الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) كُرِهَ (أُجْرَةٌ عَلَى تَعْلِيمِ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (كَبَيْعِ كُتُبِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ فِقْهٍ وَفَرَائِضَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَأَمَّا عِلْمُ الْفَرَائِضِ بِالرَّسْمِ فَلَا يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ مِنْ الصَّنَائِعِ. لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ بَيْعُ الْكُتُبِ الْآنَ لِأَنَّ حِفْظَ النَّاسِ لَهُ وَأَفْهَامَهُمْ نَقَصَتْ كَثِيرًا حَتَّى أَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ قَدْ يَنْسَى مَا كَتَبَهُ فَيُرَاجِعُ كِتَابَهُ. وَفِي بَيْعِ الْكُتُبِ انْتِشَارُ الْعِلْمِ وَسَبَبٌ لِحِفْظِهِ وَصَوْنِهِ فَتَأَمَّلْ.
(وَ) كُرِهَ أُجْرَةٌ (عَلَى قِرَاءَةٍ) لِقُرْآنٍ (بِلَحْنٍ) : أَيْ تَطْرِيبٍ وَأَنْغَامٍ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَكْرُوهَةٌ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ وَإِلَّا حُرِّمَتْ كَالْقِرَاءَةِ بِالشَّاذِّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الثَّانِي لِأَنَّ ضَمَانَ التُّهْمَةِ يَزُولُ بِالْبَيِّنَةِ.
[فَوَائِد إجَارَة التَّعْلِيم]
قَوْلُهُ: [كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ] : مُقَابِلُهُ الْجَوَازُ لِابْنِ يُونُسَ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يَقِلَّ طُلَّابُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَيْهِ خِلَافٌ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ. بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعَلُّمِهِ لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِيهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلِأَخْذِ السَّلَفِ الْأُجْرَةَ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» .
قَوْلُهُ: [كَبَيْعِ كُتُبِهِ] : أَيْ وَكَذَا إجَارَتُهَا.
قَوْلُهُ: [بِالرَّسْمِ] : أَيْ بِالْغُبَارِ وَالشِّبَاكِ.
قَوْلُهُ: [لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ] : مُرَادُهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ.
قَوْلُهُ: [فَتَأَمَّلْ] : إنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِتَضَارُبِ الْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَإِنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّ حِفْظَ النَّاسِ. . . إلَخْ مِمَّا يُنَاسِبُ الْكَرَاهَةَ.
وَقَوْلُهُ وَفِي بَيْعِ الْكُتُبِ إلَخْ، مِمَّا يُنَاسِبُ الْجَوَازَ.
قَوْلُهُ: [أَيْ تَطْرِيبٍ] إلَخْ: إنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِرَاءَةِ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَهُّمُ وَالتَّطْرِيبُ يُنَافِي ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالتَّطْرِيبِ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ بِالْأَنْغَامِ وَالْأَهْوِيَةِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى أَصْلِ التِّلَاوَةِ فَتَقَدَّمَ جَوَازُهُ وَكَذَا عَلَى تَعْلِيمِهِ مُشَاهَرَةً وَمُقَاطَعَةً عَلَى جَمِيعِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ وَوَجِيبَةً لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَالْمُشَاهَرَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْوَجِيبَةُ وَالْمُقَاطَعَةُ فَلَازِمَتَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يُشَارِطَ الْمُعَلِّمُ عَلَى الْحَذْقَةِ ضَبْطًا أَوْ نَظَرًا وَلَوْ سَمَّيَا أَجَلًا، أَصْبَغُ إنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَحْذِقْهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، الْقَابِسِيُّ فَفَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لِلْمُعَلِّمِ وَالْخَيَّاطِ إذَا كَانَ الْفِعْلُ يُمْكِنُ الْفَرَاغُ مِنْهُ فِيهِ، ابْنُ عَرَفَةَ سَوَّى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا.
(وَ) كُرِهَ أُجْرَةٌ عَلَى (دُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ: طَبْلٌ مُغَشًّى مِنْ جِهَةٍ كَالْغِرْبَالِ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ بِالطَّارِ (وَمِعْزَفٍ) وَاحِدُ الْمَعَازِفِ: وَهُوَ آلَةُ اللَّهْوِ فَيَشْمَلُ الْمِزْمَارَ (لِعُرْسٍ) : أَيْ نِكَاحٍ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا فِيهِ جَوَازُ الْأُجْرَةِ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ وَالْمِزْمَارَ جَائِزَةٌ فِي الْعُرْسِ وَتُكْرَهُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ مَا عَدَاهَا حَرَامٌ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ فَتَحْرُمُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا.
(وَ) كُرِهَ (إيجَارُ مُسْلِمٍ) عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ (لِكَافِرٍ فِيمَا يَحِلُّ) كَخِيَاطَةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَوَائِدُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ، يَشْمَلُ الْوَالِدَ بِتَعْلِيمِهِ وَلَدَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَقَدْ أَجَابَ سَحْنُونَ أَبَا وَلَدٍ كَانَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ عِنْدَهُ إذَا تَوَلَّيْت الْعَمَلَ بِنَفْسِك وَلَمْ تَشْغَلْ وَلَدَك عَمَّا هُوَ فِيهِ فَأَجْرُك فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ الْحَجِّ وَالرِّبَاطِ وَالْجِهَادِ.
الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّ عَلَى الْمُعَلِّمِ زَجْرَ الْوَلَدِ فِي تَكَاسُلِهِ بِالْوَعِيدِ وَالتَّقْرِيعِ لَا بِالشَّتْمِ نَحْوَ يَا قِرْدُ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فَالضَّرْبُ بِالسَّوْطِ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ضَرْبَ إيلَامٍ دُونَ تَأْثِيرٍ فِي الْعُضْوِ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ زَادَ إلَى الْعَشَرَةِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ فَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا.
الثَّالِثَةُ: الْقَابِسِيُّ أَمَّا تَعْلِيمُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مَبْلَغَ الْأَدَبِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يَعْبَثُ فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ.
الرَّابِعَةُ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَ الْمُؤَدِّبُونَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم؟ قَالَ كَانَ لِلْمُؤَدِّبِ إنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ طَاهِرٌ يَمْحُو بِهِ الصِّبْيَانُ أَلْوَاحَهُمْ ثُمَّ يَصُبُّونَ ذَلِكَ الْمَاءَ فِي حُفْرَةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَتَنْشَفُ (اهـ) ، قَالَ الْقَابِسِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَكَانَ مُعَلِّمُنَا يَأْمُرُنَا بِصَبِّهِ فِي حُفْرَةٍ بَيْنَ الْقُبُورِ (اهـ) مُلَخَّصًا مِنْ (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَالرَّاجِحُ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ فِي النِّكَاحِ فِيهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ، وَفِي الْمَعَازِفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِزِيَادَةِ الْحُرْمَةِ وَهُوَ أَرْجَحُهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَالْحُرْمَةُ فِي الْجَمِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ فِي عَقِيقَةٍ أَوْ خِتَانٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ قُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ.
قَوْلُهُ: [كُرِهَ إيجَارُ مُسْلِمٍ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ عَبْدَهُ لِكَافِرٍ حَيْثُ كَانَ يَسْتَبِدُّ بِعَمَلِهِ وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يَكْتَرِهِ فِي فِعْلٍ مُحَرَّمٍ،