الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ بِالْأَقْوَى) فَقَطْ لَا بِالْجِهَتَيْنِ.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْقُوَّةَ تَكُونُ بِكَوْنِهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ كَالْبُنُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ مَعَ الْإِخْوَةِ فَقَالَ: (وَهِيَ مَا لَا تَسْقُطُ) : كَأُمٍّ أَوْ بِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ يَقَعُ فِي الْمُسْلِمِينَ غَلَطًا وَفِي الْمَجُوسِ عَمْدًا. فَإِذَا وَطِئَ بِنْتَه فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا ثُمَّ أَسْلَمَ مَعَهُمَا وَمَاتَ فَالْبِنْتُ الصُّغْرَى بِنْتٌ لِلْكُبْرَى وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا. فَإِذَا مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِمَا وَرِثَتْهَا الصُّغْرَى بِالْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ، بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فَلَهَا النِّصْفُ فَقَطْ. وَمَنْ وَرِثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ أَعْطَاهَا الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ. وَلَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا وَرِثَتْهَا الْكُبْرَى بِالْأُمُومَةِ فَلَهَا الثُّلُثُ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ:" مَا لَا تَسْقُطُ " قَوْلَهُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
أَشْهَبُ: يَأْخُذُ الْأَخُ لِلْأُمِّ جَمِيعَ الْمَالِ كَالشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ.
[مِيرَاث ذِي الْفَرْضَيْنِ]
قَوْلُهُ: [وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ] : مُرَادُهُ بِالْفَرْضَيْنِ غَيْرُ التَّعْصِيبِ بِالنَّفْسِ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الشَّخْصِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ فَرْضَانِ وَحُكْمُ مِيرَاثِهِ بِأَحَدِهِمَا.
قَوْلُهُ: [تَكُونُ بِكَوْنِهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْقُوَّةَ تَقَعُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا لَا تَحْجُبُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْأُخْرَى، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا تَحْجُبُ الْأُخْرَى فَالْحَاجِبَةُ أَقْوَى، الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَقَلَّ حَجْبًا مِنْ الْأُخْرَى وَقَدْ تَكَفَّلَ الشَّارِحُ بِأَمْثِلَتِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ.
قَوْلُهُ: [مَعَ الْإِخْوَةِ] : حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَأُمٍّ أَوْ بِنْتٍ] : أَيْ فَالْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ لَا تُحْجَبُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأُخْتِ فَقَدْ تُحْجَبُ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْمَجُوسِ عَمْدًا] : أَيْ وَلَكِنْ إسْلَامُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُصَحِّحُ أَنْسَابَهُمْ فَلِذَلِكَ حَكَمَ بِالْمِيرَاثِ بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا الْعَمْدُ فِي الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ صِحَّةُ النَّسَبِ.
قَوْلُهُ: [أَعْطَاهَا الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ] : أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ فَهِيَ هُنَا غَيْرُ نَفْسِهَا بِاعْتِبَارِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَرِثَتْهَا الْكُبْرَى بِالْأُمُومَةِ] : أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ بِخِلَافِ وَصَفِّ الْأُخُوَّةِ فَقَدْ يَسْقُطُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهَا الثُّلُثُ لِكَوْنِهَا أُمًّا وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْأُخُوَّةِ خِلَافًا لِمَنْ وَرِثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ فَقَالَ لَهَا الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ وَالنِّصْفُ بِالْأُخُوَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَا تَسْقُطُ] : هَذَا هُوَ الْأَمْرُ الثَّانِي مِنْ الثَّلَاثَةِ.
(أَوْ مَا تَحْجُبُ الْأُخْرَى) فَالْجِهَةُ الَّتِي تَحْجُبُ بِهَا غَيْرَهَا أَقْوَى فَتَرِثُ بِهَا، كَأَنْ يَطَأَ أُمَّهُ فَتَلِدَ وَلَدًا فَهِيَ أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ فَتَرِثُ بِالْأُمُومَةِ اتِّفَاقًا. وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(كَأُمٍّ أَوْ بِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ أَقَلَّ حَجْبًا مِنْ الْأُخْرَى فَهِيَ أَقْوَى تَرِثُ بِهَا كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ؛ كَأَنْ يَطَأَ بِنْتَه فَتَلِدَ بِنْتًا ثُمَّ يَطَأَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدَ بِنْتًا ثُمَّ تَمُوتَ الصُّغْرَى عَنْ الْعُلْيَا بَعْدَ مَوْتِ الْوُسْطَى وَالْأَبِ فَالْكُبْرَى جَدَّتُهَا وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا، فَتَرِثَهَا بِالْجُدُودَةِ فَلَهَا السُّدُسُ دُونَ الْأُخْتِيَّة؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّ الْأُمِّ تَحْجُبُهَا الْأُمُّ فَقَطْ وَالْأُخْتُ تُحْجَبُ بِكَثِيرٍ لِأَبٍ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ. وَقِيلَ تَرِثُ بالأختية؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا أَكْثَرُ، فَلَوْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِالْقَوِيَّةِ لَوَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ؛ كَأَنْ تَمُوتَ الصُّغْرَى فِي هَذَا الْمِثَالِ عَنْ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى فَتَرِثُهَا الْوُسْطَى بِالْأُمُومَةِ فَتَأْخُذُ الثُّلُثَ وَتَرِثُهَا الْعُلْيَا بِالْأُخُوَّةِ فَتَأْخُذُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهَا مَحْجُوبَةٌ مِنْ جِهَةِ الْجُدُودَةِ بِالْأُمِّ. وَيُلْغَزُ بِهَا: امْرَأَةٌ مَاتَتْ عَنْ أُمِّهَا وَجَدَّتِهَا فَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ وَالْجَدَّةُ النِّصْفَ. وَقَوْلُهُ: (كَعَاصِبٍ بِجِهَتَيْنِ) : إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: " ذُو فَرْضَيْنِ " مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا أَيْضًا (كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ هُوَ) : أَيْ مِنْ ذَكَرٍ مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ (مُعْتَقٍ) فَيَرِثُ بِعُصُوبَةِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ عُصُوبَةِ السَّبَبِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَتَرِثُهُ بِالْأُمُومَةِ اتِّفَاقًا] : أَيْ وَلَا تَرِثُهُ بِالْجُدُودَةِ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِرْثَ بِالْجُدُودَةِ لَا يَكُونُ مَعَ الْأُمُومَةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَأُمٍّ أَوْ بِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ] : هَذَا الْمِثَالُ لَا يَصِحُّ إلَّا لِلْأُولَى مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْأَمْرُ الثَّالِثُ.
قَوْلُهُ: [كَعَاصِبٍ] : أَيْ بِنَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ] : الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ الْوَلَاءَ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ وَالنِّكَاحَ يُقَالُ لَهُمَا سَبَبٌ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّحَبِيَّةِ:
أَسْبَابُ مِيرَاثِ الْوَرَى ثَلَاثَهْ
…
كُلٌّ يُفِيدُ رَبَّهُ الْوِرَاثَهْ