الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
النظم الثانوية:
وتتمثل في النظم الاجتماعية التي تشكلها جملة الأفعال والأفكار التي يجدها الأفراد أمامهم جاهزة ومفروضة عليهم، وقد يتجاوز عليها بعض الثوار أو المفكرين والمصلحين ويغيرونها ويجددونها، فإذا حدث التغيير في هذه النظم وأثبت فعاليته يصبح الجديد مفروضا على هؤلاء المجددين وبقية أفراد المجتمع والأجيال المتعاقبة إلى أن يأتي ثوار جدد.
وفيما يلي سوف نعرض لأهم النظم الاجتماعية:
أ- نظام الاقتصاد:
تتميز الحياة الاقتصادية لكل بيئة اجتماعية بنوعية خاصة، بناء على طبيعة ما تنتجه وما تستهلكه في ضوء كونها زراعية أو صناعية.
والطفل الذي يربى في ظل حياة اقتصادية زراعية أو صناعية مثلا يتأثر بها، بناء على الوضع الذي هي عليه من حيث الكم والكيف ومن حيث القوانين المنظمة والمبادئ بها مثل:
1-
مبدأ توزيع الثروة:
وأول ما يحدده هذا المبدأ درجة الغنى والفقر التي تكون عليه أسرة الطفل في ضوء كسب قوة حياة الأسرة بالجهد الشاق أو الجهد المعتدل في ضوء الآفاق السهلة أو المعقدة العسيرة للغنى.
وهذا يؤثر فيما يمكن أن يوفر من غذاء وملبس وتعليم ومستوى ذلك الذي توفره. ولا تؤثر درجة الغنى والفقر فيما ذكرناه، بل في درجة حرمانه من عواطف الأم. ففي الظروف الصعبة ربما اضطرت الأمهات إلى ترك أطفالهن لساعات أو طوال اليوم للعمل خارج المنزل من أجل توفير ما يسد رمق الأسرة أو أكثر بقليل.
وتحت هذا الوضع وعند إحساس الطفل، تتكون بذور الكراهية والنفور من بعض فئات المجتمع المحظوظة، وتنمو بذور احتقار النفس والشعور بالنقص.
وربما قال البعض إن أمامنا بعض الحالات التي كانت على شكل أطفال محرومين تمكنوا بجهودهم أن ينجحوا ويحصلوا على الثروة، ولكن ذلك لا يستتبعه بالضرورة سلامة البناء النفسي لأغلبهم، فضلا عن شخصيته البخيلة الشرسة. إن من المعروف أن أبناء الفقراء يدركون وحدة النقود في مجتمعهم أكبر من حجمها بالنسبة لغيرهم من الأطفال الأغنياء.
2-
مبدأ السياسة الاقتصادية:
إننا أمام ثلاثة منطلقات لهذه السياسة، إما سياسة ليبرالية مفتوحة أو سياسة موجهة أو سياسة معتدلة بينهما. والنظام المعمول به يجعل الأفراد منذ أن كانوا أطفالا يشعرون بمستوى المسئولة الاجتماعية أو الفردية التي يتحملونها أو التي يجب أن تكون على عاتقهم.
3-
دور الطفل كمنتج:
ينتهي مبدأ توزيع الثروة ومبدأ السياسة الاقتصادية بتحديد دور كل فرد في الإنتاج. وهذا الدور يجعل الفرد يشعر بذاته وأهميتها وفعاليتها إزاء نفسه وإزاء الآخرين من أبناء مجتمعه، وحتى وإن كان الفرد صغيرا، فهناك من الأطفال من يشعرون بانعدام أهميتهم نتيجة وجودهم حتى فترة المراهقة غير مؤهلين لشيء. إن ذلك نتيجة المبادئ التي اعتنقتها مدارس الصغار القائمة على أن مرحلة الطفولة كلها فترة إعداد وليست فترة إنتاج ولو بسيطا.
إننا نلاحظ أطفال الريف أو البدو يمارسون أعمال الزراعة أو الرعي منذ سن 6 سنوات أو أقل أو أكثر بقليل، ويشعر هؤلاء الأطفال بمسئولياتهم كاملة، في الوقت الذي نجد نظائرهم من الأطفال في المدينة يبقون غير مدركين لأمور الحياة حتى فترة المراهقة.
والنظام الاقتصادي في المجتمع الذي يقوم على جهود أحد الجنسين يجعل الجنس الآخر يعاني من الاغتراب Alienation، إن العامل الاقتصادي المبني على دور كل من الذكر والأنثى في الإنتاج هو الذي يؤدي إلى تطوير بنية الأسرة من سيادة المرأة إلى سيادة الرجل، أو إلى التعاون بينهما، كما نشاهد اليوم في أغلب الأسر في الدول المتقدمة أو بعض طبقات المجتمع المصري.
ب- نظام السياسة:
من المعروف أن البيئة الاجتماعية العامة ترتبط بقيام السلطة، ومع تطور وتعقد الحياة الاجتماعية تنعقد نظم قيام السلطة. والنظام السياسي يطبع الحياة العامة للأفراد بطابع مميز في المنزل والشارع والمدرسة. ونتيجة لوجود الطفل في هذه الأماكن لأوقات ليست بالقصيرة، يمارس أهل الطفل والطفل نفسه بعض الحقوق السياسية التي ينشأ فيها ويتنشأ عليها.
فالنظام السياسي الاستبدادي يقلل من وجود المصانع المشتركة بين أفراد المجتمع عن طريق ما يلقيه في نفوسهم من خوف ورعب، والطفل الذي يترعرع في ظل نظام من هذا النوع يهيأ لأن يكون انطوائيا وأنانيا.
والطفل الذي يترعرع في مجتمع ديمقراطي، يجد أمامه العلاقات اليومية التي تنعكس عليه آثارها المتمثلة في الاعتزاز بالنفس وبالمجتمع وأفراده.
فالطفل الذي يشاهد مراسم اختيار رئيس دولته وما يسبقها من حرية في اختيار الزعيم، ويعيش ظروف الكشف عن قضية مثل قضية وترجيت أو تطرفات سابقة للرئيس الأمريكي كلينتون
…
وكيف تتخذ فيها الإجراءات القانونية
…
يرى كيف أن منصب الرئاسة لا يحمي صاحبه من الاتهامات له أو لكبار المساعدين
…
وينمو هذا الطفل واثقا من نفسه معتزا برأيه وغير خائف من قول ما يرى ورؤية آثار ما يقول
…
يرى حق الانتقاد
…
في الوقت الذي نرى فيه غيره من الأطفال الذين نموا في ظل أنظمة نازية
…
تطبق المثل القاتل "من له ظهر لا يضرب على بطنه".
إن المجتمعات المتقدمة تختلف أيضا في مستويات سياستها ونظمها، ومثال ذلك ما نلاحظه من تفتح أمريكي مقابل تحفظ إنجليزي عندما يعرض Allport مثاله عن سفينة الركاب الأمريكية التي تسمح للأطفال والكلاب بالتجوال فيها بحرية بينما لا يسمح في الباخرة الإنجليزية للأطفال بدخول الصالونات وبعض المرافق.
جـ- نظام القضاء والدين:
هذا النظام يتمم نظام السياسة، ويتوقف عليه حقوق الأفراد، فالنظام القضائي والدين يدعم نظام السياسة ومن المعروف أن "العدل أساس الملك". وهذا العدل هو تساوي الأفراد أمام القانون وتجرد القاضي عن الأغراض وكل سلطة يمكن أن تتدخل في أحكامه إلا القانون والدين.
فالطفل الذي ينشأ في مجتمع عادل في قوانينه وشرائعه عند اتخاذ القواعد أو التطبيق والتنفيذ لها يهيأ لحب العدالة واحترام الغير، والطفل يتشرب كل ذلك في علاقته بأفراد الأسرة والرفاق في المدرسة.
إلا أن ما يعتبر عدلا في بعض الأمور في مجتمع ما ربما كان ظلما في مجتمع آخر، فهناك مجتمعات قائمة على التمييز العنصري أو على التمييز بين
الذكور والإناث. فأنظمتها في ضوء قوانينها وتعاليمها عادلة، وفي عرف ثقافات أخرى تعد ظلما فادحا. وهذا لا يجعلنا ننسى المبادئ العامة التي لا يمكن أن تقوم عدالة بدونها مثل احترام الإنسان وعدم استغلاله، أو التقليل من كرامته.
فمثلا في الدين الإسلامي لا تعد تربية الأطفال تربية صحيحة واجبا وطنيا وإنسانيا فحسب، بل إنها فريضة روحية مقدسة، وواجب شرعي لا يمكن الإفلات منه. لقد وجدنا في هذا الحديث أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرح بمسئولية الأبوين في تربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجبا دينيا يستوجب أجرا وثوابا من الله تعالى، وإن التقصير في ذلك يعرض الآباء إلى العقاب.
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "وتجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه".
ويذكر علي عبد الواحد وافي أن Lintion درس ثقافتين تتميزان أساسا بنظم دينية مختلفة في درجة التسامح والتشدد إحداهما بجزر المركيز والثانية بجزر تانالاس بمدغشقر. فالأولى تتميز بديانة متسامحة لا تثير الخوف والرعب في الأطفال، والثانية تتميز بالشدة والصرامة في الأمور الدينية. وقد وجد اختلاف بين نمطي الشخصيات للأطفال في الديانتين. وفي الديانة الطوطمية يتضح كيف أن عواطف الطفل في مجتمعاتها تتجه إلى الحيوان والبنات لتتبلور حوله فتحبه وتقدسه، مما يدل على قوة العاطفة الدينية وأثرها على تنشئة الأطفال. فالأفكار الدينية يتأثر بها الطفل لأنها تزرع في نفسه الحب والإيمان، وربما الرعب والخوف وربما من هذا الجنس "رجل" أو ذاك "امرأة" فيتهيأ الطفل إلى إقامة علاقات مع أفراد وينفتح على موضوعات وينغلق على أخرى من خلال سلوك عملي، فتنمى روح التضحية بما لا يضحى به في الظروف العادية، وتطبعه بالتسامح أو التشدد وتهيئه على النحو الذي يجب أن يترجم عليه حوادث العالم المحيط به.
د- نظام العائلة:
ويتمثل في القواعد التي تخضع لها الأسرة عند تكوينها ووظائفها وعلاقة أفرادها بعضهم ببعض، من زواج، وطلاق، وحضانة، ونفقة، وواجبات،
وميراث
…
ويرتبط ذلك بدرجة أو بأخرى بالدين والقانون باختلاف المجتمعات. فالطفل يتأثر في تكوينه بالعلاقة بين الوالدين، ويتأثر بمن يتصل بالأسرة من أقارب ومدى أهميتهم طبقا لطبيعة المجتمع، فبعض المجتمعات يأخذ فيها العم أو الخال الأهمية الكبرى لدرجة أن عقدة أوديب تتجه إلى العم أو الخال لما لهم من سلطة حقيقية في الأسرة خولها نظام العائلة المعمول به في ذلك المجتمع.
وهناك نظم عائلية تبيح الطلاق في الوقت الذي تحرمه نظم أخرى أو تمنعه، ولذلك آثاره على الأطفال في ضوء الرابطة بين الوالدين وإيجابياتها وسلبياتها.
وتتضمن النظم العائلة حضانة الأطفال ومن يقوم بها، فالعرب قديما في مكة المكرمة كانوا يوكلون أبناءهم إلى مرضعات، وكو ن الطفل يحمل اسم أبيه، ولا يحمل اسم أمه، وتفاوت نصيب كل من الذكر والأنثى في الميراث
…
كل ذلك يهيئ تنشئة مختلفة عموما باختلاف الثقافة وأيضا باختلاف الجنسين.
وكذا تعدد الزوجات أو الأزوج والمحارم وغيرها، تعد نظما عائلية تختلف باختلاف المجتمعات وباختلاف الديانات المعتنقة، وتبلور عواطف الأطفال الناشئين في اتجاهات معينة، فتحدد له موضوعات حبه وكيفية التعبير عن هذه العاطفة
…
كما تحدد له أعداءه الذين يمكن أن يكونوا موضوع كراهية باعتبارهم يخرجون عن النظام العائلي المعروف له.
هـ- نظام الأخلاق:
الأخلاق عبارة عن جملة من القواعد التي يلتزم بها الفرد مع غيره، وتحدد المبادئ التي يقيمون على أساسها علاقاتهم والمعايير التي يستندون عليها في اتخاذ القرارات من حيث هي خير أو شر، فضيلة أو رذيلة كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وهذه القواعد ثمرة تفاعل نظام القضاء والدين والعائلة وحتى النظام السياسي
…
بالإضافة إلى التقاليد والأعراف، وبطبيعة الحال تختلف من بيئة إلى أخرى.
وعن طريق مفهوم "العيب" و"الحشمة" و"الالتزام" تتسرب الأخلاق إلى الطفل عبر أسرته ومدرسته وقبلها روضته. ومن هنا يتكون الضمير أو الأنا الأعلى
بلغة فرويد، وتتكون منظومة القيم الأخلاقية مصاحبة مشاعر الاستحسان والإقبال نحو موضوعات، ومشاعر النفور والاستهجان نحو موضوعات أخرى.
وبالنسبة للأطفال الصغار في مرحلتهم المبكرة تتركز المسألة الأخلاقية حول مناطق الإخراج بصفة خاصة، وتجد كلمة "عيب" صداها إذا تعرى جزء من جسم الطفل ثم إذا تحدث بكلمة جارحة أو إذا استخدم أو لمس أشياء معينة، ثم تتسع المسألة إلى أن يصل الطفل إلى مرحلة يستطيع فيها أن يقيس ما لم يمنع على ما منع
…
إلى أن يصل الكبير في الدين الإسلامي إلى أن البر حسن الخلق.
ويبدو تأثير النظام الأخلاقي على الصغير في مرحلة مبكرة من عمره مع بدايات تدريبه على الإخراج والأكل والكلام
…
وهذا ما يجعل أثرها أقوى وأطول في المدى.
و النظام الفني الجمالي:
إن عناصر الفن والجمال في المجتمعات تتمثل في الطبيعة والموسيقى والتصوير والرسم والغناء والرقص
…
وتتضافر الأنظمة الأخلاقية والفنية والجمالية أثناء تنشئة الطفل، ففي الجانب الخلقي نجد المنع والردع والحب والتفصيل، وفي الفن والجمال نجد ذلك أيضا مع التفتح والابتكار لإظهار كل فن وكل جميل.
إن معايير نقد الفن والجمال في بيئة الطفل تكون جزءا من شخصيته وتؤهله ليكون متذوقا. والبيئة الاجتماعية بنظامها الفني الجمالي تمنحه ما يؤهله للكشف عن قدرة الخالق وجمال الطبيعة وإمكانات البشر، بالإضافة غلى عدم تجاوز الحدود في بعض الأمور مثل النحت أو التشكيل كما نرى في ثقافتنا الإسلامية. أما بقية الأمور الجمالية فهي تهيئ نائشا يمكنه التنفيس عن نفسه في مواقفه الصعبة أو المكدرة التي لا بد أن يمر بها كل إنسان، فيشعر بأنه يعيش حياة ممتلئة امتلاء ليس حالة من "النزفانا" كما يقول Rogers بل انفتاحا وثقة متزايدة.
ويشير مصطفى سويف أن ما أظهرته البحوث في الإبداع أن كاتب القصيدة يرمي من إبداعها ترميما للصدع الذي يشعر به أو الذي يعانيه بين الأنا والنحن.
ز- نظام اللغة:
ويتمثل ذلك فيما تتخذه البيئة الاجتماعية من وسائل للتخاطب والتفاهم والاحترام، وما يستعمل من إشارات أو أصوات في التعبير.
واكتساب الطفل لهذه الأمور هو جزء من الاندماج الحقيقي في البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها.
ويعد استخدام الكلمات والألفاظ والإشارات وحركات العين أو اللسان أو الفم أو الوجه أو الأطراف مؤشرا لوصول الطفل إلى مستوى مناسب من الذكاء يمكنه من ذلك. وهذا ما يجعل إتقان نظام اللغة مرتبطا بالذكاء، وهذا ما يدفعنا بين وقت وآخر إلى إعداد اختبارات للذكاء مشبعة بالعامل اللغوي، وجعل Piage يهتم بمجال اللغة والفكر عند الأطفال.
ح- النظام الديموجرافي Demographic والمورفولوجي Morphologie:
ويتمثل ذلك في مناطق السكن وتعداد السكان ونسبة والمعمرين وعمليات الهجرة من القرى إلى المدن.
ولهذا النظام ومكوناته آثاره على نمط الشخصية، فنجد سكان المناطق الساحلية لهم خصائصهم التي تنعكس على تنشئة الأبناء، وكذا سكان الصحاري والجبال.
فنحن لا نجد رجل الريف متقززا عندما تشاركه حيواناته مكان نومه، بينما نجد أن رجل المدينة ربما يطلب إخراج قطة صغيرة هادئة من غرفة نومه.
ويستعرض مبارك ربيع أن سكان سوس في جنوب المغرب معروفون بالهجرة إلى المناطق النائية داخل المغرب وخارجه، سعيا وراء الرزق والكسب. وهم في هذا معروفون بأنهم تجار يتميزون بالأمانة، إلا أنهم معروفون كذلك بأنهم يفارقون أبناءهم وزوجاتهم سنوات طوالا، يعودون خلالها مرة على الأكثر كل عام لرؤيتهم، وهذا يدل على أن عاطفة الحب عند الأبناء والزوجات تخالف في قوتها ما هو موجود عند غيرهم من سكان المناطق الأخرى وخاصة سكان السواحل.
ك- التصورات عن الأطفال:
ويشبه ذلك بعملة ذات وجهين: أحدهما ما يحمله الطفل من تصورات عن نفسه، والوجه الآخر ما يحمله الكبار من تصورات عن الطفل.
وليس هناك خلاف حول التصورات التي يحملها الطفل عن نفسه في أنها انعكاس لما يحمله الكبار من تصورات عنه.
وبقدر ما تنظر البيئة المحيطة بالطفل إليه على أنه وديع، أو شرير وطبيعته شريرة، وتحتاج إلى القمع، تتكون فكرة الأطفال عن ذواتهم ويميلون إلى الثقة بالنفس أو الشعور بالنقص.
وتحت هذا النطاق نجد بعض المجتمعات ما زالت تنظر إلى الذكور على أنهم أفضل من الإناث، وينعكس ذلك على الذكر والأنثى على حد سواء، فالتصورات التي يحملها الطفل عن نفسه والتي تتسرب إليه من خلال ما تثقفه به بيئته، تؤثر على الدور الذي سيتقمصه الطفل ودرجة قبوله لهذا الدور.
وهناك من الأطفال من يكون لهم خصائص لها أهميتها عند تنشئتهم مثل الطفل البكر والطفل الأكبر والطفل الأخير والطفل الوحيد.
ويجب أن يأخذ في الاعتبار أن التشابه في مستوى الحضارة لا يعني بالضرورة تشابها في التصورات المتعلقة بالأطفال.
لقد أظهرت بحوث Mead عن عشائر الأرابش بغينيا الجديدة، وهم سكان الجبال أنهم يختلفون في تصوراتهم عن الطفولة مقارنة بجيرانهم المندوكومور سكان الوادي. ففي الوقت الذي يبدو فيه سكان الجبال أكثر تعلقا بأطفالهم وأشد عطفا عليهم، نجد سكان الوادي لديهم لا مبالاة في معاملة الأطفال. وهذا ما أظهر أطفال أرابشيين واثقين من أنفسهم مقابل أطفال مندوكوموريين يحفهم القلق والاضطراب.