المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ رؤية الآباء لدور وسائل الإعلام في تنشئة الأطفال: - تنشئة الطفل وسبل الوالدين في معاملته ومواجهة مشكلاته

[زكريا الشربينى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌محتويات الكتاب:

- ‌الفصل الأول: تنشئة الأطفال اجتماعيا

- ‌أولا: مفهوم التنشئة الاجتماعية

- ‌ثانيا: لمحة تاريخية عن التنشئة ومعاملة الأطفال

- ‌ثالثا: نظريات في التنشئة الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ نظرية التحليل النفسي:

- ‌ نظريات التعلم الاجتماعي المبني على فكرة التدعيم:

- ‌ نظرية الدور الاجتماعي:

- ‌رابعا: عمليات تحدث أثناء تنشئة الطفل:

- ‌خامسا: متغيرات خلف العمليات التي تحدث أثناء التنشئة

- ‌المطاوعة

- ‌ العدوانية

- ‌ التقليد والتعلم البديل:

- ‌ الحساسية من المشاهدين والمستمعين "الجمهور

- ‌ تركيبة الأسرة

- ‌ دافع الإنجاز

- ‌ بيئة الجنين والطفل

- ‌سادسا: الأخلاق وعملية التنشئة الاجتماعية:

- ‌سابعا: اللغة وعملية التنشئة الاجتماعية:

- ‌ثامنا: مراحل عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال

- ‌مراحل التنشئة كعملية محدودة لها نهاية

- ‌ مراحل التنشئة كعملية مستمرة لا نهائية:

- ‌تاسعا: حدود التنشئة الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌ أطفال الكيبوتز

- ‌ استحالة الجتمعة للطفل:

- ‌ محو آثار التنشئة:

- ‌عاشرا: أهداف ومحتوى التنشئة الاجتماعية للأطفال

- ‌حادي عشر: شروط تحقق التنشئة الاجتماعية الملائمة

- ‌ثاني عشر: نتائج التنشئة الاجتماعية على الأطفال

- ‌ثالث عشر: الإخفاق في تنشئة الأطفال

- ‌الفصل الثاني: دور الثقافة في تنشئة الأطفال

- ‌أولا- للثقافة معنى:

- ‌ثانيا: نظم تشكيل الأطفال تبعا للثقافة

- ‌النظم الأولية

- ‌ النظم الثانوية:

- ‌الفصل الثالث: وكالات التنشئة الاجتماعية

- ‌مدخل

- ‌أولا: الأسرة

- ‌ثانيا: دار الحضانة

- ‌ثالثا: رياض الأطفال

- ‌رابعا: المدرسة

- ‌مدخل

- ‌ بنية المدرسة الاجتماعية وأثرها في التنشئة الاجتماعية للأطفال:

- ‌ الأساليب المقصودة وغير المقصودة للتنشئة الاجتماعية في المدرسة:

- ‌ معالجة آثار الإحباط على التلاميذ أثناء تنشئتهم داخل المدرسة:

- ‌ المدرس وعملية التنشئة الاجتماعية:

- ‌ نماذج العلاقة بين المدرس والتلميذ أثناء تنشئته:

- ‌ معالجة ما يصيب المدرس من إحباط أثناء قيامه بالتنشئة:

- ‌ رؤية الآباء لدور المدرسة في تنشئة الأطفال:

- ‌خامسا: جماعة الرفاق

- ‌مدخل

- ‌ البنية الاجتماعية لجماعة الرفاق وأثرها على التنشئة الاجتماعية للأطفال:

- ‌ موقع الأساليب المقصودة وغير المقصودة للتنشئة في جماعة الأقران:

- ‌ معالجة آثار الإحباط أثناء التنشئة داخل جماعة الأقران:

- ‌ رؤية الآباء لدور جماعة الأقران في تنشئة الطفل:

- ‌سادسا: النوادي والساحات الشعبية والجمعيات:

- ‌سابعا: دور العبادة

- ‌ثامنا: وسائل الإعلام

- ‌مدخل

- ‌ التلفزيون:

- ‌ الإذاعة:

- ‌ السينما وأفلام الفيديو:

- ‌ المسرح والسيرك:

- ‌ المطبوعات:

- ‌ وسائل التنشئة الاجتماعية في الوسائط الإعلامية:

- ‌ رؤية الآباء لدور وسائل الإعلام في تنشئة الأطفال:

- ‌ بعض البرامج في الميزان:

- ‌تصور الوسائل الثقافية المقرةءة وتصور في الحلول

- ‌ دعامات أساسية لبناء صرح ثقافة الطفل المسهمة في تنشئته

- ‌تاسعا: الخدم والبشكار والمربيات

- ‌الفصل الرابع: نماذج لتنشئة الطفل من بيئات مختلفة

- ‌أولا: نمط تنشئة الطفل من قرية مصرية

- ‌ثانيا: تنشئة الطفل في قرية مكسيكية:

- ‌ثالثا: التنشئة للأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية:

- ‌رابعا: تنشئة الأطفال في روسيا:

- ‌خامسا: تنشئة الطفل الغجري في الهند:

- ‌سادسا: نمط التنشئة في قرية كولمبية

- ‌سابعا: تنشئة الأطفال عند الفينزويليين الأفارقة

- ‌ثامنا: تنشئة الأطفال في قرية فرنسية

- ‌الفصل الخامس: نحو نموذج للوالدية في التنشئة

- ‌أولا: تفاعل الوالدين مع الأبناء من خلال نماذج وبحوث

- ‌ثانيا: الأساليب الوالدية في معاملة الأبناء

- ‌الفصل السادس: الوالدان كأجزاء من مشاكل تنشئة الأطفال وأجزاء من الحلول

- ‌أولا: إعطاء الطفل الانطلاقة الأولى

- ‌ثانيا: أفضل التوقعات

- ‌ثالثا: المنافسة مع الآباء الآخرين

- ‌رابعا: علاقة الأبناء بأحد الأبوين

- ‌خامسا: الطفل يشبه أحد الوالدين

- ‌سادسا: الندية بين الأشقاء

- ‌سابعا: المشاركة في المسئوليات بين الآباء:

- ‌ثامنا: تأثير الانفصال والطلاق بين الوالدين

- ‌تاسعا: جليس الطفل

- ‌عاشرا: تفضيل الوالدين لأحد الأبناء:

- ‌حادي عشر: حب الأطفال أكثر من اللازم

- ‌الفصل السابع: دور الوالدين في تنشئة الأبناء على المبادئ

- ‌أولا: استدلال الطفل عبر النموذج

- ‌ثانيا: زيادة قدرة الطفل العملية لتوجيهه

- ‌ثالثا: تقسيم طريق الوصول إلى الهدف

- ‌رابعا: حب الأطفال لاهتمام وانتباه الوالدين

- ‌خامسا: استخدام التغذية الراجعة

- ‌سادسا: ماذا يخبرنا الطفل بخصوص مشكلاته

- ‌سابعا: عقاب الأطفال

- ‌مدخل

- ‌ ما هو العقاب "آثار استخدامه

- ‌ منع الآثار الجانبية السلبية للعقاب

- ‌ الأثر الإيجابي للعقاب

- ‌ثامنا: الاستمتاع مع الطفل

- ‌تاسعا: الثواب أو الرشوة للأطفال

- ‌عاشرا: إعطاء الطفل حق الاختيار

- ‌حادى عشر: تعلم الصفات الخلقية والقيم

- ‌الفصل الثامن: دور الوالدين في مواجهة مشكلات أطفالهم أثناء التنشئة

- ‌مدخل

- ‌أولا: مشكلات الأكل

- ‌ثانيا: البكاء ونوبات الغضب والانفعال

- ‌مدخل

- ‌ متى يتحول البكاء والغضب إلى مشكلة

- ‌ كيف نتعامل مع البكاء ونوبات الغضب والانفعال

- ‌ثالثا: عادة مص الأصابع

- ‌رابعا: مشكلات الكلام

- ‌خامسا: الخوف

- ‌مدخل

- ‌ ما هو الخوف وما هي الفوبيا

- ‌ لماذا تتطور هذه الأنواع من الخوف

- ‌ كيفية التعامل مع الخوف:

- ‌سادسا: ضرب الرأس بالحائط أو إصابة الطفل لنفسه

- ‌سابعا: سلوك عدم الطاعة والاعتراض

- ‌مدخل

- ‌ عدم استجابة الأطفال:

- ‌ متى يكون ذلك مشكلة

- ‌ تعليم الطاعة:

- ‌ الإفراط في الطاعة من جانب الطفل:

- ‌ثامنا: التدريب على قضاء الحاجة

- ‌مدخل

- ‌ متى يكون الطفل مستعدا لتدريبات التواليت

- ‌ البلل أثناء النوم:

- ‌تاسعا: مشاكل النوم

- ‌مدخل

- ‌ القواعد المتبعة لوقت النوم:

- ‌ مشاكل ومتاعب النوم المختلفة:

- ‌ لماذا يقابل الأطفال تلك الصعوبات في النوم

- ‌ متى تصبح صعوبات النوم مشكلة حقيقية

- ‌ كيفية التعامل مع مشاكل النوم:

- ‌ جعل وقت النوم للطفل ممتعا للآباء:

- ‌ العلاقة بين وقت النوم وعدم الطاعة:

- ‌عاشرا: العدوانية

- ‌مدخل

- ‌ سبب عدوانية الأطفال:

- ‌ متى تعتبر العدوانية مشكلة

- ‌ كيفية التعامل مع العدوانية:

- ‌ الرد على العدوانية:

- ‌حادي عشر: السلوك الاجتماعي والعلاقات

- ‌ثانى عشر: النشاط الزائد

- ‌مدخل

- ‌ خصائص الطفل ذي النشاط الزائد:

- ‌ ماذا تفعل حيال النشاط الزائد ومستوياته

- ‌ثالث عشر: الاستحواذ والإكراه والطقوس

- ‌رابع عشر: طلب المساعدة

- ‌المراجع

- ‌أولا: المراجع العربية:

- ‌ثانيا: المراجع الأجنبية

الفصل: ‌ رؤية الآباء لدور وسائل الإعلام في تنشئة الأطفال:

جـ- التقمص: وهنا يشعر الطفل أو لا يشعر بأنه أصبح مثل النموذج، وبذلك يكون قد توحد معه، ويسلك مثله وينفذ تعليمات النموذج. ويتوقف ذلك أيضا على شخصية الطفل وحاجاته ومدى تقبل البيئة المحيطة لسلوكياته المتقمصة.

وإذا كانت هناك بعض المخاوف التي تنتاب الآباء من تعرض أطفالهم لرسائل إعلامية لا تليق بأعمارهم، فإن أجهزة الإعلام المعنية عليها مراعاة ذلك قدر الإمكان، كما أن الآباء لا يجب أن يقفوا كما سبق أن أشرنا مكتوفي الأيدي. ورغم ذلك فإن لرسائل الإعلام آثارا جلية في التنشئة الاجتماعية للأطفال ومن ذلك:

أ- إشباع حاجات الأطفال للاستطلاع والترويح والتسلية.

ب- عرض مضمون يتناسب مع فئات الأعمار بحيث يجد كل طفل ما يناسب عمره، مراعية الخصائص الشخصية للأطفال في كل عمر وطبيعة البيئة والمجتمع الذي يقدم فيه المضمون.

جـ- ربط الآباء بوسائل الإعلام بالإجابة على استفساراتهم وتوجيه مشكلاتهم التي تعترضهم أثناء تربية الأطفال إلى المختصين للإجابة عليها وتوضيح الحلول المناسبة لها.

ص: 154

7-

‌ رؤية الآباء لدور وسائل الإعلام في تنشئة الأطفال:

في الوقت الذي لا ينكر فيه الآباء دور وسائل الإعلام على تثقيف طفل اليوم، وأنهم افتقدوا ذلك حينما كانوا أطفالا، نجدهم يوجهون بعض اللوم لهذه الأجيال عبر وسائل إعلامهم وثقافتهم. فنسمع بعض الآباء يقولون "جيل تلفزيون" أو يقولون "جيل فيديو"

وتحمل هذه العبارات وغيرها نوعا من عدم الرضا في أغلب الأحوال لحال أطفالنا.

وهذا لا يخفي الامتنان الواضح للآباء على مشروع القراءة للجميع والذي تبنته سيدة مصر الأولى "سوزان مبارك".

وبالرغم من ذلك لا ينسى الآباء الجهود التي تبذل من قبل وسائل الإعلام في خدمة قضاياه ليس فقط في مصر بل والعالم العربي، وهذا يعلن عن نفسه في

ص: 154

تنوع وكم هذا العدد الكبير مما يقدم للأطفال ومن أجلهم. وأود أن أشير إلى أنه بالرغم من أن الأطفال العرب يمثل تعدادهم بنسبة تقدر بنحو 45% من تعداد سكان العالم العربي في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة الأطفال في العالم كله 37% من عدد السكان تهبط هذه النسبة إلى 27% تقريبا في أمريكا الشمالية ودول أوروبا وترتفع 42% في أمريكا الجنوبية، وعموما في الدول المتقدمة لا تزيد نسبة الأطفال عن 22% من جملة السكان. إن ارتفاع نسبة الأطفال العرب هذه لا يرفع نسبة الإنفاق على الأطفال في هذه الدول العربية والذي لا يمثل أكثر من 1% مما كان من الواجب إنفاقه، وهذا ينسحب بالتالي على أداء وسائل الإعلام المختلفة لدورها الرئيسي.

ومن المعروف أن الخلية الأولى التي ينمو فيها الطفل ويحتك بها احتكاكا مستمرا ويتلقى فيها أول أنماط التنشئة هي الأسرة. والأسرة لا تعتبر الآن بالأسرة الشاملة للرعاية والتنشئة لهذا الطفل أو ذاك في خلال سنوات حياته الأولى، وذلك كما كان حالها في العصور الماضية، فتشاركها الآن معاونة دور الحضانة والروضة بهدفها التثقيفي التربوي، والمدرسة بأنشطتها الصحافية والإذاعية والموسيقية وغيرها. وكذلك المادة المطبوعة من مجلات وكتب، والمذياع المرئي والمذياع المسموع، ونوادي تثقيف الطفل، وقد استدلت مثل هذه المؤسسات التربوية ومؤسسات أخرى على بعض من تلك الأدوار والأنشطة التي كان الآباء والأقارب يقومون بها في وقت من الأوقات، وبغض النظر عن تعرض الطفل تعرضا هائلا للمؤثرات الخارجية، فما زالت المدرسة ذات آثر في توجيه الطفل ونموه العقلي وجزء من ثقافته وتحاول دور الحضانة والروضات جاهدة أن تساهم بدور ليس بالقليل وخاصة في مرحلة هامة من مراحل نمو الطفل النفسي.

ويقع على عاتق الأجهزة الإعلامية الآن نسبة كبيرة من تثقيف الطفل وتوجيهه فضلا عن مساهمة المؤسسات التربوية الأخرى.

هذا

ويؤكد جوهرية الدور الذي تقوم به أجهزة الإعلام في إعطاء ثقافة مشتركة وخلفية موحدة لأعداد كبيرة من الأطفال وفي أسرع وقت ممكن وعبر المساحات الشاسعة والأميال المترامية من البيئات المتباعدة والقريبة.

ص: 155

ونعود ثانية إلى داخل الأسرة، فنجد أنها أول خلية للمجتمع يقابلها الطفل، وأول وكيلة من قبل البيئة لتنشئته وتنبيه عواطفه، وواضعا بذور القيم والتقاليد والعادات عبر الأم بالدرجة الأولى يساعدها الأب بالدرجة الثانية ويشاركها أعضاء الأسرة، إن هذا يجعل للأسرة الفضل في بث أوليات ثقافة الطفل.

ثم نعود ثانية أيضا لمدارسنا فتعتبر عملية توجيه الطفل نحو النظام الاجتماعي والسياسي القائم وتعضييد احترامه له هو أحد المسارات التي تعمل فيها المدرسة كمؤسسة تحافظ على ثقافة المجتمع وتراثه، ولكن مسئولية مدارسنا لن تنتهي بالمحافظة على الوضع الراهن ولا حتى عن طريق التنشئة الاجتماعية للأفراد القادرين على التكيف بسهولة مع البيئة الاجتماعية والمادية المتغيرة، ولكن بدلا من ذلك سوف تمتد إلى أقصى درجة ممكنة من تشجيع القدرات العقلية واستثمارها لأعضاء المجتمع الجدد من الأطفال.

وعلى مؤسساتنا التربوية أن تأخذ على عاتقها القيام بدور رئيسي للتحديث الواع والتغير إلى جانب دورها الشرعي في تأكيد الاستمرار الثقافي للمجتمع وأصالته المتميزة، وخاصة بعد انتشار وسائل الاتصال الحديثة مثل "الدش".

وسوف يصبح هناك تفاقهم للمشكلة نتيجة لحقيقة يثيرها الآباء وهي: أن المدرسة تبدو أنها تتغير بطريقة أكثر بطئا عن أوجه المجتمع الأخرى، إن كل التعليم تقريبا يصبح قديما وقد يكون باليا في الوقت الذي يعطى فيه.

إن علاج هذه المشكلة سوف يساهم فيه التقاء المؤسسات المختلفة التي تهتم بالطفل لتحديد الدور الذي تشارك به كل منها ومداه آخذين في الاعتبار عدم ظهور الازدواجية في الأداء أو التعارض بل التعزيز والتكامل بين هذه المؤسسات.

ومن بين هذه المصادر الكلمة المطبوعة والممثلة في الكتب والمجلات المقدمة للأطفال. إن لها الأثر الكبير على ثقافة الطفل، فالكلمة المكتوبة هي أول وسيط ثقافي للإنسان، وظلت وسوف تظل بقدرتها وقيمتها.

والكتاب الثقافي للطفل هو الذي يقدم له الصور الذهنية والفكرية والوجدانية ويفسر له المعاني التي تتكون في خاطره وفي خياله على مر الأيام والأعوام، ويترجم له كل التصورات والأفكار والخيالات معتمدا على الانطباعات الحسية والمعنوية فيجد فيه الطفل ومنه إمتاعا عقليا، والكتب بمثابة الناقل للحضارة

ص: 156

وقيمها إلى الطفل وكذا المسهم في التربية فضلا عن عرضه للتراث بأشكال فنية جذابة وبسيطة للخبرة المهذبة وتنمية القدرة على مواجهة الحياة.

إن نسبة كبيرة من كتب الأطفال بالعربية تصور في باب القصة والموضوعات الدينية وبعض الموضوعات التاريخية، وقلة نادرة هي التي تصور موضوعات علمية أو فنية ولم توجد قواميس أو موسوعات عربية للطفل العربي إلا مؤخرا رغم قلتها.

والكتابة للأطفال فن وحساسية وموهبة بالإضافة للمعرفة الدقيقة بمراحل النمو النفسي وجوانبه العقلية والاجتماعية والانفعالية واللغوية، مما يستلزم عدم السماح بتوجه القلم الذي يكتب للطفل إلا لمن أوتي هذه الجوانب مما يدعو إلى الاطمئنان عند مخاطبة الطفل بالكلمة المكتوبة.

وعلى اعتبار أن ثقافة الطفل مجموعة من الخبرات الواجب اكتسابها، وتساعده على النمو إلى أقصى حد ممكن، فإن المنزل ودار الحضانة والمدرسة وأجهزة الإعلام والكتب والمجلات يجب أن تشارك معا لاستغلال الكثير من طاقات الطفل المعطلة والتي يمكن عن طريقها إثراء ثقافته ونموه العقلي في ضوء اعتبارات هامة هي:

1-

مشكلات الطفل اليومية مصدر رائع للتثقيف والتنشئة.

2-

استغلال حواس الطفل في نموه العقلي وثقافته خير ضمان.

3-

حب الاستطلاع عند الطفل ثروة يجب استثمارها إيجابيا.

4-

إهمال حب الطفل للحركة واللعب في توجيهه خطأ سوف نعاقب عليه أنفسنا.

5-

تستيقظ مدارك الأطفال على الغناء والموسيقى.

6-

القدرة على التخيل إمكانية ذهنية للتثقيف والنمو العقلي ومن ثم التنشئة.

والآن هل علمت الأم بطريقة ما أثر تلك المتغيرات، وهل أشير للأب عن أثره الفعال في ثقافة الطفل ونموه، وهل حاول القاصدون والمربون استغلال تلك

ص: 157

العناصر كهدف عن قصد في قضية الثقافة للصغار. وإننا إذا قلنا: وما النوع؟ فسوف نسمح لأنفسنا أن نقول: وما أقل الكم!

وإذا كانت الكلمة المقروءة هي أخلد الوسائل للثقافة فإن الكلمة المسموعة والمرئية تفوقها سرعة في التأثير ومدى الوصول إلى أعماق الطفل.

والأثر الخطير لكل من الإذاعة والتلفزيون على نفوس الأطفال ووجداناتهم جعلنا نهتم بإعداد برامج خاصة بهم ويتحقق من خلالها لهم الإمتاع العقلي والنفسي وتبتعد به عن التدريس في أسلوب التقديم.

والطفل قد يجلس أمام التلفزيون ما يقرب من سدس عدد ساعات اليقظة، وعندما يجلس أمام هذه الشاشة الصغيرة فهو يتعلم نماذج جديدة من السلوك قد تدعم أنماط السلوك السائدة أو تبشر بأشكال جديدة من السلوك المقبول والموافق لمعايير المجتمع، أو قد ثبت قيما وآراء وأشكالا جديدة تتعارض بل تتصارع مع قيم الجماعة وتقاليدها. وهنا تكون الخشية على التنشئة.

إن الإيمان بالفكر الغربي فيما يقدم للطفل ونقل نماذج الغرب إلى بلادنا شيء يستحق منا وقفة تأمل. إن ما يصلح هناك قد لا يصلح هنا. ويكفي أن نقول عن هذه البرامج التي تقدم هناك ويستعان بها هنا. إن أطفالنا ليسوا هم بأطفال الغرب وقيمنا التي يجب أن نربيها فيهم لا تصلح لها برامج غربية تعنى وتهتم بتنمية قيم وتقاليد خاصة بأطفالها لإتمام سلسلة قيمية تخدم ثقافة الغرب من أجل أطفال بعينهم، وذلك بهدف أن يصبح الطفل ذا ثقافة فرنسية أو أمريكية أو غير ذلك اعتمادا على القيم والتقاليد والعادات التي تبثها تلك البرامج عن قصد لأطفالها، وهل أطفالنا فوق كل ذلك يتميزون بمعايير النمو التي يختص بها طفل من ثقافة أخرى ومن مجتمع مختلف؟ لا أعتقد هذا وإن تشابهت إلى حد ما إذا جاز لنا هذا القول.

وطوق النجاة لن يكون من خارجنا دائما، بل من أعماق أصالتنا وتراثنا العربي العريق، طوق النجاة لنا برامج تؤكد قيم المجتمع العربي وتثبت تقاليد وعادات وعرفا عربيا أصيلا، فالوطن العربي له تراث وله بناء دينامي وله تاريخ

ص: 158