الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حذف الزائد عن الأربعة عند الجمع]
قال ابن مالك: (ولا يستبقى دون شذوذ في هذا الجمع مع أربعة أصول زائد إلّا أن يكون حرف لين رابعا).
قال ناظر الجيش: الإشارة بهذا الجمع إلى ما وازن فعالل وفعاليل؛ ولا يتصور شيء من الصيغتين المذكورتين في اسم زادت حروفه على أربعة؛ إلا أن يكون الزائد حرف لين رابعا كما أشار إليه؛ فيحذف الزائد على الأربعة، أولا كان أو ثانيا أو ثالثا أو رابعا أو خامسا أو سادسا نحو: مدحرج، وقنفخر، وفدوكس، وصفصل، وسبطرى، وعنكبوت، وعقربان، وبرنساء؛ فيقال: دحارج، وقفاخر، وفداكس، وصناصل، وسباطر، وعناكب، وعقارب، وبرانس؛ وإن كان حرف لين رابعا وجب إبقاؤه (1)، فيقال في عصفور، وقنديل، وسرداح، وغرنيق، وفردوس: عصافير، وقناديل، وسراديح، وغرانيق، وفراديس، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك؛ وأن الياء تبقى بحالها وأن كلّا من الواو والألف تقلب ياء؛ وفهم من قوله: حرف لين؛ أن الحرف الزائد على الأربعة إذا كان صحيحا أو حرف علّة لا لين يحذف ولا يبقى نحو: قرشب (2)، وكنهور (3)، فيقال فيهما: قراشب وكناهر؛ فإن وزن كنهور: فعلول، فالواو فيه زائدة وليست حرف لين فيحذف؛ لأن حرف اللين هو الساكن من حروف العلة الثلاثة، وفهم من قوله: رابعا، أن حرف اللين غير الرّابع لا يبقى بل يحذف - أيضا - كالتّاء في: خيثعور (4)، والياء والواو معا في: خيسفوج (5)؛ فيقال في جمعهما: خثاعر، وخسافس؛ وكذا الياء والواو والألف في سميدع، وفدوكس، وغدافر، وأما قول المصنف: -
(1) قال سيبويه في الكتاب (3/ 612): (فإن كان فيه - الرباعي المزيد - حرف رابع، حرف لين، وهو حرف المد كسرته على مثال مفاعيل). وقال ابن هشام في أوضح المسالك (4/ 323): (ويجب حذف زائد هذين النوعين - الرباعي والخماسي المزيدين - إلا إذا كان لينا قبيل الآخر فيثبت)، وانظر:
التكملة (ص 173)، وابن يعيش (5/ 69).
(2)
القرشب: الضخم الطويل من الرجال. اللسان «قرشب» .
(3)
الكنهور: العظيم من السحاب. الصحاح «كهر» .
(4)
الخيثعور: السراب، وقيل: هو ما بقي من السراب. اللسان «خثعر» .
(5)
الخيسفوج: حب القطن. اللسان «خسفج» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(دون شذوذ) فمعناه أنه في الشذوذ، قد يبقى الزائد على أربعة أصول؛ وإن لم يكن حرف لين رابعا، ولم أعلم لذلك مثالا أذكره؛ ولم يذكر الشيخ له مثالا؛ بل ترك في النسخة بياضا مع سكوته عن التنبيه على ذلك (1)[6/ 101] هل وجد أو لم يوجد؟ وقد ذكر بعض الفضلاء، أن مثال الشاذ من ذلك: عناكبيت قال:
وعنه احترز المصنف بقوله: (دون شذوذ)، واعتمد هذا الفاضل (2) فيما ذكره على قول ابن جني في المحتسب: وفي آخر سورة الرحمن عز وجل أنهم قالوا: عنكبوت وعناكبيت، قال: وذكر فيه أيضا أنه قرئ (وعباقري)(3)، قال: فيكون مثالا ثانيا؛ إن لم يجعل الياء للنسب. انتهى. وذكرت أن بعضهم مثّل لذلك بعشاوز جمع عشوزن (4)؛ وكان قد جرى ذكر هذا الموضع في محفل؛ وكان به جماعة من طلبة العجم؛ فسألوني عن أي شيء احترز الشيخ ابن مالك في التسهيل بقوله:
دون شذوذ؟ وكان سؤالهم سؤال امتحان لا سؤال استفادة، فقلت: هذا يحتاج إلى نظر واستخراج مثال، ثم إنهم ذكروا ما تقدم لنا ذكره، من أن مثال ذلك:
عناكبيت، وعشاوز، فنظرت في المثالين المذكورين فلم يظهر لي صلاحيتهما تمثيلا لما أراده المصنف، ويسّر الله تعالى لي؛ أن أجيب عن ذلك فكتبت في ذلك الوقت ما أنا مورده الآن، وعرضته على الجماعة السائلين فكفّوا: والذي كتبته هو أن الفصل الذي أورد المصنف فيه هذا كلام معقود لما يجمع على صيغة مخصوصة، وهي المساوية في البنية لصيغتي فواعل وفعائل، والمراد بذلك كل جمع أوله مفتوح، -
(1) التذييل (6/ 28)(ب).
(2)
في هامش نسخة (أ) كتب هنا أن هذا الفاضل، هو جمال الدين ابن هشام.
(3)
من قوله تعالى في سورة الرحمن مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ، وفي المحتسب (2/ 350): (قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وعثمان
…
«رفارف خضر وعباقري حسان» بكسر القاف، وفتحها غير مصروف، قال أبو حاتم: ولو قالوا: «عباقري» فكسروا القاف وصرفوا لكان أشبه بكلام العرب) وانظر: معاني القرآن للفراء (3/ 120).
(4)
مثّل به ابن عقيل في المساعد (3/ 466)، حيث قال: واحترز بدون شذوذ من بقائه شذوذا في قول الشماخ:
حوامي الكراع المؤيدات العشاوز
فعشاوز: جمع عشوزن، وهو الشديد الغليظ، ونونه أصلية، كما نص عليه سيبويه وغيره، والواو زائدة للإلحاق، وقد أبقاها في العشاوز، وحذف النون وهي أصل. وانظر: الكتاب (2/ 336).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وثالثه ألف بعدها حرفان، وقد عرفت أن المراد بالمساواة المذكورة المساواة في الحركات، والسكنات، والهيآت، وعدد الحروف؛ وإنما اعتمد المصنف هذه العبارة لقصد الاختصار؛ إذ يدخل تحتها أوزان كثيرة من جموع ما زاد على ثلاثة أحرف؛ لو استوفاها بالذكر لطال، وهي فعالل وما أشبهها من مفاعل وفعاعل وفعاول وفعالن وفعالم؛ إلى غير ذلك؛ فالمقصود هنا إنما هو هذه الصيغة الخاصة دون غيرها من الصيغ، ثم إن المصنف ذكر في أثناء الفصل المذكور؛ أن الكلمة إذا كان فيها حرف لين رابع؛ بقي بعد قلبه ياء إن لم يكنها؛ فيقال في سربال، وبهلول، وقنديل:
سرابيل، وبهاليل، وقناديل؛ فانضمت هذه الصيغة المشار إليها ثانيا إلى الصيغة المشار إليها أوّلا؛ فصار المقصود بالذكر في الفصل هاتين الصيغتين لا غيرهما، وتعين أن يكون كلام المصنف في بقية الفصل مبنيّا عليهما ومردود إليهما، ومن ثم قال: ويحذف من ذوات الزوائد ما يتعذر ببقائه أحد المثالين؛ وأراد بالمثالين ما ساوى فواعل وفواعيل، وقال - أيضا -: وإن تعذر أحد المثالين ببعض الأصول حذف خامسها، كل ذلك منه للمحافظة على هاتين الصيغتين، ثم إنه أتى بعد ذلك بقوله: ولا يستبقى دون شذوذ في هذا الجمع، مع أربعة أصول زائد؛ إلا أن يكون حرف لين رابعا، ولا يرتاب في أن الإشارة بهذا الجمع، وإنما هي إلى هاتين الصيغتين اللتين نظمهما هذا الفصل، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يصح التمثيل لقوله: دون شذوذ، بعناكبيت أو عباقري وهاتان الكلمتان ليستا من الصيغتين في شيء، وإن صح عن العرب عناكبيت، وعباقري؛ حكم بأن هذين الوزنين خارجان عن الأوزان المعتبرة في هذا الباب؛ وأنهما على غير القانون المعتبر عند أهل هذه الصناعة، ويلزم من
مثل لهذه المسألة بهذين المثالين أحد أمرين: إما أن يقول: إن ما وازن فواعل وفواعيل صادق عليهما، أي أنهما يساويانه في الزنة - ولا شك أن الأمر بخلاف ذلك - وإما أن يقول: إن الفصل ليس معقودا لهاتين الصيغتين؛ بل لما هو أعم منهما، فيقال له: إن المصنف لما ذكر صيغ جموع التكسير وأتى عليها، لم يذكر نحو هذا الوزن حتى يرجع إليه في بعض صور الأمثلة، وأما التمثيل بعشاوز جمع عشوزن فباطل قطعا؛ لأن أحد أصوله قد حذف، وهو النون فلم يبق فيه من الأصول سوى ثلاثة أحرف، وإذا كان كذلك فهو خارج عن الذي الكلام فيه، -