الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[جواز المماثلة بين بعض الأوزان]
قال ابن مالك: (فصل: تجوز مماثلة ما ماثل مفاعيل لمفاعل وكذلك العكس في غير فواعل ما لم يشذّ كسوابيغ، وردّ غيره من مماثل مفاعل المعتلّ الآخر إلى مماثلة فعالى جائز، ولا يفتتح هو ولا مماثل مفاعيل بما لم يفتتح واحده ولا يختتم بحرف لين ليس في الواحد هو ولا ما أبدل منه، وما ورد بخلاف ذلك فهو في الأصل لواحد قياسيّ مهمل أو مستعمل قليلا، وقد يكون للمعنى اسمان فيجمع أحدهما على ما يستحقّه الآخر ولا يقتصر في ذلك على السّماع وفاقا للفرّاء، وربّما قدّر تجريد المزيد فيه فعومل معاملة المجرّد).
ــ
وعفارنة جمعي: حبنطى وعفرنى، وحاصل الأمر أن لك أن تقول في حبانط وعفارن: حبانيط، وعفارين؛ فتعوض الياء عن الألف المحذوفة منهما، كما تعوض في: مطاليق وسفاريج ولك أن تقول: حبانطة وعفارنة، فتعوّض هاء التأنيث فيها للتأنيث؛ إنما تعوض من ألفه الخامسة، ويعلم من هذا أن باب تعويض الياء واسع جدّا؛ لأنها يجوز دخولها في كل ما حذف منه شيء غير باب احرنجام، وأما تعويض الهاء فمقصور على ما ذكره المصنف، وأشار بقوله: وهي أحق بما حذف منه ياء النسب إلى أنه يقال: أشعثيّ وأشاعثة، وأزرقيّ وأزارقة، ومهلبيّ [6/ 102] ومهالبة، وأما الهاء المأتي بها لغير تعويض فقسمان: كثير في العجمي، وقليل في غيره مثال الأول: موزج وموازجة، والموزج: الخف، وكيلجة وكيالجة، والكيلجة: مقدار من الكيل معروف، ومثال الثاني: حجار وفحولة، وقد تقدم للمصنف الكلام على ذلك في باب التذكير والتأنيث.
قال ناظر الجيش: هذا الفصل يشتمل على مسائل:
الأولى:
أن مماثل مفاعيل (1) يجوز أن يرجع به إلى مماثلة مفاعل بحذف الياء التي قبل -
(1) المراد بمماثل: مفاعل، ومماثل مفاعيل، ما وافقهما في العدة والهيئة، وإن خالفهما في الوزن. وانظر الصبان:(4/ 151).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الآخر، وأن مماثل مفاعل يجوز أن يرجع به إلى مماثلة مفاعيل بإلحاق ياء قبل آخره (1)، فيقال في سرابيل، وقراطيس، وعصافير: سرابل، وقراطس، وعصافر، ويقال في دراهم، وصيارف: دراهيم، وصياريف، ويستثنى من القسم الثاني: فواعل؛ فلا يجوز فيه المماثلة المذكورة؛ فلا يقال في ضوارب: ضواريب، ولا في قوابل:
قوابيل؛ وإن ورد في مثله فواعيل عدّ شاذّا، كقوله:
4271 -
سوابيغ بيض لا يخرّقها النّبل (2)
وإلى هذا أشار المصنف بقوله: ما لم يشذ كسوابيغ، والمنقول عن البصريين؛ أنهم لا يجيزون المماثلة المذكورة في القسمين المذكورين إلا في الضرورة، ومن ثم قال الشيخ: وما اختاره المصنف هو مذهب الكوفيين، وعلى ذلك حملوا قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ (3) وقوله تعالى: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (4)، فقالوا: إن مفاتح جمع مفتاح، وإن معاذير جمع معذرة (والبصريون يقولون: إن مفاتح جمع مفتح، ومعاذير جمع معذار) (5). انتهى.
والظاهر أن مفاتح جمع مفتاح ومعاذير جمع معذرة، ثم إن الشيخ قال: ظاهر كلام المصنف أن فواعل لا يقال فيه: فواعيل إلا شاذّا؛ وذلك لإطلاقه في قوله:
في غير فواعل ما لم يشذ كسوابيغ قال: فإن كان عنى الوصف فهو كما قال؛ وإن كان عنى مطلقا في الوصف وفي غيره فقد نصّ سيبويه في كتابه أن من العرب من يقول: دوانيق، وخواتيم، وطوابيق، وهي فواعل جوّزوا فيها فواعيل بالياء. قال سيبويه: والذين قالوا: دوانيق، وخواتيم، وطوانيق؛ إنما جعلوه تكسير فاعال؛ وإن -
(1) ينظر: الهمع (2/ 182)، والأشموني (4/ 151)، وتوضيح المقاصد (5/ 82)، والمساعد (3/ 469، 470).
(2)
عجز بيت من الطويل، لزهير بن أبي سلمى، وصدره:
عليها أسود ضاريات لبوسهم
أي: على الخيل أسود، الضاريات: جمع ضارية من ضرى، إذا اجترأ. وسوابيغ: أي: كوامل. وهي موضع الاستشهاد حيث جمع سابغة - شذوذا - على سوابيغ، والقياس: سوابغ. انظره في: العيني (4/ 533). والهمع (2/ 182) والدرر (2/ 228)، والأشموني (4/ 152)، وديوانه (ص 103).
(3)
سورة الأنعام: 59.
(4)
سورة القيامة: 15.
(5)
التذييل (6/ 29)(ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يكن في كلامهم، كما قالوا: ملامح والمستعمل في كلامهم لمحة، ولا يقولون:
ملحمة، غير أنهم قد قالوا: خاتام، قال سيبويه: وزعم يونس أن العرب تقول أيضا: خواتم، ودوانق، وطوابق، في فاعل كما قالوا: نابل ونوابل. انتهى كلام سيبويه (1) رحمه الله. قال الشيخ: فأنت ترى سيبويه قد حكى أن من العرب من يقول في فواعل الاسم: فواعيل (2). انتهى. ولقائل أن يقول: إن فواعل لا يقال فيها:
فواعيل مطلقا كما يفهم من كلام المصنف، سواء كان فواعل صفة أم اسما، ويدل على ذلك قول سيبويه: والذين قالوا: دوانيق، وخواتيم، وطوانيق؛ إنما جعلوه تكسير فاعال؛ وإن لم يكن في كلامهم (3)، فأفهم كلامه أن فواعيل، إنما هو جمع فاعال، ويقوي ذلك أيضا قوله عن يونس: إن العرب تقول: خواتم، ودوانق، وطوابق، على فاعل.
المسألة الثانية:
أن ما كان على وزن فعالي بكسر رابعه إذا كان معتل الآخر، يجوز فيه قلب الكسرة فتحة، فيرجع إلى وزنة فعالى بفتح اللام، فكما يقال في صحرى، وذفرى، وعلقى، وخنثى: صحار، وذفار، وعلاق، وخناث، يقال في صحارى وذفارى وعلاقى، وخناثى، فهذا هو المقصود بقول المصنف: وردّ غير فواعل من مماثل مفاعل المعتل الآخر إلى مماثلة فعالى جائز؛ ثم إنه لما لم يعبر هنا بفعالى؛ بل عبر بمماثل مفاعل شملت هذه العبارة فواعل، وفواعل المعتلة لا يتأتى فيها هذا الحكم، أعني فتح الحرف الرابع؛ فلا يقال في جوار، ونواص، وغواش: جوارى، ولا نواصى ولا غواشى، أخرج ذلك بقوله: غير فواعل؛ ثم إن الشيخ قال: قد أطلق - يعني المصنف - هنا في مكان التقييد حيث ذكر أن مماثل مفاعل المعتل الآخر يجوز رده إلى مماثلة فعالى؛ وقد جوّز ذلك قبل في قوله: ومنها فعالي إلى آخره، ودل كلامه هناك على أن فعالى هو الأصل؛ إذ قال: ويغني الفعالي عن الفعالى، وذكر أن إغناء الفعالي عن الفعالى، جائز ولازم؛ فإذا كان شيء منه لازما فكيف يطلق هنا بجواز رده إلى فعالى ومنه ما لا يجوز رده؟ وتحريره أن يقول: -
(1) الكتاب (1/ 348)، (2/ 198، 318).
(2)
التذييل (6/ 29)(أ).
(3)
الكتاب (1/ 348)، (2/ 198، 318).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما لم يجب فيه الفعالي منه؛ أو يندر جمعه عليه، فلا يجوز فيه أن يرد إلى الفعالى؛ فمثال ما وجب: الحذاري، ومثال ما ندر نحو: اللّيالي، والأهالي؛ أن يقال: اللّيالى، والأهالى (1). انتهى. واعلم أني لم أر لإيراد هذه المسألة هنا مناسبة على أن الكلام قد تقدم فيها، والحكم الذي أشار إليه تقدم تقريره؛ ولكن على عكس ما ذكره هاهنا؛ لأنه قال: ثم إن الفعالي بكسر الرابع قد يغني عن الفعالى؛ إما جوازا. كحبالى وحبال، وإما لزوما: كحذار، وسعال، وعراق، جموع حذرية، وسعلاة، وعرقوة؛ وإذا كان الأمر كذلك ففعالى بفتح رابعه هو الذي يرد إلى فعال، وهاهنا قال: إن زنة فعال بكسر الرابع ترد إلى زنة فعالى.
المسألة الثالثة:
أن كلّا من مماثل مفاعل، ومماثل مفاعيل يجب افتتاحه بالحرف الذي افتتح به واحده؛ وإلى ذلك الإشارة بقوله:(ولا يفتتح هو ولا مماثل مفاعيل بما لم يفتتح به واحده) وذلك نحو: درهم ودراهم، وعصفور وعصافير، قال الشيخ: وهذا الذي ذكره أمر مشترك بين هذين المثالين وبين كثير من أمثلة (الجموع)(2)؛ فلا خصوصية لهذا الحكم بهذين المثالين، وإنما يخرج من هذا الحكم مما ينقاس:
ما جمع على أفعل وأفعال وأفعلة وأفعلاء وفعل في جمع أفعل نحو: كلب وأكلب، وحوض (وأحواض)(3)، ورغيف وأرغفة، وصديق وأصدقاء، وأحمر وحمر (4)، انتهى. والذي قاله الشيخ حق. انتهى.
المسألة الرابعة:
أن مثال مفاعل لا يختم بحرف لين، ليس في الواحد هو ولا ما أبدل منه، فمثال ما هو في الواحد: الحذارى في جمع حذرية، ومثال ما أبدل مما في الواحد السّعالي والعراقي لجمع: سعلاة وعرقوة؛ فالياء بدل من الألف في الأول، ومن -
(1) التذييل (6/ 29)(ب).
(2)
كذا في التذييل والتكميل في النسختين «الجمع» .
(3)
كذا في التذييل والتكميل في النسختين «أحوض» .
(4)
انظر التذييل والتكميل (6/ 29)(ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الواو في الثاني، وقوله: وما ورد بخلاف ذلك يشير به إلى الأمرين المتقدمين، وهما افتتاح أحد هاتين الصيغتين
بما لم يفتتح به الواحد، واختتام الآخر بحرف لين ليس هو، ولا ما أبدل منه في واحده؛ فإذا ورد شيء من ذلك جعل في الأصل جمعا لواحد قياسي مهمل، أو الواحد مستعمل استعمالا قليلا. فمثال الأول:
ملامح، ومذاكير، ومحاسن، فيقدّر آحاد هذه الكلمات: ملمحة، ومذكار، ومحسنة، بمعنى لمحة، وذكر، وحسنة، وهذه الآحاد المذكورة مهملة الوضع فجاء جمعها على واحدها القياسي المهمل، ومثال الثاني [6/ 103] (1) وهو المفرد المستعمل قليلا: قولهم: أظافير؛ فإن المشهور في الواحد: ظفر، وقالوا أيضا:
أظفور في معنى ظفر؛ إلا أن ظفرا أشهر فجاؤوا بأظافير على مراعاة أظفور؛ وأما المختتم بحرف لين ليس في المفرد قولهم: الليالي؛ فإن مفرده ليلة، وقالوا: ليلات؛ فجاء بالليالي على مراعاة القليل.
وأما قوله: وقد يكون للمعنى اسمان فيجمع أحدهما على ما يستحقه الآخر فمثاله:
سوار بكسر السين ضموا أوله وكسروه؛ واتفقوا على جمعه في الكثرة على سور، وهو قياس المكسور، كخوان وخون، وليس قياس المضموم (2) ولا يقتصر في ذلك على السماع بل هو قياس قاله الفراء، وقد فعلوا ذلك في الجمع، بالألف والتاء فقالوا: شاة لجبة (3) بسكون الجيم، وفتحوها أيضا، ولم يقولوا في الجمع إلا:
لجبات بفتح الجيم.
وأما قوله: وربما قدر تجريد المزيد فيه فعومل معاملة المجرد فمثاله: رعبوب، وهو الضعيف الجبان؛ فإنه ملحق بعصفور، وقالوا في جمعه: رعب؛ كأنهم جمعوا فعلا مثلا كأسد وأسد؛ وكذا أشهاد في شهيد؛ كأنهم جعلوه كنمر وأنمار.
(1) من هنا إلى نهاية الباب الخامس والسبعين، شرح أكملنا به شرح ناظر الجيش على متن ابن مالك.
(2)
في القاموس (خون): الخوان كغراب، وكتاب ما يؤكل عليه الطعام، وجمعه أخونة، وخون، وخوان كشداد.
(3)
في القاموس (لجبه): اللجبة بكسر الجيم وفتحها: الشاة قل لبنها، والغزيرة (ضد)، وجمعها لجاب ولجبات.