الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من النماذج الأنثوية في مراحلهم العمرية المختلفة مثل الأمهات، والخالات والعمات والمدرسات
…
وغيرهن.
أما نظريات التعلم الاجتماعي Social Learnign theories فتربط التنشئة الاجتماعية للأطفال بما يكتسبونه من سلوكيات نمطية لأدوار الرجال أو أدوار النساء، بناء على ما يتعلمونه من المحيطين بهم من وسائل الإعلام المنتشرة حولهم مستخدمين مبدأ التعزيز أو الدعم Reinforcement للسلوك النمطي الصحيح للدور الملائم لجنس الطفل ومبدأ الإطفاء للسلوك النمطي غير السليم للدور المخالف لجنس الأطفال.
وسوف نعرف فيما يلي بعض النظم التي تختلف باختلاف الثقافات والمجتمعات، وربما باختلاف الطبقات داخل نفس المجتمع. وسوف نقسمها إلى نظم أولية ونظم ثانوية:
ثانيا: نظم تشكيل الأطفال تبعا للثقافة
النظم الأولية
…
ثانيا: نظم تشكيل الأطفال تبعا للثقافة
1-
النظم الأولية:
أ- نظام الرضاعة:
إن الأم بتنظيمها عملية الرضاعة للطفل تمهد لإعداده لنظام التغذية المتبع في الثقافة التي تعيش فيها، إن هناك معايير اجتماعية تتصل بتغذية الطفل تختلف باختلاف الثقافات من حيث درجة تشدد الجماعة في إلزام الطفل الناشئ بها عند التطبيع مثلا إن الطفل يعتمد على ثدي الأم لمدة أطول من الغذاء الصناعي أو العكس، أو إن الطفل يعتمد على ثدي الأم لفترة قليلة جدا خشية التأثير على رشاقتها وجسدها.
وربما يختلف الأمر داخل الثقافة الواحدة باختلاف الطبقة الاجتماعية والحضارية، فبينما نجد الأم في الريف المصري تحافظ على رعاية عملية غذاء الطفل عن طريق الثدي نجد الأم في المدينة تتعجل عادة تقديم الرضاعة الصناعية.
ولا تقتصر أهمية الرضاعة على مجرد إطعام الطفل، بل يحس الطفل أثناء الرضاعة بالحب والعطف والطمأنينة والتمتع بعملية المص في فترة مبكرة والتي تنعكس أثارها على إقبال الأطفال على مص أصابعهم في حالة عدم إتاحة فرص
كافية لهم للامتصاص من ثدي الأم، وعلى أي حال فإن الأطفال الذين تقل فرصتهم في الرضاعة الطبيعية أو الصناعية غالبا يزداد ميلهم فيما بعد لمص الأصابع بالإضافة إلى مشكلات أخرى.
ب- نظام الفطام:
تختلف الثقافات فيما بينها في توقيت عملية الفطام، وكذا الطريقة التي تتم بها هذه العملية، فبينما تتم بقسوة في بعض المجتمعات نجدها في مجتمعات أخرى يبدو فيها اللين، وإن كانت الثقافات كلها تمهد للأمر بإطعام الطفل بمواد لينة وإعطائه السوائل والعصائر.
فهناك ثقافات تهجر فيها الأم طفلها بضعة أيام حتى يتعود فراق ثدي الأم بينما نجد ثقافات تتخذ من الصبار أو المر دهانا لثدي الأم لتنفير الطفل في حين نجد ثقافات تستخدم الشطة أو الفلفل.
وعلى أي حال فالقسوة في عملية الفطام لها آثار سلبية على البناء النفسي للطفل، وليس غريبا أن يعاني الطفل عقب تلك القسوة من قلق دائم.
كما أن الحرمان المبكر للأطفال من ثدي الأم يجعلهم يقتربون مستقبلا من الاتصاف بالبخل والحنين الدائم للأم أو بديل لها، بينما الحرمان المتأخر يجعلهم يقتربون مستقبلا من الاتصاف بالشجاعة والكرم والميول الاجتماعية.
جـ- نظام الإخراج:
تختلف الثقافات في السن التي تبدأ في عملية تعويد الطفل ضبط الإخراج، فبينما نجد بعض الثقافات تهتم بهذه العملية وبحرص شديد في عمر مبكر، نجد ثقافات أخرى تتدرج في هذا الحرص وربما لا تعتني بالأمر.
إن الخبرات الصدمية المبكرة المتبعة في ضبط الطفل لإخراج الفضلات تؤدي إلى ما عرف بتشكيل الخلق الشرجي الذي يتبدى في مظاهر الميل إلى البخل والمبالغة في النظام والنظافة والدقة، كما أن القسوة في التدريب على الإخراج تؤدي إلى النزعة العدوانية والميل إلى المبالغة Exaggeration.
وتشير البحوث إلى أن التدريب على الإخراج يمكن أن يتم بيسر، ودون ردود فعل سيئة إذا كان الطفل متقدما في السن بصورة تسمح له بفهم التعليمات المناسبة، ولا يمكن أن يتم ذلك بسهولة قبل عمر السنة والنصف.
د- تعديل العادات الجنسية:
تختلف الثقافات في بعض النواحي المتعلقة بالجنس، وتختلف في مقدار التسامح في هذا الأمر عند تنشئة الأطفال
ففي ثقافتنا العربية نعود الأطفال على ستر العودة في سنة مبكرة وخاصة في الطبقة المتوسطة والعليا، كما نلزم الطفل بأداء التخلص من فضلاته في أماكن محددة أو بشروط محددة.
وفي الوقت الذي نجد فيه ثقافتنا تحيط الجنس بنحو شبه غامض أمام الأطفال نجد ثقافات أخرى ربما تنبه له وربما تقدم مقررات وبرامج تربوية للأطفال الأكبر سنا وإن كان أغلب علماء الشعوب يعترفون بضرورة تعديل الميول والغرائز وخاصة الجنسية لضمان النظام الاجتماعي.
وفي الوقت الذي نجد فيه المجتمعات الإسلامية تفرق بين البنين والبنات في المجتمع وفي المضاجع في سنة محددة نجد مجتمعات أخرى لا تعير الأمر أي اهتمام، وهذا ما سوف يبدو لنا بوضوح عند استعراض نماذج من طرح المجتمعات في التنشئة للأطفال.
هـ- اللعب والثقافة:
الألعاب جزء من ثقافة الناس وأسلوب حياتهم العام، وتمدنا الدراسة الدقيقة للألعاب ببعض الاستبصارات عن نوع الثقافة.
وللألعاب وظيفتان بجانب أنها تخلص الإنسان من الملل فهي تمثل طريقة لتعليم الأطفال وحتى الكبار بعض الطرق للقيام بالأشياء المهمة، وهي تقدم كذلك نوعا من العلاج، حيث إنها تسمح للشخص الواقع في نوع ما من الصراع الثقافي أن يعيش فترة في عالم خيالي أسهل تتجنب النماذج التعبيرية فيه ذلك العالم الحقيقي الذي يزعجه.
ويذكر Lambert john Roberts وميل له أن:
- ابتداع ألعاب إستراتيجية مثل البوكر أو المونوبلي أو الشطرنج التي تمنح فرصة تجربة اتجاه الأمل في النجاح من خلال اتخاذ قرارات ذكية يتصل بالضغط العامل على إيجاد الطاعة في عملية التنشئة الاجتماعية.
- ألعاب الحاظ مثل الروليت أو البنجو أو السلم والثعبان ترتبط بالتدريب على المسئولية.
- ألعاب المهارة الجسدية مثل المطاردة والتسابق بالأقدام أو السباحة تنشأ أو تفضل حينما تكون الضغوط نحو الإنجاز عالية.
ومما هو جدير بالملاحظة أيضا من وجهة نظر عبر ثقافية أنه حيثما توجد أنواع عديدة من الألعاب في المجتمع يوجد قلق بشأن الأداء الإنجازي. وباختصار فإن ثقافة الألعاب في المجتمع تمنح الأفراد فرصا للتخفيف من القلق بشأن سلوكهم الإنجازي "لأن الربح أو الخسارة في اللعبة ليس له أي ناتج غير تخفيض القلق".
بينما تعمل في نفس الوقت على تدريب اللاعبين على عمليات التنافس نفسها.
وتتخذ الألعاب أشكالا معقدة لدرجة تصبح في الظاهر على الأقل مخالفة لفعاليتها الأصلية مثل البهجة والسرور وغيرها، كما نلاحظ ذلك في ألعاب القمار، وهو ما توافق على ممارسته بعض المجتمعات والبيئات وتحرمه بيئات أخرى.
والطفل إذا كان يريد أن يلعب فلأنه يريد أن يلهو ويمرح، ولكن هذا لا يمنع من تحقيق بعض الأغراض الجدية عن طريق اللعب، كما لا يمنع من أن تكون متعة اللهو غير ظاهرة مباشرة على الطفل ذاته لأنه يمارس اللعب بكامل الجدية. وإننا نحدث خلطا في الوقت الذي نحاول فيه أن نقطع على الطفل لعبة لشأن من الشئون، حيث يظهر تذمره الشديد، وقلما فهمنا سبب ذلك، إنه جدية الطفل في لعبة فوق كل الأسباب.
وإذا نظرنا إلى ما يمارسه الطفل من الألعاب داخل الأسرة وما يرتبط بها من إعداد وتمرين للقدرات والمهارات أو تنفيس عن الصراعات أو القلق، فهو أيضا له دوره في تكوين حب النظام المتمثل في وضع الأشياء وضعا معينا في الزمان أو المكان بناء على قواعد، وإتمام هذا النظام يصحبه شعور بالانسجام وإدارك له وميل الطفل إلى النظام عملية تثقيفية اجتماعية تسربت بوادرها من هندسة المباني والأثاث والملابس، وهذا ما يجعل النظام لا يبتعد عن المعنى المطلق وإنما هو نظام البيئة الاجتماعية الكبيرة التي يحيا فيها الطفل، فالطفل هنا يحاكي نظام البيئة من أبنية "يبني كوم أو هرم من الرمل" ومناسبات "تطلق الطفلة مجتهدة الزغاريد للعبتها الصغيرة في لعبة عروسة وعريس" ومواقف "تمسك الطفلة عصا وطباشير حينما تلعب مع الأطفال دور المدرسة".
وتظهر هذه العوامل الاجتماعية المؤثرة في حب الطفل للنظام من خلال الألعاب المناسبة للزمان والمكان فهي تختلف باختلاف البيئات الاجتماعية بل تختلف باختلاف الطبقات داخل المجتمع الواحد.
حقا إن هناك ألعابا تتشابه بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، ولكننا لا نرى في هذا ما يعارض هذه النسبية ولا ما يدعو إلى افتراض أنها تبعا لذلك ألعاب بالفطرة فنحن نرى فيها مجرد تشابه من جهة، ومن جهة أخرى فإن تشابه البشر في القدرات والإمكانات العقلية لمكونات مع اتصالية الحضارات كفيل بتوضيحه. والملاحظ أن الطفل يصاحبه الخجل عندما يخرج عن قانون اللعب أو لا يحقق النجاح المناسب فيها وربما يعيره غيره من الأطفال، وإنه يتقبل الجزاء وهذا ما يدعو إلى التساؤل عن هذه الطاعة لقانون اللعب وعن الداعي إليها.
إن اللعب لا يحظى لدى كثيرا من البيئات العربية عموما، وأغلب العائلات المصرية خصوصا بالاهتمام اللازم وذلك نتيجة تصور ضمني يحمله كثير من الآباء المصريين للعب على أنه نشاط ثانوي على الأقل، وأن الطفل الجدي البعيد عن اللعب هو المثالي، فعن طريق تصرف الآباء والأمهات بوحي من هذا التصور في علاقتهم بالطفل، يتكون لديه تناقض وجداني بين ميوله الطبيعية إلى اللعب وبين إرضاء رغبة الكبار في أن يروه مقلعا عن اللعب أو مقلا منه بقدر الإمكان، منصرفا إلى الأمور الجدية، بالإضافة إلى رغبته في أن يكون مثل هؤلاء الكبار، مندمجا في منظومة علاقاتهم.
وإنا لنشاهد بين وقت وآخر كثيرا من الأسر العربية تقارب بين الأطفال بقولهم: "ذاك الطفل هاديء مجد أما أخوه فعقله في اللعب والجري". إن الإيحاء هنا قوى التأثير في جعل أحد الطفلين يمعن في هدوئه وانصرافه عن اللعب للحصول على مثل هذا الإطراء، وجعل الطفل الآخر يكون صورة غير صالحة عن نفسه وعن اللهو واللعب. وكلتا الحالتين تساهم في تكوين مفهوم لذات الطفل غير سوية.
إن الاعتراف بمشروعية اللعب للطفل، لا ينفصل عن الاعتراف باستقلالية شخصيته، وحقه وحريته. إن هذه الظاهرة المتمثلة في عدم الاعتراف بحق الطفل في اللعب تظهر في التسلطية التي يقطع بها الآباء على أطفالهم ممارسة ألعابهم لقضاء أمر من الأمور التي يرونها جدية، وما يبديه الآباء في نهي الطفل، وربما يفاجئه أحد الآباء وكأنه متلبس.
حقا إننا ربما نلاحظ مع ذلك في بعض العائلات ذات المستويات الثقافية منحهم حق الطفل ببعض حرية اللعب وبخاصة مع طفولته المبكرة، ولكن كلما أصبح الطفل أكبر عمرا، قل نصيبه في الحصول على هذا الحق. كما أن معظم الأسر المصرية فقيرة من اللعب، وما يمارسه الأطفال من الألعاب إنما هو من قبيل تركه لشأنه يفعل ما يشاء، عندما تصبح الظروف مناسبة من وجهة نظر الآباء، أي عنندما لا يكون هناك خطر من تكسير أو إحداث ضجة أو صياح أو نزاع، وبالتالي عندما يكون لعب الأطفال جميلا كتحرك السلحفاة أو تنقل العصافير داخل قفص صغير من السلك هادئا يمثل سلوك الكسالى لا حركات الشياطين.
وسواء لعب الأطفال لعب الملائكة أو لعب العفاريت فليس في معظم البيوت المصرية وسائل أو أدوات للعب، لأن أهم دور في الأسرة هو توفير المأكل والمشرب والملبس وتأديب الأبناء وعقابهم إذا لزم الأمر لا إتاحة جو للعب أو المرح كما هو موجود في مجتمعات أخرى. وحتى إن توافر اللعب فإن مبدأ عدم الاعتراف بحرية الطفل وحقه في اللعب بها مرفوض إلى حد ما والأجدى من وجهة نظر الآباء النظر إلى هذه اللعب وهي مرتبة أو مرصوصة في جوانب من صالات الاستقبال أو في مكان بحيث لا يتمكن الطفل من الوصول إليها خوفا عليها من الكسر وليس خشية على الطفل من الشعور بالإحباط.
إن تنشئة الأطفال مرتبطة في جزء كبير منها بما يمارس من ألعاب في المنزل، وبمقدار ما يشارك به الآباء أطفالهم في العب وهم صغار وما يعطونه من وقت معهم ليصبحوا أعضاء في اللعبة ولا تكتمل التنشئة السوية في حرمان الطفل من هذا الجانب أو ممارسة اللعب خفية وتسترا.
و التدريب على الاستقلالية:
وتختلف الثقافات فيما بينها في مدى الشدة واللين المستخدم لتعويد الأطفال على ممارسة أمورهم وألعابهم والمشاركة في بعض الأمور.
وقد اتضح أن سلوك الاعتمادية والاتكال عند الأطفال يرتبط بالتشدد في فطام الطفل واتباع نظام محدد في تغذيته كما أن الإحباط الذي يعانيه الأطفال مثلما يحدث أثناء اختيار الأشياء أو اللعب يؤدي إلى ميل متزايد من الاتكالية على الغير.
كما أن من عوارض الإفراط في حب الطفل وتدليله أن ينشأ طفيليا، عالة على غيره.
في الشعوب الإسلامية والتى تتخذ من الدين قانونا مستمرا، ينهى الدين عن الاعتماد على الغير ويظهر المسئولية الفردية، ويحذر من هذه الصفة الذميمة. وفي هذا الصدد يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام:"رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس"، كما أن انتظار ما في أيدي الناس أساس الحرمان المادي، ويسبب الذل والهوان عند الله وفي أنظار الناس، وفي ذلك يقول أبو عبد الله عليه السلام:"اليأس مما في أيدي الناس عز للمؤمن".
ويقول الله تعالى في كتابه الحكيم في سورة الطور آية 21 {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} .
ولقد وجدت علاقة ضعيفة بين سلوك الاعتمادية لدى الأفراد وهم أطفال في عمر ثلاث سنوات ودرجاتهم في سلوك الاعتمادية حينما أصبحوا راشدين كما أن الأطفال المعتمدين في عمر 6 سنوات أميل لأن يكونوا سلبيين ومعتمدين في الرشد.
والبنات أكثر استقرارا في سلوك الاعتمادية مقارنة بالذكور، بينما الذكور أكثر استقرارا في سلوك تأكيد الاستقلال. وتؤكد على ذلك Maccoby مشيرة إلى أن هناك اتساقا في سلوك الاعتمادية على الغير عند الإناث خلال المراحل العمرية المختلفة مقارنة بالذكور. كما تختلف درجة الاعتمادية عند الأطفال الأكبر وفقا لاختلاف التعزيز والعقاب الذي يتبعه الوالدان والمحيطون بالطفل.
وقد دلت البحوث على أن السلوك الاتكالي عند الأطفال يرتبط إيجابيا بما لدى بعض الأمهات من ميل إلى الإفراط في الحماية لأطفالهم، وهذا يختلف باختلاف المجتمعات وثقافتها. والثقافة تنقل هذا السلوك من جيل إلى جيل مثله مثل أنواع أخرى من السلوك.
ز- التدريب على العدوان:
على الرغم من أن كثيرا من الآباء والمعلمين في أغلب الثقافات يذمون السلوك العدواني إلا أن هذا السلوك شائع عند الأطفال في الثقافات المختلفة وبدرجات وأساليب متفاوتة.
ومن الأمور الشائعة في مجال العدوان كسلوك، أنه يسبق بإحباط غالبا، وقد عرض Dallard وزملاؤه في كتابهم الشهير Frustration and Aggression العلاقة بين العدوان والإحباط. وبالرغم من ذلك فإن العلاقة رغم وجودها في أحوال كثيرة إلا أنها غير مؤكدة من حالات أخرى كما سبق أن ذكرنا.
إن هناك آباء في ثقافات معينة يحاولون عمدا تعليم أطفالهم الذكور وخاصة ممارسة العدوان من قبيل الدفاع عن النفس، وربما لتصورهم كي يصبحوا رجالا أشداء في المستقبل.
كما أن سلوك الوالدين المتبع في وقف المنازعات الشائع بين الأطفال ربما أسهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة في تنمية العدوان. فالوالدان اللذان يستخدمان العقاب البدني بأسلوب متطرف يميل أطفالهم إلى أن يكونوا عدوانيين. وتعد دراسة Patterson ذات أهمية خاصة في هذا المجال، فقد تبين اختلاف بيئات أو ثقافات أسر الأطفال العدوانيين عن الأطفال العاديين.
إن الطفل الأمريكي مثلا حينما يكون قد اقترب من المراهقة يكون قد شاهد ما يقرب من 13000 حالة قتل خلال برامج تلفزيونية، وهو أمر لا يصل إليه الطفل العربي، وإن كانت الدلائل تشير إلى إمكانية انتقال تأثير مثل هذه النماذج العدوانية بعد انتشار الأطباق الفضائية المعروفة بـ Dish.
إن الثقافة تنقل هذا السلوك بين الأجيال، وربما حدث نوع من الاطراد فيه.