الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تقديم الموصول وذي الألف واللام مبتدأين]
قال ابن مالك: (وذلك بتقديم الموصول مبتدأ، وتأخير الاسم أو خلفه خبرا، وجعل ما بينهما صلة عائدا منها إلى الموصول ضمير يخلف الاسم في إعرابه الكائن قبل، فإن كان الاسم ظرفا متصرّفا قرن الضّمير بـ «في» إن لم يتوسع فيه قبل، فإن كان الموصول الألف واللّام ومرفوع الصلة ضمير لغيرهما وجب إبرازه).
ــ
بالذي، وذلك قولك: المضروب الوجه زيد، ولا يجوز: الذي ضرب الوجه زيد.
قال ناظر الجيش: لما أنهى الكلام على الشروط المعتبرة في الاسم المخبر عنه شرع في بيان كيفية الإخبار، فذكر أن الموصول يقدم مبتدأ سواء كان الموصول «الذي» أو أحد فروعه، أو «الألف واللام» ، ويؤخر الاسم المخبر عنه خبرا، وإن تعذر تأخيره لكونه ضميرا متصلا ناب عنه خلفه، وهو الضمير المنفصل، ويجعل ما بين الموصول الذي هو المبتدأ وبين الاسم المخبر عنه المجعول خبرا صلة لذلك الموصول، وإن كان الموصول «الألف واللّام» فقد عرفت أنك تسبك له من الفعل صلة، ويكون العائد إلى الموصول ضميرا يخلف ذلك الاسم المخبر عنه الذي أخّر في إعرابه الذي كان له قبل ذكر الموصول، وقد تقدمت الإشارة/ إلى شيء من ذلك أول الكلام على هذا الباب، ونعيده الآن، قال المصنف (1): «ففي نحو: بلّغت من الزيدين إلى العمرين رسالة إن أخبرت عن التاء قلت: الذي بلّغ من الزيدين إلى العمرين رسالة أنا، وإن أخبرت عن الزيدين قلت: اللذان بلغت منهما إلى العمرين رسالة الزيدان،
وإن أخبرت عن العمرين قلت: الذين بلّغت من الزيدين إليهم رسالة العمرون، وإن أخبرت عن الرسالة قلت: التي بلغتها من الزيدين إلى العمرين رسالة».
ويجوز حذف هذا الضمير؛ لأنه عائد متصل منصوب بفعل، ومثل ذلك جائز الحذف كما عرف ذلك في باب «الموصول» وإن كان الإخبار بـ «الألف واللام» (2) فإن أخبرت عن «التاء» قلت: المبلغ من الزيدين إلى العمرين رسالة أنا، فإن أخبرت -
(1) انظر شرح الكافية الشافية (4/ 1772، 1773).
(2)
انظر شرح الكافية الشافية (4/ 1776).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن الزيدين قلت: المبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة الزيدان، فإن أخبرت عن العمرين قلت: المبلغ أنا من الزيدين إليهم رسالة العمرون، فإن أخبرت عن الرسالة قلت: المبلغ أنا من الزيدين إلى العمرين رسالة، والمبلغها أجود.
فاستتر ضمير الرفع في المثال الأول؛ لأنه ضمير «الألف واللام» وهو و «الألف واللام» والمخبر عنه شيء واحد؛ فلم يحتج إلى الإبراز؛ لأن رافعه جار على ما هو له بخلاف الأمثلة الأخر؛ فإن مرفوع الصلة فيها ضمير لغير «الألف واللام» ورافعه جار على غير ما هو له، فوجب إبرازه وانفصاله». انتهى.
وإلى ثلاث الصور التي وجب فيها إبراز الضمير الإشارة بقوله في «التسهيل» :
فإن كان الموصول الألف واللّام ومرفوع الصلة ضمير لغيرهما وجب إبرازه.
وإنما قال المصنف: «والمبلّغها أجود» لأن العائد المنصوب الواقع صلة «الألف واللام» لا يحذف إلا على قلة، وغير المصنف يجعل الحذف ضرورة.
وأما قوله: فإن كان الاسم ظرفا متصرّفا قرن الضّمير بفي إن لم يتوسّع فيه قبل - فأشار به إلى أن المخبر إذا أخبر عن «اليوم» من قولنا: قمت اليوم، قال:
الذي قمت فيه اليوم، وكذا إذا أخبر عن «خلفك» من: قعدت خلفك، قال:
الذي قعدت فيه خلفك (1)، وعلة ذلك ظاهرة.
أما إذا توسّع في الظرف قبل الإخبار فإن الفعل يصل إلى الضمير بنفسه (2)؛ لأنه كان قد عدّي إليه ونصبه نصب المفعول به توسعا، فقال: الذي قمته اليوم، والذي قعدته خلفك.
قال الشيخ (3): «واحترز بقوله: متصرفا من الظرف غير المتصرف؛ فإنه لا يجوز الإخبار عنه لأن ذلك يخرجه إلى التصرّف، قال: ولا يحتاج إلى هذا الاحتراز؛ لأنه قد شرط في الاسم المخبر عنه جواز استعماله مرفوعا. ثم قال:
وكذلك المفعول من أجله [5/ 220] إذا أخبر عنه تعدى الفعل إليه بوساطة اللام، فإذا قيل: أخبر عن ابتغاء الخير من قولك: جئتك ابتغاء الخير قلت: الذي جئتك له -
(1) انظر الهمع (2/ 146).
(2)
المرجع السابق.
(3)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 219، 220.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابتغاء الخير، ولا تقول الذي جئتكه؛ لأن المفعول من أجله لا ينتصب إلا أن يكون مصدرا، قال: ولعل المصنف لا يرى جواز الإخبار عن المفعول من أجله» ولا شك أن في ذلك خلافا سيذكر، ثم إنه ناقش المصنف مناقشتين (1):
الأولى: أنه قال: «كان ينبغي أن يشترط أن يكون الضمير غائبا مطلقا سواء أكان المخبر عنه مظهرا أم مضمرا، لمتكلم أو لمخاطب؛ يعني في قوله: عائدا منها إلى الموصول ضمير، قال: فمثال المظهر: الإخبار عن العسل من قولنا: أكلت العسل، ومثال ضمير المتكلم: الإخبار عن التاء من: ضربت، ومثال ضمير المخاطب:
الإخبار عن التاء من: ضربت، فتقول في الثلاثة: الذي أكلته العسل، والذي ضرب أنا، والذي ضرب أنت، قال: فنجد الضمير العائد على الموصول في هذه الصور وما أشبهها ضميرا غائبا» انتهى.
وهو كلام عجيب فإن الضمير إذا عاد على اسم إنما يكون بحسب ذلك الاسم، إن ظاهرا فظاهر، وإن مضمرا فمضمر، ولا شك أن الضمير في هذه الصلات إنما يعود على الاسم الموصول، والموصول اسم ظاهر، فكيف يتصور أن يكون الضمير العائد إليه غير غائب؟ وإذا كان كذلك سقطت هذه المناقشة.
ثم ذكر الشيخ (2) أن بعضهم (3) يجيز عود الضمير مطابقا للخبر في الخطاب، فيقول: الذي ضربت أنت، قال: يحمله على المعنى لأن الذي هو أنت، قال:
وردّ عليه بأنه يلزم من ذلك أن تكون فائدة الخبر حاصلة في المبتدأ وذلك خطأ.
انتهى.
وسيأتي ذكر هذه المسألة فيما نذكره عن ابن عصفور.
المناقشة الثانية: قال في قوله: بتقديم الموصول مبتدأ، وتأخير الاسم أو خلفه خبرا، أطلق في مكان التقييد، لأن الذي تريد أن تخبر عنه إذا كان اسم استفهام فإنك لا تقدم الذي بل تقدم اسم الاستفهام. فإذا أردت الإخبار عن أيّ من قولك: أيّهم قام تقول:
أيّهم الذي هو قائم، وكذا تقول في الإخبار من مثل: أيّ رجل كان أخاك: أيّهم الذي -
(1) المرجع السابق ورقة 218.
(2)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 219.
(3)
هو: أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني، وانظر الهمع (2/ 146) وذكر أنه: أبو ذر مصعب بن أبي كثير الخشني.