المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قد ومعانيها وإعرابها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٩

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والستون باب عوامل الجزم

- ‌[الأدوات التي تجزم فعلين]

- ‌[ما تقتضيه أدوات الشرط التي تجزم فعلين]

- ‌[العامل في الجواب]

- ‌[الجزم بإذا حملا على غيرها وإهمال غيرها حملا عليها]

- ‌[حكم تقديم معمول الشرط أو الجواب عليهما]

- ‌[نيابة إذا الفجائية عن الفاء]

- ‌[أحكام في تقديم جواب الشرط على الأداة]

- ‌[حذف الشرط أو الجواب أو هما معا]

- ‌[حكم اجتماع الشرط والقسم وحديث طويل في ذلك]

- ‌[الأوجه الجائزة في المضارع المعطوف على الشرط]

- ‌[اتصال «ما» الزائدة ببعض أدوات الشرط]

- ‌[صور فعلي الشرط والجواب]

- ‌[حكم الشرط إذا حذف الجواب]

- ‌[اختصاص أدوات الشرط بالمستقبل]

- ‌[لو الشرطية معناها وما تختص به]

- ‌[أحوال جواب لو]

- ‌[لمّا ومعانيها]

- ‌[الباب السادس والستون باب تتميم الكلام على كلمات مفتقرة إلى ذلك]

- ‌[قد ومعانيها وإعرابها]

- ‌[حديث عن هل والهمزة الاستفهاميتين]

- ‌[حروف التحضيض وأحكامها وما تختص به]

- ‌[حديث عن ها ويا وألا وأما]

- ‌[حروف الجواب: سردها وأحكامها]

- ‌[كلّا وحديث عنها]

- ‌[أمّا وحديث عنها]

- ‌[أحكام أخرى لأما]

- ‌[أقل رجل يقول ذلك وأحكام هذه الجملة]

- ‌[قلّما وقليل وحديث عنهما]

- ‌[سرد لبعض الأفعال الجامدة]

- ‌[حديث عن بقية الأفعال الجامدة]

- ‌الباب السابع والستون باب الحكاية

- ‌[الحكاية بأي وبمن]

- ‌[العلم وأحكامه عند حكايته]

- ‌[مسائل خمس في باب الحكاية]

- ‌[حكاية التمييز]

- ‌[حكاية المفرد المنسوب إليه حكم للفظه]

- ‌[حكم حكاية السؤال بالهمزة]

- ‌[إلحاق حرف مد آخر المحكي]

- ‌الباب الثامن والستون باب الإخبار

- ‌[شروط الاسم المخبر عنه]

- ‌[الإخبار عن الاسم بالذي وفروعه وبالألف واللام]

- ‌[تقديم الموصول وذي الألف واللام مبتدأين]

- ‌[تقديم خبر كان مبتدا]

- ‌[حديث طويل عن الإخبار في الجملة المتنازع فيها]

- ‌الباب التاسع والستون باب التّذكير والتّأنيث

- ‌[علامة التأنيث - حكم ما لم تظهر فيها العلامة]

- ‌[مواضع تاء التأنيث]

- ‌[من أحكام تاء التأنيث]

- ‌[حكم الصفات المختصة بالإناث]

- ‌[الصفات التي لا تلحقها التاء]

- ‌[حكم فعيل بمعنى مفعول - تذكير المؤنث وعكسه]

- ‌الباب السبعون باب ألفي التّأنيث

- ‌[أوزان الألف المقصورة]

- ‌[أوزان الألف الممدودة]

- ‌[الأوزان المشتركة]

- ‌الباب الحادي والسبعون باب المقصور والممدود

- ‌[ما يعرف به المقصور والممدود القياس وغيره]

- ‌الباب الثاني والسبعون باب التقاء الساكنين

- ‌[تقدير التقاء ساكنين في الوصل المحض]

- ‌[أحوال نون من وعن ولكن]

- ‌[فك التضعيف في المجزوم والمبني]

- ‌الباب الثالث والسبعون باب النّسب

- ‌[حرف إعراب المنسوب إليه وما يحذف لياء النسب]

- ‌[النسب لما آخره ألفه أو ياء]

- ‌[ما يحذف قبل الآخر لأجل النسب]

- ‌[النسب إلى المركب]

- ‌[النسب إلى فعيلة وفعيلة وفعولة]

- ‌[النّسب إلى الثلاثي المكسور العين]

- ‌[النسب إلى الثنائي]

- ‌[النسب لما آخره ياء، أو واو قبلها ألف]

- ‌[النسب إلى أخت ونظائرها]

- ‌[النسب إلى فم وابنم]

- ‌[النسب إلى الجمع]

- ‌[فتح عين تمرات، وأرضين ونحوهما]

- ‌[شواذ النسب]

- ‌[استعمالات ياء النسب والنسب بدونها]

- ‌الباب الرابع والسبعون باب جمع التكسير

- ‌[الجمع واسم الجمع واسم الجنس

- ‌[اسم الجمع واسم الجنس]

- ‌[الفرق بين الجمع واسم الجمع]

- ‌[أوزان جمع القلة]

- ‌[الاستغناء ببعض أبنية القلة عن بعض أبنية الكثرة والعكس]

- ‌[ما يرد في التكسير وإغناء التصحيح عن التكسير]

- ‌[جمع أفعل]

- ‌[ما يجمع على أفعال]

- ‌[ما يجمع على أفعلة]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بضم شكوك]

- ‌[من جموع الكثرة: فعل بضمتين]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بضم فسكون]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بكسر ففتح]

- ‌[من جموع الكثرة فعال بكسر أوله]

- ‌[ما يحفظ فيه فعال بالكسر]

- ‌[ما يشارك فيه فعول بالضم فعالا بالفتح]

- ‌[ما ينفرد فيه فعول عن فعال]

- ‌[من جموع الكثرة فعّل بالضم والتشديد]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة بفتح الفاء والعين]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة بضم ففتح]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة كقردة]

- ‌[من جموع الكثرة فعلى كقتلى]

- ‌[من جموع الكثرة: فعلى]

- ‌[من جموع الكثرة فعلاء كشعراء]

- ‌[من جموع الكثرة فعلان كغلمان]

- ‌[ما يجمع على فعلان كقضبان]

- ‌[من جموع الكثرة فواعل كفوارس]

- ‌[من جموع الكثرة فعالى بالفتح وفعالى بالضم]

- ‌[من جموع الكثرة فعالي كأناسي]

- ‌[من جموع الكثرة فعائل كقبائل]

- ‌[ما بقي من أوزان الجمع]

- ‌[عدم فك المضعف اللّام في الجمع على مفاعل]

- ‌[عدم حذف الزائد إذا كان لينا زائدا في جمع الخماسي]

- ‌[ما يحذف من الزوائد في الجمع]

- ‌[ما يحذف من الخماسي عند الجمع]

- ‌[حذف الزائد عن الأربعة عند الجمع]

- ‌[التعويض عن المحذوف للجمع]

- ‌[جواز المماثلة بين بعض الأوزان]

- ‌[أسماء الجمع: تعريفا وأنواعا وأوزانا]

- ‌[كيفية جمع العلم المرتجل والمنقول]

- ‌[أحكام الجمع العلم]

- ‌[حكم تثنية المركب وجمعه]

- ‌[حكم تثنية المضاف وجمعه]

- ‌[حكم جمع المضاف والمضاف إليه]

- ‌[حكم تثنية وجمع اسم الجمع والتكسير]

الفصل: ‌[قد ومعانيها وإعرابها]

[قد ومعانيها وإعرابها]

قال ابن مالك: (تكون «قد» اسما لـ «كفى» فتستعمل استعمال أسماء الأفعال وترادف «حسبا» فتوافقها في الإضافة إلى غير «ياء» المتكلّم، وتكون حرفا فتدخل على فعل ماض متوقّع لا يشبه الحرف لتقريبه من الحال، أو على مضارع مجرّد من جازم وناصب وحرف تنفيس لتقليل معناه، وعليهما للتّحقيق، ولا يفصل بين أحدهما بغير قسم، وقد يغني عنه دليل فيوقف عليها، ويسوّغ اقترانها بالمضارع تأوّله بالماضي كثيرا، وترادفها هل).

ــ

علقت «ينظرون» عن العمل في لفظها، والجملة مع معمولها الذي هو «كيف» في موضع البدل من «الإبل» إلا أن «ينظرون» تعدّى إليها على سبيل التعليق وإلى «الإبل» بواسطة «إلى» وقد تبدل الجملة الاستفهامية من الاسم وليس فيه استفهام نحو: عرفت زيدا أبو من هو، على أصح الأقوال في ذلك.

قال ناظر الجيش: قال الإمام بدر الدين (1): تكون «قد» في الكلام اسما وحرفا، فإذا كانت اسما فهي على ضربين:

أحدهما: أن تكون اسم فعل بمعنى «كفى» فتستعمل استعمال أسماء الأفعال، فيتم بها الكلام مع الفاعل، ولا يبرز معها ضميره، وتنصب المفعول مؤخرا كقولك: قد زيدا درهمان، والدّرهمان قد زيدا، ولا يجوز: قدا كما يجوز: كفيا؛ لأن «قد» اسم فعل.

والثاني: أن تكون بمعنى: حسب أي كاف، فتوافقها في الإضافة إلى المفعول، وفي لزوم استعمالها أحد جزأي الابتداء كقولك: قد زيد درهم كما تقول: حسب زيد درهم، فـ «قد» في هذا اسم لمرادفتها لما ثبتت اسميّته معنى واستعمالا، وهي مبتدأ و «درهم» الخبر، ولكنها مبنية على السكون لوضعها على حرفين وشبهها بـ «قد» الحرفية فلم يظهر فيها الرفع.

وقوله: فتوافقها في الإضافة إلى غير «ياء» المتكلم، معناه: أن «قد» تضاف إلى كل ما تضاف إليه حسب إلا أن «حسبا» تضاف إلى «ياء» المتكلم مجردة عن «نون» الوقاية كقوله: -

(1) انظر شرح التسهيل لبدر الدين: (4/ 106).

ص: 4464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

4112 -

فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا (1)

و «قد» تضاف إلى «الياء» مجردة ومع «نون» الوقاية كما سبق الاستشهاد عليه في باب المضمر نحو قول الشاعر:

4113 -

إذا قال قدني قال بالله حلفة

..... (2)

وقول الآخر:

4114 -

قدني من نصر الخبيبين قدي (3)

وإذا كانت حرفا فهي على ثلاثة أضرب:

أحدهما: أن تكون حرف تقريب فتدخل على فعل ماض متصرف متوقّع، أي:

منتظر لتقريبه من الحال.

والثاني: أن تكون حرف تقليل فتدخل على المضارع المجرد من جازم وناصب -

(1) هذا عجز بيت من الطويل وصدره:

فإمّا كرام موسرون لقيتهم

وهو لمنظور بن سحيم الفقعسي شاعر إسلاميّ. الشرح: كرام جمع كريم، ولقيتهم يروى أتيتهم ورأيتهم، وقوله فحسبي أي: يكفيني ومن ذي عندهم أي من الذي عندهم أي عند الكرام، والألف في «كفانيا» للإشباع.

والشاهد فيه: إضافة «حسب» إلى «ياء» المتكلم مجردة عن «نون» الوقاية. والبيت في ابن يعيش (3/ 138) والمقرب (1/ 59)، والمغني (ص 410)، وشرح شواهده.

(2)

هذا صدر بيت من الطويل وعجزه:

لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا

وقائله حريث بن عناب الطائي. الشرح: قوله إذا قال يروى إذا قلت وهو الأصح، وقدني يكفيني، يصف ضيفا قدم له إناء فيه لبن فشرب منه ثم قال: يكفيني فحلف عليه ليشربن جمعيه، وقوله لتغني أي: لتبعد وأصله: لتغنينّ - بالنون المشددة ثم حذفت النون فبقى لتغني. والشاهد فيه: إضافة «قد» إلى «ياء» المتكلم مع «نون» الوقاية. والبيت في ابن يعيش (3/ 8) والمقرب (2/ 77) والمغني (ص 210، 409).

(3)

هذا البيت من الرجز لحميد بن ثور الهلالي وبعده:

ليس الإمام بالشّحيح الملحد

قوله «الخبيبين» يروى بصورة المثنى وبصورة جمع المذكر السالم، «الملحد» مأخوذ من قولهم: ألحد فلان في الحرم، إذا استحل حرمته وانتهكها. والشاهد فيه مجيء «قد» مضافة إلى «ياء» المتكلم مع «نون» الوقاية وبدونها وهذا يدل على جواز الوجهين فيه. والرجز في الكتاب (2/ 371)(هارون) والمحتسب (2/ 223)، وأمالي الشجري (1/ 14)، (2/ 142)، والإنصاف (ص 131)، وابن يعيش (3/ 124)، (7/ 143).

ص: 4465

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحرف تنفيس لتقليل وقوعه كقولك: البخيل قد يعطي، والجواد قد يمنع.

الثالث: أن تكون حرف تحقيق فتدخل على كل من الماضي والمضارع لتقرير معناه ونفي الشك عنه، فدخولها على الماضي كثير كقوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها (1) وقوله تعالى [5/ 188]: وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ (2)، وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ (3)، ومن دخولها على المضارع قوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ (4)، قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ (5) ومنه قول الشاعر:

4115 -

قد أترك القرن مصفرّا أنامله

كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (6)

وهو في علم البيان من التقليل على طريق التهكم.

ولا يفصل بين «قد» والفعل إلا بالقسم كقول الشاعر:

4116 -

أخالد قد والله أوطئت عشوة

وما العاشق المظلوم فينا بسارق

أقرّ بما يأته المرء إنّه

رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق (7)

وقول الآخر:

4117 -

لقد أرسلوني في الكواعب راغبا

فقد وأبي راعي الكواكب أفرس (8)

أراد: فقد أفرس راعي الكواكب وحقّ أبي، ويجوز أن يكون أضاف الأب إلى «راعي» وهو يعني نفسه وقد يغني عن الفعل بعدها دليل فيحذف كما يحذف بعد «لمّا» ويوقف عليها كقولك: أزف الشّخوص (9) وكأن قد، قال النابغة: -

(1) سورة المجادلة: 1.

(2)

سورة الصافات: 75.

(3)

سورة طه: 115.

(4)

سورة البقرة: 144.

(5)

سورة الأحزاب: 18.

(6)

هذا البيت من البسيط، و «مجّت» صبّ عليها كما يصبّ الماء من الغم، والفرصاد: ماء التوت أو التوت نفسه، يقول: ربما تركت القرن مقتولا قد اصفرت أنامله لما خرجت منه الروح، وأن الدم الذي على ثيابه بمنزلة ماء التوت. والشاهد فيه: مجيء «قد» حرف تحقيق داخلة على المضارع. والبيت في الكتاب (4/ 224) والمقتضب (1/ 181)، وأمالي الشجري (1/ 212) وابن يعيش (8/ 147).

(7)

هذان البيتان من الطويل، و «أوطئت» يروى «وطّئت». والشاهد فيه: الفصل بين «قد» والفعل بالقسم، وشطر البيت في الهمع (1/ 2448)، والبيتان في الدرر (1/ 206).

والبيت الأول في المغني (ص 171، 392)، والبيتان في شرح شواهده:(ص 488، 489).

(8)

هذا البيت من الطويل. والشاهد فيه: الفصل بين «قد» والفعل بالقسم.

(9)

الشخوص: السير من بلد إلى بلد. انظر اللسان (شخص).

ص: 4466

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

4118 -

أزف التّرحّل غير أنّ ركابنا

لم تزل برحالنا وكأن قد (1)

أي: وكأن قد زالت.

و «هل» حرف استفهام، وتجيء مع الماضي بمعنى قد كقوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ (2)[قال المفسرون (3): المعنى: قد أتى على الإنسان أي: ألم يأت على الإنسان حين من الدهر] انتهى كلامه - رحمه الله تعالى - وعلم أن «قد» تكون اسما وتكون حرفا، وأنها في الاسمية إما اسم فعل وإما بمعنى «حسب» ، فإن كانت اسم فعل فما بعدها منصوب بها، حتى إذا قلت: قدك درهم كانت «الكاف» في محل نصب فإذا اتصلت بها «ياء» المتكلم وجبت «نون» الوقاية كما في سائر أسماء الأفعال، وإن كانت بمعنى «حسب» استعملت استعمالها فيقال: قد زيد درهم [كما يقال: حسب زيد درهم].

وقد عرفت قول بدر الدين: إنها مبنية على السكون لوضعها على حرفين وشبهها بـ «قد» الحرفية، وأنها إذا اتصلت بها «الياء» - أعني [ياء] المتكلم - جاز أن يأتي بـ «نون» الوقاية وأن لا يأتي بها، لكن بناؤها هو الأكثر وهو مذهب البصريين (4)، ومذهب الكوفيين فيها أنها معربة (5) فيقولون: قد زيد درهم بالرفع كما يقال: حسب زيد درهم، ولحاق «نون» الوقاية وعدم لحاقها مرتب على البناء والإعراب، فمن بني ألحق «النون» محافطة على بقاء سكون «الدال» لأنها مبنية على السكون ومن أعرب لا يلحقها بل يقول: قدى درهم كما تقول:

حسبي درهم (6)، وأما في الحرفية فقد ذكر المصنف أنها تكون للتقريب أو للتقليل أو للتحقيق.

وبعد فلا بد من الإشارة إلى أمور:

منها: أن الشيخ قال (7) «في كلام ابن المصنف تعقّب من وجهين: -

(1) سبق شرحه والتعليق عليه.

(2)

سورة الإنسان: 1.

(3)

في الكشاف (4/ 532)«هل بمعنى قد في الاستفهام خاصة» .

(4)

انظر التذييل (خ)(5/ 188).

(5)

المرجع السابق.

(6)

انظر المغني (ص 170).

(7)

انظر التذييل (خ)(5/ 188) وقد نقله عنه بتصرف.

ص: 4467

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما: قوله: فتوافقها - يعنى قد - حسبا في الإضافة إلى المفعول، قال:

وكلاهما - أعني حسبا وقد مرادفها - ليسا مضافين إلى مفعول لأنهما ليسا من الأسماء العاملة النصب في مفعول فيكونا قد أضيفا إلى المفعول.

والوجه الثاني: قوله: إنها حال موافقتها لحسب مبنية على السكون، قال (1):

ولا يتم ذلك إلا [على] قول البصريين لأن الكوفيين يرون أنها معربة.

ولقائل أن يجيب عن الأول بأن «حسب» بمعنى: كاف وما بعد «كاف» يجوز نصبه على المفعولية، وإذا جر بالإضافة كان المجرور مفعولا في المعنى، ولا شك أن «حسبا» بمعناها لكنها إنما استعملت مضافة وهي بمعنى «كاف» فالمجرور بها مفعول في المعنى لأنه هو الذي يجوز نصبه بعد «كاف» على المفعولية، وإذا كان كذلك صحّ قول بدر الدين: إن قد توافق حسبا في الإضافة إلى المفعول، أو يقول: بأن «قد» و «حسب» اختها يوافقان «قد» التي هي اسم فعل في المعنى الواقع بعد اسم الفعل هو الواقع بعدهما.

وأن يجيب عن الثاني بأن بدر الدين اقتصر على ذكر مذهب البصريين ولا شك أنها في مذهبهم مبنية، وإذا كان في مسألة مذهب آخر أو قول آخر ولم يذكره صاحب التصنيف لا يكون في ذلك تعقّب عليه كيف وذلك القول الذي لم يذكره معمول به عند الجمهور من أهل تلك الصناعة؟

ومنها: أنك عرفت من كلام بدر الدين أن «قد» بمعنى «حسب» إذا أضيفت إلى «الياء» جاز لك فيها الوجهان - أعني أن تأتي بـ «نون» الوقاية وأن لا تأتي بها - وهذا هو الذي يقتضيه كلام والده في باب «المضمر» ، لكن قد تقدم للشيخ في باب «المضمر» أنه إذا قيل: قدني بالنون تعيّن أن تكون اسم فعل، وقد أعاد ذلك هنا وقال (2): فأما قول الشاعر:

4119 -

قدني من نصر الخبيبين قدي (3)

فالأول اسم فعل والثاني وهو قوله: قدي يحتمل ثلاثة أوجه: -

(1) أي الشيخ أبو حيان.

(2)

انظر التذييل (خ)(5/ 188).

(3)

سبق شرحه والتعليق عليه.

ص: 4468

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنه اسم فعل ولكن الياء ضمير المتكلم وحذفت نون الوقاية ضرورة كما حذفت في:

4120 -

إذ ذهب القوم الكرام ليس (1)

وأنه اسم فعل ولكن الياء ليست ضميرا، إنما لحقت لإطلاق القافية.

وأن قد اسم مرادف لحسب وأضيف إلى الياء - وهي ياء المتكلم - كما تضاف حسب، قال (2): وكان ذلك على جهة التوكيد لـ «قدني» الأول لأنهما يؤولان من حيث المعنى إلى معنى واحد.

ومنها: أن قول المصنف في «قد» الحرفية: إنها تدخل على فعل ماض متوقع، وشرح ولده لـ «متوقع» بـ «منتظر» لم أتحققه، فإن الماضي قد مضى، والتوقع والانتطار إنما يكونان لما لم يقع، ثم لم ينتظم لي قوله «على فعل ماض متوقّع» مع قوله «لتقريبه من الحال» ، وقد استنكر الشيخ أيضا ذلك وقال (3): «والذي تلقيناه من أفواه الشيوخ بالأندلس أنها حرف تحقيق إذا دخلت على الماضي، وحرف توقع إذا دخلت على المستقبل، قال (4): إلا إن عني بالتوقع: أنه كان يتوقع ثم صار ماضيا كقولهم: قد قامت الصّلاة. فإنه قيل: إنها دخلت على الفعل لقوم ينتظرون الصلاة. انتهى.

وقيل: إن المراد بذلك أن «قد» تدل على أن الفعل الماضي قبل الإخبار متوقعا لا أنه الآن متوقع والذي يظهر [5/ 189] أن التوقع إنما يكون بالنسبة إلى الفعل المستقبل، ولو قال المصنف: لتقريبه من الحال، ولم يقل: متوقع لكان له وجه وهو أن المغاربة ذكروا (5): أن المقسم عليه إذا كان فعلا ماضيا مثبتا قريبا من زمن الحال دخلت عليه «قد» نحو: والله لقد قام زيد، وإن كان بعيدا لم تدخل نحو: والله -

(1) هذا البيت من الرجز المشطور وقبله:

عددت قومى كعديد الطّيس

وقائله رؤبة بن العجاج. والشاهد فيه: حذف «نون» الوقاية من «ليس» المتصلة بها «ياء» المتكلم وهو ضرورة، وفيه ضرورة أخرى وهي أنه أتى بخبر «ليس» متصلا، والرجز في ملحقات ديوان رؤبة (ص 175)، وابن يعيش (3/ 108)، والمغني (ص 171، 344).

(2)

أي الشيخ أبو حيان في التذييل (خ)(5/ 188).

(3)

انظر التذييل (خ)(5/ 188).

(4)

أي الشيخ أبو حيان. المرجع السابق.

(5)

انظر المقرب لابن عصفور (1/ 205).

ص: 4469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لقام زيد، وعليه:

4121 -

حلفت لها بالله حلفة فاجر

لناموا .... البيت (1)

وقد ذكر ذلك في باب «القسم» .

ومنها: أن المصنف احترز بقوله «لا يشبه الحرف» من الأفعال الماضية التي لا تتصرف نحو: ليس، ونعم، وبئس، وعسى، وحبذا، وأفعل في التعجب، فإن «قد» لا تباشر شيئا من ذلك.

ومنها: أن الشيخ قال (2): «ظاهر كلام المصنف أن تقليل معنى الفعل دلّ عليه «قد» وليس كذلك بل «قد» يدل على توقع الفعل ممن أسند إليه، وتقليل المعنى لم يستفد من «قد» بل لو قيل: البخيل يجود والكذوب [يصدق] فهم منه التقليل».

وأقول: ما ذكره الشيخ ممنوع، لأن قولنا: البخيل يجود والكذوب يصدق كذب، وقولنا: البخيل قد يجود والكذوب قد يصدق صدق، وإنما كان الأمر كذلك لأن التركيب الذي ليس فيه «قد» لم يفهم منه تقليل، والتركيب الذي فيه «قد» فهم منه التقليل فكيف يقال: إن التقليل يستفاد مع عدم «قد» ؟

ومنها: أن قوله ولا يفصل بين أحدهما أراد به لا يفصل بين أحدهما وبين ما دخل عليه كأنه يعني أنه لا يفصل بين «قد» التي للتحقيق والتي لغير التحقيق وبين ما باشرتاه بغير قسم، فلا يجوز: قد زيدا ضربت، ولا: قد زيدا أضرب، لأن الحرف المختص بما دخل عليه إذا لم يكن عاملا فإنه يتنزل مما دخل عليه منزلة الجزء منه ولذلك جعل سيبويه (3): قد زيدا رأيت من المستقيم القبيح أي: من -

(1) البيت بتمامه كما في المقرب (1/ 205):

حلفت لها بالله حلفة فاجر

لناموا فما إن من حديث ولا صال

وهو من الطويل، وقائله امرؤ القيس في ديوانه (ص 141)، والفاجر اللازب وقوله «ولا صال» يروى بدله «ولا صال» وهو المصطلي بالنار، واستشهد به على أن المقسم عليه فعل ماض مثبت بعيد من زمن الحال ولذلك لم تدخل عليه «قد» فقال: لناموا، والبيت في ابن يعيش (9/ 20، 21، 97) والمغني (ص 173، 636)، وشرح شواهده:(ص 341، 494) والخزانة (4/ 221).

(2)

انظر التذييل (خ)(5/ 188).

(3)

قال في الكتاب (1/ 98)(هارون): «ولو قلت: سوف زيدا أضرب لم يحسن، أو قد زيدا لقيت لم يحسن، لأنها إنها وضعت للأفعال» .

ص: 4470