الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادي والسبعون باب المقصور والممدود
(1)
[ما يعرف به المقصور والممدود القياس وغيره]
قال ابن مالك: (كلّ معتلّ الآخر فتح ما قبل آخر نظيره الصحيح لزوما أو غلبة فقصره مقيس، كاسم مفعول ما زاد على ثلاثة أحرف، ومصدر فعل اللازم، والمفعل والمفعل مرادا به الآلة وجمع فعلة وفعلة والفعلى أنثى الأفعل، فإن لزم قبل آخر نظيره الصحيح ألف، أو غلب فمدّه مقيس كمصدر ما أوله همزة وصل، وموازن فعّال وتفعال ومفعال صفة وواحد أفعلة، وما لم يكن كذلك فمأخذ قصره ومدّه على السّماع).
قال ناظر الجيش: قال المصنف في شرح الكافية: المقصور من الأسماء هو المتمكن الذي آخره ألف لازمة في الإعراب كلّه، فالمتمكن يخرج المبنىّ كما الاسميّة، واللزوم يخرج المثنى المرفوع والأسماء الستّة المنصوبة، فإن ألفها لا تلزم في الإعراب كلّه.
والممدود من الأسماء هو المتمكن الذي آخره همزة بعد ألف زائدة، فالمتمكن يخرج (نحو): أولاء من المبنيات والألف يخرج، نحو: نسيء ووضوء، والتّقييد بالزيادة يخرج نحو: دواء فإنّ أصله دواو فألفه منقلبة عن أصل ومدّها عارض، ولا أمنع من تسمية: أولاء ودواء ونحوهما ممدودا في اللغة بل أمنعه عرفا واصطلاحا. وإذا ثبت هذا فليعلم أن كل واحد من المقصور والممدود على ضربين:
قياسي وسماعي، فالمقصور القياسي: ما له من الصحيح نظير اطرد فتح ما قبل آخره كمرى جمع: مرية، ومدى جمع: مدية فإن نظيرهما من الصحيح: قرب جمع قربة وقرب جمع قربة، وكذا اسم مفعول ما زاد على ثلاثة أحرف كمعطى ومبتلى، فإن نظيرهما من الصحيح: عمش عمشا، وصلع صلعا، وكذا: أفعل صفة -
(1) ينظر في هذا الباب الكتاب (3/ 536) وما بعدها، وابن يعيش (6/ 36)، والأشموني (4/ 106)، والمقتضب (3/ 79)، والتكملة (ص 75)، والمقرب (2/ 139)، وأوضح المسالك (4/ 292)، والهمع (2/ 173)، والمنقوص والممدود للفراء (ص 11)، والتصريح (2/ 291)، والجاربردي (1/ 189)، والرضي على الشافية (2/ 324).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لتفضيل كان كالأقصى أو لغير تفضيل كأعمى وأعشى فإن نظيرهما من الصحيح:
الأبعد والأعمش، وكذلك ما كان جمعا للفعلى أنثى الأفعل كالقصوى، والقصا والدّنيا والدّنا. فإن نظيرهما من الصحيح: الكبرى والكبر والأخرى والأخر، وكذلك ما كان من أسماء الأجناس والأعلى الجمعيّة بالتجرد من التاء كائنا على فعل، وعلى الواحدة بمصاحبة التاء كحصاة وحصى وقطاة وقطا فإن نظيرهما من الصحيح: شجرة شجر ومدرة (1) ومدر، وكذلك المفعل مدلولا به على مصدر أو زمان أو مكان كملهى ومسعى، فإنّ نظيرهما
من الصحيح: مذهب ومسرح، وكذا المفعل مدلولا به على آلة كمرمى ومهدى، وهو: وعاء الهدية ونظيرهما من الصحيح: مخصف ومغزل، على أن الصحيح من هذا النوع قد يجيء على (مفعال) كمحراث ومقراض (2) ولا يكاد ذلك يوجد في المعتل. فهذه ضوابط المقصور قصرا قياسيّا.
وأما الممدود مدّا قياسيّا فما له من الصحيح نظير اطّرد كون ما قبل آخره ألفا، كظبي وظباء ونضو وأنضاء، فإن نظيرهما من الصحيح: كعب وكعاب وحزب وأحزاب ومدّ (النّظراء) وشبهه مطرد؛ لأن قصره يجعله على: فعلى وهو وزن مهمل المجموع. وشذّ في الآحاد، إذ لم يجئ منه إلا: أربى، وهو من أسماء الداهية، وشعبى وأدمى، وهما اسما مكانين، وقدّ (أفعلاء) أشدّ اطّرادا؛ لأن (أفعلى) بالقصر مهمل ولم يأت (أفعلاء) غير جمع إلا (الأربعاء) اسم اليوم، ومن الممدود مدّا قياسيّا (إفعال) مصدر (أفعل) كأعطى إعطاء، وفعال مصدر فاعل كوالى ولاء، وعادى عداء، وكذا مصدر كل ما أوّل ماضيه همزة وصل كانقضى انقضاء واهتدى إهتداء.
وكذا ما صيغ من المصادر على (تفعال)، ومن الصفات على (فعّال) أو (مفعال) لقصد المبالغة، كالتّعداء والعداء والمعطاء؛ لأن نظائرها من الصحيح قد اطّرد كون ما قبل آخره ألفا، كالإكرام، والقتال، والانقسام والاعتصام والتّذكار والختّار والمهذار.
ومن المد القياسي قدّ: فعّال في الأصوات، والأمراض الصعبة كالرّغاء (3) والثّغاء (4) -
(1) المدر: قطع الطين اليابس، وقيل: الذي لا رمل فيه واحدته مدرة.
(2)
جاء في المصباح المنير (ص 497)(قرضت الشيء قرضا من باب ضرب قطعته بالمقراضين، والمقراض أيضا بكسر الميم والجمع مقاريض).
(3)
الرّغاء: صوت الإبل، ويطلق على غيره من الأصوات) انظر اللسان (رغا) والقاموس (4/ 337).
(4)
(الثّغاء: صياح الشاة ونحوها) وانظر اللسان (ثغا) والقاموس (4/ 311).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمشاء (1) والأباء فإن نظائرها من الصحيح البغام، والصّراخ، والحمام، والهيام (ثم نبهت على أن) غير ما سبق ذكره لا يقدم فيه على قصر ولا مد إلا بالنقل، كقصر:
الفتى واحد الفتيان، السّنا المراد به الضّوء، والثّرى المراد به التراب: وكمد: الفتاء - المراد به حداثة السن، والسّناء
المراد به: الشرف، والثّراء - المراد به كثرة المال، ثم نبهت على) أن بعض الأسماء قد يرد بالوجهين القصر والمد كـ (زكريّاء)(2) وبقصره (3) قرأ الكوفيون إلا أبا بكر (4) وقرأ الباقون بالمد. (5) انتهى.
ولنرجع إلى لفظ الكتاب، فنقول: قوله: كاسم مفعول ما زال على ثلاثة أحرف.
قد عرفت تمثيله لذلك، نحو: معطى ومبتلى وأن نظيرهما من الصحيح مكرم ومحترم. وقوله: ومصدر فعل اللازم. قد عرفت تمثله لذلك - أيضا - بنحو:
عمي عمى وجلي جلا، وأن نظيرهما عمش عمشا وضلع ضلعا. وقوله: والمفعل يشمل اسم المصدر واسم الزمان واسم المكان، وقد عرفت تمثيله لذلك، نحو:
ملهى ومسعى، وأن نظيرهما مذهب ومسرح. وقوله: والمفعل مرادا به الآلة قد عرفت تمثيله له، بنحو: مرمى ومهدى، وأن نظيرهما مخصف ومغزل. وقوله:
وجمع (فعلة) و (فعلة) و (الفعلى) أنثى الأفعل قد عرفت تمثيله للأول، بنحو:
مدية ومدى وأن نظيره: قربة وقرب، وللثاني بنحو: مرية ومرى وأن نظيره: قربة وقرب، وللثالث بنحو: القصى والدّنى جمعى القصوى والدّنيا وأن نظيرهما:
الكبرى والكبر والأخرى والأخر. وأما قول المصنف لزوما أو غلبة بعد قوله: فتح ما قبل آخر نظيره الصحيح. فقد قال الشيخ: لزوما مثاله: اسم مفعول ما زاد على الثلاثة، فإن جمعه جاء مفتوح ما قبل الآخر لزوما، نحو: مكرم ومستخرج، وكذلك المعتل منه جاء جميعه مقصورا لم يشذ منه شيء. وقوله: أو غلبة مثاله: -
(1)(المشاء: إسهال البطن) اللسان (مشى).
(2)
ورد هذا الاسم في آيات كثيرة في القرآن الكريم منها الآيات «37» ، «38» آل عمران، «85» الأنعام، «2» ، «7» مريم.
(3)
كذا في شرح الكافية وفي النسختين فإنه بالقصر والمد. وانظر الحجة (3/ 33)(دار المأمون للتراث) الإتحاف (ص 173).
(4)
هو أبو بكر بن عياش الأسدي النهشلي الكوفي الحناط الإمام العالم راوي عاصم عمر دهرا طويلا إلا أنه قطع الإقراء قبل موته بسبع سنوات، وكان من أئمة السنة. انظر: الحجة (ص 57، 58)، والشذرات (1/ 334).
(5)
شرح الكافية (4/ 1759 - 1766).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مصدر ما كان على (فعل) اللازم فإن فتح ما قبل الآخر هو المقيس الكثير، نحو أشر أشرا، وبطر بطرا.
قال: وقد جاء فيه (فعالة)(1) نحو: شكس شكاسة، و (فعولة) نحو:
صهب صهوبة، و (فعل) قالوا: شكر شكرا، وأما المعتل منها غير مقصور، نحو:
هوي (هوى) وثوي ثوى وجوي جوى، وقد جاء منه شيء بخلاف هذا قالوا:
روي بروى ريّا فجاء على فعل، واختلف في مصدر: غري، فحكى فيه أبو زيد والأصمعي: غرى بالقصر على قياس إخوانه، ونقله سيبويه والفراء:(غراء) بالمدّ على وزن (فعال) على جهة الشذوذ (2) قال الشاعر:
4201 -
إذا قلت مهلا غارت العين بالبكا
…
غراء ومدّتها مدامع حفّل (3)
ثم إن الشيخ - أيضا - لما [6/ 49] ذكر جمع (فعلة) و (فعلة) قال إلا أنه لا يندرج تحت (قول المصنف)(4) فتح ما قبل آخره نظيره من الصحيح إلا من جمع - فعلة بكسر الفاء فجاء على فعل بضمها، وذلك نحو: حلية ولحية فإنهم قالوا من جمعهما: حلى ولحى بكسر أوله و: حلى ولحى بضم أوله، ولا من (فعلة) فضم الفاء فجاء على فعل بكسرها، وذلك نحو: كسوة وكسى بضم أوله في الجمع وكسره: لأنه لا يوجد في كلامهم، نحو: ظلمة وظلم بكسر الظاء في الجمع، ولا مثل: قربة وقرب بضم القاف في الجمع وقد وجد ذلك في المعتل، قال: فإذا ليس جمع المعتل مطلقا نظيره جمع التصحيح مطلقا (5). انتهى.
والجواب أن المعتل الذي ذكره قد وجد فيه الوجه الآخر، فكما أنهم قالوا في لحية وحلية: لحى وحلى بالضم، قالوا فيهما: لحى وحلى بالكسر، وكما أنهم قالوا في كسوة: كسى بالكسر، قالوا: كسى بالضم. وأما قول المصنف فإن لزم قبل آخر نظير الصحيح ألف أو غلب. فقال الشيخ: مثال ما لزم قبل آخر نظيره -
(1) التذييل (5/ 240)(ب)(فعلة).
(2)
الكتاب (2/ 162).
(3)
من الطويل قاله كثير عزة. غارت من غار الغيث الأرض بغيرها. أي سقاها، وقيل: من غارت عينه تغور غورا: إذا دخلت في الرأس، وغراء: نصب على الحال بمعنى مغاريه، وفيه الشاهد. وانظره في:
الأشموني (4/ 106)، وابن يعيش (6/ 39)، والتذييل (5/ 241)(أ)، وابن جماعة (1/ 192)، والعيني (4/ 59).
(4)
التذييل (5/ 241)(أ)(قوله).
(5)
التذييل (5/ 241) والعبارة منقولة بتصرف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصحيح ألف: انطلاق، ولم يجئ بشيء من هذا الوزن يخالف هذا القانون، ومثال ما غلب صفة مفعال، فإن الغالب في الصحيح أن يجيء على هذا الوزن، وقد يجيء على (مفعل) نحو: مدعس ومظعن وقد جاء بعضه في المعتل - أيضا - على هذا الوزن كما نبيّنه - إن شاء الله تعالى - وإن كان الغالب أن يأتي على (مفعال) انتهى (1). وقوله - أعني المصنف: كمصدر ما أوله همزة وصل، وقد عرفت تمثيله له بقوله: انتهى انقضاء واهتدى اهتداء، ولا شك أن نظيرهما من الصحيح: انطلاق واقتدار، ومثل ذلك: استدعاء واستجلاء فإن نظيرهما استخراج.
وقوله: وموازن (فعّال) و (تفعال) و (مفعال) صفة. قد عرفت تمثيله (لفعّال) بعدّاء، ومثله سقّاء، وأن نظير ذلك من الصحيح: ختّار، ومثله: قتّال وشرّاب، وتمثيله (لتفعال) بتعداء، ومثله: ترماء، وأن نظير ذلك من الصحيح تذكار، ومثله تطواف، وتمثيله (لمفعال) بمعطاء، ومثله: مهداء، وأن نظير ذلك من الصحيح: مهزار (2).
قال الشيخ: وقد شذّوا في شيء منه فجاء مقصورا، قالوا: رجل معطى، وإنما قيّد (مفعالا) بقوله بعده: صفة، اهتزازا من اسم الآلة، فإن أكثره يجيء على مفعل (ولا يتوهم من قول المصنف: و (مفعال) صفة أن (فعّالا) المذكور قبل يكون غير صفة لأن (فعّالا) إنما هو صفة ولما لم يكن استغنى عن تقييده بذلك، وقوله:
وواحد أفعلة مثاله: كساء وقبّاء ونظيرهما من الصحيح: خمار وقذال، ولا شك أنها تجمع على: أكسية وأقبية وأخمرة وأقذلة، وشذ من ذلك مفرد أندية (3) وأرحية وأقفية فإن مفرداتها جاءت مقصورة، قالوا: ندى ورحى وقفا، وزعم الأخفش أن أرحية وأقفية من كلام المولدين وتأوّل أندية على أن يكون جمع نداء الممدود في الضرورة (4) وزعم المبرد أنّ أندية جمع نداء، وأن نداء جمع نديّ، (5) لأن (فعلا) يجمع على (فعال) و (فعال) يجمع على (أفعلة)، قيل: وهذا ضعيف؛ لأن -
(1) المرجع السابق.
(2)
النص منقول من التذييل (5/ 241)(أ)(ب).
(3)
قال سيبويه: (وقالوا: ندى وأندية فهذا شاذ) الكتاب (2/ 163).
(4)
ينظر: الخصائص (3/ 237)، وابن جماعة (1/ 192)، والتصريح (2/ 292)، والتذييل (5/ 241)(ب).
(5)
قال المبرد في المقتضب (3/ 82): (وقال بعضهم: إنما أراد جمع نديّ، أي: نديّ القوم الذي يقيمون فيه ويفخرون، كما قال الشاعر - سلامة بن جندل السعدي - من البسيط:
يومان يوم مقامات وأندية
…
ويوم سير إلى الأعداء تأويب
-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نداء جمع ندى لا يحفظ ولم يسمع من كلامهم، وفيه جمع الجمع ولا ينقاس. قال ابن عصفور: وهذا الذي قال يجوز قياسا إلا أن لم نسمع نداء في جمع ندى (1).
قال الشيخ: وهذا وهم؛ أعني قول ابن عصفور: يجوز قياسا، والتبس عليه جمع (فعال) على (أفعلة) وذلك لا ينقاس إلا في المفردات، كخمار وأخمرة، وأما (فعال) الجمع فلا يجوز جمعه لا على (أفعلة) ولا على غيره من الأوزان قياسا؛ لأن جمع الجمع لا يقال بقياس، قال: وهذا ما لا نعلم فيه خلافا، بل قد نقل الإجماع فيه على أنه لا يجوز (2)، بل ما جاء منه يحفظ ولا يقاس عليه (3).
انتهى. وليعلم. أن المصنف يفهم من قوله في المقصور: كاسم مفعول ما زاد ....
إلى آخره. ومن قوله في الممدود: كمصدر ما أوّله همزة وصل إلى آخره، أنه لم يقصد بذلك أن المقصور والممدود محصوران فيما ذكره؛ لأنه إنما قصد التمثيل ببعض الصور في القسمين، وذلك أنه أعطى قاعدة كلية يحصل بهما ضبط كل منهما فاكتفي بذلك عن التعداد، واقتصر على بعض الأمثلة، ويدلّك على ذلك أنه -
- (وذهب غير أبي الحسن والمبرد إلى أنه كسّر فعلا على أفعل، كزمن وأزمن وجبل وأجبل فصار: أند كأيد، ثم أنّث أفعل هذه بالتاء، فصارت أندية على أفعلة، وقال ابن جني في إعراب الحماسة: وهذا وإن كان شاذّا، فإن له عندي وجها من القياس صالحا، ونظيرا من السماع، أما السماع فقولهم في تكسير: قفا ورحى: أقفية وأرحية حكاهما الفراء وأبي السكيت فيما علمت الأن وأما وجه قياس أصل الجمع فهو أن العرب قد تجري الفتحة مجرى الألف، ألا تراهم لم يقولوا في الإضافة إلى: جمزى وبشكى إلا جمزيّ وبشكيّ، كما لا يقولون في حبارى إلا: حبارىّ: ومشابهة الحركة للحرف أكثر ما يذهب إليه، فكأن فعلا على هذا فعال وفعال مما يكسّر على أفعلة، نحو: غزال وأغزلة) انظر: شرح شواهد الشافية - بتصرف - (ص 277).
(1)
التذييل (5/ 241)(ب)، وانظر: الدماميني (477)(أ).
(2)
قال ابن يعيش (5/ 74): (اعلم أن جمع الجمع ليس بقياس فلا يجمع كل جمع، وإنما يوقف عند ما جمعوه من ذلك، ولا يتجاوز إلى غير ذلك؛ وذلك لأن الغرض من الجمع الدلالة على الكثرة، وذلك يحصل بلفظ الجمع، فلم يكن بنا حاجة إلى جمع ثان، قال سيبويه: (اعلم أنه ليس كل جمع يجمع، كما أنه ليس كل يجمع كالأشغال) .... وقال أبو عمر الجرمي: لو قلنا في أفلس وأفالس
…
لم يجز، فإذا جمع الجمع شاذ) وفصّل السيوطي في الهمع (2/ 183) فأشار إلى أنه لا خلاف في أن جموع الكثرة لا تجمع قياسا ولا أسماء المصادر ولا أسماء الأجناس إذا لم تختلف أنواعها؛ فإن اختلفت فالجمهور وسيبويه - وصححه أبو حيان - لا يقيسان، والمبرد والرماني يقيسان، والأكثرون على أن جمع القلة منقاس. ويقول ابن عصفور في المقرب (2/ 127):(وقد شدت العرب أيضا فجمعت بعض الجمع)
وانظر الصبان (4/ 152).
(3)
التذييل (5/ 241)(ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكر في شرح الكافية (1) من صور القسمين ما لم يذكره هنا، فعلمنا أنه إنما ترك ذكر ذلك استغناء عنه بالضابط الذي ذكره، وأما قوله: وما لم يكن كذلك فمأخذ قصره ومدّه السماع، فمعناه وما لم يندرج في القانون الذي ذكرته للقسمين فقصره ومده سماعي. يعني أنه موقوف على السماع. قال الشيخ: وهذا عام مخصوص وتخصيصه مما تقدم له ذكره من الأوزان المذكورة في باب ألفي التأنيث فأنّه ذكر هناك أوزانا تختص بالمقصورة، وأوزانا تختص بالممدودة، قال: فهذه الأوزان مخصصة لهذا العموم الذي ذكره (2). انتهى. ولم يظهر لي هذا القول الذي قاله؛ لأن الأوزان التي ذكرت في باب ألفي التأنيث إنما مأخذ القصر والمد فيها السماع أيضا لكن، وإن لم يختص بمادة فهو مختص بوزن، فما كان على وزن (فعلى)، و (فعالى) و (فعّالى) فهو مقصور، وما كان وزن (فعلاء) مثلا فهو ممدود ولا شك أن هذا أمر موقوف على السماع - أيضا - ولكن توقفه باعتبار الزّنة لا باعتبار المادة، واعلم أن المصنف في شرح الكافية ختم الباب بذكر مسألة، فقال:
أن بعض ما فيه وجهان قد تتغير حركة فإنه تتحرك في أحد الوجهين الآخر وهو على ثلاثة أقسام: ما يقصر من الكسر ويمدّ مع الفتح، وما يقصر مع الفتح، ويمد مع الكسر، وما يقصر مع الضم ويمدّ مع الفتح، فالأوّل:(الأنى) واحد (الإناء)، و (الإيا) ضوء الشمس و (البلى) خلاف الجدّة والرّوى الماء الكثير (وسوى) بمعنى غير، وقرى مصدر: وقريت الضيف، و (قلى) مصدر قليته أي أبغضته.
والثاني: أضا جمع أضاءة وهي الغدير، والسّحا: الخفاش، والصّلى مصدر صلى النّار: قاسي حرّها، والغرا الذي يلزق به الريش وغيره، و (الغمى) السقف و (الفدى) مصدر (فديت)، والثالث (البؤسى) و (الرّغبى) و (العليا) و (النّعمى) و (الضّحى) هذا جملة ما ذكره ابن السكيت وقد وضع لي ما يكسر فيقصر ويضم فيمدّ عن ابن ولّاد وهو (القرفصاء)، قال ابن ولّاد: يقال لها (القرفصي) بالكسر: فبهذا تتكمل أربعة أقسام (3) انتهى. وقد أورد الشيخ في شرحه هذا الذي ذكرناه مسنده إلى المصنف، وقال بعد ذلك: وإنما ذكرنا هذه الأقسام هنا وإن كان مدركها السماع؛ لأن للنحو فيهما حظّا، وهو حصر ما جاء -
(1) انظره في: شرح الكافية (4/ 1760) وما بعدها.
(2)
التذييل (5/ 242)(أ).
(3)
شرح الكافية (4/ 1766) - (1768)، والتذييل (5/ 242)(أ، ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[6/ 50] من ذلك. فلو ادّعى مدع شيئا هذا لم يقبل منه إلا بثبت واضح عن العرب (1) انتهى. ثم ثنى المصنف في شرح الكافية بذكر مسألة أخرى لم يذكرها في التسهيل وهي قصر الممدود، فقال: أمّا قصر الممدود فيجوز للشاعر إذا اضطر إليه أن يستعمله بلا خلاف وهو شبه صرف ما لا ينصرف، وأما مدّ المقصور للضرورة فممتنع عند البصريين لا عند الكوفيين، وهو شبيه بمنع صرف المنصرف.
ومما يحتج به الكوفيون قول الراجز:
4202 -
يا لك من تمر ومن شيشاء
…
ينشب فى المسعل واللهاء (2)
فمد اللهاء اضطرارا وهو واجب القصر؛ لأنه نظير حصى وقطا. انتهى (3) ومما يحتج به الكوفيون (4) قول الشاعر:
4203 -
سيغنينى الّذي أغناك عني
…
فلا فقر يدوم ولا غناء (5)
وقد خرّج البصريون هذا - أعني غناء - على أنه مصدر لغانى، كأنّه قال:
فلا افتقار شخص لشخص يدوم، ولا استغناء شخص عن شخص يدوم: فإنّه يقال: غانى وتغانى، قال الشاعر.
4204 -
كلانا غنيّ عن أخيه حياته
…
ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا (6)
-
(1) المرجع السابق.
(2)
رجز استشهد به كثير من شراح الألفية، ولم يعزه أحد لقائل، ونسبه البكري في سمط اللآلئ (ص 874) إلى أبي المقدام الراجز وانظره في - شواهد العيني (4/ 507) وأمالي القالي والإنصاف (ص 746) وهمع الهوامع (2/ 157)، والدرر اللوامع (2/ 211)، وشرح الكافية (1768).
(3)
شرح الكافية (4/ 1768 - 1769).
(4)
ينظر في هذه المسألة الأشموني بحاشية الصبان (4/ 110)، والتصريح (2/ 293)، والإنصاف (ص 745).
(5)
من الوافر والشاهد فيه قوله: (ولا غناء) حيث مدّه وهو مقصور، والأصل: ولا غنى بكسر الغين، ولكن الشاعر مدّه حين اضطر لإقامة
وزن البيت، وزعم قوم أنه بفتح الغين من قولهم:(هذا رجل لا غناء عنده) أي لا نفع، وليس ما في البيت من هذا، والدليل على أنه من الغنى المقصور فمده للضرورة أنه وقع في البيت مقترنا بالفقر، وأهل اللغة ينصّون على أن الغنى الذي هو في مقابل الفقر مقصور ليس غير. انظر:
الشاهد في الإنصاف (ص 747) والأشموني (4/ 110)، وأوضح المسالك (4/ 297).
(6)
البيت من الطويل، وقائله عبد الله ابن معاوية بن عبد الله بن جعفر، وقد استشهد به البصريون لإبطال حجة الكوفيين في جواز مدّ المقصور بأن قالوا: أن رواية (غناء) بكسر الغين - في الشاهد السابق - يكون غناء مصدرا لغانيته، أي: فاخرته بالغنى، يقال: غانيته أغانيه غناء. انظر: الإنصاف (ص 745)، والأشموني (2/ 260)، و (4/ 110)، وشواهد المغني (ص 240)، والتصريح (2/ 43) واللسان (غنا).