الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قلّما وقليل وحديث عنهما]
قال ابن مالك: (ويساوي «أقلّ» المذكور «قلّ» رافعا مثل المجرور، ويتّصل بـ «قلّ» ما كافّة عن طلب فاعل فيلزم في غير ضرورة مباشرتها الأفعال، وقد يراد بها حينئذ التّقليل حقيقة، وقد يدلّ على النّفي بـ «قليل» و «قليلة»).
قال ناظر الجيش: يريد أن الفاعل الذي تسند «قلّ» إليه يكون مثل المجرور أي الذي جرّ بـ «أقل» فـ «اللام» في «المجرور» للعهد، وإذا كان مثله فيتعين أن يكون نكرة موصوفة بصفة لازم كونها فعلا أو ظرفا يراد به في أحد محمليه نفي العموم، وذلك نحو: قلّ رجل يقول ذلك، وقلّ رجل في الدّار، وقلّ رجل عندك، المعنى:
ما رجل يقول ذلك، وما رجل في الدار، وما رجل عندك.
ونبه بقوله: ويتّصل بقلّ ما كافة عن طلب فاعل - على أن «قل» حينئذ تجري مجرى حرف النفي، فلا يكون لها فاعل، ولما أجريت مجرى النفي وليها الأفعال في الكلام الفصيح، فيقال: قلّما يقوم زيد في معنى: ما يقوم زيد، ولا يليها الاسم إلا في الضرورة، كقول الشاعر:
4163 -
صددت فأطولت الصّدود وقلّما
…
وصال على طول الصّدود يدوم (1)
ويفهم من قول المصنف: إنّ ما كافّة لقلّ عن طلب فاعل - أن الاسم الذي وليها في هذا البيت لا يكون فاعلا، ولم يعلم من كلامه ما هو الرافع لذلك الاسم الواقع بعدها؟ وللنحاة فيه تخريجان (2):
أحدهما: أنه مرفوع بـ «يدوم» فالنية به التأخير ولكن قدّم ضرورة.
ثانيهما: أنه فاعل بفعل مضمر يفسره ما بعده، التقدير: وقلما يدوم وصال على طول الصدود يدوم. -
(1) البيت من الطويل وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه (ص 207).
والشاهد فيه قوله: «وقلما وصال» حيث ولي «قلما» الاسم ضرورة لأنه إذا اتصل بـ «قل» ما تجري مجرى النفي فيليها الأفعال في الكلام الفصيح. وانظر البيت في الكتاب (1/ 31)(هارون)، (3/ 115)، والمنصف (1/ 191، 2/ 69)، والمحتسب (1/ 96) وأمالي الشجري (2/ 139، 244) والإنصاف (ص 144).
(2)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا التخريج أولى بل هو المتعين، لأن الفاعل لا يتقدم على عامله لا في ضرورة ولا غيرها عند البصريين (1)، وحكم الشيخ (2) بأن التخريج الأول هو الذي يطابق كلام المصنف لقوله: فيلزم في غير ضرورة مباشرتها الأفعال - فتكون في الضرورة لا تباشر الأفعال، وإذا قدرت فعلا رافعا لـ «وصال» تكون «قلما» قد باشرت الفعل.
وأقول: يمكن أن المصنف يريد أنها تباشر الأفعال لفظا لا تقديرا، وإذا كان «وصال» في البيت مرفوعا بفعل مقدر، انتفت المباشرة اللفظية فعدّ لذلك من الضرورات.
وقول المصنف: وقد يراد بها حينئذ التّقليل حقيقة - يعني حين مساواتها لـ «أقل» لأن «أقل» لها محملان كما تقدم، أحدهما: أن تكون أفعل تفضيل فلا تدل على النفي، والثاني: أن يراد بها النفي المحض، و «قل» لها محملان أيضا فكما كانت للنفي تكون للتقليل، فلما ذكر أنها تساوي «أقل» المراد به النفي ذكر أنها قد يراد بها التقليل. هذا ما يتضمنه كلام الشيخ في شرح هذا الموضع (3).
وربما يقال: إن مراد المصنف بقوله: حينئذ حين يتصل بها «ما» أي أن «قلّما» قد يراد بها النفي وقد يراد بها التقليل.
وأما قوله: حقيقة - ففسره الشيخ (4) بأنه يعني بذلك أن أصل «قل» أن لا تكون للنفي بل تدل على نزارة الشيء
وقلّته [5/ 204] دون نفيه.
وقال الشيخ (5) في قول المصنف: ويتصل بقلّ ما كافة: «إنما قال: كافة احترازا من اتصال «ما» المصدرية بها، فإنها تتصل بها وينسبك منها مع الفعل الذي بعدها مصدر هو فاعل «قل» ، فتقول: قلما أضرب زيدا في معنى: قلّ ضربي زيدا» انتهى.
ولم أتحقق ما قاله؛ فإن «قلما» التي يتكلم المصنف عليها إنما هي الكلمة التي يراد بها النفي؛ فـ «ما» المتصلة بها كافّة قطعا، والتي ذكرها الشيخ إنما هي الكلمة -
(1) انظر أوضح المسالك (1/ 337: 339).
(2)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 202.
(3)
انظر التذييل (خ) جـ 5 ورقة 203.
(4)
المرجع السابق.
(5)
انظر التذييل.