الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ- مخاطبة العقل بأمثلة ونماذج: تقدم دور العبادة أمثالا حية ونماذج للسلوك من التراث أو من الواقع، وشعور الطفل أثناء وجوده بالخضوع لله سبحانه وأداء الصلوات من قبل الكبار شعور لا يمكن إحداثه عبر أساليب أخرى كالكتب أو النصائح بعيدا عن دور العبادة، فالخشية التي يشاهدها في عيون الكبار ومنهم أبواه مثلا، والتضرع إلى الله سبحانه كما يتابعها في رفع أيدي الناس شكرا وطلبا للرحمة المغفرة والصحة والعافية وسعة الرزق، وسماعه للأدعية المختلفة. كلها أمثال حية على طريق التطبيع الاجتماعي للأطفال فينشأ الطفل على التقوى والبر "حسن الخلق"، وقول الصدق والشفقة واحترام الكبير نتيجة غرس القيم الذي تم بأسلوب مزجت فيه بفكرة التدريس حدود الدين وطريق الحياة.
ثامنا: وسائل الإعلام
مدخل
…
ثامنا: وسائل الإعلام
تعددت وسائل الإعلام التي أصبحت تشد الطفل من مجلات وكتب هزلية COMICS وتلفزيون وسينما ومسرح وسائل الإعلام
…
تحدث تأثيرها بما تنطوي عليه من إحاطة الأطفال بموضوعات. وإغراء الأطفال واستمالتهم ليسلكوا بما يتفق مع رغبة موجه الرسالة بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للترفيه والترويح وهو هدف يأتي في المقدمة.
والاستفادة من وسائل الإعلام في التنشئة الاجتماعية للطفل ليست حديثة، فالحواديت والقصص والملاحم الشعبية، كانت تستعمل قصدا وبغير قصد في إكساب الطفل كثيرا من عادات المجتمع وتقاليده إلى أن أصبح الآن للطفل مساحة من صفحة أو أكثر من جريدة يومية أو مجلة خاصة به أو برنامج إذاعي موجه يقصد له، ووسائل الإعلام عمومها لها خصائص تنسحب على مجال الأطفال، فغيرها لا يحدث تلاقٍ بين القائم على الوسيلة والطفل مثلما نرى في الأسرة والمدرسة والنادي، كما أنها تعكس جوانب من الثقافة العامة للمجتمعات الأخرى التي لا يعيش فيه الطفل مثل مجتمع البادية ومجتمع الريف والمجتمعات الأخرى الأوروبية والأمريكية. وتزداد أهمية وسائل الإعلام بالنسبة للأطفال والكبار في مجتمعاتنا الحديثة، كما تزداد جاذبيتها، بحيث أصبحت تحتل من الوقت اليومي لهؤلاء الكثير.
ورغم أن وسائل الإعلام لها أسلوب وطريقة في العرض، إلا أنه لا يجب أن ننظر إليها في معزل عن بقية وكالات التطبيع الاجتماعي مثل الأسرة والمدرسة و
…
كما لا يجب أن ننظر إليها في معزل عن العوامل الشخصية لمتلقي الرسالة الإعلامية.
وإن كان تأثير وسائل الإعلام عموما على تنشئة الأطفال يتأثر بعدد من العوامل منها أيضا المرحلة العمرية لمتلقى الرسالة الإعلامية، وحاجات الأطفال، والمستوى الاجتماعي والثقافي الذي ينتمي إليه الطفل، وردود فعل الآخرين عند ممارسة الطفل لما تعرض وسائل الإعلام "من أسرة وأقران وجيران
…
" ومدى توفير البيئة الاجتماعية التي يجرب فيها الطفل ما عرض من شخصيات ونماذج عبر وسائل الإعلام.
وإذا كانت الغالبية ترى أن وسائل الإعلام تقدم للأطفال تثقيفا، على اعتبار أن الثقافة طريقة حياة فإن تثقيف الطفل من شأنه أن يجعله يعيش حياته بطريقة أكثر فعالية، ولن يقبل المفهوم الذي يتندر به القلة قائلين إن الثقافة إحدى الكماليات التي لا تتوافر إلا لذوي القدرة على الحصول عليها والاستمتاع بها من أبناء طبقة الصفوة في المجتمع. إن تثقيف الطفل ضرورة حيوية من ضروريات الحياة التي يتحتم تزويد جميع الأطفال بها، بغض النظر عما بينهم من فوارق طبقية. ويبقى السؤال: كيف يتم ذلك وبأي طريقة يمكن التقديم، وما شروط المقدم للرسائل اللازمة لهذا التثقيف؟.
ويميل الكثيرون إلى إرجاع ما يلاحظونه من تباينات وانحرافات في سلوك الطفل إلى واحدة أو أكثر من وسائل الإعلام. والواقع أنه لا يجب النظر إلى الأمر بهذه البساطة فإنه إذا كان تقليد الأطفال للرسائل المقدمة واردا فإن تغيير أنماط السلوك السوية والقيم الأخلاقية الموجودة من السواء إلى الانحراف ليس بالأمر السهل. ويجب الحذر عند تحدثنا عن علاقة سببية بين التعرض لرسائل إعلامية معينة وانحراف سلوك الأطفال. إن الجريمة والعنف في وسائل الإعلام لا يحتمل أن تكون هي المحرك الأول والوحيد للنجاح، بل إنه يجب أن تتوافق هذه الرسائل الإعلامية مع ميول واستعدادات وظروف الطفل الاجتماعية والثقافية.
إن الوسط الاجتماعي الثقافي الذي يعيش فيه الطفل وردود فعل المحيطين به من أفراد الأسرة، وجماعة الأنداد أو
…
ليست بمعزل عن اقتراف الأطفال لانحرافات متفاعلة مع ما يقدم بالرسالة الإعلامية ومستوى توافق هؤلاء الأطفال.
ولكن المشكلة الأكثر جوهرية هي نوع ما يقدم ومصدره، ومدى اتفاقه مع قيم وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه هؤلاء الأطفال.
على اعتبار أن الثقافة هي الإمتاع العقلي والوجداني لابتكار الفن والمعرفة، ولما كانت الثقافة غذاء وجدانيا واجتماعيا فكريا محببا يسعى إليه الإنسان سعيا ولا يتلقاه فرضا أو عنفا أو تلقائيا، ولا يساق إليها طوعا أو كرها، وبما أن الثقافة بنت البيئة، ولها مذاقها الخاص في كل بيئة من البيئات، إذن هي إن تجردت من بيئتها فقدت طعمها ورائحتها.
إن ما يصلح لمجتمع معين من أهداف توجه عملية التثقيف، قد لا يناسب مجتمعا آخر، بل إن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها مجتمع في مرحلة معينة من مراحل حياته قد لا تصبح صالحة لنفس هذا المجتمع في مرحلة أخرى نتيجة لما ينتابه من تغير على مر العصور، ويستدعي التخلص من بعضها أو تعديلها في البعض الآخر أو استحداث أهداف جديدة تتناسب مع طبيعة وسمات مرحلة تاريخية معينة في حياة المجتمع، فأهداف أي مجتمع ترتبط ارتباطا وثيقا بتدرج السلم القيمي فيه، وكلما حدث تغيير في هذا السلم القيمي نتيجة للتغير الاجتماعي، كان من الضروري أن يحدث تغيير في أهدافه يتناسب مع هذا التغير القيمي، معنى هذا أن الأهداف لا تمثل شيئا ثابتا جامدا لا يتغير، بل يجب أن تكون المرونة من أهم سماتها لكي تصبح مناسبة، ليس فقط لمجتمعنا المتغير، بل ولاتجاهات تيارات التغير في المجتمع العالمي الذي يعتبر عالمنا جزءا منه يؤثر فيه ويتأثر به في عملية تفاعلية متبادلة لا يتوقف تأثيرها ما دام احتكاكنا واتصالنا مستمرا بالعالم الكبير الذي نعيش في جزء منه، ولكن لن يكون ذلك على حساب النواحي العامة والخطيرة في مجتمعنا الأصيل.
والآن يتعرض الطفل لثقافات متباينة وافرة وعامرة تناقض ثقافة مجتمعه وتراث بيئته الأصلية الذي يجب أن نحافظ عليه باستمرار، ففيه من العراقة والمجد ما يفتخر به كل عربي، وقد لا ينسحب هذا القول على القليل مما يتعرض له الطفل من ثقافة، ويكمن الهدف أولا وأخيرا من وراء ما يتعرض له الطفل في إعداد أجيال صالحة لخدمة الوطن، ويلح السؤال: لمن سأعد هذه الأجيال ولماذا؟ إنها تعد لخدمة أرض عربية إسلامية تتميز بثقافة متميزة وتراث أصيل يطلب من أجياله المقبلة المحافظة عليها في مرونة وعناية، وكيف يكون ذلك إلا من شخص نبت وترعرع وتشبع وأصبح يملأ أعماقه بثقافة ذلك الوطن الذي ينتمي إليه.
إن لم تنبع ثقافة الطفل من أرضه وبيئته التي ينتمي إليها فإن ذلك بعد مساهمة على الانسلاخ من هذه البيئة والتناقض معها في فترة ما.
وإذا كانت هناك ثقافة ما أعدت لشعب ما قصد أطفال هذا المجتمع وذلك الشعب ثم مراهقيه ثم شبابه، وها نحن الآن نستعين بثقافات متباينة من أجل
أطفالنا العرب فهل سوف نتمم المسيرة ونستعين بثقافة غير عربية للمراهق ومثلها بعد ذلك حينما يصبح هؤلاء شبابا؟ إن الإجابة بنعم أو لا على مثل هذا التساؤل فيها كثير من الخطورة، فإذا قلنا: نعم. فمعنى ذلك أننا نبني أجيالا لأي بيئة وأي أمة وإذا قلنا: لا، فماذا سوف نقدم للطفل الذي يتعرض لهذه الثقافات المتباينة الآن حينما يصبح مراهقا وحين يدنو من الشباب، فإن كان لا شيء سوف نقدمه فهذا خطير، وإن كان ثقافة من نوع مختلف وإطار للسابق غير مؤتلف، فإننا سوف نكون السبب في إحداث فجوة وتكوين هوة بين ما ترعرع عليه ذلك الإنسان في طفولته وما يتطلبه الآن في مراهقته، وأخيرا سوف يكون القول أين ولد؟ وفي أي بيئة سوف يستقر ولأي مجتمع سوف يضحي ويخدم وينمي؟ إنها بيئة وطنه العربي الإسلامي العريق.
وإذا كانت هناك من الثقافات التي تثبت من القيم المستوردة والأفكار القادمة من الخارج، فإنها بلا شك سوف تحتاج إلى تطبيق.. وفي أي مجتمع سوف يطبق.... ومن هنا سوف تكون العاقبة.
إن نقل نماذج الغرب بجانب الصواب، فالغرب له وجهه الجميل ولكن له أيضا وجهه اللاجميل.
إن من أعماق كل مجتمع يمكن أن تشتق ثقافة مرنة لأطفاله تنبع من أصالة وعراقة تراثه يشاركها في ذلك تراث وثقافة مجتمعات قريبة الشبه وتشترك معها في خلفياتها الثقافية أو جذورها التاريخية، مثل هذه المجتمعات القريبة الشبة والمشتركة الخلفية والتاريخ سوف تتقارب أهدافها في بناء أجيال المستقبل المتميزين الواعين بأصولهم، ومن ثم تكون في ذلك على الطريق المأمون.
إن هذا لا يقلل من الجهود الكبيرة التي تبذل وبذلت في خدمة ثقافة الطفل العربي والتي تظهر واضحة جلية معلنة عن نفسها.
وعلى أي حال فإن وسائل الإعلام للطفل تتمثل في: