الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجيد خاص به ويتميز به، تعلنه المصادر والمراجع في كل وقت وحين، ويجب ألا يطرأ على الأذهان السؤال التقليدي. لماذا لا نلحق نحن بلدان العالم الثالث بركب الدول المتقدمة باستيراد الثقافة؟ أقول: لأن المسألة ليست استيرادا للثقافة بقدر ما هي تفاعل للتثقيف الواعي، لأن اللحاق بهذا الركب لا يجب أن يكون على حساب عراقة وأصالة وعظمة شعوب من أعظم وأخلد شعوب العالم فيما مضى هم شعوب العالم العربي، وإلا فسوف نساعد الطامعين في محو أصالتنا واختزال تراثنا الزاهر.
إن هذا لا ينسحب إلا على عدد فقط من البرامج، والحق أن هناك برامج أخرى لها أهميتها وقدرتها وأصالتها.
8-
بعض البرامج في الميزان:
ومع البرامج التي تشاهد بقصد الترفيه وتمضية الوقت واستهلاكه مع الطفل الزاخر بالإمكانيات، فهي ليست تثقيفية معرفية أو تربوية وتبقى معها طاقات وإمكانيات الأطفال معطلة.
إلا أن البعض يأخذ في الاعتبار أفضل ما يمكن له واضعا في الاعتبار غايات تثقيفية ومعرفية وتربوية إلى حد كبير. ومن هذه المسلسلات مسلسل "سنان" و"أحلى الأيام"، و"نبيه وصالح" وبعض حلقات جوهرية جدا من "حواديت زمان"
…
وغيرها.
وإذا كانت هناك البرامج غير العربية والتي يستعان بها في مثل أفلام الكارتون المحببة للأطفال المشغوفين المولعين بها، فأين الدبلجة الخاصة بها؟ فهذه مثيرات بصرية فقط يتعرض لها الطفل ويتابعها بكل حواسه كل يصل إلى المعنى وبدون تفسيرها أو تعريبها نقدح خيال الطفل لأكثر مما يتحمل الموقف، فقد يأخذه هذا الخيال لتفسيرات سيئة للمواقف التي يشاهدها في هذه الأفلام غير الموجهة للمعنى والحدث بلغة يفهمها الطفل. إن الأمر يحتاج إلى توضيح للمشهد وإشارة للمعنى وإشارة لمحتوى الفكرة في أثناء متابعة الطفل ومراقبته، ومن المستحب توضيح الفائدة بنهاية العرض مباشرة حتى تكون القيمة في طريقها للتشكيل.
وفي البرامج لا نرى تنمية القدرات العقلية فليس من هوايات للرسم والتلوين أو التذكر أو التخيل وإن كان منها بالمدرسة إلا أنه من المفضل توافرها في البرامج التلفزيونية المحببة للأطفال بدرجة أكثر مما هي عليه الآن.
ومسلسل "سنان" من المسلسلات الهادفة والتي لها مستوى مرتفع ثقافيا وعقليا، ولها مضمون تربوي عميق، إلا أن بها شخصيات بعيدة عن الطفل، و"سنان" يحافظ على الحب والوفاء ويدعم الإخلاص ويسعى إليه ويتخذ من المثل ويرقى بها إلا أنه ما زال موافقا "لفرفور" و"شرشور" ومعهما كما يظهر في بعض الحلقات على الرغم من أنهما ممثلان للشر والخبث والدعاء في الوقت الذي نسعى فيه مع الأطفال بالبعد عن الجليس السوء وعدم مرافقته.
وفي مسلسلات أخرى نجد جميع الحيوانات تأكل نفس الحلوى ونفس نوع الأكل، وتعيش في نفس الأماكن، ويصبح الطفل في حيرة من أمره بين ما يشاهده وبين واقعه، فضلا عن أنها قد تكون حيوانات بأشكال غير معروفة فلم يعرف ما هو هذا الحيوان أو ذاك.
وفي مسلسل "حواديت زمان" قد تشمل الحلقة الواحدة حلقتين فرعيتين أو أكثر، ويقوم نفس الأشخاص بالأداء في الحلقتين لأدوار مختلفة الاتجاه ومتعارضة المبادئ، وذلك بالنسبة لبعض الشخصيات فقط، وهذا يعني أنه بالإضافة للخلط الذي يحدث في ذهن الطفل والتداخل في الأفكار نجد الصواب فيما يتكون لدى الطفل نتيجة الدور الذي يقدمه الممثل. وهذا لا يجعلنا نقلل من المضمون التربوي في بعض المواضع.
ومن الأفلام المحببة للأطفال "توم وجيري" و"نقار الخشب" إلا أن الملاحظ في معظم الحلقات كيفية تصميم "المقالب" و"الخبث" و"الشر" إلى حد ما، وهذه النواحي لا تطغى بالفعل على إمكانيات هذه الأفلام التربوية والترفيهية بالنسبة للأطفال ولكنها في سبيلها لتدعم النواحي السلبية كالخداخ مقابل نواحي إيجابية.
و"افتح يا سمسم" فيه من الأفكار التربوية ويا حبذا إذا وجد ما يشد الأطفال كالمسابقات وأسئلة الذكاء والمفاجآت الهادفة في شتى الخبرات وكذا إذا
استعين بأطفال أثناء الأداء، لهم نفس العمر الذي يحتويه الهدف الموجه وليس بأطفال أكبر من الهدف الموجه والمقصود. وإن كان هذا المسلسل به من الأغاني ونعلم أهمية الأغنية وفعاليتها على الأطفال ومعهم، إلا أنها أغان مباشرة ليس فيها من الخيال الذي يمتع الطفل فيصبح للأغنية عمق في نفسه فتشده بالحركة أو الترديد أثناء الأداء فتمس وجدان الطفل وتملأ عاطفته. ويلاحظ أن كلمات الأغاني في معظمها مباشرة للغاية والأغنية ليس لها اللمسة الوجدانية، فالكلمات لأغنية الطفل يجب أن تكون غير مفتعلة وتكون خارجة من وجدان المؤلف حتى تصل إلى وجدان الطفل ومشاعره. فالطفل حساس للكلمة الحلوة الرقيقة ذات الشاعرية والنغم والخيال والتي تشبع العقل والفكر. ولكن أين هي؟.
إن الكثير من الأغاني مفتقد بل نادر بصفة عامة في برامج الأطفال ويحتاج إلى المحتوى النفسي والتربوي الملائم للكلمة المنظومة الموجهة للصغير.
إن أغنية الطفل لم تشغل حيزا ملائما في برامج الطفل هنا، وبالرغم من أن الكلمة المغناة غذاء لروح الطفل منذ شهوره الأولى، والشكل المحبب منها يكون ذا إيقاع سريع خفيف وتشمل الحوار الرقيق كلما أمكن.
والأطفال حتى الرابعة تستهويهم الحركة فيما يقدم، وبعد ذلك العمر يحتاج الأطفال إلى الخيال الحر المنطلق لأن لهم عالمهم الخاص الذي يجب أن ندع له ساعة في النهار يخرج فيها بعقله وفكره على واقعنا المادي البحث فيصور لنفسه أشياء "كالخاتم السحري" و"مصباح علاء الدين" و"بساط الريح" أو "بحار السندباد".
لندع الأطفال يعيشون ساعة من اليوم في دنيا لا يقيدها منطق الواقع، ففي ذلك دعم وتنمية لقدراتهم الابتكارية فيما بعد، وعلينا أن نحيط هذا الخيال في نهايته بانتصار الحب والخبر والجمال آخذين في الاعتبار أنه ليس معنى تعاطف الطفل مع الخيال أنه لا يفهم الواقع.
وحقيقة هناك العديد من الأعمال للأطفال تظهر على الشاشة المصرية والسعودية الصغيرة تستحق التقدير، ففيها من الجهد والكم، ويا ليت هذه البرامج تكون على قناة واحدة أو في أوقات متفاوتة لأنه في بعض الأحيان قد تأخذ هذه البرامج نفس وقت التقديم على القنوات المختلفة.
أما برنامج "ناشئ في رحاب القرآن" الإذاعي فهو برنامج رائع، ومن المستحب أن يستضيف أكثر من طفل في الحلقة، ويحضر النقاش مجموعة أخرى من الأطفال.