الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: دار الحضانة
Nursery School:
بعض الأسر تدفع بأطفالها بين الثانية والرابعة من العمر إلى دار الحضانة، وهذا التوجه المبكر لوضع الطفل في مؤسسات مفترض أنها تربوية يمكن أن يكون بالنسبة إلى العديد من الأطفال خبرة ثمينة جدا.
وأوضح قيمة للطفل في إرساله إلى الحضانة هي أنها تهيئ له الفرصة للعب مع أطفال من نفس عمره تقريبا، في جو تنظم فيه الألعاب والأدوات، وكذلك تنظيم الفعاليات والأدوار للأطفال بما يتناسب وعمرهم ودون قيود.
والطفل الذي يذهب للحضانة، ولا يصبح المنزل هو اهتمامه الوحيد، ولا غرفته هي مكانه المفضل، ولا أبواه وإخوته إن وجدوا هم أصدقاؤه فقط. لقد أصبح له غرفة أخرى يقوم بالمشاركة في ترتيب أو تزيين بعض أدواتها، وأصحاب جدد يسعد برؤيتهم كل يوم في أغلب الأحوال، لقد أصبح له شيء آخر يثير اهتمامه. إنه يقابل مربية تهتم به وبألعابه بطريقة تختلف عما تفعله الأم وعن جو المنزل الذي تعود عليه.
فإذا كانت دار الحضانة مكانا جيدا، وكان تكيف الطفل معها مناسبا، فإن الطفل لن يقضي في الحضانة وقتا ممتعا فحسب، بل إن الذهاب لها يكون بالنسبة له خبرة تزيد من تكيفه مع حياته المنزلية واكتشافه لعالم جديد.
وثمة أطفال آخرون يبدون غير متقبلين للمكان الجديد، ويبدو ذلك من عدم استمتاعهم الظاهر عند الذهاب، وأحيانا تزايد ثورتهم أو تعبهم أو ربما مرضهم. وغير ذلك من الإشارات التي تدل على أنهم يلقون عنتا في الذهاب إلى الحضانة.
1-
بنية الحضانة وأثرها في التنشئة الاجتماعية للأطفال:
في هذا النطاق يتطلب الأمر التحدث عن جانبين هما حجم سكن الحضانة والتفاوت العمري والجنسي لمجتمع الحضانة.
أ- حجم سكان الحضانة: إن عدد سكان الحضانة لا شك أكثر من عدد أفراد الأسرة التي أتى منها الطفل، لقد أصبح الآن بين عدد أكثر من الأطفال، ويرى داخل غرفة النشاط مشرفة تشبه الأم، وهناك عاملات يترددن بين وقت وآخر للحفاظ على النظافة، ويصاب الطفل في البداية بنوع من الدهشة مع هذا العدد الكبير، وربما يبكي مثل أطفال معه، ولكنه أصبح يصمت أو يهدأ مثلما حدث لأطفال آخرين، إنه مقلد جيد حتى لسلوك البكاء أو الهدوء والطاعة الذي يظهر من قبل أطفال آخرين معه، إنه يذهب مثل بقية الأطفال إلى حوض الرمل حينما تطلب المشرفة منهم ذلك، ويعودون إلى غرفة النشاط حينما تطلب منهم ذلك
…
إننا الآن في سبيل للمسايرة وسط الجماعة.
ب- التفاوت العمري والجنسي لمجتمع الحضانة: إن أفراد الروضة من الأطفال لا يختلفون عمريا، ولكن الطفل يلاحظ نساء في عمر أمه يطلبن منه
أحيانا تنفيذ بعض الألعاب أو الذهاب إلى الحمام أو إحضار علب الألوان، ويجد الطفل أن الذين معه من الأطفال ليسوا من جنسه فقط بل من الجنس الآخر.
2-
الأساليب المقصودة وغير المقصودة للتنشئة الاجتماعية بالحضانة:
ويطلق عليها ميكانيات التطبيع الاجتماعي، ومنها:
أ- برنامج الحضانة: هناك برامج لبعض دور الحضانة، ودليل للمشرفة، وعبر المناشط المدرجة بالبرنامج التي يشارك فيها الأطفال يكون هناك بث لبعض المعايير عن قصد مثل الاشتراك مع الجماعة والتعاون مع الأطفال والنظام وترتيب أدوات اللعب على الأرفف المنخفضة
…
وغيرها.
ب- المناشط الحرة: إتاحة الفرصة للطفل كي يلعب حرا هدف جوهري من أهداف الحضانة، وهو في ذلك إما يستقل يلعبه أو يشارك فردا أو أكثر: ويكون نتيجة ذلك إنجاز بعض الأعمال مثل أكوام الرمل أو نقل الماء بالأواني أو
…
وأحيانا العراك والشجار الذي لا يلبث أن ينتهي باللعب ثانية دون تدخل المشرفة، وكلها خبرات مناسبة للأطفال في تنشئتهم، عند تفضيل لعبة على أخرى أو صديق على آخر أو الدخول في شجار.
3-
المشرفة وعملية التنشئة الاجتماعية للطفل بالحضانة:
من المفروض أن تضم الحضانة مشرفات يعرفن كيفية مساعدة الأطفال الذين هم من جنسين مختلفين على اللعب المفيد والمرح
…
بعيدا عن التزمت والصرامة أو الضيق والقلق من الأطفال. والمفروض على المشرفة في هذا المجال أن تكون ذات بال طويل وقادرة على توجيه سلوكيات الأطفال المفاجئة واستغلالها في النشاط الذي تقدمه لبقية الأطفال.
إن المشرفة لا يتوقف دورها على العمل وسط الأطفال أو رعايتهم عموما وقت الحاجة، ولكن أن تتحدث مع الأمهات حول أمور أطفالهن ومشكلاتهم. وهنا نكون مع مربيات عطوفات موجهات لسلوك الأطفال ولسن متسلطات عليهم.
وعبر هذا الدور الذي تقوم به المشرفة فإنه يمكن عرض صوره فيما يلي:
أ- المشرفة كمنفذة للبرنامج: وفقا لما هو وارد في دليل المشرفة يجب أن يتم السير في غرس أوليات السلوك الحسن كالمشاركة والمرح وحب النظام.
ب- المشرفة كنموذج سلوك: المشرفة بالإضافة إلى أهمية كونها موجها لسلوك الأطفال دون تزمت أو تسلط يجب أن تكون الشكل الذي يحتذي به. لأن الأطفال مقلدون جيدون حتى لأبسط السلوكيات التي تصدر من الكبار. فتكون منظمة وصبورا ولا تنفعل بسهولة مع المواقف المحبطة. إن الأطفال يقلدون المشرفة في مواجهة مثل هذه المواقف، فالمشرفة التي اندفع الماء بقوة في وجهها من الصنبور وصرخت تكون قد فشلت أمام الأطفال في مواجهة المواقف المحبطة مقارنة بالمشرفة التي ابتسمت.
4-
رؤية الآباء لدور الحضانة في تنشئة الأطفال:
إن من المدهش أن نسمع بعض الآباء يقولون إن مشكلات أطفالهم مثل العناد أو قلة الأكل أو العلاقات السيئة مع الإخوة قد قلت أو اختفت مع مواصلة الطفل الذهاب للحضانة. وتقول بعض الأمهات إن الطفل أصبح أكثر استماعا وطواعية. وإن كان هناك من الأمهات من يقلن إن الطفل تعلم المزيد من التمرد والعصيان وأصبح لا يسمع الكلام، أو يقلن إن الطفل يبكي باستمرار عندما يعرف أنه في طريقه إلى الحضانة.
وهكذا فليس هناك إصرار على وجوب ذهاب جميع الأطفال إلى دار الحضانة، وتبعا لحالة الطفل فإنه يجب أن ينظر بجدية في تأجيل ذهاب الطفل للحضانة وليكن سنة مثلا، ولكن من الرأي أن غالبية الأطفال تستطيع أن تتكيف مع ظروف الحضانة وتفيد منها ويساهم ذلك على تنشئتهم الاجتماعية.