الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم الصفات المختصة بالإناث]
قال ابن مالك: (الغالب في الصفات المختصّة بالإناث ان لم يقصد بها معنى الفعل ألا تلحقها التاء لتأديتها معنى النّسب أو لتذكير ما وصف بها في الأصل أو لأمن اللّبس، وربّما جاءت كذلك صفات مشتركة).
ــ
والتأنيث في اسم الجنس قال، وهذا الحكم ليس في كل جنس مميز واحده بها ألا ترى أن المصادر أسماء أجناس، ويقع التمييز في كثير منها بين المفرد، واسم الجنس بالهاء، نحو ضرب، وضربة، وقتل وقتلة، وإتيان وإتيانة، والعرب تذكر مثل ضرب وقتل وإتيان ونحوها، ولا يحفظ عن أحد منهم تأنيث ذلك. ثانيهما:
أنه قد نقل أن بعض أسماء الأجناس جاء مؤنثا لا غير، وذلك نحو البط والنمل، وأن بعضها جاء مذكرا لا غير، وذلك نحو: القمح والعنب فكان ينبغي للمصنف أن ينبه على ذلك هذا كلامه رحمه الله تعالى.
وأقول: أما التعقيب الأول فالجواب عنه أن كلام المصنف إنما هو في اسم الجنس الذي له آحاد مخلوقة؛ لأنه قد تقدم قوله أولا وأكثر مجيء التاء لفصل أوصاف المؤنث من أوصاف المذكر والآحاد المخلوقة من أجناسها، فوجب أن تكون اللام في قوله هنا والجنس المميز بواحده بالتاء لام العهد، وإذا كان كذلك فكلامه الآن مصروف إلى الجنس الذي آحاده مخلوقة لا إلى جنس، ولا شك في ظهور هذا. وأما التعقيب الثاني: فالجواب عنه أن المصنف إنما يذكر الحكم العام الشامل بجميع أسماء الأجناس وهو التذكير والتأنيث، ولا يلزمه التعرض إلى كلمات قليلة لم تبلغ أدنى العدّ والتزم في كلمتين منها التأنيث وفي كلمتين منها التذكير فيستثنيها إذ ذاك فهذا من وظيفة اللغوي لا من وظيفة النحوي هذا إن ثبت التزام أحد الأمرين أعني التذكير أو التأنيث في الكلمات المذكورة. ونقل الشيخ عن بعضهم: أنه قال وما علمنا أحدا يؤنث الرمان، ولا الموز، ولا العنب [5/ 234]، وذكر أن الحمام واليمام والجراد يذكر لا غير (1).
قال ناظر الجيش: قال المصنف في شرح الكافية: الصفات المختصة بالإناث مستغنية عن التاء نحو: حائض وطامث ومرضع ومطفل؛ لأن مجرد لفظها مشعر -
(1) التذييل والتكميل (الجزء الخامس) والذي نقل عنه هو أبو حاتم السجستاني في كتابه التذكير والتأنيث كما نص عليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالتأنيث إشعارا بالاحتمال فيه، فإن قصد معنى الفعل جيء بالتاء، فقيل: هذه مرضعة ولدها غدا أو الآن.
فلو لم يقصد إلا أنها ذات أهلية للإرضاع دون تعرض للفعل؛ لقيل مرضع، وكذا الموصوفة بالحيض إن قصد أنها ذات حيض، قيل: هي حائض، وإن قصد أنها تحيض الآن أو غدا قيل: هي حائضة غدا أو الآن، وقد يكون الوصف واقعا على المذكر والمؤنث ولا تلحقه التاء عند قصد التأنيث فمن ذلك قولهم: رجل عانس وامرأة عانس وجمل ضامر، وناقة ضامر انتهى (1) ومن الصفات المختصة بالمؤنث طالق وفارق وعاطل وكاعب وحاد وناهد ووالد للكثيرة الولد وشاة لبون للولادة، وشاقة شاوق وماخص وشايل وفاطم ووالد إذا اشتد وجدها، وشاة داجن وداجن مستأنسة وريح عاصف، وواضع للتي تضع همّا وغمّا وطاهر وقاعد وحامل وعاند وعاند وحابل والأمر فيها جميعها كما قال المصنف إن قصد بها أنها فعلت أو تفعل أتيت بالتاء في الغالب قال الله تعالى: يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ (2) ومن ذلك قول الشاعر:
4191 -
كمرضعة أولاد أخرى وضيعت
…
بني بطنها ذاك الضلال عن القصد (3)
وقول لآخر:
4192 -
أيا جارتي بيني فإنّك طالقه
…
كذاك أمور الناس غاد وطارقه (4)
وقول الآخر:
4193 -
تمخضت المنون له بيوم
…
أني ولكل حاملة تمام (5)
ثم إن المصنف علل عدم لحاق التاء في هذه الأوصاف بثلاثة أمور؛ أحدها: - كونها تؤدي معنى النسب نحو: طالق أي ذات طلاق، وحائض أي ذات حيض، -
(1) انظر شرح الكافية الشافية (4/ 1738).
(2)
سورة الحج: 2.
(3)
البيت من بحر الطويل لأبي الأخيل العجلي، وهو في الوصف حيث يترك الإنسان حاجته ويشغل بحاجات غيره، وضرب المثل بمن ترضع أولاد الناس وتترك أولادها، وشاهده فولد مرضعة حيث جاء الوصف متصلا بالتاء مع أنه خاص بالإناث. وهو في المساعد (3/ 300).
(4)
البيت من بحر الطويل مطلع قصيدة للأعشى، وأراد بالجارة الزوجة، وبيني: معناه الفراق والطلاق.
وشاهده كالذي في قوله طالقة (المساعد 3/ 299).
(5)
البيت من بحر الوافر نسبه صاحب اللسان إلى عمرو بن حسان، وشاهده كالذي قبله.