الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا: جماعة الرفاق
مدخل
…
خامسا: جماعة الرفاق "الأقران - الأنداد" Peer - Group
يبدي الأطفال بعض مظاهر المشاركة الوجدانية مع بعضهم البعض من سن مبكرة ولا نغالي إذا قلنا أنها تبدأ من العام الأول للميلاد، فنجد أن الطفل يلاحظ غيره من الأطفال يبكون فغالبا يبكي مثلهم. ويزداد تأثير الأقران في سن المدرسة وقبلها بقليل حيث يطرأ على سلوك اللعب عند الطفل تغير ظاهر في نمط اللعب. فيتحول نمط لعب الأطفال من اللعب الانعزالي Isolate play إلى اللعب الاجتماعي Social Play ويلاحظ تفضيل الطفل اللعب في جماعة الأقران عن اللعب مع الكبار.
والجماعة جملة أفراد أو أشخاص، تربط بينهم علاقات متبادلة ومتداخلة، ويضمهم وعي، ولا يمثل دخول فرد فيها زيادة عددية فحسب، بل تغييرا كيفيا فيما يخص تأثيراتها الوظيفية السلوكية فيه.
والجماعة تبدو كلا مخالفا لمجموع عدد أفراده، ليست منعزلة بذاتها، بل توجد داخل تنظيم اجتماعي تظل تتأثر به مستمدة منه نماذجها، ومتفاعلة على نحو ما مع بقية ما فيه من مجموعات أخرى، هذه المجموعات التي تتفاوت في مقدار اتساعها، ومدى توافر أعضائها، بحيث يمكن التمييز بين جماعات كبرى وجماعات صغرى. كما أن الجماعة كيفما كانت حدودها ومداها، تحتوي داخلها على ترتيب وتنظيم للأعضاء حسب أدوارهم ومستوياتهم.
فهناك منصب الرئيس أو القائد أو الزعيم Leader ومن ينوب عنه أو يساعده، أما الطابع العام لسلوك جميع الأفراد فهو التعاضد والتعاون.
والتلاميذ في الفصل، من حيث إنهم مرتبطون بعلاقات متبادلة فيما بينهم، وبوعي وبأنماط ثقافية مشتركة، يكونون بالفعل جماعة، وهو قابل كمجموعة كبرى نسبيا إلى أن يضم مجموعات صغرى.
إن وجود الطفل في المدرسة بين مجموعة من الرفاق يجعلنا نرى في هذه العلاقة صورة جديدة لعلاقة سبق أن عرفها في الأسرة، وهل علاقته بإخوته، فلكل من مجموعة الإخوة في الأسرة ومجموعة رفاق الفصل الدراسي توجد مرحلة تكوين يشرف عليه ويوجهه كبار. مما يجعل الاهتمامات والمطامح والمشاكل مشتركة بين رفاق المدرسة، كما كانت هناك اهتمامات ومشاكل مشتركة بين كل طفل في الأسرة وسائر إخوته. وهذا بالطبع لا يعني أن هذه العلاقة نسخة طبق الأصل من علاقة الطفل بإخوته، وبالتالي فليس من الضروري أن يترتب عليها نفس التأثير العاطفي الذي يترتب على علاقته بإخوته. غير أن ما نعنيه بتشابه العلاقتين هو أن الطفل مستعد للدخول في علاقة مع آخرين، بناء على خبرة تكونت لديه في ضوء علاقته بإخوته، بجوانبها السلبية والإيجابية.
ولا شك أن العلاقة بالإخوة إذا كانت قد سارت في طريقها الإيجابي السليم من ناحية تأثيرها العاطفي، أصبح سهلا على الطفل الاندماج والتفاعل مع جماعة الرفاق بالفصل المدرسي، إلا أن كل علاقة مع ذلك تبقى لها تأثيراتها العاطفية الخاصة. وعلى الأقل فإن عمق العلاقة بين الإخوة، رغم ما فيها من صراعات أحيانا، تساعد الطفل على تحمل الصدمات المنتظرة في علاقاته الجديدة مع جماعة أو جماعات الرفاق. وتبقى له الجماعة الثابتة المستقرة التي يلجأ إليها كلما احتاج إلى ذلك.
وتقوم جماعة الرفاق أو الصحبة أو الأقران أو الشلة بدور هام في عملية التنشئة الاجتماعية، فهي تؤثر في قيم وعادات واتجاهات الأطفال، وحتى الكبار. وفي الصحبة يجد الطفل مجموعة من الأطفال يتصل معهم ويقاربونه في العمر والميول.
ويحرص الفرد في أي مرحلة عمرية يصل إليها على الانتماء إلى جماعة من الأصدقاء يتقاربون معه في العمر من أجل تحقيق قدر من التفاهم المتبادل، وقدر من الإحساس المشترك. كما أن مدى تأثر الفرد بالجماعة أو الصحبة ومدى ما يتقبله من قيمها واتجاهاتها ومعاييرها يتوقف على درجة علاقة الفرد بشلته، فكلما ازداد مدى تمثل الفرد لما اصطلحت عليه الجماعة من أنماط سلوكية دل ذلك على قوة ارتباطه وتأثره بها.
ويبقى باستمرار المبدأ الذي تقام عليه جماعة الرفاق أو الأقران، هو تكونها من أعضاء يتعامل كل منهم مع الآخر على أساس من المساواة سواء كانت تتكون من أفراد أو راشدين.
وأساس المساواة هنا في التعامل والتفاعل بين الأطفال، له وجهان: أحدهما إيجابي ويتمثل في ضم أطفال آخرين من نفس العمر تقريبا وغالبا من نفس الجنس ويستطيع أن يتعامل كل منهم مع الآخر على أساس المكانة المتساوية. والجانب السلبي هو استبعاد الراشدين منها أي من هم ليسوا آباء أو أمهات أو مدرسين، ويعتبر هذا الراشد حتى وإن وصلت الجماعة في عمرها إلى مرحلة المراهقة بمثابة مكانة لمغترب Status of Alien.