الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سابعا: تنشئة الأطفال عند الفينزويليين الأفارقة
الفنزويليون الأفارقة من العبيد الذين اقتيدوا إلى فينزويلا للعمل في المناجم وزراعة المنطقة الساحلية، وقد حصلت بعض الأسر منهم على قطع من الأراضي للزراعة فيها، وقد بنت الحكومة لهم مساكن مجهزة بالماء والكهرباء تعويضا عن الأكواخ القديمة، وأصبح بإمكان العبيد هؤلاء شراء أجهزة التلفزيون والأدوات المنزلية.
ورغم هذه التحولات إلا أن المراهقين من هذه الفئة يهاجرون عندما يتركون المدرسة إلى المدن بحثا عن مصير أفضل.
والآباء يرون من المهم أن يتلقى أبناؤهم تعليما ليحسنوا مستواهم من المنزلة الزراعية.
1-
الأعراف والقيم الشائعة:
هناك احتفاظ بكثير من التقاليد القديمة كالشعائر الدينية والطب الشعبي والأساطير، ويحيي الفينزويليون الأفارقة "عيد القديس حنا" بأفراح كبيرة.
والطقوس الجنائزية ما زالت بها بعض الممارسات الإفريقية، مثل السهر على رأس المتوفى والانتحاب الشعائري، وتنتهي بشعيرة طرد روح الميت. ويؤمن الفلاحون الفينزويليون الأفارقة بالأرواح الشريرة والأرواح الطيبة، وعند موت أحد أفراد العائلة توضع أشرطة سوداء أو حمراء في معاصم الأطفال لمنع روح الميت من أخذهم إلى العالم الآخر.
وتكوين العائلة يندر فيه الزواج القانوني، والكثرة الكثيرة من المعاشرات بالتراضي، ولذلك فالنسبة الأعلى من الولادات سفاح، والأمومة محببة جدا سواء كانت الأم لها أولاد شرعيون أو غير شرعيين.
ولا وجود للعنوسة. والأبناء اللقطاء لا يعانون من كونهم غير شرعيين. وإذا وجدت روابط زوجية فهي غير ثابتة ولا مستمرة. والأم هي التي تربي الطفل.
وليس للطفل من علاقة ثابتة إلا معها، لأن الأطفال يبقون معها حتى إن بدلت صاحبها أو زوجها.
وإذا وجد الأب أو الصاحب مستمرا مع الأم، فإنه لا يقوم إلا بدور ثانوي في حياة الطفل، ويظهر بعض الآباء عطفا على طفلهم، ولكنهم يخجلون من مداعبة الأطفال أمام الناس، وكثيرا ما يساهم صاحب الأم الجديد بعد زوجها أو صاحبها الأول في العناية بالأطفال.
ورغم ذلك فإن الأمهات يتمنين أن تتزوج بناتهن قبل أن ينجبن سفاحا، أو يجدن على الأقل صاحبا عوضا عن الزوج يكون ملتزما ومسئولا لكن الأمهات يتنازلن بسهولة جدا إذا لم تتحقق أمنياتهن. وبالمقابل فإن الآباء يشجعون أولادهم من سن العاشرة على الألعاب الجنسية، ويفتخر الآباء بمغامرات أبنائهم. وإن كانت العديد من التقاليد تأخذ في الزوال.
2-
رعاية الأطفال من الوالدين:
تعتني الأم بالطفل، تطعمه وتوفر له الملبس. والرضاعة من ثدي الأم للطفل كانت شائعة فقط في الماضي حتى يصل عمر الطفل إلى عامين أو عند ميلاد طفل جديد وفيما بعد فإن الأمهات يطعمن الطفل من الثدي والزجاجة.
وإذا لم يأت للأم طفل آخر، فإنها غالبا ما تدهن حلمتها بمادة مرة لتنفر الطفل وتيسر فطامه.
وتعطف الأم على الطفل بشدة، ولا تتركه باكيا مدة طويلة، ولا تعاقبه إلا بعد عمر الثانية، وتأخذ في تعليمه ما يجب أن يفعله وما يجب ألا يفعله ابتداء من هذه السن، وقبلها بقليل يتعلم الطفل كيف يكون نظيفا من عمليات الإخراج.
وفي عمر الرابعة أو الخامسة، يتعلم الأطفال أداء بعض الأعمال البسيطة كإحضار الماء والكنس وترتيب الفراش.
وفي الماضي كانت الأمهات تقص على أطفالها حكايات عن الأشباح وحيوانات خرافية، لتعلم الأطفال منها القواعد الخلقية ولمنع الأطفال من الاقتراب.
من النهر وردعهم عن الخروج من المنزل ليلا، أما في الآونة الحالية فعدد من هذه الأمور قد اندثر أو على وشك الاندثار.
والأمهات يتحلين بالصبر رغم كبر عدد الأطفال أو عدد أفراد الأسرة، وهن متذبذبات مع أطفالهن، فاليوم قد تتسامح مع نفس الفعلة التي عاقبت عليها بالأمس.
ويعامل الأطفال قرب الثانية عشرة من العمر معاملة الرشد، والأم هي أهم شخص في تنشئة الأطفال في الأسر السوداء بفنزويلا، وهي التي تعلم الطفل كل ما يساعده على اتباع السلوك المناسب، وليس للأب سوى دور هامشي للغاية.
3-
مراعاة الفروق بن الجنسين:
منذ الطفولة المبكرة، يتم التمييز بين الجنسين، ففي حين تثقب آذان البنات الصغيرات، ويبقين نادرا عاريات، فإن الأولاد الذكور قد يظلون عراة إلى أن يذهبوا إلى المدرسة.
وابتداء من سنة الخامسة، تبدأ معاملة الأولاد والبنات بطرق مختلفة تدريجيا. وإذا كان الأب يعيش في المنزل فإنه قد يصطحب ابنه في السفر أو عند الذهاب للحقل ويعلمه مبادئ الزراعة.
ويعاقب الأولاد بشدة مقارنة بمعاقبة البنات، وخاصة في حالات العصيان أو قلة الاحترام.
وتتعلم البنات مبكرا العناية بشئون المنزل، وفي سن السابعة يذهب أغلب الأطفال إلى المدارس، وقديما لم تكن هناك مدارس، والبنات غالبا ما يصبحن حوامل في الثانية عشرة من العمر وعليهن تحمل المسئوليات قبل الرشد الحقيقي وتحذر الأمهات بناتهن أحيانا من الألعاب الجنسية، ويضربنهن إذا هن تغازلن مع الأولاد، ولا مانع من حبسهن في المنزل ليلا.
4-
المشاركون في التنشئة:
إذا كانت الأم الشابة تعيش مع والدتها، فإن الأخيرة "الجدة" قد تصبح أهم شخص بالنسبة للطفل، ولا سيما إذا كانت الأم مضطرة للعمل خارج المنزل،
وخلاف ذلك وعندما لا تتلقى الأم الشابة أي عون، فإنها تدع الطفل إلى شخص يكون له بمثابة الأم كالخالة. وإذا كانت هناك أخت أكبر للطفل فيفترض الاهتمام به من جانبها عند غياب الأم.
وعندما يبلغ الأطفال الرابعة، يشرع ذووهم في اصطحابهم إلى الحفلات ويعلمونهم النقر على الطبول والرقص مع الكبار.
وأصبح للمعلم في المدرسة اليوم دور فعال في التنشئة وبمكانه أن يؤثر في تلاميذه سلبا أو إيجابا وذلك تبعا لخصاله الشخصية. ويعطي المعلمون التوجيهات المتعلقة بضروب السلوك الجديدة، المتلائمة مع التحولات الحديثة.
5-
المنتظر للأطفال:
من سن الرابعة أو الخامسة من المتوقع أن يتعلم الأطفال أهم قواعد السلوك، وفي هذا العمر يتبين الأطفال أن للناس جميعا أبا وأما، وحتى إذا لم يكن الأب موجودا، ويعرفون ما إذا كانت العلاقة بين الوالدين طبيعية أم لا.
وفي هذا العمر يكتشف الأطفال الواقع الجنسي من خلال لعبهم بالشارع، ويتعلمونه عن طريق الملاحظة بسبب الاختلاط. وإن كانت الأمهات ينفرن من الحديث عن هذه المسائل مع بناتهن، وحتى عندما يبلغن عشر سنوات ولا يقبلن نهائيا التحدث بهذا الأمر مع الأولاد الذكور.
ومن المتوقع بعد تعليمه لمدة ثلاث سنوات بالمدرسة ألا يعرف الأطفال القراءة ولا الكتابة أو يعرفونها بالكاد، لكنهم يكتسبون بعض الأفكار عن المجتمع وعن فينزويلا. وقد تسبب هذه الفترة من الدراسة ظهور بعض الصراعات لدى الأطفال بين قيمهم التقليدية والأفكار الحديثة.
ويفترض فيمن وصل إلى العاشرة من العمر أن يفعل كل شيء بنفسه، والمعاشرة مرغوب فيها جدا في هذه الفترة وما بعدها وخاصة لدى الفتيات، ويظهر لدى البنات بعض الاحتشام في حين يصبح الأولاد أكثر عدوانية.
وفي سنة 12 سنة يتعين على الأطفال طاعة من هم أكبر منهم واحترامهم رغم تمتعهم بحرية شخصية أكثر عن ذي قبل.
6-
نتائج ومشكلات التنشئة لدى الأطفال الفينزويليين الأفارقة:
تشكو الأجيال القديمة من الأهمية التي أصبحت للمدرسة، ومن إهمال الأطفال لواجباتهم تجاه أسرهم، ولم يعد الآباء يعلمون الأطفال الزراعة، وأصبحوا أكثر لعبا في الطرق مع الرفاق، ويزعم الأجداد أن الأطفال في السابعة كانوا أكثر احتراما لمن هم أكبر سنا، وأن هناك تغييرا في القيم والتقالد التي سادت لفترات.