماع، ومنعه الكسائي والفراء، وبقولهما أقول» انتهى.
وقد عرفت ما قاله بدر الدين من أن توجيه ذلك أن يكون ذلك أن يكون الاسم مرفوعا بفعل مضمر يفسره الفعل الظاهر لصحة عمله في محل الاسم السابق لو خلا عن الشاغل، إلا أن في ما قاله نظرا.
وأما المسألة الثانية:
فقد اقتصر المصنف فيها على ذكر حكم واحد وهو: تقديم معمول الجواب المجزوم عليه، وكلامه في الكافية يزيد على ذلك فإنه قال (1):
وقد يلي الجزاء ما فيه عمل
…
عند سوى الفرّا وشيخه قبل
كزيدا إن تسل يبن وكالمنى
…
إن تزك تبلغ رأياه حسنا
وقال في شرح ذلك (2): «مثال إيلاء الجزاء ما عمل فيه قول طفيل الغنوي:
4031 -
وللخيل أيّام فمن يصطبر لها
…
ويعرف لها أيّامها الخير تعقب (3)
قال: ولم يجز الفراء (4) مثل هذا، وهو محجوج بالنقل، وأجاز هو والكسائي (5) تقديم معمول الجزاء على أداة الشرط، نحو: المنى إن تزك تبلغ، وأجاز الكسائي (6) وحده: زيدا تسأل يبن» انتهى.
فذكر ثلاث مسائل:
الأولى:
تقديم معمول الجزاء المجزوم عليه وذكر أن الفراء يمنعه.
الثانية:
تقديم معمول الجزاء على أداة الشرط، وذكر أن الكسائي والفراء يجيزان ذلك. -
(1) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1594).
(2)
انظر شرح الكافية الشافية (3/ 2600) وقد نقله عنه بتصرف.
(3)
سبق شرحه والتعليق عليه في الصفحة السابقة.
(4)
انظر معاني القرآن (1/ 422، 423).
(5)
انظر معاني القرآن (1/ 422).
(6)
انظر التذييل (6/ 847)، والهمع (2/ 61).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثالثة:
تقديم معمول الشرط على أداته، وذكر أن الكسائي وحده يجيزها.
وقد ذكر الشيخ (1) أن هذا الذي تقدم الكلام عليه ثبت في نسخة ابن المصنف قال (2):
«والذي ثبت في كتابي بعد قوله: خلافا لزاعمي ذلك، قوله: ولا يمنع جزمه تقديم معموله عليه، ولا يعمل في ما قبل الأداة إلا وهو غير مجزوم خلافا للكوفيين في المسألتين.
ثم شرح ذلك بأن قال (3): «مثال تقديم معمول الجواب المجزوم عليه: إن تأتني خيرا تصب قال: ونسب المنع إلى الكوفيين، والذي ثبت في نسخة ابن المصنف أن الذي خالف فيها هو الفراء وهو الصحيح لأن الكسائي وهو رأس الكوفيين وافق سيبويه في الجواز.
وقوله: ولا يعمل في ما قبل الأداة، أي: ولا يعمل فعل الجواب في ما قبل أداة الشرط إلا والفعل غير مجزوم مثال ذلك: خيرا إن أتيتني تصيب، فإن جزمت أجاز ذلك الكسائي والفراء ولا يجوز ذلك عند البصريين.
قال (4): وقول المصنف: ولا يعمل فعل الجواب في ما قبل الأداة إلا وهو غير مجزوم، ليس بصحيح لأن الفعل إذ ذاك ليس فعل جواب، بل الجواب محذوف والتقدير: تصيب خيرا إن أتيتني» انتهى.
وقد تبين أن كلامه في الكافية وشرحها أوضح وأجلى مما ذكره هنا، لكن بقى عليه أن يذكر تقديم معمول فعل الشرط على الأداة نحو: خيرا إن تفعل يثبك الله قال الشيخ (5):
«ومذهب البصريين والفراء (6) فيها المنع ومذهب الكسائي (7) الجواز» انتهى.
وأما تقديم معمول فعل الشرط وحده إذا كان الشرط بـ «إن» فقد عرفت جوازه باتفاق كما ذكر الشيخ بدر الدين ولد المصنف.
واعلم أن المصنف لما ذكر في شرح الكافية تقديم معمول الجزاء المجزوم عليه استدل بقول طفيل: -
(1) انظر التذييل (6/ 846).
(2)
المرجع السابق.
(3)
انظر التذييل (6/ 846، 847).
(4)
أي: الشيخ أبو حيان.
(5)
انظر التذييل (6/ 847).
(6)
،
(7)
انظر الهمع (2/ 61).