الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَسِرَةُ الِانْقِيَادِ، تُعْرَفُ بِالْحُرُونِ (أَوْ أَعْشَى) لَا يُبْصِرُ لَيْلًا (أَوْ مَا دَبَرُهُ فَاحِشٌ) يَضُرُّ بِسَيْرِهَا أَوْ بِرَاكِبِهَا وَلَوْ بِشِدَّةِ رَائِحَتِهِ، بِخِلَافِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ فَلَا فَسْخَ بِهِ.
(وَالسُّنَّةُ) فِي كِرَاءِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ تَكُونُ (فِي أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَطَرِ بِالْحَصَادِ) : فَمَنْ اكْتَرَى فَدَّانًا لِيَزْرَعَهُ أَيَّامَ نُزُولِ الْمَطَرِ أَوْ أَيَّامَ ذَهَابِ النِّيلِ سَنَةً فَزَرَعَهُ، فَمُنْتَهَى الْأَجَلِ الْحَصَادُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ. وَالْمُرَادُ بِالْحَصَادِ: أَخْذُ الزَّرْعِ مِنْهَا، فَيَشْمَلُ الرَّعْيَ. فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ يُخَلِّفُ كَالْبِرْسِيمِ فَبِآخِرِ بَطْنٍ.
(وَفِي) أَرْضٍ (السَّقْيِ) مِنْ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ (بِالشُّهُورِ) اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةُ وَلَهُ فِيهَا زَرْعٌ أَخْضَرُ، لَزِمَ رَبَّ الْأَرْضِ إبْقَاؤُهُ لِحَصَادِهِ وَعَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءُ مِثْلِ الزَّائِدِ عَلَى السَّنَةِ بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ.
(وَلُزُومُ الْكِرَاءِ) : أَيْ كِرَاءِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ (بِالتَّمَكُّنِ) مِنْ الزَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ [أَوْ أَعْشَى لَا يُبْصِرُ لَيْلًا] : أَيْ وَسَوَاءٌ اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ فِيهِمَا فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، إمَّا أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ الْمُسَمَّى، كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ إذَا اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَمْ يَسِرْ بِهِ إلَّا نَهَارًا، وَمَا فِي (عب) مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ وَتَمَاسَكَ يُحَطُّ عَنْهُ أَرْشُ الْعَيْبِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا فِي (بْن) نَعَمْ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُكْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ أَعْشَى إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مَا دَبَرُهُ فَاحِشٌ] : الدَّبَرُ بِفَتْحَتَيْنِ جُرْحٌ فِي الظَّهْرِ كَمَا قَالَ الْأَعْرَابِيُّ:
أَقْسَمَ بِاَللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ
…
مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ
قَوْلُهُ: [بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ] : أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ الْكِرَاءُ بِالنَّظَرِ لِلسَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، بَلْ يُنْظَرُ لَهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ إذْ قَدْ يَكُونُ أَغْلَى أَوْ أَرْخَصَ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ عَلَى حَسَبِ مَا أَكْرَى بِهِ فِيهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَإِذَا قِيلَ دِينَارٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ السَّنَةِ كُلِّهَا، فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ فَقَدْ وَقَعَ لِلزِّيَادَةِ مِثْلُ كِرَاءِ خُمُسِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ الْمُسَمَّى وَمِثْلُ خُمُسِهِ.
[مَا يَلْزَم بِهِ الْكِرَاءِ]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ] : أَيْ فَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ أَوْ عَطَّلَ كَمَا إذَا
مَا لَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ أَكْلَ دُودٍ أَوْ فَأْرٍ لَهُ إبَّانَ الزَّرْعِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ.
ثُمَّ بَالَغَ عَلَى لُزُومِ الْكِرَاءِ بِالتَّمَكُّنِ: (وَإِنْ فَسَدَ الزَّرْعُ لِجَائِحَةٍ) لَا دَخْلَ لِلْأَرْضِ فِيهَا؛ كَجَرَادٍ وَجَلِيدٍ وَبَرْدٍ وَجَيْشٍ وَغَاصِبٍ وَعَدَمِ نَبَاتِ بَذْرٍ، بِخِلَافِ مَا لَهَا فِيهِ دَخْلٌ كَدُودٍ كَمَا يَأْتِي.
(أَوْ غَرَقٍ بَعْدَ) فَوَاتِ (الْإِبَّانِ) : أَيْ وَقْتِ الْحَرْثِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ وَسَيَأْتِي مَفْهُومٌ بَعْدَ الْإِبَّانِ (أَوْ لَمْ يَزْرَعْ) : الْمُكْتَرِي (لِعَدَمِ بَذْرٍ) : فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ، وَلَا يُعْذَرُ بِعَدَمِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إيجَارِهَا لِغَيْرِهِ. وَلِذَا لَوْ عُدِمَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَحَلِّ لَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ لِعُمُومِ الْعُذْرِ.
(أَوْ سَجْنٍ) عُطِفَ عَلَى: " عُدِمَ "، أَيْ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ لِسِجْنٍ فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ، سُجِنَ ظُلْمًا أَوْ لَا، مَا لَمْ يُقْصَدْ مِنْ سِجْنِهِ مَنْعُهُ بِهِ عَنْ الزَّرْعِ. وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ عَلَى مَنْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بَوَّرَ الْأَرْضَ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ وَالتَّمَكُّنُ مِنْ مَنْفَعَةِ أَرْضِ النِّيلِ بِرَيِّهَا وَانْكِشَافِهَا وَمِنْ مَنْفَعَةِ أَرْضِ الْمَطَرِ بِاسْتِغْنَاءِ الزَّرْعِ عَنْ الْمَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّمَكُّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ و (عب) وَالْخَرَشِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ حِينَ الْعَقْدِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ أَكْلَ دُودٍ] إلَخْ: أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ التَّمَكُّنِ فِتْنَةً أَوْ خَوْفًا مِنْ غَاصِبٍ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ.
تَنْبِيهٌ: إذَا تَنَازَعَا فِي التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي بِيَمِينٍ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ إنْ أَقَرَّ الْمُكْتَرِي بِالتَّمَكُّنِ لَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَنَعَهُ مَانِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَعَلَى الْمُكْتَرِي إثْبَاتُ الْمَانِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ بَالَغَ عَلَى لُزُومِ الْكِرَاءِ بِالتَّمَكُّنِ وَإِنْ فَسَدَ] إلَخْ: هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَقَدْ أُسْقِطَ لَفْظُ بِقَوْلِهِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ وَقْتَ الْحَرْثِ] : أَيْ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَ الْحَرْثِ أَوْ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَرَقَ بِمَنْزِلَةِ الْجَرَادِ الطَّارِئِ عَلَى الزَّرْعِ.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي مَفْهُومٌ بَعْدَ الْإِبَّانِ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَرِقَ قَبْلَ الْإِبَّانِ.
قَوْلُهُ: [وَلِذَا لَوْ عُدِمَ الْبَذْرُ] إلَخْ: أَيْ عَدَمُوهُ مِلْكًا وَتَسَلُّفًا حَتَّى مِنْ الْبَلَدِ الْمُجَاوِرِ لَهُمْ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يُقْصَدْ مِنْ سِجْنِهِ] إلَخْ: وَيُعْلَمُ قَصْدُهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ بِقَوْلٍ.
سَجَنَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى عَدَمِهِ.
(بِخِلَافِ تَلَفِهِ) : أَيْ الزَّرْعِ (بِآفَةِ الْأَرْضِ) أَيْ النَّاشِئَةِ مِنْهَا (كَدُودِهَا أَوْ فَأْرِهَا أَوْ عَطَشٍ) فِي أَرْضِ الْمَطَرِ لِعَدَمِ نُزُولِهِ عَلَيْهِ كَعَدَمِ الرَّيِّ فِي النِّيلِ (أَوْ غَرَقٍ) لِلْأَرْضِ (قَبْلَ الْإِبَّانِ وَاسْتَمَرَّ) الْغَرَقُ عَلَيْهَا حَتَّى فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ (وَلَوْ عَطَشَ الْبَعْضُ) دُونَ الْبَعْضِ (أَوْ غَرِقَ) الْبَعْضُ وَاسْتَمَرَّ دُونَ الْبَعْضِ (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) : وَهُوَ أَنَّ مَا عَطِشَ أَوْ لَمْ يُرْوَ أَوْ غَرِقَ قَبْلَ الْإِبَّانِ وَاسْتَمَرَّ فَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَمَا لَمْ يَعْطَشْ وَلَمْ يَغْرَقْ فَعَلَيْهِ فِيهِ الْكِرَاءُ.
(وَلَوْ جَرَّ السَّيْلُ) أَوْ النِّيلُ (حَبًّا) بُذِرَ فِي أَرْضٍ (أَوْ) جَرَّ (زَرْعًا) نَبَتَ فِي أَرْضٍ لِمَالِكِهَا أَوْ مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا (لِأَرْضٍ) أُخْرَى (فَلِرَبِّهَا) : أَيْ فَالْحَبُّ الْمَجْرُورُ أَوْ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْمَجْرُورِ إلَيْهَا، لَا لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْجَرَّ إلَى أَرْضٍ غَيْرِ أَرْضِهِ قَهْرًا عَنْهُ كَانَ ضَائِعًا فَيَثْبُتُ لِمَنْ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ مِنْ مِثْلٍ وَلَا قِيمَةٍ.
(وَلَا يُجْبَرُ مُؤَجِّرٌ) لِدَارٍ أَوْ غَيْرِهَا (عَلَى إصْلَاحٍ) لِلْمُكْتَرِي مِنْهُ إذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ] : أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّالِفِ كَخَمْسَةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ مِائَةٍ إذَا كَانَتْ مُفَرَّقَةَ الْفَدَادِينِ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا لِأَنَّهَا كَالْهَالِكِ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ لَهَا أُجْرَةٌ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُفَرَّقَةٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ، وَمِثْلُ عَطَشِ الْبَعْضِ بَاقِي آفَاتِ الْأَرْضِ الَّتِي تَمْنَعُ الْكِرَاءَ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ جَرَّ السَّيْلُ] : مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي أَرْضًا حَبٌّ مِنْ زَرْعِهِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ زَمَنَ الْحَصَادِ فَنَبَتَ فِيهَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِهِ، بَلْ لِرَبِّ الْأَرْضِ لِإِعْرَاضِ رَبِّهِ عَنْهُ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ، وَلِذَا لَوْ بَقِيَتْ مُدَّةَ الْكِرَاءِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ. وَأَمَّا لَوْ بَذَرَهُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي اكْتَرَاهَا فَلَمْ يَنْبُتْ فِي سَنَتِهِ بَلْ فِي قَابِلٍ كَانَ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ، كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ الْعَامِ الْمَاضِي إنْ كَانَ عَدَمُ النَّبَاتِ لِغَيْرِ عَطَشٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْمَجْرُورِ إلَيْهَا] : أَيْ وَهُوَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُجْبَرُ مُؤَجِّرٌ] : أَخَذَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ خَرِبَةٌ فِي جِوَارِ شَخْصٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهَا ضَرَرٌ عَلَى عِمَارَتِهَا وَلَا عَلَى بَيْعِهَا وَيُقَالُ
حَصَلَ فِي الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ الْحَمَّامِ أَوْ الْبِئْرِ الْمُكْتَرَاةِ خَلَلٌ (مُطْلَقًا) كَانَ يُمْكِنُ مَعَهُ الِانْتِفَاعُ أَمْ لَا، يَضُرُّ بِالْمُكْتَرِي أَمْ لَا. بِاتِّفَاقٍ فِي الْكَثِيرِ الْمُضِرِّ، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْيَسِيرِ. فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَسِيرِ وَلَوْ مُضِرًّا.
(وَ) إذَا لَمْ يُجْبَرْ الْمُكْرِي عَلَى الْإِصْلَاحِ فَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ (خُيِّرَ السَّاكِنُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ (فِي) حُدُوثِ خَلَلٍ (مُضِرٍّ) وَلَوْ مَعَ نَقْصِ مَنَافِعَ، كَهَطْلٍ: أَيْ تَتَابُعِ الْمَطَرِ مِنْ السَّقْفِ لِلْخَلَلِ الْحَادِثِ بِهِ، وَكَهَدْمِ سَاتِرٍ أَوْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا أَوْ الْبَاذَهْنَجُ.
(فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ) كُلُّهُ لَازِمٌ لَهُ. وَمَفْهُومُ: " مُضِرٍّ " أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَلْزَمُهُ السُّكْنَى. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْقِصُ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَظَاهِرٌ، كَسُقُوطِ بَعْضِ شُرُفَاتِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُعْتَنَى بِهِ عَادَةً. وَإِنْ كَانَ يُنْقِصُ مِنْ الْكِرَاءِ حَطَّ عَنْهُ بِقَدْرِهِ وَإِنْ قَلَّ؛ كَسُقُوطِ تَجْصِيصِهَا أَوْ ذَهَابِ بَلَاطِهَا أَوْ هَدْمِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا وَكَانَ لَا يَضُرُّ وَسُقُوطِ شُرُفَاتِهَا مَعَ تَنْقِيصِهِ مِنْ الْكِرَاءِ. فَإِنْ أَصْلَحَ الْمُكْتَرِي بِلَا إذْنٍ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ. فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ خُيِّرَ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَهُ: ادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ الضَّرَرَ بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا إنْ حَصَلَ بِسَبَبِهَا تَلَفٌ، وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِلُزُومِ رَبِّ الْخَرِبَةِ بِمَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ مِنْ عِمَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْيَسِيرِ] : أَيْ وَأَمَّا ابْنُ حَبِيبٍ فَيَقُولُ: يُجْبَرُ الْمُكْرِي عَلَى الْإِصْلَاحِ فِيهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ الْعَمَلُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ الْبَاذَهْنَجُ] : أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُلَقَّفِ.
قَوْلُهُ: [فَالْكِرَاءُ كُلُّهُ لَازِمٌ لَهُ] : أَيْ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ.
قَوْلُهُ: [بَعْضِ شُرُفَاتِ الْبَيْتِ] : الشِّينُ مَضْمُومَةٌ وَالرَّاءُ مَضْمُومَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ أَوْ سَاكِنَةٌ.
قَوْلُهُ: [كَانَ مُتَبَرِّعًا] إلَخْ: هَذَا إذَا كَانَ الْعَقَارُ مِلْكًا وَأَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا يَحْتَاجُ لِإِصْلَاحٍ فَأَصْلَحَهُ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ نَاظِرِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِوَاجِبٍ لِلْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ لَا لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْوُجُوبُ لِحَقِّ اللَّهِ لَا لِخُصُوصِ السَّاكِنِ.
قَوْلُهُ: [فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ] : أَيْ وَهِيَ الْمُضِرُّ وَغَيْرُ الْمُضِرِّ وَلَا يَنْقُصُ الْكِرَاءُ وَغَيْرُ الْمُضِرِّ وَيَنْقُصُ.