الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
التلفزيون:
بدأ عمل التلفزيون في مصر عام 1960م وقد تضمنت برامجه منذ البداية جانبا خاصا بالأطفال.
ويعتبر التلفزيون جهازا جمع بين الكلمة المسموعة والصورة المرئية، مما يزيد قوة التأثير لاستغلاله حاستين من حواس الأطفال. ورغم أن الوسائل التعليمية
تتنوع بين سمعية وبصرية، إلا أنه من المعروف أن الوسيلة الإيضاحية التي تعتمد على أكثر من حاسة من حواس الطفل، يكون أثرها التعليمي أكثر جدوى وأكثر عمقا ودواما من الوسيلة التي تعتمد على حاسة واحدة فقط. فالصورة تزيد من مدى وضوح الكلمة ومدى فهم معناها، كما أن الكلمة توضح ما تتضمنه الصورة من أفكار ومعان، مما يساعد في النهاية على سهولة استيعاب الرسالة الموجهة للطفل. فهو يتفوق على وسيلة الكلمة المكتوبة أو المطبوعة التي تحتاج إلى إعادة تكوينها في صورة ذهنية قد تشوه أو قد تقصر عن التعبير عن الخبرة المباشرة التي تصفها.
لقد أصبح التلفزيون هو المسيطر الأول على ميدان الاتصال بالأطفال بين وسائل الإعلام، فقد توصل السيد خيري وآخرون في دراسة عن التلفزيون والصغار إلى أن الأسرة قل لديها الاستماع إلى الراديو بنسبة 71%، وقل لديها الذهاب إلى السينما بنسبة 57%، وقل لديها الذهاب للنادي بنسبة 68% تقريبا.
إن المادة المعروضة عبر التلفزيون تمثل أقرب بديل للخبرة الحقيقية وبخاصة الملون منها، فالطفل الذي لم يشاهد قبيلة من قبائل الإسكيمو أو من قبائل البدو أو
…
يمكنه أن يحصل على بديل لهذه الخبرة على شاشة التلفزيون بشكل لا يختلف كثيرا عن موطن الخبرة الأصلي.
وتشير الإحصاءات إلى أن أطفال المدرسة الابتدائية وما قبل المدرسة يشاهدون التلفزيون أكثر من مشاهدة التلاميذ بالمرحلة الإعدادية له، ويقل عدد ساعات المشاهدة يوميا عن ساعة.
إن للتلفزيون قدرة على تحويل المجردات إلى محسوسات، مما يساعد على سهولة فهم الرسالة المقدمة. ويعتبر ذلك مهما جدا لطفل المدرسة الابتدائية، لعدم اكتمال قدرته على فهم المعاني والمدركات الكلية.
إن مشاهدة الطفل للتلفزيون تحدث طواعية، وإن انتباهه إلى برامجه يكون محاطا بتركيز أكثر من انتباهه إلى دروس المدرسة، مما جعل البعض يذهب إلى أن الطفل يتعلم عن طريق التلفزيون قدرا من الخصائص والمعلومات والقيم والاتجاهات أكثر من كل ما يتعلمه أو يكتسبه من المدرسة والكتب المدرسية.
وإذا كان لكل وسيلة جمهور خاص، وإذا كان المثقفون يفضلون بصفة عامة المطبوعات كوسيلة للحصول على المعلومات بالإضافة إلى المذياع والتلفزيون فإن الأطفال يفضلون الصورة والحركة والأحاديث.. وهذا ما يقدمه التلفزيون.
إن القدرة الفائقة التي يستطيع بها أن يعرض غرائب الموضوعات تنمي خيال الطفل وإدراكه. كما أن الاعتماد على الصوت والصورة يقوي القدرة التذكرية واسترجاع الأفكار والمشاهد، وهذا ما يجعله وسيله تعليمية مساعدة في نطاق استغلالها تربويا، وهذا من شأنه أن ينمي عواطف إيجابية في الأطفال نحو البحث والاستطلاع والسعي وراء اكتشاف الغموض.
وهذا لا ينفي وجود مظاهر سالبة لمشاهدة التلفزيون، نجد منها على الأطفال ما يثار فيهم من انفعالات من قبيل الخوف والكره، نتيجة مشاهدة بعض المشاهد للأفلام. إن ملاحظة ما يظهر على ملامح الأطفال من تغييرات تدل على مشاركة وجدانية قوية، كما أن التقنية البارعة للمشاهد التلفزيونية تجعل الطفل يستمر لفترة طويلة بعد المشاهدة تحت تأثير هذه الانفعالات.
ومن السلبيات أيضا إحساس الطفل بالتناقض العاطفي بين الواقع وما يشاهده على شاشة التلفزيون، ففي الأفلام المستوردة وحتى في بعض الأفلام العربية يعيش الطفل العربي هذا التناقض بين بيئة المحافظة التي يعيشها والبيئة الثقافية التي يشاهدها على الشاشة ومنها الزي أو الملابس الخليعة والمناظر الخليعة، فيقع الطفل في صراع بين قولنا له "عيب" أو "حرام" وبين صورة البطل الذي يراه ويشاهده على الشاشة الصغيرة وربما نشاهده معه في نفس اللحظة. مما يعرض قيمه الأخلاقية والدينية لبعض من الذبذبة وعدم المعقولية.
وفي قرب العاشرة من العمر خاصة، وهي ما تعرف برحلة التشكك عند الطفل فيما يدور حوله من أفكار الكبار وتوجيهاتهم بدافع نمو قدرته على النقد، تصبح الذبذبة في القيم الأخلاقية الدينية صعبة. وعندما يطغى حب بطل الشاشة يكون الطفل مهيأ بطبعه لتقليده، وهنا يكون التلفزيون عارضا لنماذج يمكن أن يتقمصها الطفل، وذلك تحت شروط سبق أن تعرضنا لها. وهذا ينعكس على
ألعاب الأطفال العدوانية، ويبلغ أقصاه عندما يصل الأمر بالطفل إلى الانتماء إلى جماعات رفاق من سبيل العصابة.
ونتيجة طول المدة التي يقضيها بعض الأطفال أمام التلفزيون والتي تصل أحيانا إلى أكثر من 3 ساعات يوميا، وانعدام رقابة الآباء، يشعر الطفل بالكسل، وهكذا يفقد جانبا كبيرا من طاقته، ويفقد كذلك بالتالي جزءا من طاقته لمراجعة دروسه بالإضافة إلى إجهاد البصر والأعصاب.
ويكون مردود ذلك بالطبع سيئا على الانتباه والاهتمام ويتولد لديه شعور بالنفور أحيانا من الأعمال والواجبات المدرسية باعتبارها معارضة للمتعة والراحة.
وهذا ما يجعل البعض يرى التلفزيون أداة أو وسيلة "إدمان كهربائية" تشغل الطفل عن القيام بأعمال مفيدة كالقراءة والمحادثة فضلا عن تعليمه العدوان والعنف، كما أن للتلفزيون دورا في ترويج الأفكار الشائعة أو الآراء المقبولة Stereotype أو الصور الشائعة، ورغم كل ذلك فإنه لا نكران لكون التلفزيون ينمي السلوك الإيجابي من التعاطف مع الغير، وقد أثبتت الدراسات أن تعريض الطفل لهذه البرامج يؤدي إلى تنمية روح التعاون والمشاركة عند الأطفال. على الرغم من أن البرامج التلفزيونية التي تحتوي على أدوار عدوانية وأدوار خيرة معا، غالبا ما ينجذب الأطفال إلى الدور العدواني ويفقدون الرسالة الأخرى الخيرة. كما اتضح أن الآباء الذين يعاملون أبناءهم معاملة تتسم بالدفء والمحبة Reaioning غالبا ما نجد أنباءهم ينتفعون كثيرا من البرامج التي تحث على التعاطف.
والكثيرون يرون أن التلفزيون إذا كان ينقص من الوقت الذي يقضيه الأطفال في أعمال نافعة مثل القراءة ومشاركة الغير، فإنه يمكن الأطفال من تعلم مهارات متعددة أخرى، ولكن على أن يكون الآباء على وعي واهتمام بأطفالهم.
وبين الإيجابيات والسلبيات لمشاهدة الأطفال للتلفزيون تجد بعض النظريات في مجال علم النفس لها مكانا.
فنظرية التحليل النفسي لـ Freud ترى أن مشاهدة الأطفال لأفلام العنف وسيلة مفيدة للتنفيس عن الذات والتخلص من العدوانية. أما نظرية التعلم