الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَأَذِيَّةِ زَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ وَالْوَالِدِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لَهُمَا فَدَاخِلَانِ فِي النَّفْسِ إلَخْ تَأَمَّلْ.
(إلَّا) إذَا كَانَ الْإِيذَاءُ فِي النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ أَوْ الْعِرْضِ مِنْ (مَا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ) فَفِيهِ أَذِيَّةُ النَّفْسِ وَلَا يَحْرُمُ أَوْ اسْتِهْلَاكُ مَالٍ فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ أَوْ يَكُونُ مُبْتَدِعًا أَوْ فَاسِقًا فَيَتَكَلَّمُ فِيهِ، وَلَا يَحْرُمُ إنْ تَجَاهَرَ (لِمُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ) : بِقَتْلٍ أَوْ زِنًا أَوْ فِسْقٍ.
(وَ) حَرُمَ التَّلَذُّذُ بِ (سَمَاعِ صَوْتِ أَجْنَبِيَّةٍ) : لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا أَمَةً وَمِنْهُمَا جَائِزٌ - وَلَوْ كَانَ شَأْنُهُ لَا يَصْدُرُ إلَّا مِنْ نَحْوِ الْغَوَازِي - إذْ جِمَاعُهُمَا الْأَعْظَمُ جَائِزٌ. وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ سَمَاعَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَوْ شَابَّةً جَمِيلَةً بِدُونِ قَصْدِ لَذَّةٍ يَجُوزُ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(أَوْ أَمْرَدَ) : فَيَحْرُمُ التَّلَذُّذُ وَقَصْدُهُ بِسَمَاعِ صَوْتِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ.
(أَوْ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا) أَيْ وَيَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْعَوْرَةِ إذْ فِيهَا يَحْرُمُ وَلَوْ بِدُونِ قَصْدِ لَذَّةٍ. وَالْعَوْرَةُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعْلُومَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِهَا.
(أَوْ سَمَاعِ الْمَلَاهِي - إلَّا مَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ - أَوْ بِالْغِنَاءِ) : أَيْ يَحْرُمُ سَمَاعُ الْغِنَاءِ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ الْمَدِّ وَهُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُطْرِبُ السَّامِعَ. وَأَمَّا بِالْمَدِّ مَعَ الْفَتْحِ: فَهُوَ النَّفْعُ، وَبِالْكَسْرِ مَعَ الْقَصْرِ الْيَسَارُ: مُقَابِلُ الْفَقْرِ وَأَمَّا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ وَالْوَالِدِ] : مَعْنَاهُ لَا يُؤْذِي الرَّجُلَ فِي زَوْجَتِهِ بِأَنْ يَخُونَهُ فِيهَا وَلَوْ بِرِضَاهَا وَلَا الْوَالِدَ فِي وَلَدِهِ بِأَنْ يَخُونَهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [فَفِيهِ أَذِيَّةُ النَّفْسِ] إلَخْ: لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ مَعَ ثِقَلٍ فِي التَّرْكِيبِ لَا يَخْفَى.
قَوْلُهُ: [فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ] : أَيْ مِنْ مَالِ ذَلِكَ الظَّالِمِ مِثْلَ مَا اسْتَهْلَكَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ جَهِلَ قَدْرَهُ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ قِيمَتَهُ] : أَيْ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا عُلِمَ قَدْرُهُ.
[بَعْض الْمُحْرِمَات الشَّرْعِيَّة]
قَوْلُهُ: [بِسَمَاعِ صَوْتٍ] : مُتَعَلِّقٌ بِيَحْرُمُ تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ التَّلَذُّذِ وَقَصْدِهِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا مَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ] : أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ الْغِرْبَالُ وَهُوَ الدُّفُّ الْمَعْرُوفُ بِالطَّارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهُ وَسَمَاعُهُ فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا الْكَبَرُ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ وَالْمِزْهَرُ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَتَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ فِي الْوَلِيمَةِ.
قَوْلُهُ: [فَهُوَ النَّفْعُ] : قَالَ صَاحِبُ الْهَمْزَةِ:
بِضَمِّ الْغَيْنِ فَلَحْنٌ لَيْسَ لَهُ مَعْنَى (الْمُشْتَمِلِ عَلَى مُحَرَّمٍ) : فَإِنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مُحَرَّمٍ فَمَكْرُوهٌ مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَدْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ فَيُنْدَبُ. (وَاللَّهْوُ) كَاللَّعِبِ بِالنَّرْدِ الْمُسَمَّى فِي مِصْرَ بِالطَّاوِلَةِ فَيَحْرُمُ كَانَ بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِهِ، لِأَنَّهُ يُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ، وَكَالشِّطْرَنْجِ وَالسِّيجَةِ وَالطَّابِ وَالْمَنْقَلَةِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ كَرَاهَةَ الْمَنْقَلَةِ وَالطَّابِ. وَمَحَلُّهُ بِدُونِ عِوَضٍ وَاشْتِمَالٍ عَلَى مُحَرَّمٍ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ اتِّفَاقًا.
(وَاللَّعِبُ إلَّا مَا مَرَّ فِي الْمُسَابَقَةِ) مِنْ جَوَازِهَا بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالسَّهْمِ بِجُعْلٍ كَبِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ بِغَيْرِ جُعْلٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
(وَ) يَحْرُمُ (قَوْلُ الزُّورِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ شَهَادَةُ الزُّورِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: (وَالْبَاطِلُ) أَعَمُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَتَكُونُ شَهَادَةُ الزُّورِ دَاخِلَةً فِيهِ وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ، أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ وَافَقَ الْوَاقِعَ.
(وَ) يَحْرُمُ (الْكَذِبُ) : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قُلْنَ مَا لِلْيَتِيمِ عَنَّا غَنَاءٌ
قَوْلُهُ: [فَيُنْدَبُ] : مِثْلُهُ الْقَصَائِدُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْعِشْقِ فِي الْحَضْرَةِ الْعَلِيَّةِ فَإِنَّهَا مَحْمَلُ حَدِيثِ: «إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً» .
قَوْلُهُ: [وَاللَّهْوُ حَرَامٌ كَاللَّعِبِ] : أَيْ وَهُوَ مَعْنَى الْمَيْسِرِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.
قَوْلُهُ: [وَكَالشِّطْرَنْجِ] إلَخْ: آلَاتٌ لِلَّهْوِ مَشْهُورَةٌ يُسْأَلُ عَنْهَا أَرْبَابُهَا.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَيَحْرُمُ اتِّفَاقًا] : أَيْ بِأَنْ كَانَ بِجُعْلٍ أَوْ اشْتَمَلَ عَلَى مُحَرَّمٍ.
قَوْلُهُ: [إلَّا مَا مَرَّ فِي الْمُسَابَقَةِ] : أَيْ لِخَبَرِ: «كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ بَاطِلٌ إلَّا مُلَاعَبَةَ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَرَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ» .
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ] إلَخْ: أَيْ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ؛ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ» .
قَوْلُهُ: [أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ] : أَيْ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ.
فَيَكُونُ وَاجِبًا لِإِنْقَاذِ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومٍ مِنْ ظَالِمٍ، حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّتَّائِيِّ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ النَّاصِرِ.
وَقِسْمٌ حَرَامٌ تُكَفِّرُهُ التَّوْبَةُ: كَالْإِخْبَارِ عَنْ شَيْءٍ بِغَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَمِنْ الْكَذِبِ الْحَرَامِ: الثَّنَاءُ عَلَى الْغَيْرِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَالْعُزُومَةُ عَلَى الْغَيْرِ بِاللِّسَانِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَعْزِمْ بِقَلْبِهِ، بَلْ قَالَ فَانْزِلْ عِنْدَنَا حَيَاءً لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ. أَوْ يَقْتَطِعُ بِهِ حَقَّ امْرِئٍ غَيْرَ حَرْبِيٍّ، فَتَجِبُ مِنْهُ التَّوْبَةُ وَرَدُّهُ أَوْ الْمُسَامَحَةُ.
وَيَكُونُ مَنْدُوبًا: كَإِخْبَارِ الْكُفَّارِ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ فِيهِمْ قُوَّةٌ.
وَيَكُونُ مَكْرُوهًا: كَالْكَذِبِ لِلزَّوْجَةِ.
وَقِيلَ: مُبَاحٌ، كَالْكَذِبِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ مُتَشَاحِنِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(إلَّا لِضَرُورَةٍ) .
(وَ) يَحْرُمُ (هِجْرَانُ) الشَّخْصِ (الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ) بِأَيَّامِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» فَمَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَهُوَ جُرْحَةٌ فِي شَهَادَتِهِ. وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ هِجْرَانَ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ مَكْرُوهٌ وَلَمَّا كَانَ طَبْعُ الْإِنْسَانِ الْغَضَبَ وَسَّعَ لَهُ الشَّارِعُ فِي الثَّلَاثِ دُونَ الزَّائِدِ.
(إلَّا لِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ جُرْحَةً: كَهَجْرِ الشَّيْخِ وَالْوَالِدِ وَالزَّوْجِ عِنْدَ ارْتِكَابِ مَا لَا يَنْبَغِي. وَأَمَّا هَجْرُ ذِي بِدْعَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَوَاجِبٌ، كَأَهْلِ الِاعْتِزَالِ وَالْمَكْسِ وَالظُّلْمَةِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ، وَأَمَّا صَاحِبُ بِدْعَةٍ مَكْرُوهَةٍ، كَتَطْوِيلِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَيَحْرُمُ هِجْرَانُ الشَّخْصِ الْمُسْلِمِ] : أَيْ لَا الْكَافِرِ فَلَا يَحْرُمُ هَجْرُهُ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ لِحُرْمَةِ مُوَالَاتِهِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ مَكْرُوهٌ] : وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ بَلْ هُوَ جَائِزٌ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ] : أَيْ فَيُدَارِيهِمْ بِظَاهِرِهِ مَعَ هَجْرِهِمْ بِبَاطِنِهِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا صَاحِبُ بِدْعَةٍ مَكْرُوهَةٍ] : أَيْ فَالْبِدْعَةُ تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ: الْوُجُوبُ كَتَدْوِينِ الْكُتُبِ، وَالنَّدْبُ كَإِحْدَاثِ الْمَدَارِسِ، وَالْكَرَاهَةُ كَتَطْوِيلِ الثِّيَابِ، وَالْإِبَاحَةُ كَاِتِّخَاذِ الْمَنَاخِلِ وَالتَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكَلِ، وَالْحُرْمَةُ كَالْمُكُوسِ.
الثِّيَابِ، فَقِيلَ: هَجْرُهُ مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ: مُبَاحٌ.
(وَالسَّلَامُ يُخْرِجُ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الْهِجْرَانِ إنْ نَوَى بِهِ الْخُرُوجَ وَإِلَّا كَانَ نِفَاقًا، (وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ كَلَامِهِ بَعْدَ ذَلِكَ) : أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ الْمَنْوِيِّ بِهِ الْخُرُوجُ؛ لِأَنَّ فِي التَّرْكِ ظَنَّ سُوءٍ بِهِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْهِجْرَانِ، فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ بَعْدَ السَّلَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَهَجْرٌ جَدِيدٌ لَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا الْخُرُوجَ خَرَجَ وَهَكَذَا تَأَمَّلْ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ يُكْرَهُ (أَكْلُ كَثُومٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْفَاءِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ. أَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَبَصَلٍ نَيْءٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ أَوْ لَمْ تَذْهَبْ رَائِحَتُهُ بِخَلٍّ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ (فِي مَسْجِدٍ) كَانَ مَسْجِدَ خُطْبَةٍ أَمْ لَا (أَوْ دُخُولِهِ، لِأَكْلِهِ) فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ (وَ) يَحْرُمُ (حُضُورُهُ) : أَيْ آكِلِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ الْفُجْلُ حَيْثُ كَانَ يَتَجَشَّأُ مِنْهُ (مَجَامِعَ الْمُسْلِمِينَ) : كَمُصَلَّى عِيدٍ، وَحِلَقِ ذِكْرٍ وَعِلْمٍ وَوَلِيمَةٍ وَمِثْلُ أَكْلِ ذَلِكَ مَنْ بِهِ جُرْحٌ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَوْ فِيهِ صُنَانٌ اُحْتُرِزَ بِالْمَسْجِدِ عَنْ السُّوقِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ (وَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ (أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ) الْمُؤْمِنِ (مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) مِنْ الطَّاعَةِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَالْمَلَابِسِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا الْخُرُوجَ خَرَجَ] : مَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَزِيدُ مَوَدَّةٍ وَاجْتِمَاعٍ عَلَى خَيْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ السَّلَامُ وَحْدَهُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَوْدَةِ لِلْحَالَةِ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: [وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ] : أَيْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا لِيُؤْذِيَنَا بِرِيحِ الثُّومِ» .
قَوْلُهُ: [فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ] : أَيْ مَا دَامَتْ الرَّائِحَةُ بَاقِيَةً، فَإِنْ أَزَالَهَا بِشَيْءٍ أَوْ زَالَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا مَنْعَ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ] : اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَنَفْسِهِ أَفَادَهُ التَّتَّائِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ.
قَوْلُهُ: [الْمُؤْمِنِ] : اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْكَافِرِ فَلَا يُحِبُّ لَهُ شَيْئًا مَا دَامَ كَافِرًا وَإِلَّا فَمِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لَهُ الْإِسْلَامَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَا يَتَمَنَّاهُ لِنَفْسِهِ.