الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا: الخوف
مدخل
…
خامسا: الخوف
معظم الأطفال لهم مخاوف كثيرة، وحوالي 43% من الآباء يهتمون بهذه المشكلة لأن أولادهم يعانون منها. ولكن نجد أن معظم هذه المخاوف تختفي وتحل محلها مخاوف أخرى، وكلما كبر الطفل فإن خياله وتفكيره ينموان فتتولد مخاوف أخرى جديدة، وتختفي غيرها، ويبقى البعض منها.
فكلما نما الطفل يكتشف أن الكلب يمكن أن يعض ويؤذي، أو يمكن أن يتعثر في الظلام ويقع، أو أنه لا يمكن أن يتنفس تحت الماء، أو أنه يوجد مخلوق غريب بثلاثة عيون أو مصاص يأتي له في حلمه.
ويبدو هذا قريبا جدا من الحقيقة عند الأطفال الصغار، وعندما يزداد نموهم أكثر يكتشفون مع ذلك أن الظلام لا يحضر الوحوش ويزداد قربهم من الماء والحيوانات. ويبدأ الطفل في تحديد ما يجب أن يخاف منه. وبما أن الخوف مشترك عند الأطفال نجد أن "الفوبيا" PHOBIA" ليست كذلك وهي أكثر بكثير من الخوف، والطفولة الطبيعية تتغلب على الخوف بمرور الوقت، أما إذا استمر الخوف أو ازداد في القوة والرعب والهلع من ريشة تطير مثلا فهذه هي الفوبيا، ومع أن الفوبيا تكون نادرة في الأطفال لكن متى تحدث لهم فهي تترك آثارا جانبية. ومثال ذلك الطفل الذي يخاف من الماء ويرفض أن يشارك الأطفال ألعاب الماء بل ويرفض الاقتراب من حمام السباحة مما يجعله أضحوكة.
ومع ذلك "فالفوبيا" يسهل علاجها وخاصة في الأطفال الصغار ومثال ذلك الطفل الذي زادت عنده تلك المشكلة بسبب المستشفيات والأطباء، فعندما وصل الطفل عمر ثلاث سنوات كسرت قدمه. وفي المستشفى كان يجب أن يمدوا قدمه
باستقامة ليتأكدوا من سلامة العظام ثم تجبيسها وهكذا. كل هذا كان مفيدا في الأسابيع الأولى. وتقول الأم: ولا يمكن أن أنسى أول ما بدءوا في مد قدمه باستقامة بعد أن رأته الممرضة في غرفة الطوارئ، أخذته وتقدمت به قبل جميع المرضى المنتظرين منذ ساعات "وعلمت حينئذ أننا في مأزق"، وسألنا الطبيب أن نمسك بذراعيه لأسفل جيدا، وبدأ الطبيب يشد هنا ويضغط هناك بينما طفلي يتمزق من الصراخ والألم. وكنت أعلم أنه لا يوجد أي فائدة من أن يرى الدموع والعذاب على وجه أبيه. وتستكمل الأم حديثها. ومنذ ذلك الوقت وهذا الطفل أصبح مريضا بالفوبيا من الممرضات والأطباء والمستشفيات وغرف الطوارئ، وحتى هذه الملابس البيضاء ولقد اعتقدنا أننا لن نستطيع أبدا التغلب على هذا وكنا متأكدين أن مثل هذه العملية سوف تترك آثارا من الخوف والرعب في نفسه. ولكن هذا لم يحدث. وتلا ذلك كثير من العمليات والعلاقات مع الأطباء خارج المستشفى مع اختفاء الخوف.
وبعد أربعة أشهر من خروجنا كان لا بد من دخوله المستشفى مرة أخرى كرها. وذلك ليرى أمه وأخته المولودة الجديدة. ولكن عندما حان موعد عودتنا إلى المنزل كان في أشد الحزن لتركه أمه في هذه "المستشفى".
ولكننا وجدنا أن هذه الحالة أصبحت أزمة مع ضيق في النفس عند ذهابنا مرة أخرى لتلك المستشفى لدرجة أن أضطر الأطباء إلى إعطائه دواء ليساعده على التنفس.