المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أما وحديث عنها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٩

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والستون باب عوامل الجزم

- ‌[الأدوات التي تجزم فعلين]

- ‌[ما تقتضيه أدوات الشرط التي تجزم فعلين]

- ‌[العامل في الجواب]

- ‌[الجزم بإذا حملا على غيرها وإهمال غيرها حملا عليها]

- ‌[حكم تقديم معمول الشرط أو الجواب عليهما]

- ‌[نيابة إذا الفجائية عن الفاء]

- ‌[أحكام في تقديم جواب الشرط على الأداة]

- ‌[حذف الشرط أو الجواب أو هما معا]

- ‌[حكم اجتماع الشرط والقسم وحديث طويل في ذلك]

- ‌[الأوجه الجائزة في المضارع المعطوف على الشرط]

- ‌[اتصال «ما» الزائدة ببعض أدوات الشرط]

- ‌[صور فعلي الشرط والجواب]

- ‌[حكم الشرط إذا حذف الجواب]

- ‌[اختصاص أدوات الشرط بالمستقبل]

- ‌[لو الشرطية معناها وما تختص به]

- ‌[أحوال جواب لو]

- ‌[لمّا ومعانيها]

- ‌[الباب السادس والستون باب تتميم الكلام على كلمات مفتقرة إلى ذلك]

- ‌[قد ومعانيها وإعرابها]

- ‌[حديث عن هل والهمزة الاستفهاميتين]

- ‌[حروف التحضيض وأحكامها وما تختص به]

- ‌[حديث عن ها ويا وألا وأما]

- ‌[حروف الجواب: سردها وأحكامها]

- ‌[كلّا وحديث عنها]

- ‌[أمّا وحديث عنها]

- ‌[أحكام أخرى لأما]

- ‌[أقل رجل يقول ذلك وأحكام هذه الجملة]

- ‌[قلّما وقليل وحديث عنهما]

- ‌[سرد لبعض الأفعال الجامدة]

- ‌[حديث عن بقية الأفعال الجامدة]

- ‌الباب السابع والستون باب الحكاية

- ‌[الحكاية بأي وبمن]

- ‌[العلم وأحكامه عند حكايته]

- ‌[مسائل خمس في باب الحكاية]

- ‌[حكاية التمييز]

- ‌[حكاية المفرد المنسوب إليه حكم للفظه]

- ‌[حكم حكاية السؤال بالهمزة]

- ‌[إلحاق حرف مد آخر المحكي]

- ‌الباب الثامن والستون باب الإخبار

- ‌[شروط الاسم المخبر عنه]

- ‌[الإخبار عن الاسم بالذي وفروعه وبالألف واللام]

- ‌[تقديم الموصول وذي الألف واللام مبتدأين]

- ‌[تقديم خبر كان مبتدا]

- ‌[حديث طويل عن الإخبار في الجملة المتنازع فيها]

- ‌الباب التاسع والستون باب التّذكير والتّأنيث

- ‌[علامة التأنيث - حكم ما لم تظهر فيها العلامة]

- ‌[مواضع تاء التأنيث]

- ‌[من أحكام تاء التأنيث]

- ‌[حكم الصفات المختصة بالإناث]

- ‌[الصفات التي لا تلحقها التاء]

- ‌[حكم فعيل بمعنى مفعول - تذكير المؤنث وعكسه]

- ‌الباب السبعون باب ألفي التّأنيث

- ‌[أوزان الألف المقصورة]

- ‌[أوزان الألف الممدودة]

- ‌[الأوزان المشتركة]

- ‌الباب الحادي والسبعون باب المقصور والممدود

- ‌[ما يعرف به المقصور والممدود القياس وغيره]

- ‌الباب الثاني والسبعون باب التقاء الساكنين

- ‌[تقدير التقاء ساكنين في الوصل المحض]

- ‌[أحوال نون من وعن ولكن]

- ‌[فك التضعيف في المجزوم والمبني]

- ‌الباب الثالث والسبعون باب النّسب

- ‌[حرف إعراب المنسوب إليه وما يحذف لياء النسب]

- ‌[النسب لما آخره ألفه أو ياء]

- ‌[ما يحذف قبل الآخر لأجل النسب]

- ‌[النسب إلى المركب]

- ‌[النسب إلى فعيلة وفعيلة وفعولة]

- ‌[النّسب إلى الثلاثي المكسور العين]

- ‌[النسب إلى الثنائي]

- ‌[النسب لما آخره ياء، أو واو قبلها ألف]

- ‌[النسب إلى أخت ونظائرها]

- ‌[النسب إلى فم وابنم]

- ‌[النسب إلى الجمع]

- ‌[فتح عين تمرات، وأرضين ونحوهما]

- ‌[شواذ النسب]

- ‌[استعمالات ياء النسب والنسب بدونها]

- ‌الباب الرابع والسبعون باب جمع التكسير

- ‌[الجمع واسم الجمع واسم الجنس

- ‌[اسم الجمع واسم الجنس]

- ‌[الفرق بين الجمع واسم الجمع]

- ‌[أوزان جمع القلة]

- ‌[الاستغناء ببعض أبنية القلة عن بعض أبنية الكثرة والعكس]

- ‌[ما يرد في التكسير وإغناء التصحيح عن التكسير]

- ‌[جمع أفعل]

- ‌[ما يجمع على أفعال]

- ‌[ما يجمع على أفعلة]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بضم شكوك]

- ‌[من جموع الكثرة: فعل بضمتين]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بضم فسكون]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بكسر ففتح]

- ‌[من جموع الكثرة فعال بكسر أوله]

- ‌[ما يحفظ فيه فعال بالكسر]

- ‌[ما يشارك فيه فعول بالضم فعالا بالفتح]

- ‌[ما ينفرد فيه فعول عن فعال]

- ‌[من جموع الكثرة فعّل بالضم والتشديد]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة بفتح الفاء والعين]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة بضم ففتح]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة كقردة]

- ‌[من جموع الكثرة فعلى كقتلى]

- ‌[من جموع الكثرة: فعلى]

- ‌[من جموع الكثرة فعلاء كشعراء]

- ‌[من جموع الكثرة فعلان كغلمان]

- ‌[ما يجمع على فعلان كقضبان]

- ‌[من جموع الكثرة فواعل كفوارس]

- ‌[من جموع الكثرة فعالى بالفتح وفعالى بالضم]

- ‌[من جموع الكثرة فعالي كأناسي]

- ‌[من جموع الكثرة فعائل كقبائل]

- ‌[ما بقي من أوزان الجمع]

- ‌[عدم فك المضعف اللّام في الجمع على مفاعل]

- ‌[عدم حذف الزائد إذا كان لينا زائدا في جمع الخماسي]

- ‌[ما يحذف من الزوائد في الجمع]

- ‌[ما يحذف من الخماسي عند الجمع]

- ‌[حذف الزائد عن الأربعة عند الجمع]

- ‌[التعويض عن المحذوف للجمع]

- ‌[جواز المماثلة بين بعض الأوزان]

- ‌[أسماء الجمع: تعريفا وأنواعا وأوزانا]

- ‌[كيفية جمع العلم المرتجل والمنقول]

- ‌[أحكام الجمع العلم]

- ‌[حكم تثنية المركب وجمعه]

- ‌[حكم تثنية المضاف وجمعه]

- ‌[حكم جمع المضاف والمضاف إليه]

- ‌[حكم تثنية وجمع اسم الجمع والتكسير]

الفصل: ‌[أما وحديث عنها]

[أمّا وحديث عنها]

قال ابن مالك: (وأمّا حرف تفصيل مؤوّل بـ «مهما يكن من شيء» فلذا تلزم الفاء بعد ما يليها، ولا يليها فعل بل معموله، أو معمول ما أشبهه، أو خبر، أو مخبر عنه، أو أداة شرط يغني عن جوابها جواب أمّا، ولا تفصل الفاء بجملة [5/ 199] تامّة، ولا تحذف في السّعة إلّا مع قول يغني عنه محكيّه؛ ولا يمتنع أن يلي «أمّا» معمول خبر «إنّ» خلافا للمازنيّ).

ــ

ردّا ويوقف عليها - قال: وهذا قول الأكثر من أهل الأداء والعربية وأهل المعاني والتفسير».

قال ناظر الجيش: يؤخذ من كلام المصنف أن «أمّا» حرف شرط كما أنها حرف تفصيل لقوله: مؤوّل بمهما يكن من شيء وقد صرح في شرح الكافية بأنها للأمرين، وذكر الزمخشري (1) لها معنى آخر وهو التوكيد، وأنا أورد كلام المصنف في شرح الكافية ثم أردفه بكلام غيره.

قال رحمه الله تعالى (2): «أمّا فيها معنى الشرط والتفصيل، وتقدر بـ «مهما يكن من شيء» ولا يليها فعل لأنها قائمة مقام حرف شرط وفعل شرط، فلو وليها فعل لتوهم أنه فعل الشرط ولم يعلم بقيامها مقامه، فإذا وليها اسم بعده «الفاء» كان في ذلك تنبيه على ما قصد من كون ما وليها مع ما بعده جوابا، والمقرون بـ «الفاء» بعد ما يليها إما مبتدأ نحو: أما قائم فزيد، وإما خبر نحو: أما زيد فقائم، وإما عامل فيما وليها أو مفسر عامل فيه نحو: أما زيدا فأكرم وأما عمرا فأعرض عنه، وقد تليها «إن» فيغني جواب «أما» عن جوابها، كقوله تعالى: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ (3) وقد تقدم (4) أن الجواب لأول الشرطين المتواليين، فإذا كان أول الشرطين «أما» كانت أحق بذلك من وجهين:

أحدهما: أن جوابها إذا انفردت لا يحذف أصلا، وجواب غيرها إذا انفرد -

(1) ليس في المفصل. وانظر المغني (ص 57).

(2)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1646 - 1648) وقد نقل عنه بتصرف.

(3)

سورة الواقعة: 88، 89.

(4)

انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1647، 1648).

ص: 4505

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يحذف كثيرا لدليل، وحذف ما عهد حذفه أولى من حذف ما لم يعهد حذفه.

والثاني: أن أما قد التزم معها حذف فعل الشرط وقامت هي مقامه، فلو حذف جوابها لكان ذلك إجحافا، و «إن» ليست كذلك.

ويجوز حذف الفاء بعدها إذا كان المقرون بها قولا باقيا ما هو محكي به، كقوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ (1) الأصل: فيقال لهم: أكفرتم (2) ولا تحذف غالبا دون مقارنة قول إلا في ضرورة كقول الشاعر:

4155 -

فأمّا القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا في عراض المواكب (3)

انتهى.

وقد تضمن شرح غالب الفصل المذكور.

وقال الزمخشري (4): «فائدة «أما» في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول: زيد ذاهب فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب وأنه بصدد الذهاب، وأنه عزيمة، قلت: أما زيد فذاهب، ولذلك قال سيبويه (5) في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، وهذا التفسير مدل بفائدتين: بيان كونه توكيدا، وأنه في معنى الشرط» انتهى، ولنرجع إلى ألفاظ الكتاب وشرح ما لم يذكره في شرح الكافية، فنقول:

أما قوله وأمّا حرف تفصيل مؤوّل بمهما يكن من شيء - فقد ناقشه الشيخ فيه، قال (6): لا ينبغي أن ينسب إلى ذلك؛ لأن معنى التفصيل ليس بلازم لها، بل قد يجيء حيث لا يفصل تقول: أما زيد فمنطلق، قال: وأما التأويل بـ «مهما» فمن -

(1) سورة آل عمران: 106.

(2)

انظر معاني الفراء (1/ 228)، (3/ 49).

(3)

البيت من الطويل وهو للحارث بن خالد المخزومي.

الشرح: قوله: «في عراض المواكب» العراض: الشق والناحية. وعراض المواكب: شقها وناحيتها، و «المواكب» جمع موكب، والموكب القوم الركوب على الإبل المزينة، وكذلك جماعة الفرسان.

والشاهد فيه: حذف «الفاء» بعد «أما» دون مقارنة قول وذلك في قوله: «لا قتال لديكم» وهو ضرورة، والبيت في المقتضب (2/ 69)، والمنصف (3/ 118)، وأمالي الشجري (1/ 285، 290)، (2/ 348)، وابن يعيش (7/ 134)، (9/ 12).

(4)

ليس في المفصل وانظر المغني (ص 57).

(5)

قال في الكتاب (4/ 235): «وأما «أما» ففيها معنى الجزاء كأنه يقول: عبد الله مهما يكن من أمره فمنطلق، ألا ترى أن الفاء لازمة لها أبدا».

(6)

انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 198، وقد نقله عنه بتصرف.

ص: 4506

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حيث صلاحية التقدير، لأن «أما» حرف فكيف يكون معناه معنى اسم شرط وفعل شرط؟ ولأن في «يكن» ضميرا يعود على «مهما» لأنها اسم شرط، ولأن جملة الجواب إذا وقعت جوابا لفعل الشرط الكائن أداته اسما وجب أن يكون في جملة الجواب ضمير يعود على اسم الشرط وذلك منتف كلّه في أما» انتهى.

وأقول: أما قوله: «لا ينبغي أن ينسب إلى التفصيل، لأنها قد تكون لغير تفصيل» ، فيقال فيه: لا شك أن التفصيل هو الغالب والأكثر في استعمالها، ولعلها إنما جاءت في الكتاب العزيز للتفصيل، وكونها في بعض الاستعمالات قد لا تكون للتفصيل لا ينفي عنها ذلك، على أن لقائل أن يقول: لا يبعد أنها في مثل: أما زيد فمنطلق للتفصيل أيضا، وذلك كأن قائل هذا الكلام يأتي به ردّا على من يقول: زيد منطلق، وعمرو منطلق؛ فإذا قال: أما زيد فمنطلق، فالتقدير: أما عمرو فغير منطلق، وهكذا يفهم من قولنا: أما زيد فعالم، أن هذا القول كأنه ردّ على من ادّعى أن زيدا عالم وأن غيره عالم أيضا فيقول الرادّ: أما زيد فعالم فكأنه قال: وأما غير زيد فليس بعالم، فلم تستعمل «أما» لغير تفصيل على هذا.

وأما قوله: «إن أما حرف فكيف يكون معناه معنى اسم شرط وفعل شرط؟» فيقال فيه: متى ادّعى المصنف ذلك حتى يناقش فيه؟ وإنما المراد أن الذي يفهم من قولنا: مهما يكن من شيء، يفهم من «أما». ومن ثمّ قالوا: إنها قائمة مقام حرف شرط وفعل شرط، واعلم أن بعض المغاربة يقول: لو كانت «أما» شرطا لكان ما بعدها متوقفا عليها، وأنت تقول: أما عالما فعالم، فهو عالم ذكرته أنت أو لم تذكره؛ بخلاف إن قام زيد قام عمرو، فقيام «عمرو» متوقف على قيام «زيد» .

وأجيب عن ذلك بأنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف عليه، كما قال:

4156 -

من يك ذا بتّ فهذا بتّي (1)

-

(1) هذا بيت من الرجز المشطور بعده:

مصيّف مقيّظ مشتي

وهو لرؤية في ملحقات ديوانه (ص 189). والبت هو الكساء الغليظ المربع، وقيل: الطيلسان. وقال ابن السيرافي: «البت كساء يعمل من صوف وجمعه بتوت، ويقال لبائع البتوت: بتّات» .

واستشهد به على أنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف عليه، لأن بته موجود كان لغيره بت أم لم يكن. وانظر الرجز في الكتاب (2/ 84)(هارون) وأمالي الشجري (2/ 255) والإنصاف -

ص: 4507

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكقول الآخر:

4157 -

فمن يك أمسى بالمدينة رحله

فإني وقيّار بها لغريب (1)

وقول الآخر:

4158 -

فإن يك حقّا ما أتاني فإنّهم

كرام إذا ما النّائبات يترّب (2)

فـ «بتّه» موجود كان لغيره بتّ أو لم يكن، وهو و «قيار» غريبان كان بالمدينة من أمسى رحله أو لم يكن بها، وكذلك هم كرام كان ما أتاه حقّا أو لم يكن، لكن يخرّج ذلك على إقامة السبب مقام المسبب؛ لأن المعنى: من يك ذا بت فأنا لا أحسده، وسبب ذلك أن لي بتّا، وكذا إن يكن أحد من أهل المدينة فإني لا أغبطه لأني غريب، وكذلك فإن يك حقّا ما أتاني فإنهم صبر لأنهم كرام، وقولهم: أما عالما فعالم، فالمعنى: مهما تذكره عالما فذكرك حق لأنه عالم.

ثم إن المصنف رتّب على كون «أما» مؤولة بأداة الشرط لزوم الإتيان بـ «فاء» بعدها بقوله فلذا تلزم الفاء. لكن لا بد أن يفصل بين «أما» و «الفاء» بجزء؛ ومن ثمّ قال: بعد ما يليها. [5/ 200] ولا شك أنهم لما أنابوا «أما» مناب أداة الشرط، وفعله، وليت «الفاء» الواقعة في الجواب «أما» وأداة الجزاء لا تلي أداة الشرط، فلزم أن يولوا «أما» شيئا من أجزاء الكلام الواقع جزاء ليكون بين أداة الشرط وما صدر به الجزاء فاصل يحصل به إصلاح اللغة.

قال الشيخ (3): «وهذه الفاء جاءت في اللفظ خارجة عن قيامها، لأنها لم تجئ رابطة بين جملتين ولا عاطفة مفردا على مثله» انتهى.

والحق أن «الفاء» رابطة بين جملتين وهي جملة الشرط التي قامت «أما» مقامها، والجملة الواقعة جزاء، وإنما قدّم على «الفاء» جزء منها؛ كي يزول القبح اللفظي لو لم يقدم شيء، وهو أن يلي الجزاء أداة الشرط. -

- (ص 725) وابن يعيش (1/ 199).

(1)

البيت من بحر الطويل قاله ضابئ البرجمي لما حبسه عثمان لهجائه بني نهشل. والشاهد فيه هنا: على أنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف عليه، وهو في الإنصاف (ص 94) والخزانة (4/ 81).

(2)

البيت من الطويل، واستشهد به على أنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف عليه.

(3)

انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 198.

ص: 4508

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم قال الشيخ (1): «وتعليل المصنف للزوم الفاء بتأويلها بـ «مهما يكن» ليس بجيد، لأن جواب «مهما يكن» لا يلزم الفاء إذا كان صالحا لأداة الشرط، والفاء لازمة بعد «أما» كان ما دخلت عليه صالحا لأداة الشرط أو لم يكن، ألا ترى أنه يجوز أن يقول: مهما يكن من شيء لم أبال به ويمتنع ذلك في «أما» ؛ بل يجب ذكر «الفاء» فتقول: أما كذا فلم أبال به، فدلّ ذلك على أن دخول الفاء ووجوبها ليس بداخل إن أوّلت بمهما يكن» انتهى.

ولك أن تقول: الفاء هي التي دلت على أن «أما» مؤولة بـ «مهما يكن» إذ لولا هي لم يعلم أن «أما» أريد بها ما يراد بـ «مهما يكن» ؛ لأن النحاة إنما دلّهم على أنها شرط لزوم «الفاء» بعدها، وإذا كذلك كان ذكرها لازما، فقول المصنف: فلذا تلزم الفاء - تعليل لكونها حرفا مؤولا بـ «مهما يكن» لا تعليل لكونها بمعنى «مهما يكن» فيلزمه ما ذكره الشيخ.

وأما قول المصنف: ولا يليها فعل - فقد تقدم قوله في شرح الكافية: «ولا يليها فعل لأنها قائمة مقام حرف شرط وفعل شرط، فلو وليها فعل لتوهم أنه فعل شرط» إلى آخر ما ذكره.

وأما قوله: بل معموله أو معمول ما أشبهه أو خبر أو مخبر عنه أو أداة شرط - فإشارة إلى الجزء الذي يجب الفصل به بين «أما» وجوابها، وقد ذكر خمسة أشياء، وهي بالحقيقة أربعة، فإن معمول ما أشبه الفعل لا فرق بينه وبين معمول الفعل إذ المعمول يشملهما، فمثال معمول الفعل قوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (2) إلى آخر الآيات الشريفة (3)، ومثال معمول ما أشبهه قول العرب: أما العسل فأنا شرّاب (4)، ومثال الخبر: أما في الدار فزيد،

ومثال المخبر عنه: أما زيد فمنطلق، ومثال أداة الشرط قوله تعالى: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ (5) إلى آخر الآيات الشريفة (6). -

(1) المرجع السابق.

(2)

سورة الضحى: 9.

(3)

يعني الآية 10، والآية 11 من سورة الضحى.

(4)

انظر الكتاب (1/ 111)(هارون).

(5)

سورة الواقعة: 88، 89.

(6)

يعني الآيات: 90، 91، 92، 93 من سورة الواقعة.

ص: 4509

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وليعلم أن قول المصنف: بل معموله - أراد به نحو: أما زيدا فاضرب، كما تقدم (1)، ويدخل تحت عبارته أمران آخران وهما: نحو: أما زيدا فاضربه، وهو ما إذا كان الفاصل معمولا لفعل يفسره الفعل المذكور بعد الفاء، ونحو: أما اليوم فزيد ذاهب وأما في الدار فزيد جالس، وهو ما إذا كان المعمول ظرفا أو شبهه، وإذا كان هذان الأمران تشملهما عبارته، فلا حاجة إلى أن يفردا بالذكر، وتجعل أقسام الفاصل الذي يجب الفصل به بين «أما» وجوابها ستة، لكن العامل الذي في نحو: أما زيدا فاضربه، أن ما يقدر بعد «الفاء» قبل الذي هي داخلة عليه ولا يقدر قبلها؛ لأن «أما» نائبة عن الفعل، فكان الفعل مذكورا، وفعل لا يلي فعلا.

ثم ليعلم أن العامل في الظرف وشبهه في نحو: أما اليوم فزيد ذاهب وأما في الدار فزيد جالس، يجوز أن يكون «أما» نفسها لما فيها من معنى الفعل الذي هي نائبة عنه؛ لأن الظروف تعمل فيها روائح الأفعال، ويجوز أن يكون العامل الفعل المحذوف الذي نابت «أما» عنه.

قال الشيخ (2): «وفي قول المصنف: إنها لا يليها إلا معمول فعل أو معمول ما أشبهه أو خبر أو مخبر عنه أو شرط، دليل على أنه لا يليها غير ما ذكر، وليس الأمر كذلك بل يليها الجار والمجرور والظرف والمفعول والحال، وتكون هذه الأشياء معمولة لها بما تضمنته من فعل الشرط ويتعلق المجرور بها، هذا مذهب سيبويه (3) والمازني (4) والزجاج وابن السراج والجماعة، قال: وفي بعض شروح «الكتاب» أن ابن خروف أجاز أن يلي «أما» المفعول له وتكون عاملة فيه، وذلك لا يجوز، وما سوى الظرف والمجرور والحال لا تعمل فيه «أما» بما فيها من معنى

الفعل لأن الأسماء الصريحة لا تعمل فيها المعاني، وأجاز ذلك الكوفيون (5)، والصحيح عدم الجواز» انتهى.

وليس في كلام المصنف ما يدفع أن «أما» لا يليها الجار والمجرور والظرف والمفعول له والحال؛ بل كلامه يتضمن أن كل ذلك يليها لأنها كلها داخلة تحت -

(1) أي من قوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ.

(2)

انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 199.

(3)

انظر الكتاب (1/ 388)، (3/ 139)(هارون).

(4)

انظر المغني (58).

(5)

انظر الهمع (2/ 68).

ص: 4510

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: «معمول فعل» ؛ لأنه أطلق المعمول ولم يقيده بالصراحة، فشملت عبارته المعمولات كلها صريحة كانت أو غير صريحة، ولكنه لم يذكر أن العامل فيها يجوز أن يكون «أما» لما فيها من معنى الفعل، واقتصر على ذكر أن العامل هو الفعل الذي بعد «الفاء» أو شبهه، والشيخ أفاد كلامه أن «أما» يجوز أن تكون هي العاملة في المذكورات أيضا، وربما يستفاد ذلك من كلام المصنف أيضا حيث ذكر مسألة «أمّا علما فعالم» في باب «الحال» .

وأما قوله - أعني المصنف - يغني عن جوابها جواب أمّا - فمراده بذلك: أن جواب «أمّا» أغنى عن جواب أداة الشرط، وقد تقدم إيراد كلامه في شرح الكافية على المسألة المذكورة.

قال الشيخ (1): «هذه المسألة فيها خلاف، والصحيح أن أداة الشرط جوابها محذوف لدلالة جواب أمّا عليه، ولذلك لزم أن يكون فعل الشرط بعد «إن» ماضيا ولا يلزم مضيّه إلا عند حذف الجواب، قال: كأنه قيل: مهما يكن من شيء فروح وريحان إن [5/ 201] كان من المقربين، فالفاء جواب الشرط الذي تقدم وجواب «إن» محذوف. وهذا مذهب سيبويه (2)، وزعم الأخفش (3) أن الجواب المذكور لأمّا والشرط معا، فالأصل عنده: مهما يكن من شيء فإن كان من المقربين فروح، ثم أنيبت «أما» مناب «مهما» والفعل الذي بعدها فصار: أما فإن كان من المقربين فروح، ثم قدمت «إن» والفعل الذي بعدها، فصار: أما إن كان من المقربين ففروح، فالتقت الفاءان، فأنيبت إحداهما عن الأخرى فصار: فروح، قال (4):

وهذه كلها تقادير عجيبة ومع ذلك هي باطلة، وقد أبطل أبو علي ظاهر كلام الأخفش بأن «أما» بعد الفاء تكون

جوابا لشيئين، وتأوّل كلامه على أنها لما كانت جوابا لأحدهما وأنيبت عن الثاني صارت كأنها جوابا لهما، قال (5): واضطرب فيها قول أبي علي (6)، فمرة قال: لا يفصل في أمّا إلا بمفرد، فالفاء جواب إن وجواب أمّا -

(1) انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 198، 199.

(2)

انظر الكتاب (3/ 79)، شرح الكافية للرضي (2/ 396، 397) والبحر المحيط (8/ 216).

(3)

انظر البحر المحيط (8/ 216).

(4)

،

(5)

أي الشيخ أو حيان.

(6)

انظر البحر المحيط (8/ 216).

ص: 4511

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

محذوف، وهذا لا يصح؛ لأنه متى اجتمع طالبا جواب كان الجواب للأول منهما، ومرة قال بقول سيبويه، وقال: الجملة إذا لم تستقل صارت بمنزلة مفرد.

قال الشيخ (1): وهذا هو الصحيح، فإذن في المسألة ثلاثة مذاهب: مذهب سيبويه، ومذهب الأخفش ومذهب أبي علي في أحد قوليه» انتهى.

وأقول: إن الكلام قد تقدم على هذه المسألة عند الكلام على اجتماع الشرطين، وتقدم ذكر أن من الناس من أخرج المسألة من هذا الباب - أعني اجتماع الشرطين - وذلك أن التقدير: مهما يكن من شيء فإن كان من المقربين فروح، فتكون الجملة الشرطية وجوابها جواب «أما» . وتقدم أيضا هناك بحث، وهو أن «أما» إذا قرن بها أداة شرط فتجرد هي عن معنى الشرط وتتمحض لأن تكون للتفصيل لا غير، وحاصل الأمر: أن ما تقدم فيه غنية فلا حاجة إلى التطويل بإعادته.

وأما قوله: ولا تفصل الفاء بجملة تامّة، فقال الشيخ (2):«كان ينبغي أن يقيد هذا بأن لا تكون الجملة دعاء، فإن كانت دعاء جاز ذلك بشرط أن يفصل بين «أما» وجملة الدعاء بمعمول «أما» نحو: أما اليوم رحمك الله فلأصنعن كذا، أو بمعمول جوابها نحو: أما زيدا رحمك الله فاضرب، فلو فصلت بجملة الدعاء بينها وبين فصلها اللازم، نحو: أما رحمك الله زيدا فاضرب، لم يجز».

انتهى.

ولا يخفى أن جملة الدعاء من الجمل التي يعترض بها، والفصل بجملة الاعتراض سائغ حتى بين الموصول وصلته

التي هي من تمامه، فكيف لا يجوز في غير ذلك؟

وأما قوله: ولا تحذف في السّعة إلّا مع قول يغني عنه محكيّه - فقد تقدم الكلام فيه، وهذه المسألة قد سبق ذكرها في آخر باب «المبتدأ» لما ذكر دخول «الفاء» على الخبر.

وأما قوله: ولا يمتنع أن يلي أمّا معمول خبر إنّ؛ خلافا للمازني - فأشار به إلى - أن نحو قولك: أما زيدا فإني ضارب - جائز.

(1)،

(2)

انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 199.

ص: 4512

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الشيخ (1): «وهذه المسألة فيها خلاف كما ذكر، فمذهب سيبويه وأبي عثمان (2) أنك تعتبر ما يجوز من ذلك وما يمتنع بأن تسقط أما والفاء، فحيث جاز تقديم المعمول قدمته، وحيث امتنع ذلك منعته، وهذه المسألة:

لو طرحت أما والفاء، فقلت: زيدا إني ضارب، لم يجز، فكذلك إذا ذكرتهما، ولو قلت: أما زيدا فضربت، وطرحت أما والفاء فقلت: زيدا ضربت لجاز ذلك، فكذلك إذا أدخلتهما. فبهذا يعتبر سيبويه والمازني مسائل أما. ولذلك احتج سيبويه (3) على تقديم معمول فعّال بقولهم: أما العسل فأنا شرّاب، ورد على الخليل أن «لن» أصلها:

لا أن، بقولهم: أما زيدا فلن أضرب (4).

وقال سيبويه (5): وسألته عن قولهم: أما حقّا فإنك ذاهب، فقال: هذا جيد، وهذا الموضع من مواضع إنّ، ألا ترى أنك تقول: أما يوم الجمعة فإنك ذاهب، وأما فيها فإنّك قائم، ثم قال (6): وإنما جاز هذا في أما لأن فيها معنى مهما يكن من شيء يوم الجمعة فإنك ذاهب، فهذا تفسير أنّ أمّا تعمل لما فيها من معنى الفعل، ومعاني الأفعال تعمل في الظروف والحال والمفعول له، كما قدمنا» انتهى.

وليعلم أن «حقّا» منصوب على الظرف (7) - أعني ظرف الزمان - والتقدير:

أما في حق فإنك ذاهب، ولهذا قبح أن تعمل فيه «أما» لما فيها من معنى الفعل، ويدلك على أنه ظرف تسوية الخليل (8) بينها وبين: أما يوم الجمعة فإنك ذاهب وأما فيها فإنّك قائم.

ثم قال الشيخ (9): «وتخصيص المصنف منع: أما زيدا فإني ضارب بالمازني. وقد سبق إلى ذلك سيبويه إما جهل منه أن سيبويه منع ذلك، وإما استحياء أن يخالف سيبويه، قال (10): وقد جهل كثيرا من مذاهبه، ورد عليه مواضع على زعمه، فهلا استحيا منه!! -

(1) انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 199.

(2)

يعني المازني، وانظر الهمع (2/ 68).

(3)

انظر الكتاب (1/ 111)(هارون).

(4)

انظر الكتاب (3/ 5).

(5)

انظر الكتاب (3/ 137).

(6)

أي سيبويه.

(7)

انظر المغني (ص 55).

(8)

انظر الكتاب (3/ 137).

(9)

انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 199، 200.

(10)

أي الشيخ أبو حيان.

ص: 4513