المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حرف إعراب المنسوب إليه وما يحذف لياء النسب] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٩

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والستون باب عوامل الجزم

- ‌[الأدوات التي تجزم فعلين]

- ‌[ما تقتضيه أدوات الشرط التي تجزم فعلين]

- ‌[العامل في الجواب]

- ‌[الجزم بإذا حملا على غيرها وإهمال غيرها حملا عليها]

- ‌[حكم تقديم معمول الشرط أو الجواب عليهما]

- ‌[نيابة إذا الفجائية عن الفاء]

- ‌[أحكام في تقديم جواب الشرط على الأداة]

- ‌[حذف الشرط أو الجواب أو هما معا]

- ‌[حكم اجتماع الشرط والقسم وحديث طويل في ذلك]

- ‌[الأوجه الجائزة في المضارع المعطوف على الشرط]

- ‌[اتصال «ما» الزائدة ببعض أدوات الشرط]

- ‌[صور فعلي الشرط والجواب]

- ‌[حكم الشرط إذا حذف الجواب]

- ‌[اختصاص أدوات الشرط بالمستقبل]

- ‌[لو الشرطية معناها وما تختص به]

- ‌[أحوال جواب لو]

- ‌[لمّا ومعانيها]

- ‌[الباب السادس والستون باب تتميم الكلام على كلمات مفتقرة إلى ذلك]

- ‌[قد ومعانيها وإعرابها]

- ‌[حديث عن هل والهمزة الاستفهاميتين]

- ‌[حروف التحضيض وأحكامها وما تختص به]

- ‌[حديث عن ها ويا وألا وأما]

- ‌[حروف الجواب: سردها وأحكامها]

- ‌[كلّا وحديث عنها]

- ‌[أمّا وحديث عنها]

- ‌[أحكام أخرى لأما]

- ‌[أقل رجل يقول ذلك وأحكام هذه الجملة]

- ‌[قلّما وقليل وحديث عنهما]

- ‌[سرد لبعض الأفعال الجامدة]

- ‌[حديث عن بقية الأفعال الجامدة]

- ‌الباب السابع والستون باب الحكاية

- ‌[الحكاية بأي وبمن]

- ‌[العلم وأحكامه عند حكايته]

- ‌[مسائل خمس في باب الحكاية]

- ‌[حكاية التمييز]

- ‌[حكاية المفرد المنسوب إليه حكم للفظه]

- ‌[حكم حكاية السؤال بالهمزة]

- ‌[إلحاق حرف مد آخر المحكي]

- ‌الباب الثامن والستون باب الإخبار

- ‌[شروط الاسم المخبر عنه]

- ‌[الإخبار عن الاسم بالذي وفروعه وبالألف واللام]

- ‌[تقديم الموصول وذي الألف واللام مبتدأين]

- ‌[تقديم خبر كان مبتدا]

- ‌[حديث طويل عن الإخبار في الجملة المتنازع فيها]

- ‌الباب التاسع والستون باب التّذكير والتّأنيث

- ‌[علامة التأنيث - حكم ما لم تظهر فيها العلامة]

- ‌[مواضع تاء التأنيث]

- ‌[من أحكام تاء التأنيث]

- ‌[حكم الصفات المختصة بالإناث]

- ‌[الصفات التي لا تلحقها التاء]

- ‌[حكم فعيل بمعنى مفعول - تذكير المؤنث وعكسه]

- ‌الباب السبعون باب ألفي التّأنيث

- ‌[أوزان الألف المقصورة]

- ‌[أوزان الألف الممدودة]

- ‌[الأوزان المشتركة]

- ‌الباب الحادي والسبعون باب المقصور والممدود

- ‌[ما يعرف به المقصور والممدود القياس وغيره]

- ‌الباب الثاني والسبعون باب التقاء الساكنين

- ‌[تقدير التقاء ساكنين في الوصل المحض]

- ‌[أحوال نون من وعن ولكن]

- ‌[فك التضعيف في المجزوم والمبني]

- ‌الباب الثالث والسبعون باب النّسب

- ‌[حرف إعراب المنسوب إليه وما يحذف لياء النسب]

- ‌[النسب لما آخره ألفه أو ياء]

- ‌[ما يحذف قبل الآخر لأجل النسب]

- ‌[النسب إلى المركب]

- ‌[النسب إلى فعيلة وفعيلة وفعولة]

- ‌[النّسب إلى الثلاثي المكسور العين]

- ‌[النسب إلى الثنائي]

- ‌[النسب لما آخره ياء، أو واو قبلها ألف]

- ‌[النسب إلى أخت ونظائرها]

- ‌[النسب إلى فم وابنم]

- ‌[النسب إلى الجمع]

- ‌[فتح عين تمرات، وأرضين ونحوهما]

- ‌[شواذ النسب]

- ‌[استعمالات ياء النسب والنسب بدونها]

- ‌الباب الرابع والسبعون باب جمع التكسير

- ‌[الجمع واسم الجمع واسم الجنس

- ‌[اسم الجمع واسم الجنس]

- ‌[الفرق بين الجمع واسم الجمع]

- ‌[أوزان جمع القلة]

- ‌[الاستغناء ببعض أبنية القلة عن بعض أبنية الكثرة والعكس]

- ‌[ما يرد في التكسير وإغناء التصحيح عن التكسير]

- ‌[جمع أفعل]

- ‌[ما يجمع على أفعال]

- ‌[ما يجمع على أفعلة]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بضم شكوك]

- ‌[من جموع الكثرة: فعل بضمتين]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بضم فسكون]

- ‌[من جموع الكثرة فعل بكسر ففتح]

- ‌[من جموع الكثرة فعال بكسر أوله]

- ‌[ما يحفظ فيه فعال بالكسر]

- ‌[ما يشارك فيه فعول بالضم فعالا بالفتح]

- ‌[ما ينفرد فيه فعول عن فعال]

- ‌[من جموع الكثرة فعّل بالضم والتشديد]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة بفتح الفاء والعين]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة بضم ففتح]

- ‌[من جموع الكثرة فعلة كقردة]

- ‌[من جموع الكثرة فعلى كقتلى]

- ‌[من جموع الكثرة: فعلى]

- ‌[من جموع الكثرة فعلاء كشعراء]

- ‌[من جموع الكثرة فعلان كغلمان]

- ‌[ما يجمع على فعلان كقضبان]

- ‌[من جموع الكثرة فواعل كفوارس]

- ‌[من جموع الكثرة فعالى بالفتح وفعالى بالضم]

- ‌[من جموع الكثرة فعالي كأناسي]

- ‌[من جموع الكثرة فعائل كقبائل]

- ‌[ما بقي من أوزان الجمع]

- ‌[عدم فك المضعف اللّام في الجمع على مفاعل]

- ‌[عدم حذف الزائد إذا كان لينا زائدا في جمع الخماسي]

- ‌[ما يحذف من الزوائد في الجمع]

- ‌[ما يحذف من الخماسي عند الجمع]

- ‌[حذف الزائد عن الأربعة عند الجمع]

- ‌[التعويض عن المحذوف للجمع]

- ‌[جواز المماثلة بين بعض الأوزان]

- ‌[أسماء الجمع: تعريفا وأنواعا وأوزانا]

- ‌[كيفية جمع العلم المرتجل والمنقول]

- ‌[أحكام الجمع العلم]

- ‌[حكم تثنية المركب وجمعه]

- ‌[حكم تثنية المضاف وجمعه]

- ‌[حكم جمع المضاف والمضاف إليه]

- ‌[حكم تثنية وجمع اسم الجمع والتكسير]

الفصل: ‌[حرف إعراب المنسوب إليه وما يحذف لياء النسب]

‌الباب الثالث والسبعون باب النّسب

(1)

[حرف إعراب المنسوب إليه وما يحذف لياء النسب]

قال ابن مالك: (يجعل حرف إعراب المنسوب إليه ياء مشدّدة تلي كسرة، ويحذف لها عجز المركّب غير المضاف وصدر المضاف إن تعرّف بالثّاني تحقيقا أو تقديرا. وإلّا فعجزه وقد يحذف صدره خوف اللّبس، وقد يفعل ذلك بـ (بعلبكّ) ونحوه، ولا يقاس عليه الجملة خلافا للجرمىّ، ويحذف الآخر إن كان تاء تأنيث أو زيادتي تصحيح [6/ 57] أو شبيهتيهما أو ياء منقوص غير ثلاثيّ، أو مشدّدة بعد أكثر من حرفين، أو ألفا للتّأنيت رابعة أو فوقها مطلقا، أو واو تلي مضموما ثالثا فصاعدا، أو حرف لين مع نون تسقط للإضافة).

قال ناظر الجيش: اعلم أن قول المصنف: يجعل حرف إعراب المنسوب إليه

(إلى آخره

يفهم منه (حدّ) النسب، فكأنه قال: النسب هو جعل حرف إعراب المنسوب إليه ياء مشددة مع كسر ما قبلها وذلك) (نحو) قولك في هاشم ومطّلب وتيم: هاشميّ ومطّلبيّ وتيميّ، وأما المنسوب فهو الملحق بآخره ياء مشددة؛ ليدل على نسبته إلى المجرد عنها، وذلك واضح؛ فإنك إذا قلت: دمشقيّ كانت الياء فيه دالة على أنه منسوب إلى مدلول الاسم قبل الإلحاق ومن هذه الجهة كان الباب كلّه صفات؛ لأن معناه: منسوب إلى ما ألحقت ياء النسب فيه قد يجعل لبعض الأسماء التي ينسب إليها تغيير موجبه التخفيف، أو ما تقتضيه قواعد التصريف، فيجب التعرض لذكر ذلك؛ لحصول ذلك إما بتغيير حركة وإما بحذف، وإما برد لحرف كان قد حذف، وإما بتضعيف وإما ببدل حرف من حرف، فالتغييرات إذا خمسة، ثم الحذف إما حذف كلمة إما عجز لكمة أخرى، وإما صدر لها، وإما حذف حرف، وذلك الحرف إما آخر وإما قبل الآخر، وقد بدأ -

(1) ينظر في الباب: الكتاب (3/ 324 - 335)، والمقتضب (3/ 133 - 165)، والرضي على الشافية (2/ 4 - 89)، والتكملة (ص 50 - 65)، وابن يعيش (5/ 141 - 157)، (6/ 2 - 15)، والمقرب (2/ 54 - 70)، واللمع (ص 279 - 290)، والهمع (2/ 192 - 198)، والأشموني (4/ 176 - 203)، والتصريح (2/ 327 - 338)، وشرح الكافية الشافية (4/ 1928 - 1966)، والمساعد (3/ 351 - 386).

ص: 4679

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المصنف بذكر حذف الّذي هو كلمة عجزا أو صدرا، وأردف ذلك بذكر حذف الحرف الذي هو آخر، ولا شك أن حذف كلمة إنما يتصور حيث يكون تركيب، والمركب ثلاثة أقسام: تركيب مزج وتركيب إسناد، وتركيب إضافة،

وأما تركيب العدد فهو داخل في تركيب المزج (1).

والقاعدة أن المركب يحذف لأجل النسب فيه العجز إن كان مركبا تركيب مزج أو إسناد، نحو: بعليّ وراميّ وحضريّ وخمسيّ ومعديّ في النسب إلى: بعلبك، ورام هزمز وحضر موت وخمسة عشر (2) ومعديكرب، ونحو: تأبّطي في النسب إلى: تأبّط شرّا، ومثله: برقي في النسب إلى: برق نحره، قالوا (3): وكان مقتضى القياس أن الجملة لا ينسب إليها كما أنها لا تثنى ولا تجمع ولا تعرب، ولا تضاف ولا تصغّر وإنّما جاز النسب إلى الصدر منها تشبيها لها بالمركب تركيب المزج، قال المصنف: في شرح الكافية: وشذ قولهم في الشيخ الكبير: (كنتيّ) فنسبوا إلى الجملة دون حذف (4). انتهى.

ولو نسب إلى صدر الجملة؛ لقيل: كونيّ فترد الواو؛ لزوال موجب حذفها وهو اجتماعها ساكنة مع النون الساكنة لأجل تاء الضمير، وإنّما قيل للشيخ الكبير:

كونيّ وكنتيّ؛ لأنه يقول: كنت كذا، وكنت أفعل، وشاهد كنتيّ، قول الشاعر:

4219 -

فأصبحت كنتيّا وأصبحت عاجنا

وشرّ خصال المرء كنت وعاجن (5)

ثم إن الشيخ ذكر هاهنا شيئين: أحدهما أنه يدخل تحت قول المصنف: عجز -

(1) ينظر: الكتاب (2/ 87)، وابن يعيش (6/ 9)، والمقتضب (3/ 141 - 143)، والتكملة (ص 63)، وأوضح المسالك (4/ 336).

(2)

حالة كونه علما. لأنه لا ينسب إليه الخمسة عشر عددا، قال الجاربردي (1/ 122):(وإنما لا ينسب إلى خمسة عشر عددا، لأن الجزءين حينئذ مقصودان، فلو حذف أحدهما اختل المعنى ولو لم يحذف استثقل) وانظر الرضي (2/ 73)، وابن يعيش (6/ 6، 7).

(3)

نسب السيوطي في الهمع (2/ 192) هذا القول لأبي حيان.

(4)

شرح الكافية الشافية (4/ 1953).

(5)

البيت من الطويل، نسبة في معجم الشواهد للأعشى، قال: وليس في ديوانه، والشاهد فيه قوله:

«كنتيا» حيث نسب إلى المركب الإسنادي على لفظه، وبدون نون وقاية، والبيت بروايات مختلفة.

انظرها في: الرضي (2/ 77)، وابن يعيش (6/ 7)، والمساعد (3/ 352) والهمع (2/ 193)، والأشموني (4/ 189)، واللسان (عجن)، (كون) وابن جماعة (1/ 122).

ص: 4680

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المركب، نحو: لولا وحيثما، إذا نسبت إليهما فتقول: لوىّ بتخفيف الواو: حيثيّ بحذف عجزهما؛ لجريانهما مجرى الجملة التي تحكى (1)، وثانيهما: أنه قال: يرد على المصنف في قوله: عجز المركب نقد وهو أنه إذا كان المسمى بجملة زائدة على كلمتين، كأن سمّيت رجلا: يخرج اليوم زيد، فإنك في النسب لا تحذف العجز فقد بل تحذف ما زاد على الجزء الأول، فلو قال: ينسب إلى الجزء الأول من المركب غير المضاف

إلى آخره؛ لاندرجت هذه المسألة فيه، فإنك إذا نسب إلى المثال المذكور، قلت: خرجىّ، قال: وقد عبّر في الكافية بأحسن من عبارته في التسهيل، فقال:

وصدر جملة له - أيضا - نسب

وشذّ (كنتي) فمثله اجتنب (2)

انتهى.

ولا نقد على المصنف؛ لأن المراد بعجز المسألة أحد جزئي الإسناد، وكذا المراد بصدرها؛ فالجملة إذا أطلقت إنما يراد بها ما تضمن جزئي إسناد، ولا نظر إلى ما هو فضلة، فإذا قيل: يحذف في النسب عجز الجملة، استفيد منه أن صدرها هو الذي ينسب إليه، فإذا سمي أحد، بنحو: خرج اليوم زيد، لا يقال فيه: سمّي بجملة ويقتصر، بل يقال: سمّي بجملة ومعمول لأحد جزئيها. وأما المركب تركيب إضافة ففيه تفصيل (3) وذلك أنه إن تعرف الأول بالثاني تحقيقا أو تقديرا، أو خفيف لبس، حذف المصدر ونسب إلى العجز، وإن لم يتعرف الأول بالثاني، أو لم يخف لبس حذف العجز ونسب إلى الصدر، كما يفعل في ما هو مركب تركيب مزج أو إسناد، فمثال ما تعرف فيه الأول بالثاني تحقيقا: ابن الزبير، وابن عمر، وما شاكل هذين المثالين، ومثال ما تعرف فيه الأول بالثاني، تقديرا: أبو بكر مثلا، والمراد بذلك كل كنية، وبيان كونه يعرّف تقديرا أن:(أبو بكر) علم فلم يتعرف الأول بالثاني تحقيقا؛ لأن الاسم لا يكون معرفا من جهتين، وجزء العلم المضاف، لا يكون معرفا بالإضافة؛ لكن الجزء الأول يعرف بالثاني تقديرا لأنه حال الإضافة -

(1) التذييل (5/ 249)(ب)، والأشموني (4/ 190).

(2)

شرح الكافية (4/ 1934)، وانظر التذييل (5/ 249).

(3)

ينظر الكتاب (3/ 374 - 380)، والكامل للمبرد (2/ 220 - 221)، والمقتضب (3/ 141)، والتكملة (63)، والرضي (2/ 75)، وشرح (4/ 1953).

ص: 4681

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قيل العلمية كان الأول وهو أبو معرفا بالثاني وهو بكر تحقيقا، فيقال في النسب إلى ابن الزبير، وابن عمر: زبيري وعمري، وفي النسب إلى أبو بكر: بكرى، ومثال خوف اللبس أن يقال في عبد مناف وعبد الأشهل: منافي وأشهليّ؛ لأنهم لو قالوا:

عبدي لالتبس بالنسب إلى عبد القيس، قيل: لأنهم قالوا في النسب إليه: عبدي، فرّقوا بين ما يكون الأول مضافا إلى اسم يقصد قصده ويتعرّف المضاف الأول به، وهو مع ذلك اسم غالب أو طرأت عليه العلمية، نحو: ابن عمر، وأبو بكر، وعبد مناف وعبد الأشهل وعبد المطلب، ومن ما ليس كذلك، نحو: امرؤ القيس وعبد القيس؛ لأن القيس بشيء معروف معين يضاف امرؤ إليه، أو عبد.

هذا ما ذكر الشيخ (1) في شرحه وفهم منه أنه: يقال في النسب إلى عبد القيس:

عبدي، كما يقال في امرئ القيس: امرئي، ومن ثم جعل امتناع أن يقال في عبد مناف: عبدي إنما هو خوف أن يلتبس بالنسبة إلى عبد القيس؛ لأنه يقال فيه عبدى ولا يقال: قيسي، والذي كنت أفهمه من قولهم: خوف اللبس أنه إذا قيل:

عبدي لا يعرف هل النسبة إلى عبد مناف أو عبد الأشهل أو عبد القيس أو عبد آخر غيرها، ولم يتجه لي دفع ما قاله الشيخ من أجل أنهم يقولون في امرئ القيس: امرئي ولم يقولوا: قيسي مع أن امرئي يحتمل أن يكون قبل النسب مضافا إلى غير القيسي، ومثال ما لم يتعرف فيه الأول بالثاني لا تحقيقا ولا تقديرا، ولم يخف فيه لبس قولهم في امرئ القيس: امرئي [6/ 58] ومرئي. قال الشيخ: فامرؤ القيس لم يتعرف فيه الأول بالثاني تحقيقا ولا تقديرا، لأنه لم يسبق له إضافة قبل استعماله (2) علما كما سبقت لأبي بكر. هكذا ذكر، وكذا اثنا عشر إذا سميت به، فالنسب فيه يكون إلى الأول بعد حذف الثاني، فيقال: اثني وثنويّ، وإنما قبل: اثنىّ بحذف الألف وعشر؛ لأن تنزل منزلة النون فحذفهما معه، نحو حذفهما من: زيدين إذا سميت به وأعربته إعراب المثنى. نص على ذلك سيبويه في كتابه (3) وأشار المصنف، بقوله: وقد يفعل ذلك (ببعلبكّ) ونحوه، إلى أنه قد يحذف صدره وينسب إلى عجزه، فيقال: بكي. قال الشيخ: كان الجرمي يجيز النسب إلى أيّهما شئت، فيقول: بعلي وبكّي انتهى. -

(1) التذييل (5/ 250)(أ) و (ب).

(2)

التذييل (5/ 250)(ب).

(3)

الكتاب (3/ 374).

ص: 4682

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويعطي كلام المصنف أن ذلك وارد عن العرب، ولهذا قال بعده: ولا يقاس عليه الجملة، وقال في شرح الكافية: وقد يبنون اسما رباعيّا من بعض صدر المركب وبعض عجزه وينسبون إليه، كقولهم في (حضرموت): حضرمي، وفي عبد شمس وعبد القيس وتيم اللات: عبشمي، وعبقسي وتيملي، وهذا النوع مقصور على السماع. (1) انتهى.

وأجاز الجرمي قياسا أن يحذف صدر الجملة وينسب إلى عجزها (2) ولم يأت السماع عن العرب إلا بما قاله غير الجرمي، وقال أبو الحسن: لم يسمع في الجملة النسبة إلى ثان جزئيها وقياسها على المركب تركيب مزج قياسي فاسد (3)، ثم إن المصنف لما أنهى الكلام على حذف ما هو كلمة شرع في ذكر حذف الحرف الذي هو آخر مشيرا إلى ذلك بقوله: ويحذف الآخر إن كان تاء تأنيث

إلى آخره.

وحاصل الأمر أن الآخر الذي يحذف من أجل النسب على ما ذكره المصنف هنا تسعة أشياء؛ وهي: تاء التأنيث، وعلامة التثنية، وعلامة جمع التصحيح لمذكر أو مؤنث، وعلامة شبهه بأحدهما، وياء المنقوص، والياء المشددة وألف التأنيث رابعة فما فوقها، وألف غير التأنيث خامسة فصاعدا وواو تلي مضموما ثالثا فصاعدا (4).

أما تاء التأنيث، فنحو أن يقال في النسب إلى مكة: مكّي وإلى فاطمة: فاطمي وإلى طلحة: طلحي، وإلى ثمرة: ثمري. وعلل وجوب حذف تاء التأنيث بأمرين:

أحدهما: أنه لو لم تحذف للزم في بعض الصور اجتماع تائي تأنيث، كما لو نسبت مؤنثة إلى فاطمة، فإنك تقول: فاطمتيّة.

ثانيهما: أن الياء تجيء للفرق بين الواحد والجنس كزنج وزنجي، وروم ورومي، وترك وتركي، كما أن تاء التأنيث تكون للفرق بينهما، نحو: تمر وتمرة فلم يجز الجمع بين حرفي معنى في كلمة واحدة، وأما زيادتا التصحيح فتخذفان أيضا، كقولك في النسب إلى مسلمين وإلى مسلمات مسمى بهما: مسلمي، هذا إذا أعرب جمع المذكر بعد التسمية بالحروف أما إذا أعرب بالحركات فإنه ينسب إليه -

(1) شرح الكافية (4/ 1953).

(2)

انظر المساعد (3/ 355)، والأشموني (4/ 190)، والهمع (2/ 193).

(3)

انظر التذييل (5/ 250)(ب)، والمساعد (3/ 355).

(4)

ينظر: الرضي (2/ 4)، والجاربردي (1/ 101)، وابن يعيش (5/ 143)، والمقرب (2/ 56).

ص: 4683

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على لفظه دون حذف، والعلة في وجوب حذف علامة التذكير إذا كان الإعراب بالحروف أنه لو لم يكن حذف لزم اجتماع إعرابين في اسم واحد أحدهما بالحروف والآخر بالحركات، والعلة في وجوب حذف زيادة ما جمع بالألف والتاء أنها لو لم تحذف لزم اجتماع حرفين ببدلان على التأنيث في بعض الصور، ومن فروع المنسوب إلى ما جمع بالألف والتاء أنك إذا نسبت إليه، وكان قد تغير لأجل الجمع لحركة لازمة، نحو: جفنات، أو جائزة، نحو: سدرات وغرفات، فإن لم يكن علما رددته إلى مفرده، فتقول: جفني وسدري وغرفي بسكون عين الكلمة، وإن كان علما أبقيت الحركة فتقول: جفني وسدري وغرفي، إلا إذا كان التغيير كسرة، نحو: سدرات فإنك تردها فتحة وتنسب، فتقول: سدري كما تقول في النسبة إلى إبل: إبلي (1)، وأما العلامة الشبيهة بأحدهما فأراد به، نحو: عشرين فإنه ليس يجمع ولكن الزيادة اللاحقة لعشر شبيهة بالزيادة التي في مسلمين الذي هو جمع، فحكم زيادة عشرين في الحذف؛ لأجل النسب حكم زيادة مسلمين في ذلك، قال الشيخ: ويدخل في قوله: أو شبيهتيهما، المثنى فيحذف الألف والنون إلا إن جعلت الإعراب في النون (2) انتهى. ولم يظهر لي دخول المثنى؛ لأن المصنف، قال: أو زيادتي تصحيح، ثم قال: أو شبيهتيهما، ولا شك أن زيادتي التصحيح إما ألف وتاء أو واو ونون، أو ياء ونون، والمثنى زيادته إما ألف ونون، أو ياء ونون، والألف هي الأصل، فلا شبه بين زيادة المثنى زيادته إما ألف ونون، أو ياء ونون، والألف هي الأصل، فلا شبه بين زيادة المثنى وزيادة التصحيح، ولا يكفي أن يقال: أن المثنى حال نصبه وجرّه، زيادته كزيادة التصحيح حال نصبه وجرّه، فإن المثنى حال رفعه يكون على هذا مسكوتا عنه، ثم إن المثنى يمتنع أن يكون مرادا لأمرين أحدهما: أن المصنف قد قال آخر الفصل عطفا على ما يحذف من أجل النسب: أو حرف لين مع نون تسقط للإضافة، ومثّل له الشيخ بنحو:

عبدان وزيدان واثنان، حتى قال: وجميع المثنى (3)، وهذا يدل على أن المصنف لم يقصد دخول المثنى في قوله: أو شبيهتيهما، ثانيهما: قول المصنف شبيهتيهما، فإن ذلك يعطي أن المراد به أن يكون ثمّ شبيهان لزيادتي التصحيح، أي زيادة تشبه زيادة -

(1) انظر: الهمع (2/ 192).

(2)

التذييل (5/ 251)(أ).

(3)

المرجع السابق (5/ 251)(ب).

ص: 4684

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مسلمين وزيادة تشبه زيادة مسلمات، لا زيادة واحدة تشبه زيادة تصحيح واحد؛ لأن عبارة المصنف فيها تثنية شبيهه وإضافتها إلى ضمير اثنين، والذي يظهر أن المراد بشبيهتي الزيادتين، الزيادة التي في نحو: عشرين الشبيهة بزيادة مسلمين، والزيادة التي في ألات الشبيهة بزيادة مسلمات، لكن قد يقال: أن الألف في ألات ليست زائدة إنما المزيد التاء خاصة، وحينئذ يتعذر الحمل على ما قلته وتشكل عبارة المصنف.

وأما ياء المنقوص (1) فثلاثة أقسام؛ قسم يجب فيه الحذف، وقسم يجب فيه الإثبات، وقسم يجوز فيه الأمران. فمتى كانت خاصة كان الحذف واجبا، نحو:

معتلّ، فيقال في النسب إليه: معتليّ، ولا يخفى أن حكم السادسة كذلك، نحو: مستدع، ومتى كانت ثالثة وجب الإثبات، كقولك: شجويّ وعمويّ في شج (2) وعم (3) كما سيأتي، ومتى كانت رابعة، نحو: قاض جاز الأمران، لكن الحذف هو المختار (4)، وسيذكر المصنف ذلك، وقد علم من قوله: أو ياء منقوص غير الثلاثي، أن المنقوص الثلاثي لا يجوز فيه الحذف؛ بل يبقى على أصله ويفعل فيه ما سيبين، ودخل تحت قوله: غير الثلاثي [6/ 59] القسمان الباقيان، لكن سيذكر أن الرباعي قد يعامل معاملة الثلاثي في عدم الحذف. (فعلم من ذلك أن الذي) يجب فيه الحذف إنما هو ما زاد على الأربعة، وإنما كان الحذف واجبا في مثل ذلك فرارا من التقاء الساكنين لو بقيت الياء، ومن الثقل وطول الكلمة لو قلبت واوا وحركت قبل ياء النسب.

أما الياء المشددة (5) فأربعة أقسام واجب الحذف، وجائز الحذف والإثبات لإحدى الياءين مع حذف الأخرى، وواجب الحذف لإحدى الياءين مع وجوب إثبات الأخرى، وممتنع الحذف. أما وجوب الحذف، ففي مكانين: أن تكون الياء خامسة فصاعدا أو رابعة، وكلا الياءين زائد، فالخامسة، كياء: مخاتيّ إذا سميّت به ثم نسبت إليه (6)، فإن ياءه تحذف حتما وتخلفها ياء للنسب، ومن ثم كان -

(1) ينظر الكتاب (3/ 326 - 335)، والهمع (2/ 193)، والأشموني (4/ 180).

(2)

أي حزين. ينظر: المصباح (306).

(3)

من عمي عليه الأمر إذا التبس. ينظر: الصحاح (6/ 2439)، ومختار الصحاح (580).

(4)

ينظر: الكتاب (3/ 326 - 330)، والتكملة (58)، والهمع (282)، وابن يعيش (5/ 151).

(5)

ينظر: الرضي (2/ 45)، والجاربردي (1/ 111)، والهمع (2/ 193 - 194)، والأشموني (4/ 182).

(6)

أما إذا كان جمعا فإنه يجب ردّه إلى واحده، وهو: بختي - لنوع من الإبل، قيل: أعجمي معرب، وقيل: عربي. ينظر: الصحاح (1/ 243)، والمصباح (ص 37)، وشفاء الغليل (ص 64).

ص: 4685

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ممنوع الصرف قبل النسبة إليه (1)، ومصروفا بعد أن صار منسوبا، لما علم من أن ياء النسب غير معتد بها في صيغة مفاعل، والرابعة جعفي (2) وشافعي (3) فإن كلا الياءين في هاتين الكلمتين زائد فإذا نسبت إليهما وجب الحذف - أيضا - كما وجب في الخامس، وأما جواز الحذف والإثبات لإحدى الياءين مع حذف الأخرى، ففي مكان واحد، وهو أن تكون الياء المشددة رابعة، ولكن إحدى الياءين أصلي لا زائد كما، لو سميت، بنحو: مرميّ، فإنهم أجازوا أن يقال في النسبة إليه: مرمي بالحذف، وهو المختار، ومرمويّ بحذف الياء الزائدة، وقلب الأصلية واوا. (4) وأما وجوب الحذف لإحدى الياءين مع وجوب إثبات الأخرى، ففي مكان واحد أيضا وهو أن تكون الياء ثالثة، نحو: قصي وأميّة فإنه يقال في النسب إليهما: قصويّ وأمويّ بحذف الياء الأولى وقلب الثانية واوا.

وأما امتناع الحذف ففي مكان واحد أيضا وهو أن تكون الياء ثانية، نحو: حيّ وطيّ؛ إذ يقال في النسب إليهما: حيويّ وطوويّ، كما سيذكر ذلك كله إن شاء الله تعالى.

وإذ قد عرف هذا فاعلم أن كلام المصنف واف بالمقصود حيث قال مشيرا إلى الياء: أو مشددة بعد أكثر من حرفين. فإنه يفهم منه أن التي بعد حرفين وهي الثالثة لا تحذف أعني بجملتها، وإن كان إحدى الياءين يحذف، كذا التي بعد حرف بطريق الأولى، وأن التي بعد ثلاثة أحرف وهي الرابعة فما فوقها تحذف، فأما كون الرابعة إذا كان أحد الياءين منها أصليّا لها حالة أخرى، وهي أن الزائد يحذف ويبقى الأصلي فسيشير إليه بعد، فيكون ذلك تقييدا لما أطلقه هاهنا، وأما ألف التأنيث رابعة فمثاله: جمزى وحبلى، فيقال في النسب إليهما: جمزيّ وحبليّ بحذف الألف لكن الحذف في نحو: جمزى وهو ما تحرك ثانيه واجب، وأما الحذف في نحو:

حبلى وهو ما سكن ثانيه فإنه أرجح من الإثبات وسينبه على أن الإثبات جائز وعلى حكم الألف الرابعة كائنة لغير التأنيث بأن فيها الوجهين، أعني الإثبات والحذف، وإنما وجب الحذف في نحو: جمزى من أجل توالى أربعة متحركات في كلمة واحدة، وإنما حذف من نحو: حبلى، وإن كان ثاني الكلمة ساكنا إجراء لألف -

(1) أي: ليصغة منتهى الجموع.

(2)

جعفي بن سعد العشيرة أبو حي من اليمن.

(3)

أبو عبد الله محمد بن إدريس صاحب المذهب المعروف.

(4)

ينظر: الكتاب (3/ 328)، والمقتضب (3/ 138)، والتكملة (ص 58)، وابن يعيش (5/ 155).

ص: 4686

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التأنيث مجرى تاء التأنيث، وحكم ألف التأنيث خامسة حكم الرابعة التي يكون ثاني ما هو فيه متحركا، فيجب حذفها، كما إذا نسبت إلى، نحو: حباري (1) فتقول:

حباري، وأما الألف الخامسة فصاعدا كائنة لغير التأنيث فحكمها الحذف - أيضا -، وإلى ذلك الإشارة بعد قوله: أو ألفا للتأنيث رابعة، بقوله: أو فوقها مطلقا، يريد أو فوق الرابعة، وشمل قوله: مطلقا، ألف التأنيث والألف التي هي لام الكلمة والزائدة للتكثير، فالأولى نحو: فوضوضى، والثانية، نحو: مشترى ومستدعى، والثالثة، نحو: قبعثرى (2)، والموجب لحذف الحرف من نحو هذه الكلمات إنما هو التخفيف لطول الكلمة، وأما الواو التي تلي مضموما هو ثالث، فنحو: عرقوة (3) وترقوة (4)، والتي تلي مضموما زائدا على الثلاثة، نحو: قمحدوة (5)، فإذا نسب إلى هذه يقال: عرقي وترقي وقمحدي، وذكروا لذلك تعليلا وهو أنهم لما نسبوا حذفوا تاء التأنيث وسكنوا ما قبل ياء النسب فصار الاسم في آخر واو قبلها ضمة، ومتى ادعى الإعلال إلى شيء من ذلك وجب قلب الواو ياء والضمة كسرة، فيصير من باب قاض ومشتر، فتحذف الياء كما تحذف منهما (6). انتهى. وهو تعليل حسن، لكن لم يظهر لي قولهم: وسكنوا ما قبل ياء النسب؛ لأن ما قبل ياء النسب لا يكون ساكنا، ولأن قبل الواو المضموم ما قبلها - إذا وقعت آخر معرب اسم معرب - ياء واجب ولم كانت الواو متحركة بدليل قبلها في: أدل وأجر، جمعي: دلو وجرو، فقولهم: وسكّنوا ما قبل ياء النسب مستغنى عنه، ثم مقتضى ذلك أن الحذف يكون واجبا في مثل: قمحدوة؛ لأن التاء فيه خامسة، وأما في مثل: عرقوة وترقوة، فينبغي على ما قالوه أن يكون الإثبات فيه جائزا، وإن كان مرجوحا؛ لأنّا -

(1) من الجمز وهو السير السريع، يقال: حمار جمزي، أي سريع السير وألفه رابعة للتأنيث.

ينظر: فقه اللغة للثعالبي (ص 292)، واللسان «جمز» وو المصباح المنير (ص 108)، وانظر: الكتاب (3/ 335)، والمقتضب (3/ 148)، والخصائص (2/ 319)، وابن يعيش (5/ 150).

(2)

للعظيم الشديد وألفه ليست للتأنيث، لقولهم: قبعثراة. وينظر: القاموس (2/ 113)، والمحكم (2/ 329) واللسان (قبعثرة).

(3)

الخشبة المعروضة على الدلو. اللسان (عرق).

(4)

مقدم الحلق حيث يترقّى النفس. اللسان (ترق) والمصباح (ص 74).

(5)

ما خلف الرأي وهو مؤخر القذال المصباح (ص 515).

(6)

انظر التذييل (5/ 251)(ب)، والمساعد (3/ 357)، والرضي (2/ 46).

ص: 4687