الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ فَلَيْسَ الْقَوْلُ قَوْلَ الصَّانِعِ إنَّهُ رَدَّهُ لِرَبِّهِ، بَلْ الْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينِهِ. وَأَمَّا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ - كَدَابَّةٍ دَفَعَهَا رَبُّهَا لِمَنْ يَعْلَمُهَا بِأَجْرٍ وَادَّعَى رَدَّهَا - فَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ فِي رَدِّهَا.
وَلَمَّا كَانَ لَهُمْ مَسَائِلُ مِنْ الْإِجَارَةِ تُشْبِهُ الْجَعَالَةَ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْأَجِيرُ أُجْرَتَهُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ:
(وَالْأَصَحُّ) الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ (أَنَّ كِرَاءَ السُّفُنِ)، إنَّمَا يُسْتَحَقُّ (بِالْبَلَاغِ) إلَى الْمَحَلِّ الْمُشْتَرَطِ: أَيْ مَعَ إمْكَانِ إخْرَاجِ مَا فِيهَا فَإِنْ غَرِقَتْ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْبَلَاغِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ مَا فِيهَا فَلَا أُجْرَةَ لِرَبِّهَا وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ لَا جَعَالَةٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
رَبُّهُ أَخْذَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهِ، سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الضَّمَانِ وَالصَّانِعَ قَبَضَ مَا فِيهِ صَنْعَتُهُ وَيُغَابُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ.
قَوْلُهُ: [فَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ فِي رَدِّهَا] : أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوْثِيقِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ رَدًّا وَلَا تَلَفًا.
تَنْبِيهٌ: إنْ ادَّعَى الصَّانِعُ الِاسْتِصْنَاعَ كَصَبَّاغٍ صَبَغَ الثَّوْبَ، وَقَالَ رَبُّهُ سُرِقَ مِنِّي، فَإِنْ أَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ وَإِلَّا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَدَفَعَ لِلصَّانِعِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ اخْتَارَ تَغْرِيمَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ، فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا حَلَفَا وَبُدِّئَ الصَّانِعُ، وَقِيلَ يَبْدَأُ رَبُّهُ وَاشْتَرَكَا إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَقَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ فَقَالَ اللَّاتُّ: أَمَرْتنِي أَنْ أَلِتَّهُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ مِنْ سَمْنٍ، وَقَالَ رَبُّهُ: مَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ أَصْلًا بَلْ سُرِقَ مِنِّي أَوْ غُصِبَ فَلَا يَحْلِفَانِ وَلَا يَشْتَرِكَانِ، بَلْ يُقَالُ لِرَبِّهِ ادْفَعْ لَهُ قِيمَةَ مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّاتِّ ادْفَعْ لَهُ مِثْلَ السَّوِيقِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
[الْأَحْوَال الَّتِي تَسْتَحِقّ فِيهَا الْأُجْرَة بِتَمَامِ الْعَمَل]
قَوْلُهُ: [وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ لَا جَعَالَةٌ] : أَيْ مَا لَمْ يُصَرِّحْ عِنْدَ الْعَقْدِ بِالْجَعَالَةِ وَإِلَّا كَانَتْ جَعَالَةً غَيْرَ لَازِمَةٍ وَلَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا كَمَا يَأْتِي.
(إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ غَيْرُهُ) : أَيْ غَيْرُ الْأَوَّلِ. فَإِذَا عَطِبَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ رَبُّ سَفِينَةٍ أُخْرَى فَحَمَلَ مَا فِيهَا إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ بِأُجْرَةٍ كَثِيرَةٍ أَوْ قَلِيلَةٍ (فَلِلْأَوَّلِ) الَّذِي غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ (بِحَسَبِ كِرَائِهِ) لَا بِحَسَبِ الْكِرَاءِ الثَّانِي. فَإِنْ غَرِقَ بَعْضُ مَا فِيهَا وَنَجَا الْبَعْضُ فَحَمَلَهُ غَيْرُهُ إلَى الْمَحَلِّ فَلَا كِرَاءَ لِمَا غَرِقَ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ مَا بَقِيَ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ عَلَى حَسَبِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي. وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَى الْجَعَالَةِ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَمَا يَأْتِي.
فَإِنْ عَقَدَا عَلَيْهَا؛ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ حَمَلْت مَتَاعِي هَذَا أَوْ: كُلُّ مَنْ حَمَلَهُ إلَى الْقَاهِرَةِ فَلَهُ كَذَا، فَحَمَلَهُ إنْسَانٌ فِي سَفِينَتِهِ فَغَرِقَتْ فَحَمَلَهُ غَيْرُهُ بِكِرَاءٍ أَوْ جُعْلٍ فَلَهُ بِحِسَابِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ. وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَا جَازَ جَعَالَةً جَازَ إجَارَةً وَلَا عَكْسَ.
(كَمُشَارَطَةِ طَبِيبٍ عَلَى الْبُرْءِ) فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِحُصُولِهِ، فَإِنْ تُرِكَ قَبْلَ الْبُرْءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ يُتَمِّمَ غَيْرَهُ فَلَهُ بِحِسَابِ كِرَائِهِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْأُجْرَةَ عَلَى الْبُرْءِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ.
(وَ) مُشَارَطَةِ (مُعَلِّمٍ عَلَى حِفْظِ قُرْآنٍ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إلَّا بِالْحِفْظِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِذَا عَطِبَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ] : الْمُرَادُ مَنَعَهَا مِنْ السَّفَرِ مَانِعٌ قَهْرِيٌّ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ مَا فِي السَّفِينَةِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَكْرَى رَبُّهُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْأَجْرِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الرَّاكِبُ فِي السَّفِينَةِ قَبْلَ الْبَلَاغِ بِاخْتِيَارِهِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [بِحَسَبِ كِرَائِهِ] إلَخْ: أَيْ كَمَا إذَا كَانَ كِرَاءُ، الْأَوَّلِ عَشَرَةً وَغَرِقَتْ فِي نِصْفِ الطَّرِيقِ فَاسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا بِعِشْرِينَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ إلَّا خَمْسَةٌ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنِسْبَةِ الثَّانِي لَكَانَ لَهُ عِشْرُونَ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ بِحِسَابِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ غَيْرُهُ فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ مَا جَازَ جَعَالَةً] إلَخْ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِ. الْجُعْلُ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَا عَكْسَ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بُرْءٌ بِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا أُجْرَةَ لَهُ إلَّا بِالْحِفْظِ] : أَيْ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحِفْظِ، بَلْ عَلَى
وَكَذَا مُعَلِّمُ صَنْعَةٍ: عَلَى أَنَّهُ إنْ تَعَلَّمَهَا فَلِلْمُعَلِّمِ كَذَا.
(وَ) مُشَارَطَةُ (حَافِرِ بِئْرٍ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ) فَلَا يَسْتَحِقُّ الْحَافِرُ أُجْرَةً إلَّا بِالتَّمَامِ وَاعْتَرَضَ هَذَا الْفَرْعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: بِأَنَّهُ مِنْ الْجَعَالَةِ لَا مِنْ الْإِجَارَةِ، وَيُجَابُ: بِأَنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُهُ مِنْ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ بِأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ وَدَخَلَا عَلَى الْإِجَارَةِ.
(وَإِنْ فَرَّطَ) رَبُّ الْأَمْتِعَةِ (بَعْدَ الْبَلَاغِ) : أَيْ بَلَاغِ السَّفِينَةِ لِلْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ (فِي إخْرَاجِ مَا فِيهَا) : أَيْ السَّفِينَةِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ (فَتَلِفَ) مَا فِيهَا بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَالْكِرَاءُ) لَازِمٌ لِرَبِّهَا (كَأَنْ أَخْرَجَ) مَا فِيهَا (فِي الْأَثْنَاءِ) : أَيْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَيْ أَخْرَجَهُ رَبُّهُ اخْتِيَارًا مِنْهُ (لِغَيْرِ عِلْمٍ) تَقْتَضِي الْإِخْرَاجَ: أَيْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ حَدَثَتْ بِالسَّفِينَةِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ عَطَبٍ أَوْ غَصْبٍ لَهَا، فَيَلْزَمُ رَبَّهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ.
(وَجَازَ إنْ خِيفَ) عَلَيْهَا (الْغَرَقُ طَرْحُ مَا بِهِ) : أَيْ فِعْلُ مَا فِي طَرْحِهِ مِنْهَا (النَّجَاةُ) مِنْ الْغَرَقِ (غَيْرُ آدَمِيٍّ) . وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ طَرْحُهُ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ طَرْحُ ذِمِّيٍّ لِنَجَاةِ مُسْلِمٍ وَلَا طَرْحُ عَبْدٍ لِنَجَاةِ حُرٍّ.
(وَبُدِئَ) فِي الطَّرْحِ (بِمَا ثَقُلَ) : كَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ، وَبُدِئَ مِنْهُ بِمَا قَلَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
التَّعْلِيمِ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَهُ حَصَلَ حِفْظٌ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ] إلَخْ: أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْجَعَالَةُ.
جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ.
قَوْلُهُ: [فَيَلْزَمُ رَبَّهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ] إلَخْ: لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ كَوْنِ الْعَقْدِ جَعَالَةً أَوْ إجَارَةً.
قَوْلُهُ: [مَا بِهِ] : أَيْ فَعَلَ مَا بِهِ النَّجَاةُ مِنْ طَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمُرَادُهُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ، لِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَاجِبٌ إذَا تَحَقَّقَ الْعَطَبُ بِالتَّرْكِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ طَرْحُهُ] : أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ طَرْحِ الْآدَمِيِّينَ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّ هَذَا كَالْخَرْقِ لِلْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إمَاتَةُ أَحَدٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [وَبُدِئَ فِي الطَّرْحِ بِمَا ثَقُلَ] إلَخْ: أَيْ وُجُوبًا لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَالِ لِأَنَّهُ يَجِبُ الْمُحَافَظَةُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
ثَمَنُهُ كَالْحَجَرِ (أَوْ عَظُمَ جِرْمُهُ) وَإِنْ لَمْ يَثْقُلْ: كَالتِّبْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ.
(وَوُزِّعَ) مَا طُرِحَ (عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَقَطْ) : أَيْ دُونَ غَيْرِهِ، كَفَرْشِ الْإِنْسَانِ وَغِطَائِهِ وَزَادِهِ مِمَّا لَيْسَ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ (طُرِحَ) مَالُ التِّجَارَةِ (أَوْ لَا بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمَطْرُوحِ مُتَعَلِّقٌ " بِوَزَّعَ " (يَوْمَ التَّلَفِ) : مُتَعَلِّقٌ " بِقِيمَتِهِ "، فَيُقَالُ: مَا قِيمَةُ الْمَطْرُوحِ يَوْمَ طَرْحِهِ؟ فَإِذَا قِيلَ: مِائَةٌ، وَمَا قِيمَةُ مَا لَمْ يُطْرَحْ؟ فَإِذَا قِيلَ مِائَتَانِ، فَصَارَ قِيمَةُ الْجَمِيعِ ثَلَثَمِائَةٍ فَقَدْ ضَاعَ ثُلُثُ الْمَالِ، فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَمْ يَطْرَحْ مَالَهُ بِثُلُثِ قِيمَتِهِ. وَلَوْ قِيلَ بِعَكْسِ مَا تَقَدَّمَ رَجَعَ عَلَى مَنْ لَمْ يَطْرَحْ مَالَهُ بِالثُّلُثَيْنِ؛ وَلَوْ كَانَ اثْنَانِ لِأَحَدِهِمَا مَا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَالثَّانِي مَا يُسَاوِي سِتَّمِائَةٍ، وَطُرِحَ مِنْ الْأَوَّلِ مَا يُسَاوِي مِائَةً وَمِنْ الثَّانِي مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مَا طُرِحَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَعَلَى كُلِّ ثُلُثٍ مَا بِيَدِهِ، وَقَدْ حَصَلَ. وَلَوْ كَانَ الطَّرْحُ بِالْعَكْسِ، بِأَنْ طُرِحَ لِذِي السِّتِّمِائَةِ مَا يُسَاوِي مِائَةً وَلِذِي الثَّلَثِمِائَةِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، لَرَجَعَ عَلَى ذِي السِّتِّمِائَةِ بِمِائَةٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [جِرْمُهُ] : بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ جِسْمُهُ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ يَثْقُلْ] : أَيْ لِأَنَّ عِظَمَ الشَّيْءِ يَكُونُ سَبَبًا فِي الْغَرَقِ.
قَوْلُهُ: [وَوُزِّعَ مَا طُرِحَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ] : أَيْ إنْ كَانَ فِيهَا مَالُ تِجَارَةٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَالُ تِجَارَةٍ وَإِنَّمَا فِيهَا ذَوَاتُ الْآدَمِيِّينَ وَغِطَاؤُهُمْ وَوِطَاؤُهُمْ فَيَرْمِي الْغِطَاءَ وَالْوِطَاءَ وَيُوَزِّعُ عَلَى بَاقِي أَمْوَالِهِمْ عَلَى الظَّاهِرِ.
قَوْلُهُ: [فِي التِّجَارَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَالْكَلَامُ فِيهَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالْأَصْلُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَدْخَلٌ فِي شَأْنِ التِّجَارَةِ.
قَوْلُهُ: [طُرِحَ مَالُ التِّجَارَةِ] : هَكَذَا لَفْظُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّ الْمَتْنَ سَقَطَ مِنْهُ مَا وَالْأَصْلُ مَا طُرِحَ وَسَقَطَ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ الْأَصْلِ وَوُزِّعَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَقَطْ مَا طُرِحَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَوَّلًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ فَلَا مَفْهُومَ لِمَالِ التِّجَارَةِ بَلْ يُوَزَّعُ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ مَا طُرِحَ لِلنَّجَاةِ كَانَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ قِيلَ بِعَكْسِ مَا تَقَدَّمَ] : أَيْ بِأَنْ قِيلَ قِيمَةُ الْمَطْرُوحِ مِائَتَانِ وَقِيمَةُ مَا لَمْ يُطْرَحْ مِائَةٌ.
قَوْلُهُ: [رَجَعَ عَلَى مَنْ لَمْ يُطْرَحْ مَالُهُ بِالثُّلُثَيْنِ] : أَيْ فَيَصِيرُ الْبَاقِي لِكُلٍّ ثُلُثَ مَالِهِ.
(وَالْقَوْلُ) عِنْدَ التَّنَازُعِ (لِمَنْ طُرِحَ مَتَاعُهُ فِيمَا يُشْبِهُ) بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَقَوْلُ غَيْرِهِ. وَلَوْ وَجَدَ إنْسَانٌ مَا طُرِحَ، فَهَلْ يَمْلِكُهُ؟ لِأَنَّهُ بِطَرْحِهِ زَالَ مِلْكُ رَبِّهِ عَنْهُ، أَوْ لُقَطَةٌ يُرَدُّ لِرَبِّهِ إنْ عُلِمَ؟ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الْأَصَحُّ] : أَيْ لِأَنَّ الطَّرْحَ أَمْرٌ قَهْرِيٌّ فَلَيْسَ صَاحِبُهُ مُعْرِضًا عَنْهُ اخْتِيَارًا.