الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سابعا: دور العبادة
تقوم دور العبادة بدور هام وفعال في حياة الناس، بتأكيد القيم الخلقية، وعبادة الله سبحانه وتعالى. يقول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} .
ودور العبادة تقوم بتنقية فكر البشر، وتطهير قلوبهم وتصحيح نفوسهم، وإيقاظ ضمائرهم، وضبط سلوكياتهم وتصرفاتهم.
إن دور المساجد مثلا لا يتجلى فقط في ربط المسلم بربه، وإعلان توبته، وتوجيه شكره لله، بل وربط الفرد المسلم وإدراكه لقيمته والمحافظة عليه.
ودور العبادة عموما تعلم الفرد التعاليم الدينية، ومعايير السلوك، وتنمي ضمير الإنسان وتضع أسس التفاعل الاجتماعي بين الأفراد.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ويفسر الإمام الباقر هذه الآية: "قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم" وكان جعفر عليه السلام يقول: "عظموا أصحابكم ووقروهم، ولا يتجهم بعضكم على بعض".
وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك".
وتوجه دور العبادة أساليبها إلى الكبار والصغار. وتحث الأديان على تنشئة الأطفال تنشئة دينية واصطحابهم مع الكبار إلى دور العبادة.
ودور العبادة تعد مظهرا من مظاهر البيئة الاجتماعية. إن دور العبادة كما عرفت في كثير من المجتمعات القديمة والمعاصرة، لا يقف تأثيرها عند كونها مكانا لممارسة الشعائر الدينية، بل إنها كمؤسسات مارست تأثيرها في أعمق مظاهر الحياة
الاجتماعية، فما زال من القادة في بعض الدول من يتولون السلطة في بلادهم في هذه الدور وبتأييد من القائمين عليها، وتعقد عقود الزواج أيضا داخل هذه الدور أحيانا.
ويرتبط بمفهوم دور العبادة ما يسمى بالأضرحة المقدسة وأولياء الله الصالحين، وهذه ذات آثار قوية في بيئتنا العربية، وخاصة ما يشيع حولها من ضروب الشعوذة والخوارق والمعجزات، والتي تتضارب مع أسس وقواعد الدين الإسلامي. وهذا يعد أمرا غاية في الأهمية من حيث تأثيره على أذهان البعض، ودخوله إلى وجدانهم.
والطفل الذي يعيش في بيئة يشيع فيها تأثير الأضرحة وأولياء الله الصالحين سواء الصحيح منها أو غير الصحيح وما يقترن بها من أنواع الممارسات وأحيانا بعض الغرائب التي تقام أمام أنظار الأطفال، تدخل في أعماق الطفل وتشد ذهنه
وتهز وجدانه، فتحدد له بعض تصوراته عن ظواهر هذا العالم، وكيفة التعامل مع بعض المشكلات والعقبات التي يمكن أن تقابله مستقبلا. لقد رأى الكثير من الكبار يلجئون إلى ذلك الأسلوب.
إن التصورات التي تملأ ذهن الطفل إزاء قبور بعض أولياء الله، وعواطف الاحترام التي تولدت داخله إزاءها، تحدد نوعية التعامل مع بعض موضوعات العالم المحيطة، وسوف نرى في نموذج تنشئة الطفل من قرية فرنسية ما يشير إلى ذلك في فصل قادم.
أساليب دور العبادة في تنشئة الأطفال:
تتخذ دور العبادة عددا من الأساليب لتنشئة الأطفال:
أ- تحديد وتوضيح مسئولية الوالدين في تربية الطفل:
إن مسئولية الآباء لا تنحصر في إدارة الحياة المعيشية المادية للأطفال بل إن عليهم أن يقوموا بتربيتهم تربية إيمانية صالحة.
إن تأديب الأطفال وتربيتهم أهم في نظر الإسلام من الاهتمام باحتياجاتهم الجسدية يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "ما نحل والد ولدا نحلا أفضل من أدب حسن".
وتقوم دور العبادة بتوجية نظر الآباء إلى رعاة الأطفال وتنشئتهم، قال تعالى:{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} وقال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} .
ب- الترهيب والترغيب: تقدم في دور العبادة ما يصلح الناس عموما في الدنيا والآخرة، فترغب في عمله وممارسته وتنهى عن الأشياء التي تجعل الناس على قرب من العذاب والنار في الآخرة وسوء العيش في الدنيا. وسماع الأطفال لبعض من هذه القواعد ومشاهدتهم التزام الكبار بأداء الفرائض يعد ترغيبا لهم في الإقبال على ممارسة أو تقليد النماذج السلوكية الحسنة والطيبة، وترهيب لمن يقبل على أفعال لا يقبلها الله مثل: السرقة والكذب، والغش، وكلها أمور يعد تجنبها من قبيل التنشئة الحسنة للأطفال.