الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَأَحْكَامِهَا
(الْإِجَارَةُ) : مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ الْعِوَضُ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا. وَهِيَ وَالْكِرَاءُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا عَلَى الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ وَمَا يُنْقَلُ مِنْ غَيْرِ السُّفُنِ وَالْحَيَوَانِ إجَارَةٌ، وَعَلَى الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ مَا لَا يُنْقَلُ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَأَحْكَامِهَا]
[تَعْرِيف الْإِجَارَة]
الْمُرَادُ بِهَا حَقِيقَتُهَا وَأَرْكَانُهَا وَشُرُوطُهَا وَمَوَانِعُهَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:" وَأَحْكَامُهَا " مَسَائِلُهَا الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا مِنْ صَحِيحَةٍ وَفَاسِدَةٍ.
قَوْلُهُ: [مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَجْرِ] : دَائِرَةُ الْأَخْذِ أَعَمُّ مِنْ دَائِرَةِ الِاشْتِقَاقِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْأَجْرَ لَيْسَ مَصْدَرًا.
قَوْلُهُ: [أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا] : أَيْ وَمِنْ فَتْحِهَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مُثَلَّثَةُ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ وَهِيَ مَصْدَرُ أَجَرَ بِالْقَصْرِ كَكَتَبَ. وَيُقَالُ: آجَرَ إيجَارًا كَأَكْرَمَ، إكْرَامًا وَيُسْتَعْمَلُ الْمَمْدُودُ أَيْضًا مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ فَيَكُونُ مَصْدَرُهُ الْمُؤَاجَرَةَ وَالْإِجَارَ بِالْقَصْرِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْقِتَالِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ مِنْ السُّوءِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مِنْ أَجَارَ إجَارَةً كَأَعَاذَ إعَاذَةً وَأَقَامَ إقَامَةً. قَالَ الْخَرَشِيُّ: وَقَدْ غَلَبَ وَضْعُ الْفِعَالَةِ بِالْكَسْرِ لِلصَّنَائِعِ نَحْوَ الْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ، وَالْفَعَالَةُ بِالْفَتْحِ لِأَخْلَاقِ النُّفُوسِ الْجِبِلِّيَّ نَحْوَ السَّمَاحَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَالْفُعَالَةُ بِالضَّمِّ لِمَا يُطْرَحُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ نَحْوَ الْكُنَاسَةِ وَالْقُلَامَةِ.
وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]
وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]
كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ، وَمَا يُنْقَلُ مِنْ سَفِينَةٍ وَحَيَوَانٍ: كِرَاءٌ غَالِبًا فِيهِمَا. وَهِيَ عُرْفًا: (عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) : خَرَجَ الْوَقْفُ وَالْعُمْرَى وَالِاسْتِخْدَامُ وَالْإِيصَاءُ وَالْإِعَارَةُ، (عَلَى تَمْلِيكِ مَنْفَعَةٍ) : خَرَجَ الْبَيْعُ فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى تَمْلِيكِ ذَاتٍ، (بِعِوَضٍ) مُتَعَلِّقٍ بِمَنْفَعَةٍ: أَيْ تَمْلِيكٌ لِمَنْفَعَةٍ فِي نَظِيرٍ وَمُقَابَلَةِ عِوَضٍ، وَفِي الْحَقِيقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِمَنْفَعَةٍ: أَيْ كَائِنَةٍ وَمَجْعُولَةٍ فِي نَظِيرِ الْعِوَضِ، وَقُصِدَ بِذَلِكَ إخْرَاجُ النِّكَاحِ وَالْجَعَالَةِ. فَالْمَنْفَعَةُ فِي الْإِجَارَةِ تَكُونُ فِي نَظِيرِ الْعِوَضِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ مِنْ إتْمَامِهِ رَجَعَ لِلْمُحَاسَبَةِ، وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالْجَعَالَةُ،
ــ
[حاشية الصاوي]
وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخٌ فَذَكَرَ تَأْجِيلَ الْإِجَارَةِ وَسَمَّى عَرَضَهَا، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ» (اهـ) .
قَوْلُهُ: [غَالِبًا فِيهِمَا] : أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَتَسَمَّحُونَ بِإِطْلَاقِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْكِرَاءِ، وَالْكِرَاءُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَيُسَمُّونَ الْعَقْدَ عَلَى مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ، وَمَنَافِعِ مَا يُنْقَلُ غَيْرَ السُّفُنِ وَالْحَيَوَانِ كِرَاءً وَيُسَمُّونَ الْعَقْدَ عَلَى مَنَافِعِ مَا لَا يُنْقَلُ وَمَنَافِعِ السُّفُنِ وَالرَّوَاحِلِ إجَارَةً.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ الْوَقْفُ] إلَخْ: أَيْ بِقَوْلِهِ مُعَاوَضَةً لِأَنَّ الْوَقْفَ وَمَا مَعَهُ لَيْسَ، فِيهِ مُعَاوَضَةٌ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ الْبَيْعُ] : أَيْ وَهِبَةُ الثَّوَابِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ وَالْجَعَالَةُ] : مُحَصَّلُ هَذَا أَنَّ الْإِجَارَةَ هِيَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى تَمْلِيكِ مَنْفَعَةٍ كَائِنَةٍ وَمَجْعُولَةٍ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ أَمَدًا مَعْلُومًا أَوْ قَدْرًا مَعْلُومًا، فَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمَدِ أَوْ الْقَدْرِ رَجَعَ لِلْمُحَاسَبَةِ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَهُوَ التَّمْكِينُ مِنْ الْبُضْعِ شَرْعًا وَالْجَعَالَةُ التَّمْكِينُ مِنْ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ فِيهِمَا، وَكُلٌّ مِنْ الْبُضْعِ وَالْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ ذُو الْمَنْفَعَةِ تَحَقَّقَتْ الْمَنْفَعَةُ أَمْ لَا اسْتَمَرَّتْ أَمْ لَا فَيَثْبُتُ الْعِوَضُ بِتَمَامِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهَذَا التَّعْرِيفُ شَامِلٌ لِلْكِرَاءِ. بِخِلَافِ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ فَمُخَرِّجٌ لَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ:" بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْهَا " لِيُخْرِجَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ فَإِنَّ الْعِوَضَ نَاشِئٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَيَزِيدُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ الْعِوَضُ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ لِيُدْخِلَ فِي الْحَدِّ
قَوْله تَعَالَى: