الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) لَا يُنْتَظَرُ (صَبِيٌّ) أَيْ بُلُوغُهُ حَيْثُ (لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ) : كَأَخٍ صَغِيرٍ مَعَهُ عَاصِبَانِ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ كَعَمَّيْنِ، فَلَهُمَا الْقَسَامَةُ وَالْقِصَاصُ، أَوْ يَكُونُ عَاصِبٌ كَبِيرٌ مُسَاوٍ لَهُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ - كَعَمِّهِ - وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ؛ كَأَنْ تُقْتَلَ امْرَأَةُ وَتَتْرُكَ ابْنًا صَغِيرًا وَابْنَ ابْنٍ كَبِيرٍ، فَلِلْكَبِيرِ الْبَعِيدِ أَنْ يَقْسِمَ وَيَسْتَعِينَ بِعَمٍّ لَهُ مِنْ أَبِيهِ. فَلَوْ تَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَى الصَّغِيرِ - كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْعَصَبَةِ غَيْرُهُ أَوْ مَعَهُ كَبِيرٌ وَاحِدٌ وَلَا عَاصِبَ يَسْتَعِينُ بِهِ الْكَبِيرُ - فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا مَعَ إحْضَارِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ فَيَحْلِفُ الْبَاقِيَ وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ. فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ، وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ بِدُونِ انْتِظَارٍ. هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشُّرَّاحُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَثِيرٌ
(وَ) الِاسْتِيفَاءُ (لِلنِّسَاءِ) أَيْضًا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ:
(إنْ وَرِثْنَ) : أَيْ كُنَّ وَارِثَاتٍ، احْتِرَازًا عَنْ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَنَحْوِهِمَا.
وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ] : أَيْ هَذَا إذَا سَاوَيَاهُ فِي الدَّرَجَةِ، بَلْ وَلَوْ بَعُدَا عَنْهُ كَمِثَالِ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [وَيَسْتَعِينُ بِعَمٍّ لَهُ مِنْ أَبِيهِ] : مِثَالٌ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ ثُمَّ إنْ اقْتَصَّا بَعْدَ الْقَسَامَةِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ عَفَا الْعَمَّانِ فِي الْأُولَى أَوْ ابْنُ الِابْنِ الْكَبِيرِ فِي الثَّانِيَةِ سَقَطَ الْقَتْلُ وَلِلصَّغِيرِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ هَذَا هُوَ الْمُرْتَضَى وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
قَوْلُهُ: [فَفِيهِ الْقِصَاصُ بِدُونِ انْتِظَارٍ] : أَيْ لِلصَّغِيرِ لِأَنَّ صِغَرَهُ بِمَنْزِلَةِ بُعْدِ الْغَيْبَةِ، فَإِنْ حَصَلَ عَفْوٌ مِنْ بَعْضِ الْكِبَارِ فَلَا قِصَاصَ، وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَثِيرٌ] : لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرْتَضَى وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
[اسْتِيفَاءُ النِّسَاء لِلْقِصَاصِ]
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِهِمَا] : أَيْ مِنْ بَاقِي ذَوِي الرَّحِمِ مِنْ النِّسَاءِ الْغَيْرِ الْوَارِثَاتِ.
(وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ) فِي الدَّرَجَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ أَصْلًا، أَوْ يُوجَدُ أَنْزَلُ؛ كَعَمٍّ مَعَ بِنْتٍ أَوْ أُخْتٍ. فَخَرَجَتْ الْبِنْتُ مَعَ الِابْنِ أَوْ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ فَلَا كَلَامَ لَهَا مَعَهُ فِي عَفْوٍ وَلَا قَوَدٍ.
وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (وَكُنَّ عَصَبَةً لَوْ كُنَّ ذُكُورًا) : فَلَا كَلَامَ لِلْجَدَّةِ مِنْ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ. فَإِنْ كُنَّ الْوَارِثَاتِ مَعَ عَاصِبٍ غَيْرِ مُسَاوٍ فَلَهُنَّ وَلَهُ الْقَوَدُ؛ أَيْ كُلُّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ. وَلَا يُعْتَبَرُ عَفْوٌ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ، سَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ أَوْ إقْرَارٍ - كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبِنْتِ مَعَهَا أُخْتٌ لِغَيْرِ أُمٍّ مَعَ الْأَعْمَامِ - وَثَبَتَ قَتْلُ مُوَرِّثِهِنَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي الدَّرَجَةِ] : أَيْ وَفِي الْقُوَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِإِخْرَاجِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ، فَإِنْ لَهَا حَقًّا فِي الِاسْتِيفَاءِ لِكَوْنِهِ أَنْزَلَ مِنْهَا بِالْقُوَّةِ، وَإِنْ سَاوَاهَا فِي الدَّرَجَةِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَنْفِيَّ مُسَاوَاةُ النِّسَاءِ لِلْعَصَبَةِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ مَعًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ] : أَيْ الْمُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ كَكَوْنِهِمَا شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ. وَأَمَّا الشَّقِيقَةُ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَهُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَوَدِ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: [وَكُنَّ عَصَبَةً لَوْ كُنَّ ذُكُورًا] : الْمَعْنَى لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُنَّ ذُكُورًا كُنَّ عَصَبَةً، فَكُنَّ عَصَبَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دَلِيلُ جَوَابِ لَوْ، أَوْ هُوَ الْجَوَابُ.
قَوْلُهُ: [فَلَا كَلَامَ لِلْجَدَّةِ] إلَخْ: أَيْ فَلَيْسَ لَهُنَّ كَلَامٌ فِي شَأْنِ الدَّمِ مُطْلَقًا عَفْوًا أَوْ قِصَاصًا لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ مِنْهُنَّ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كُنَّ الْوَارِثَاتِ] : الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلنِّسْوَةِ الْمُسْتَوْفِيَاتِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ بِدَلِيلِ الْمِثَالِ الْآتِي، فَالْمَقْصُودُ التَّفْرِيعُ عَلَى مُقْتَضَى اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ، وَعَجَّلَ بِتِلْكَ التَّفَاصِيلِ مَعَ أَنَّهَا سَتَأْتِي فِي الْمَتْنِ لِلْإِيضَاحِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ.
قَوْلُهُ: [كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ] : مِثَالٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ كُنَّ الْوَارِثَاتِ.
قَوْلُهُ: [كَالْبِنْتِ مَعَهَا أُخْتٌ لِغَيْرِ أُمٍّ] : مِثَالٌ لِحِيَازَةِ الْمِيرَاثِ.
وَقَوْلُهُ: [وَثَبَتَ قَتْلُ مُوَرِّثِهِنَّ] إلَخْ: قَيْدٌ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ
بِقَسَامَةٍ مِنْ الْأَعْمَامِ، فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ. فَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَلَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ وَالْحَقُّ فِي الْقَتْلِ لِلنِّسَاءِ.
(وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ) : يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ الَّذِي هُوَ وَلِيُّ الدَّمِ. فَإِذَا قُتِلَ شَخْصٌ وَلَهُ ابْنٌ مَاتَ ذَلِكَ الِابْنُ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ - فَيَنْتَقِلُ لَهُمَا الْكَلَامُ إلَى آخِرِهِ؛ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ أَخِيهَا وَتَخْرُجُ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ، فَإِذَا مَاتَ ابْنُ الْمَقْتُولِ عَنْ ابْنٍ وَزَوْجَةٍ أَوْ مَاتَتْ فَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجِ. تَنْبِيهٌ:
لَوْ حَصَلَ عَفْوٌ مِنْ كَبِيرٍ مَعَهُ صَغِيرٌ فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ إلَّا نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ. وَلَا يَسْرِي عَفْوُ الْكَبِيرِ عَلَيْهِ؛ فَلَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ مِنْ أَبٍ وَنَحْوِهِ - كَوَصِيٍّ - وَاسْتَحَقَّ الصَّغِيرُ قِصَاصًا بِلَا مُشَارِكٍ لَهُ، فَعَلَى وَلِيِّهِ النَّظَرُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي الْقَتْلِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَيُخَيَّرُ إنْ اسْتَوَتْ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ الدِّيَةِ مَعَ يُسْرِ الْجَانِي، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ أَحَدَ يَدِ الصَّغِيرِ مَثَلًا. فَإِنْ كَانَ الْجَانِي مُعْسِرًا فَلَهُ الصُّلْحُ بِأَقَلَّ. أَمَّا لَوْ قُتِلَ الصَّغِيرُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ لِانْقِطَاعِ نَظَرِهِ بِالْمَوْتِ، وَالْكَلَامُ لِلْعَاصِبِ، فَإِنْ قَتَلَ شَخْصٌ عَبْدَ الصَّبِيِّ أَوْ جَرَحَهُ فَالْأَوْلَى لِلْوَلِيِّ أَخْذُ الْقِيمَةِ وَالْأَرْشِ دُونَ الْقِصَاصِ إذْ لَا نَفْعَ لِلصَّبِيِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقَوْلُهُ: [فَلَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ] : الْمُنَاسِبُ الْغَيْرُ الْوَارِثِينَ.
قَوْلُهُ: [وَالْحَقُّ فِي الْقَتْلِ لِلنِّسَاءِ] : مُرَادُهُ اللَّاتِي حُزْنَ الْمِيرَاثَ.
قَوْلُهُ: [فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ أَخِيهَا] : أَيْ لِتَنْزِيلِهِمَا مَنْزِلَةَ مُوَرِّثِهِمَا، وَاشْتِرَاطُ عَدَمِ مُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ لِلنِّسَاءِ إنْ كُنَّ أُصُولًا وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجِ] : لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، أَيْ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لِلِابْنِ فِي الْأُولَى وَالْبِنْتِ فِي الثَّانِيَةِ وَالزَّوْجَةُ لَا حَقَّ لَهَا لِبُعْدِهَا مِنْ الْعَصَبَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ الدِّيَةِ] إلَخْ: أَيْ فَإِنْ صَالَحَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْجَانِيَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ مَعَ مَلَاءِ الْجَانِي رَجَعَ الصَّغِيرُ بَعْدَ رُشْدِهِ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى وَلِيِّهِ بِشَيْءٍ.
قَوْلُهُ: [عَبْدَ الصَّبِيِّ] : مِثْلُهُ السَّفِيهُ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَا نَفْعَ لِلصَّبِيِّ] : مَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يَخْشَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الْقَاتِلِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْقِصَاصُ.