الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أحكام أخرى لأما]
قال ابن مالك: (وقد تبدل ميمها الأولى ياء، وقد يليها مصدر متلوّ بما اشتمل على مثله أو مشتقّ منه، فينصبه الحجازيّون مطلقا ويرفعه التّميميّون معرفة وينصبونه نكرة، وقد يرفعونه، والنّصب على تقدير: إذ ذكرت، والرّفع على تقدير: إذ ذكر، واستعمال العلم بالوجهين موضع هذا المصدر جائز على رأي).
ــ
وذهب المبرد وابن درستويه (1) إلى أن ما بعد «إنّ» يعمل فيما قبلها مع «أمّا» خاصّة وهو الذي اختاره المصنف، واحتجّا بأنه لما لزم الفصل بين «أمّا» و «الفاء» أوقعوا الفصول بينهما ما لا يتقدم في غير هذا الموضع لضرورة الفصل، كما أعملوا ما بعد الفاء فيما قبلها معها دون غيرها، نحو: أما زيدا فضربت، ولا يقولون: إن أقم زيدا فاضرب، فكذلك يجوز: أما زيدا فإني ضارب؟
وذهب الفراء إلى إجازة ما أجازه المبرد وابن درستويه مع «إنّ» وزاد أن أجاز ذلك في: ليت ولعلّ، وكل ما يدخل على المبتدأ نحو: أما زيدا فليتني ضارب، وأما عمرا فلعلي ضارب، واحتجّ على ذلك بأن باب الفاء للاستئناف، فهي سوّغت الابتداء وهذه إنما دخلت على الابتداء فلم يعتدّ بها، ولذلك أجاز الفراء النصب في نحو: أما زيدا فلأضربنّه (2).
قال (3): والرفع في هذا كله الوجه والقياس، وما ذهب إليه المبرد وابن درستويه والفراء غير صحيح، ولم يرد به سماع ولا يقتضيه قياس صحيح، بل القياس مذهب سيبويه [5/ 202] وقد رجع إليه المبرد فيما حكى، قال: وقال الزجاج (4):
رجوعه مكتوب عندي بخطه، فصار المنع إجماعا من البصريين».
قال ناظر الجيش: قال الشيخ (5): «ثبت هذا الكلام بجملته في نسخة الشيخ بهاء الدين الرقي المقروءة على المصنف والتي عليها خطه، وسقط من بعض النسخ، ووجه سقوطه أنه قد ذكر أكثرها في باب «الحال» وشرح ذلك هناك شرحا شافيا، -
(1) انظر المقتضب (2/ 352، 353) والهمع (2/ 68).
(2)
انظر الهمع: (2/ 68).
(3)
أي الشيخ أبو حيان.
(4)
انظر الهمع (2/ 68).
(5)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 200.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال (1): ونحن نشرح ما يجب هنا شرحا لطيفا، فقوله: وقد تبدل ميمها الأولى ياء، أي: يقال: أيما زيد فمنطلق وقال الشاعر:
4159 -
رأت رجلا أيما إذا الشّمس عارضت
…
فيضحى وأيما بالعشيّ فيخصر (2)
وأنشد الفراء:
4160 -
أيما وشاحها فيجزى وأي
…
ما العجز منّها فلا يجزى (3)
وقوله: بما اشتمل عليه، مثاله: أما علما فذو علم، وقوله: أو مشتق منه، مثاله: أما علما فعالم، وقوله: فينصبه الحجازيون مطلقا، مخالف لما ذكره في باب «الحال» ، فإنه ذكر عن الحجازيين في المعرف نحو رفع ونصب، وذكر في الشرح عنهم أنهم يلتزمون نصب المنكر، وقوله: ويرفعه التميميون معرفة وينصبونه نكرة، وقد يرفعونه أي: النكرة، وهذا موافق لما في باب «الحال» فإنه قال فيه (4): وترفع تميم المصدر التّالي أمّا في التّنكير جوازا مرجوحا وفي التّعريف وجوبا.
وقوله: والنصب على تقدير: إذ ذكرت، والرفع على تقدير: إذ ذكر، قد ذكر هو في باب «الحال» أن النصب عند سيبويه هو على أنه مفعول له، وأنه مفعول مطلق عند الأخفش (5)، وذكر في الشرح هذين المذهبين، وذكر هذا المذهب الثالث عن بعض النحويين ولم يسمه واختاره ورجّحه بما يوقف عليه من كلامه في الشرح، وهذا الرأي هو رأي الكوفيين نقله عنهم ابن هشام الخضراوي، يحملون الباب كله على تقدير فعل لا يظهر مع أما كما لا يظهر الفعل في قول العرب: أما -
(1) أي الشيخ أبو حيان.
(2)
البيت من الطويل وقائله عمر بن أبي ربيعة في ديوانه (ص 64).
الشرح: قوله عارضت يروى بدله «أعرضت» ومعارضة الشمس: ارتفاعها حتى تصير في حيال الرأس، وقيل: عارضت: صارت قبالة العيون في القبلة، ويضحي يبرز ويخصر: يبرد، يقال: خصر الرجل: إذا آلمه البرد في أطرافه. يقول: إن هذا الرجل يضحى وقت معارضة الشمس إياه ويخصر بالعشي فهو أخو سفر يصلى الحر والبرد بلا ساتر. والشاهد فيه قوله: «أيما» حيث أبدلت ميم «أما» الأولى ياء. والبيت في معاني الفراء (2/ 194) والكامل (1/ 172) والمحتسب (1/ 284)، والمغني (ص 56).
(3)
البيت من السريع. وقوله «العجز» رواية التذييل: العجن.
واستشهد به على إبدال ميم «أما» الأولى «ياء» في قوله: «أيما» .
(4)
التسهيل (ص 109) وانظر باب الحال في هذا الكتاب.
(5)
التسهيل (ص 109).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنت منطلقا انطلقت معك، يقولون في قول العرب: أما علما فعالم وأما سمنا فسمين، كأنه قال: مهما تذكر علما أو سمنا» انتهى.
وقال بعض العلماء (1): «وقد سمع: أما العبيد فذو عبيد بالنصب، وأما قريشا فأنا أفضلها، قال: وذلك يدل على أنه لا يلزم أن يقدر: مهما يكن من شيء بل يجوز أن يقدر غيره مما يليق بالمحل، إذ التقدير هنا: مهما ذكرت، وعلى ذلك يخرّج قولهم: أما العلم فعالم وأما علما فعالم، قال: وهو أحسن مما قيل: إنه مفعول مطلق لما بعد الفاء (2) أو مفعول لأجله إن كان معرفا (3)، أو حال إن كان منكرا (4)، وعلى أن «أما» ليست العاملة؛ إذ لا يعمل الحرف في المفعول به، وعلى أنه يجوز: أما زيدا فإني أكرم، على تقدير العمل للمحذوف» انتهى.
وهذا الذي ذكره فيه جنوح إلى مذهب الكوفيين في مثل هذا التركيب.
وأما قول المصنف: واستعمال العلم بالوجهين موضع هذا المصدر جائز على رأي، فقال الشيخ (5):«هذا رأي الكوفيين أجازوا أن يأتي بعد «أما» العلم وغيره من المعارف، وحكوا من كلام العرب: أمّا البصرة فلا بصرة لك، وأمّا أباك فلا أب لك، ويجيزون: أما العبيد فلا عبيد لك يريد عبيدا بأعيانهم، ولا يجوز النصب في شيء من هذا عند سيبويه (6)، فإن صح ما حكوا فالقول قولهم إن النصب بإضمار فعل ولم يسمعه سيبويه». انتهى.
وهذا الذي قاله الشيخ من أنه إن صحّ ما حكوا فالقول قولهم إن النصب بإضمار فعل ولم يسمعه سيبويه، إنصاف وحقّ.
ثم إن الشيخ ذكر (7) بعد ذلك عن صاحب «البسيط» كلاما في «أمّا» وأطال فيه، فأضربت عن ذكره لأن الذي تقدّم فيه غنية.
(1) انظر المغني (58، 59).
(2)
هو مذهب الأخفش. انظر التسهيل (ص 109).
(3)
نسبه في التسهيل (ص 109) إلى سيبويه وانظر الكتاب (1/ 385)(هارون).
(4)
هو مذهب الأخفش أيضا. انظر التسهيل (109).
(5)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 200.
(6)
انظر الكتاب (1/ 387 - 390)(هارون).
(7)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 200، 201.