الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَذَّرَ) الطَّلَبُ (مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ) لِمَوْتِهِ أَوْ عُسْرِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ لَا إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ غَرِيمُهُ وَهُوَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى رُجُوعِ الشَّاهِدِينَ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى
حُكْمِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ
فَقَالَ: (وَإِنْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا (جُمِعَ) : وَلَا تَسْقُطُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بِإِرْدَبٍّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ أُخْرَى، أَوْ ادَّعَى بِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ ثَوْبًا فِي مِائَةِ إرْدَبِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَيَغْرَمَانِ لَهُ حِينَئِذٍ، وَلَكِنْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِعَيْنِ بِالْغُرْمِ هَرَبَ أَوْ لَمْ يَهْرُبْ. فَإِنْ أَغْرَمَ أَغْرَمَهُمَا.
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ] : الْمُنَاسِبُ مُطَالَبَتُهُمَا.
[حُكْمِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ]
قَوْلُهُ: [عَلَى رُجُوعِ الشَّاهِدِينَ] : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الدَّالِ جَمْعُ شَاهِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ قَوْلُهُ: [وَإِنْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ] : عَرَّفَ التَّعَارُضَ بِأَنَّهُ اشْتِمَالُ كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى مَا يُنَافِي الْأُخْرَى.
قَوْلُهُ: [وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ] : أَيْ عَقْلًا.
قَوْلُهُ: [جُمِعَ] : أَيْ بِالْفِعْلِ أَيْ عُمِلَ بِهِ وَصُيِّرَ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ] : الْأَظْهَرُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْمُدَّعِي الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِرْدَبَّيْنِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُقَدَّمُ فِي الْإِقْرَارِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ فَالْمِائَتَانِ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ أَمْوَالٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكِتَابَةِ فَمَالٌ وَاحِدٌ عَلَى التَّحْقِيقِ. كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ بِأَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةً، ثُمَّ أَقَرَّ عِنْدَ أُخْرَى بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مِائَةً فَمِائَةٌ فَقَطْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ اخْتِلَافَ السَّبَبِ وَاتَّفَقَا صِفَةً وَقَدْرًا وَإِلَّا فَالْمِائَتَانِ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ ثُمَّ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ قَالَ: مِائَةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ، ثُمَّ مِائَةٌ يَزِيدِيَّةٌ (اهـ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِرْدَبَّانِ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا أَوْ صِفَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لَيْسَ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي شَيْءٍ
حِنْطَةٍ بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ ثَوْبَيْنِ فِي مِائَةٍ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانَ وَأُخْرَى بِأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ.
(وَإِلَّا) يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (رُجِّحَ) : أَيْ وَجَبَ التَّرْجِيحُ (بِبَيَانِ السَّبَبِ) لِلْمِلْكِ؛ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا مِلْكٌ لِزَيْدٍ وَأَطْلَقَتْ، وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأَنَّهُ مِلْكُ عَمْرٍو وَبَيَّنَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ - (كَنَسْجٍ وَنَتَاجٍ) بِأَنْ قَالَ: نَسَجَهُ أَوْ كَتَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ أَوْ نَتَجَ عِنْدَهُ أَوْ اصْطَادَهُ - فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَتْ لِزِيَادَتِهَا بَيَانَ سَبَبِ الْمِلْكِ.
(أَوْ) بِسَبَبِ ذِكْرِ (تَأْرِيخٍ) فَتُقَدَّمُ عَلَى مَنْ لَمْ تُؤَرِّخْ (أَوْ تَقَدُّمِهِ) : أَيْ التَّأْرِيخِ، فَتُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ أَعْدَلَ، وَكَذَا مَنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ ثَوْبَيْنِ] : الْمُنَاسِبُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَادَّعَى أَنَّهُ تَعَاقَدَ مَعَهُ عَلَى ثَوْبَيْنِ فِي الْمِائَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصْلِ وَالْخَرَشِيِّ لِصِحَّةِ التَّعَارُضِ، وَإِلَّا فَلَوْ بَقِيَ الْمِثَالُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَجَرَى عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُقَدَّمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَارُضُ الْبَيِّنَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: [عَبْدَهُ فُلَانَ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَالْمُنَاسِبُ النَّصْبُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ مَنْصُوبُ مَفْعُولٍ لِلْفِعْلِ قَبْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ الْجَمْعُ جُمِعَ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلِسَيْنِ وَالْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ أَثْبَتَتْ حُكْمًا غَيْرَ مَا أَثْبَتَهُ صَاحِبَتُهَا وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بِلَا تَنَاقُضٍ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَتَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ طَرِيقَةُ الْمَدَنِيِّينَ. وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَاقِي الْمِصْرِيِّينَ فَيُقَدِّمُونَ الْأَعْدَلَ، فَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اتِّحَادُ الْوَقْتِ الَّذِي تَسْتَنِدُ إلَيْهِ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ مَعَ نَفْيِ مَا قَالَتْهُ الْأُخْرَى حَتَّى يَأْتِيَ التَّعَارُضُ.
قَوْلُهُ: [بِبَيَانِ السَّبَبِ] : أَيْ بِسَبَبِ ذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَتْ] : أَيْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا مَنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ] : أَيْ فَتُقَدَّمُ وَلَوْ كَانَتْ مَنْ لَمْ تُبَيِّنْهُ أَعْدَلَ.
(أَوْ) بِسَبَبِ (مَزِيدِ) أَيْ زِيَادَةِ (عَدَالَةٍ) فِي إحْدَاهُمَا فَتُقَدَّمُ عَلَى الْأُخْرَى.
(لَا) بِمَزِيدِ (عَدَدٍ) وَلَوْ كَثُرَ، مَا لَمْ تُفِدْ الْكَثْرَةُ الْعِلْمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِمَا مَرَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا آلَ إلَيْهَا خَاصَّةً، وَهُوَ مَا يَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا - مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ - كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحُدُودِ - فَلَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ. وَلِذَا كَانَ يَحْلِفُ مُقِيمُهَا فِي الْأَمْوَالِ مَعَهَا عَلَى الرَّاجِحِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: اُخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَعْدَلَ هَلْ يَحْلِفُ صَاحِبُ الْأَعْدَلِ؟ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ (اهـ) وَقِيلَ: زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ فَيَثْبُتُ التَّرْجِيحُ بِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ.
(وَ) رَجَحَ (بِشَاهِدَيْنِ) مِنْ جَانِبٍ (عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) مِنْ آخَرَ (أَوْ) عَلَى شَاهِدٍ وَ (امْرَأَتَيْنِ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ زِيَادَةِ عَدَالَةٍ] : أَيْ فِي الْبَيِّنَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا فِي الْمُزَكِّيَةِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ تُفِدْ الْكَثْرَةُ الْعِلْمَ] : أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ جَمْعًا يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ لَا تُعَدُّ مُرَجِّحًا إلَّا إذَا أَفَادَتْ الْعِلْمَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ كَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَضَاءِ قَطْعُ النِّزَاعِ وَمَزِيدَ الْعَدَالَةِ أَقْوَى فِي التَّعَدُّدِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ يُمْكِنُهُ زِيَادَةُ عَدَدِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ.
قَوْلُهُ: [مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ] : أَيْ وَكَذَا مَا يَثْبُتُ بِامْرَأَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ] : هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ مَشَى خَلِيلٌ فِي بَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ قَالَ: وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ وَلَوْ صَدَّقَتْهُمَا الْمَرْأَةُ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ] : أَيْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [عَلَى شَاهِدٍ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَلَى شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ] : مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الشَّاهِدِ
(وَ) رَجَحَ (بِيَدٍ) : أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ، بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ عَرْضٍ فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ؛ فَالْحَوْزُ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ عِنْدَ التَّسَاوِي، وَلِذَا قَالَ:
(إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ) بِمُرَجَّحٍ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ وَنُزِعَ مِنْ ذِي الْيَدِ (فَيَحْلِفُ) مَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَهُوَ ذُو الْيَدِ عِنْدَ عَدَمِ التَّرْجِيحِ وَمُقَابِلُهُ عِنْدَ تَرْجِيحِ بَيِّنَتِهِ بِمُرَجَّحٍ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَنْطُوقٍ " بِيَدٍ " وَمَفْهُومُ " إنْ لَمْ تُرَجَّحْ ".
(وَ) رَجَحَ (بِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ) : فَمَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ قُدِّمَتْ عَلَى مَنْ شَهِدَتْ بِالْحَوْزِ وَلَوْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ الْحَوْزِ عَلَى تَارِيخِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ وَغَيْرِهِ.
(وَ) رَجَحَ (بِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ عَلَى مُسْتَصْحَبَةٍ) لَهُ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْمَرْأَتَيْنِ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ. وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الْعَدَالَةِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا] : أَيْ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَصْلَهُ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا لَمْ يَعْرِفْ أَصْلَهُ عَمَّا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَأَخَذَ مَالَهُ إنْسَانٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَتَعَادَلَتَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ وَضْعُ الْيَدِ.
قَوْلُهُ: [مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ] : أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا أَنَّ هَذَا الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لِزَيْدٍ مِلْكٌ وَالْأُخْرَى لِعَمْرٍو مِلْكٌ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِ الْمِلْكِ.
قَوْلُهُ: [وَرَجَحَ بِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ] : اعْلَمْ أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْحَوْزِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْمِلْكِ أُقِيمَتْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا وَهِيَ عَشْرُ سِنِينَ بِقُيُودِهَا الْآتِيَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ إلَخْ.
قَوْلَهُ: [وَرَجَحَ بِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ] : أَيْ وَلَوْ كَانَتْ النَّاقِلَةُ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ.
وَقَوْلُهُ: [عَلَى مُسْتَصْحَبَةٍ لَهُ] : أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُسْتَصْحَبَةُ بَيَّنَتْ الْمِلْكَ وَسَبَبَهُ كَمِثَالِ الشَّارِحِ
لِزَيْدٍ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ لَهُ لِكَوْنِهِ نَسَجَهَا أَوْ كَتَبَهَا أَوْ اصْطَادَهَا أَوْ بَنَاهَا، وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لِعَمْرٍو اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ أَوْ وَرِثَهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّقْلِ عَلَى بَيِّنَةِ الِاسْتِصْحَابِ.
(وَاعْتُمِدَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ) : أَيْ الشَّاهِدَةُ بِهِ لِحَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ؛ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَشْهَدَ بِمِلْكِ شَيْءٍ لِإِنْسَانٍ إلَّا إذَا اعْتَمَدَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ تَعْتَمِدَ (عَلَى) أُصُولِ (التَّصَرُّفِ) مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ رُكُوبٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ لُبْسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
(وَ) الثَّانِي: أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَى (حَوْزٍ طَالَ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ (كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ لَا أَقَلَّ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَى (عَدَمِ مُنَازِعٍ) لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ: (مَعَ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ) : أَيْ إلَى وَاضِعِ الْيَدِ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي شَهَادَتِهَا. وَيُشْتَرَطُ صِحَّةُ شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ أَيْضًا أَنْ تَقُولَ فِي شَهَادَتِهَا: وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا، وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ بِالْعَطْفِ عَلَى:" اعْتَمَدَتْ " بِقَوْلِهِ: (وَقَالَتْ) فِي شَهَادَتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ (وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا) بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ. فَإِنْ قَطَعُوا بِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ، فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِي بُطْلَانِهَا خِلَافٌ. فَعُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ بَتًّا خَمْسَةٌ: الِاعْتِمَادُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ - وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهَا فِي الشَّهَادَةِ - وَالْخَامِسُ: عَدَمُ عِلْمِهِمْ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّقْلِ] : مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ بِالتَّنَصُّرِ لِلْأَسِيرِ كُرْهًا عَلَى الْبَيِّنَةِ بِالطَّوْعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَنَصُّرِ الْأَسِيرِ الطَّوْعُ.
تَنْبِيهٌ.
إذَا تَعَارَضَتْ الْأَصَالَةُ وَالْفَرْعِيَّةُ قُدِّمَتْ الْأَصَالَةُ كَبَيِّنَةِ السَّفَهِ وَالرُّشْدِ وَالْعُسْرِ وَالْيَسَارِ وَالْجُرْحَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ السَّفَهِ تُقَدَّمُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْعُسْرِ وَالْجُرْحَةِ وَالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ هِيَ الْأَصْلُ وَأَضْدَادُهَا فُرُوعٌ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ (بْن) نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [الِاعْتِمَادُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ] : أَيْ الَّتِي هِيَ التَّصَرُّفُ