الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَجُوزُ إنْ عَلِمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا بِعَادَةٍ أَوْ شَرْطٍ. فَعِلَّةُ الْجَوَازِ الْعِلْمُ وَسَوَاءٌ قَيَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ لِي وَيَوْمٌ لَك أَمْ لَا، كَنَقْلَةٍ لِي وَنَقْلَةٌ لَك؛ فَالْأُجْرَةُ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ:" وَلَك نِصْفُهُ ": أَيْ الْحَطَبِ احْتِرَازًا مِنْ قَوْلِهِ: " وَلَك نِصْفُ ثَمَنِهِ "، فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ. وَمِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ وَالشَّبَكَةُ وَنَحْوُهُمَا فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ مَكَان مُعَيَّنٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ:" نَحْو " وَدَخَلَ فِي اسْتَقِ عَلَيْهَا وَلَك نِصْفُ الْمَاءِ.
(وَ) بِخِلَافِ نَحْوِ: (اُحْصُدْهُ وَلَك نِصْفُهُ) مَثَلًا (فَيَجُوزُ) . أَوْ: جُذَّ نَخْلِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ، أَوْ: اُلْقُطْ زَيْتُونِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ. أَوْ: جُزَّ صُوفِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ؛ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ وَمَا أُوجِرَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا: اُحْصُدْ وَمَا حَصَدْت فَلَكَ
ــ
[حاشية الصاوي]
[تَنْبِيهٌ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَخْذِ الْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ]
قَوْلُهُ: [فَيَجُوزُ إنْ عَلِمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا] : أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تَأْخُذْ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمِعًا بِمَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ زَادَ ذَلِكَ مُنِعَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُرَادُ عَلِمَ نَوْعَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ بِدَلِيلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّبَكَةِ.
قَوْلُهُ: [كَنَقْلَةٍ لِي، وَنَقْلَةٌ لَك] : مِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ كُلُّ نَقْلَةٍ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لَك.
قَوْلُهُ: [مِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةِ وَالشَّبَكَةِ] : ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ دَفْعُ الشَّبَكَةِ لِمَنْ يَصِيدُ بِهَا يَوْمًا لِنَفْسِهِ وَيَوْمًا لِصَاحِبِهِ وَفِي الشَّهْرَيْنِ كَثِيرٌ لِظُهُورِ الْجَهَالَةِ.
قَوْلُهُ: [إذَا كَانَ مُعَيَّنًا] : أَيْ كَمَا إذَا كَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهَا تِبْنًا أَوْ حَطَبًا أَوْ خَشَبًا مُعَيَّنًا مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَخْذِ الْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ رَبِّهَا فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ عَلَيْهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِرَبِّهَا كِرَاؤُهَا وَهُوَ أَبْيَنُ وَأَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ أَخْذِ رَبِّهَا مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُخَلِّفَ رَبَّهَا دَابَّةً أُخْرَى.
قَوْلُهُ: [لِلْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ وَمَا أُوجِرَ عَلَيْهِ] : أَيْ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَحْصُورًا مَرْئِيًّا.
نِصْفُهُ، أَوْ: اُلْقُطْ وَمَا لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ، فَجَائِزٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَهُوَ مِنْ الْإِجَارَةِ اللَّازِمَةِ. وَيَكُونُ الدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ قَالَ: اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ، أَوْ. اُدْرُسْهُ فَقَطْ، فَفَاسِدٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ. ثُمَّ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَسَدَتْ، قَالَ فِيهَا: وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْ الْيَوْمَ أَوْ اُلْقُطْ الْيَوْمَ وَمَا اجْتَمَعَ فَلَكَ نِصْفُهُ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا يُحْصَدُ الْيَوْمَ، وَمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بِهِ مَعَ ضَرْبِ الْأَجَلِ فِي الْجَعْلِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْجَعْلِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَتْرُكَ مَتَى شَاءَ فَيَجُوزُ.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلَهُ: (كَإِجَارَةٍ)، أَيْ كَمَا يَجُوزُ إجَارَةُ (دَابَّة لِكَذَا) : أَيْ لِمَكَانٍ مَعْلُومٍ كَمَكَّةَ (عَلَى) أَنَّهُ إنْ (اسْتَغْنَى فِيهَا) : أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِظَفَرِهِ بِحَاجَتِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ (حَاسَبَ) رَبُّهَا: أَيْ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً. وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْأُجْرَةَ، فَإِنْ نَقَدَهَا لَمْ يَجُزْ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. وَهَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فَكَانَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ هُنَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ] : أَيْ وَالْجَعَالَةُ يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ لِكَوْنِهَا مُنْحَلَّةً مِنْ طَرَفِ الْعَامِلِ.
قَوْلُهُ: [وَيَكُونُ الدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا] : أَيْ لِأَنَّهُمَا صَارَا شُرَكَاءَ مِنْ حِينِ الْحَصَادِ وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ.
قَوْلُهُ: [لِشِدَّةِ الْغَرَرِ] : أَيْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَصِفَتِهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا بَعْدَ التَّصْفِيَةِ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ] إلَخْ: هَذَا الْبَحْثُ يُغْنِي عَنْهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ جَمَعَهَا وَتَسَاوَيَا، وَمَحِلُّهُ هُنَاكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّكَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا الْقَيْدُ] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: تَأَمَّلْ مَا وَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ بِهَذَا أَيْضًا. وَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ هُنَا يَسِيرٌ يُغْتَفَرُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى إلَى مَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى قَبْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي
(وَإِيجَارُ) : أَيْ وَكَمَا يَجُوزُ إيجَارُ شَيْءٍ (مُؤَجَّرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ: أَيْ أَنَّ مَنْ أَجَّرَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا مُدَّةً تَلِي مُدَّةً الْإِجَارَةِ الْأُولَى لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ.
(أَوْ) إيجَارٌ (مَا) : أَيْ شَيْءٍ بِيعَ وَ (اُسْتُثْنِيَتْ مَنْفَعَتُهُ) : أَيْ اسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ؛ بِأَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ دَارًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يُؤَاجِرَ مَا ذُكِرَ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الِانْتِفَاعِ أَيْ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ السَّنَةِ فِي الدَّارِ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّابَّةِ لَا جُمُعَةٍ، وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ.
(وَالنَّقْدِ) بِالْجَرِّ، عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ: أَيْ وَكَجِوَازِ النَّقْدِ (فِيهِمَا) : أَيْ فِي إيجَارِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمَبِيعِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ. وَمَحَلُّ جَوَازِ الْإِيجَارِ وَالنَّقْدِ فِيهِمَا: (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا) : أَيْ لَمْ يَغْلِبْ تَغَيُّرُهُ بِأَنْ كَانَ الشَّأْنُ عَدَمَ تَغَيُّرِهِ. وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: مَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ سَلَامَتَهُ، أَوْ احْتَمَلَ السَّلَامَةَ وَعَدَمَهَا. لَكِنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالثَّانِيَةَ فِيهَا خِلَافٌ. هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِيجَارِ فِيهِمَا. وَأَمَّا النَّقْدُ فِيهِمَا فَإِنَّمَا يَجُوزُ
ــ
[حاشية الصاوي]
دَعْوَاهُ الِاسْتِغْنَاءَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ لِهَذَا الْمَكَانِ وَإِنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا اكْتَرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ وَمَا قِيلَ فِي الدَّابَّةِ يُقَالُ فِي الدَّارِ وَالسَّفِينَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ] : أَيْ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِعَدَمِ إيجَارِهَا إلَّا لِلْأَوَّلِ كَالْأَحْكَارِ الْمَوْقُوفَةِ بِمِصْرَ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ إنْسَانٌ دَارًا مَوْقُوفَةً مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ بِالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ لَهُ خُلُوٌّ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَجَعَلَ عَلَيْهَا حَكْرًا كُلَّ سَنَةٍ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا مُدَّةَ تَلِي مُدَّةَ إيجَارِ الْأَوَّلِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِاخْتِصَاصِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ وَمَحَلُّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ الْأَوَّلُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِثْلَ مَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ وَإِلَّا جَازَ إيجَارُهَا لِلْغَيْرِ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّابَّةِ] : أَيْ وَعَشَرَةٍ فِي الرَّقِيقِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فِي إيجَارِ الْمُؤَجَّرِ] : بِفَتْحِ الْجِيمِ اسْمُ مَفْعُولٍ.
قَوْلُهُ: [الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ] : رَاجِعٌ لِلْمَبِيعِ.
إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِمَا لَا إنْ لَمْ تَغْلِبْ بِأَنْ كَانَ الشَّأْنُ عَدَمَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ أَوْ ضَعْفِ الْبِنَاءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَاحْتِمَالِ الْأَمْرِ فَعُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ:
الْأُولَى: الشَّأْنُ السَّلَامَةُ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ وَالنَّقْدُ قَطْعًا.
الثَّانِيَةُ: عَدَمُهَا فَلَا يَجُوزُ عَقْدٌ وَلَا نَقْدٌ.
وَالثَّالِثَةُ: احْتِمَالُ الْأَمْرَيْنِ، فَيَجُوزُ الْعَقْدُ لَا النَّقْدُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ فَلَا نَقْدَ.
وَإِنَّ قَوْلَهُ: " إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ " غَالِبًا رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ وَالنَّقْدِ إلَّا أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت. وَالْمُرَادُ: إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ أَيْ فِي الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تَلِي الْأُولَى، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا. فَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِقَوْلِهِ:" قَبْلَ تَسْلِيمِهِ " فِيهِ نَظَرٌ، وَلِذَا شَطَبْنَاهُ مِنْ أَصْلِ الْمُبَيَّضَةِ.
(وَ) كَجَوَازِ إيجَارٍ (عَلَى طَرْحِ نَجَاسَةٍ؛ كَمِيتَةٍ) وَعَذِرَةٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ مُبَاشَرَةَ النَّجَاسَةِ
لِلضَّرُورَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ ضَعْفٌ] : مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى طُولٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ] : أَيْ كَالطَّاحُونِ وَالسَّاقِيَةِ مِنْ كُلِّ مَا شَأْنُهُ التَّغَيُّرُ لِكَثْرَةِ الْعِلَاجِ فِيهِ كَالْمِدَقِّ وَالْمَعْصَرَةِ.
قَوْلُهُ: [فَعُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ] أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا بِاعْتِبَارِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ بَعْضِهِمْ] : هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ] : هُوَ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنَّهُ] : أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: [يُوهِمُ أَنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ] : إلَخْ: أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالنَّقْدُ فِيهِمَا إنْ سَلِمَ غَالِبًا لَسَلِم وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ انْتَفَى التَّغَيُّرُ غَالِبًا: أَيْ إنْ كَانَ الْغَالِبُ انْتِفَاءَهُ فَيَكُونُ الْحَالُ قَيْدًا فِي النَّفْيِ لَا فِي الْمَنْفِيِّ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [لِمَا عَلِمْت] : أَيْ مِنْ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ فِيهَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا] : أَيْ لِأَنَّهَا الَّتِي يُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنَافِعُ لَا الْأُولَى.
قَوْلُهُ: [عَلَى، طَرْحِ نَجَاسَةٍ] : أَيْ وَكَذَا حَمْلُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ كَحَمْلِهَا، لِأَكْلِ الْكِلَابِ أَوْ تَسْبِيخِ أَرْضٍ أَوْ لِأَكْلِ مُضْطَرٍّ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ.
(وَ) اسْتِئْجَارٍ عَلَى (الْقِصَاصِ) : مَنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَسَلَّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ.
(وَ) عَلَى (الْأَدَبِ) لِابْنٍ أَوْ عَبْدٍ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ مُوجِبُهُ.
(وَ) عَلَى (عَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا)، وَلَوْ بِشَرْطِ النَّقْدِ قَالَ فِي النَّقْدِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَالدُّورُ أَبْيَنُ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأَجْرِ فِيهِ بِشَرْطٍ (انْتَهَى) .
(وَ) عَلَى (دَارٍ نَحْوَ ثَلَاثِينَ) عَامًا وَلَوْ شُرِطَ النَّقْدُ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.
(وَ) عَلَى (أَرْضٍ) لِلزِّرَاعَةِ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ (خَمْسِينَ عَامًا) لَا أَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ رَبِّهَا جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ دُونَ النَّقْدِ. وَكَذَلِكَ الدَّارُ إذَا كَانَتْ قَدِيمَةً يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا ثَلَاثِينَ، وَعَدَمُهُ فَإِذَا كَانَتْ قَدِيمَةً جِدًّا لَا تَبْقَى الثَّلَاثِينَ عَادَةً لَمْ يَجُزْ كِرَاؤُهَا الثَّلَاثِينَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَبْدِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَاسْتِئْجَارٌ عَلَى الْقِصَاصِ] : أَيْ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَتْلِ ظُلْمًا فَلَا تَجُوزُ. فَإِنْ نَزَلَ اقْتَصَّ مِنْ الْأَجِيرِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَلَا يَقْتَصُّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ.
قَوْلُهُ: [إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ مُوجِبُهُ] : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمُوجِبِ كَانَ الطَّالِبُ لِلتَّأْدِيبِ الْأَبَ أَوْ السَّيِّدَ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُصَدَّقُ الْأَبُ فِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّيِّدِ وَالزَّوْجِ فِي دَعْوَى مَا يُوجِبُ الْأَدَبَ كَمَا فِي (ح) ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فَلَا يُؤَدِّبُهُ الْأَبُ بَلْ يُؤَدِّبُهُ الْحَاكِمُ بِالثُّبُوتِ، وَإِلَّا أَبٌ الْأَبِ أَوْ الْمُتَوَلِّي لِلْأَبِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى عَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا] : أَيْ وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا سَنَةٌ إلَّا لِسَفَرٍ فَالشَّهْرُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ (بْن) وَهَذَا فِي إجَارَتِهَا الَّتِي يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا، وَأَمَّا بِغَيْرِ نَقْدٍ فَيَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ يُخْبِرُ عَنْ حَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ.
(وَ) كَجَوَازِ (بَيْعِ دَارٍ لِتُقْبَضَ) : أَيْ لِيَقْبِضَهَا مُشْتَرِيهَا (بَعْدَ عَامٍ) مِنْ يَوْمِ بَيْعِهَا فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا سَنَةً.
(وَ) بَيْعُ (أَرْضٍ) لِتُقْبَضَ (بَعْدَ عَشْرٍ) مِنْ الْأَعْوَامِ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا عَشْرًا.
(وَ) بَيْعُ (حَيَوَانٍ) لِيُقْبَضَ (بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَنَحْوِهَا (لَا) بَعْدَ (عَشْرٍ) . لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا تَغَيُّرُهُ.
(وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ) كَاسْتِثْنَاءِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ.
(وَ) كَجَوَازِ (كِرَاءِ دَابَّةٍ لِتُقْبَضَ) : أَيْ لِيَقْبِضَهَا الْمُكْتَرِي (بَعْدَ شَهْرٍ) مِنْ يَوْمِ الْكِرَاءِ فَيَجُوزُ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) مُكْرِيهَا (النَّقْدَ) : أَيْ نَقْدَ الْأُجْرَةِ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. وَالنَّقْدُ بِلَا شَرْطٍ لَا يَضُرُّ.
(وَ) كَجَوَازِ (تَحْدِيدِ صَنْعَةٍ، كَخِيَاطَةٍ) أَوْ خَرْزٍ وَحَصْدِ زَرْعٍ وَدَرْسٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَذَا يُقَالُ فِي الْعَبْدِ] : حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ فِي الْأَمْنِ تُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى شَرْطِ النَّقْدِ وَاسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ يُسَوِّغُ الْقُدُومَ عَلَى الْعَقْدِ دُونَ النَّقْدِ، وَأَمَّا غَلَبَةُ ظَنِّ عَدَمِ الْأَمْنِ فَلَا تَجُوزُ عَقْدًا وَلَا نَقْدًا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ قَوْلُهُ:[وَكَجَوَازِ بَيْعِ دَارٍ] : اعْتَرَضَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَحَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي الْبُيُوعِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ إجَارَةٌ حُكْمًا فَإِذَا بَاعَ الدَّارَ بِمِائَةٍ مَثَلًا عَلَى، أَنْ تُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ فَقَدْ بَاعَهَا بِالْمِائَةِ وَالِانْتِفَاعُ بِتِلْكَ الدَّارِ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَكَانَ الْبَيْعُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مِثْلًا دَفَعَ الْمُشْتَرِي بَدَلَ الْعَشَرَةِ مَنْفَعَةَ الدَّارِ فَيُتَأَمَّلْ، وَيُقَالُ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَرْضِ وَالْحَيَوَانِ مَا قِيلَ هُنَا.
قَوْلُهُ: [وَبَيْعُ حَيَوَانٍ لِيَقْبِضَ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ كَانَ الْحَيَوَانُ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَاَلَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالدَّابَّةِ قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ فِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَأَمَّا دَابَّةُ الْعَمَلِ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا كَالرَّقِيقِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا تَغَيُّرُهُ] : أَيْ فَيَتَرَدَّدُ الثَّمَنُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ] : أَيْ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِهِ، وَبَقِيَ مِثْلُ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَالنُّحَاسِ. وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَاسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ مُدَّةً دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ لَا أَزْيَدَ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا تَأْجِيرُ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي الزَّمَنَ الطَّوِيلَ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ فِيهَا لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَمُ بِحَالٍ.
قَوْلُهُ: [وَالنَّقْدُ بِلَا شَرْطٍ لَا يَضُرُّ] : أَيْ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ لِلتَّرَدُّدِ لَا تَكُونُ إلَّا فِي شَرْطِ النَّقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ.