الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بِمَا يَدُلُّ) عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ: مُتَعَلِّقٌ بِ " عَقَدَ ": أَيْ عَقَدَ عَلَى مَا ذُكِرَ بِمَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ مِنْ لَفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(فَرُكْنُهَا) : أَيْ فَعُلِمَ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ:
(عَاقِدٌ) مِنْ مُؤَجِّرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ، كَالْبَيْعِ، فَشَرْطُ صِحَّتِهِمَا الْعَقْلُ وَالطَّوْعُ.
وَشَرْطُ اللُّزُومِ: التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ؛ فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَتَوَقَّفُ لُزُومُ إجَارَتِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ، وَكَذَا السَّفِيهُ فِي سِلْعَةٍ، فَإِنْ أَجَّرَ نَفْسُهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ إلَّا إذَا حَابَى. وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَمُكْرَهٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] الْآيَةَ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ عِوَضُهَا الْبُضْعُ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ إذَا لَمْ تَتِمَّ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي جُعِلَ الْبُضْعُ فِي نَظِيرِهَا فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: [مِنْ لَفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ كَالْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْمُعَاطَاةِ وَالْعُرْفِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ، وَذَلِكَ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يَعْمَلُهَا الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يَأْخُذُ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَتَخْلِيصِ دَيْنٍ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ أَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةَ وَلَا يَدْخُلُ فِي صِيغَةِ الْإِجَارَةِ لَفْظُ الْمُسَاقَاةِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ سَحْنُونًا يَرَى انْعِقَادَ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ.
[أَرْكَانُ الْإِجَارَةُ]
قَوْلُهُ: [مِنْ مُؤَجِّرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ] : الْمُؤَجِّرُ بَائِعُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُشْتَرِيهَا.
قَوْلُهُ: [فَشَرْطُ صِحَّتِهِمَا] : أَيْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَقْدُهُمَا، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ اللُّزُومِ وَالْمُؤَجِّرُ هُوَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ هُوَ دَافِعُ الْعِوَضِ، وَيُقَالُ فِي الْأَوَّلِ مُكْرٍ وَالثَّانِي مُكْتَرٍ.
قَوْلُهُ: [الْعَقْلُ وَالطَّوْعُ] : الصَّوَابُ عَدُّ الطَّوْعِ مِنْ شُرُوطِ اللُّزُومِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ] : كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ وَالطَّوْعُ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: [فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ] إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى شَرْطِ اللُّزُومِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ] إلَخْ: أَيْ فَالرُّشْدُ شَرْطُ لُزُومٍ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ] : مُحْتَرَزُ شَرْطِ الصِّحَّةِ الَّذِي هُوَ الْعَقْلُ فَفِي الْكَلَامِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ وَهُوَ الْأَوْلَى عِنْدَ الْبُلَغَاءِ، وَقَوْلُهُ وَمُكْرَهٍ قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.
(وَ) الثَّانِي: (صِيغَةٌ) كَالْبَيْعِ فَتَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ مُعَاطَاةً.
(وَ) الثَّالِثُ: (أَجْرٌ؛ كَالْبَيْعِ) مِنْ كَوْنِهِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا ذَاتًا وَأَجَلًا أَوْ حُلُولًا.
(وَ) الرَّابِعُ: (مَنْفَعَةٌ)، وَهِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا. وَأَخَّرَهَا عَنْ قَوْلِهِ:" كَالْبَيْعِ " لِأَنَّهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ. أَفَادَ الْجَمِيعُ بِقَوْلِهِ:
(تَتَقَوَّمُ) صِفَةً: ل " مَنْفَعَةٍ ": أَيْ لَهَا قِيمَةٌ بِأَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً عَلَى وَجْهٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا] : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [أَجْرٌ كَالْبَيْعِ] : رَاجِعٌ لِلْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ فَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا وَثَانِيًا.
قَوْلُهُ: [مِنْ كَوْنِهِ] : أَيْ الْأَجْرِ أَيْ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [طَاهِرًا] : فَلَا يَصِحُّ بِنَجِسٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ فَإِنْ قَبِلَهُ صَحَّ وَوَجَبَ الْبَيَانُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [مُنْتَفَعًا بِهِ] : أَيْ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا فَلَا يَصِحُّ بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَصْلًا أَوْ مَنْفَعَةً غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ كَآلَةِ اللَّهْوِ إذَا جُعِلَتْ أَجْرًا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا آلَةُ لَهْوٍ.
قَوْلُهُ: [مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ] : فَلَا يَصِحُّ بِعَبْدٍ آبِقٍ وَلَا بَعِيرٍ شَارِدٍ وَلَا طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ أَوْ سَمَكٍ فِي الْمَاءِ أَوْ بِمَا فِيهِ خُصُومَةٌ.
قَوْلُهُ: [مَعْلُومًا ذَاتًا] : أَيْ إمَّا بِرُؤْيَةٍ أَوْ بِوَصْفٍ كَالْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [وَأَجَلًا] : أَيْ إنْ أُجِّلَ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْأَجَلِ وَجَهْلُهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ حُلُولًا] : أَيْ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْحُلُولِ أَوْ يَسْكُتَا وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ التَّأْجِيلَ وَسَيَأْتِي التَّفْصِيلُ فِي تَعْجِيلِ الْأَجْرِ وَعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطٌ زَائِدَةٌ] : أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الثَّمَنِ وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا سَيَذْكُرُهُ وَنُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ شُرُوطًا بِالنَّصْبِ وَالْأَوْلَى رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُشْتَرَطُ.
قَوْلُهُ: [أَفَادَ الْجَمِيعَ بِقَوْلِهِ تَتَقَوَّمُ] : أَيْ إلَخْ وَهَذَا الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: " تَتَقَوَّمُ " مِنْ جُمْلَةِ الزَّائِدِ عَلَى شُرُوطِ الثَّمَنِ، لِأَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ فِي نَظِيرِ ذَاتٍ لَا مَنْفَعَةٍ كَانَتْ
خَاصٍّ، بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَنْعُهَا، وَوَهْنُ الذَّاتِ الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا، احْتِرَازًا مِنْ اسْتِظْلَالٍ أَوْ تَشَمُّسٍ بِفَلَاةٍ، فَلَا تُقَوَّمُ الْمَنْفَعَةُ لِعَدَمِ مِلْكِهَا، وَمِنْ شَمِّ الرَّيَاحِينِ فَإِنَّ رَبَّ الرَّيَاحِينِ لَا يُمْكِنُهُ مَنْعُ رَائِحَتِهَا، وَكَذَا الِاسْتِضَاءَةُ بِنُورِ مِصْبَاحٍ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ، أَوْ اسْتِدْفَاءٌ بِنَارٍ كَذَلِكَ أَوْ زِينَةٌ بِدَنَانِيرَ مَسْكُوكَةٍ، إذْ لَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَائِهَا وَهْنٌ لِذَاتِ الدَّرَاهِمِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
(مَعْلُومَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ " تَتَقَوَّمُ " احْتِرَازًا عَنْ الْمَجْهُولَةِ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَجَلِ.
(مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) لِلْمُسْتَأْجِرِ احْتِرَازًا مِنْ مَنْفَعَةِ آبِقٍ أَوْ شَارِدٍ أَوْ مَغْصُوبٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
تَتَقَوَّمُ أَمْ لَا، وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءَيْنِ مَعًا لِأَنَّ الْفِعْلَ لَازِمٌ لَا يُبْنَى لِلْمَجْهُولِ.
قَوْلُهُ: [وَوَهْنُ الذَّاتِ] : أَيْ ضَعْفُهَا وَتَغَيُّرُهَا كَالدَّابَّةِ الَّتِي تُرْكَبُ.
قَوْلُهُ: [بِفَلَاةٍ] : أَيْ بِمَكَانٍ خَارِج عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلظَّلَالِ وَلِلشَّمْسِ، فَإِنَّ التَّشَمُّسَ وَالِاسْتِظْلَالَ بِالْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ رَبَّهُ مَنْعُ الشَّمْسِ وَلَا الظِّلِّ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ وَهْنٌ لِلْجِدَارِ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ] : أَيْ مَنْزِلِ رَبِّ الْمِصْبَاحِ وَأَمَّا الْجُلُوسُ فِي مِلْكِهِ الَّذِي فِيهِ الْمِصْبَاحُ فَلَهُ اسْتِئْجَارُهُ وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ دَاخِلَ الْبُسْتَانِ الَّذِي فِيهِ الرَّيَاحِينُ.
قَوْلُهُ: [كَذَلِكَ] : أَيْ إدْفَاؤُهَا خَارِجٌ عَنْ مِلْكِ رَبِّهَا.
قَوْلُهُ: [كَذَا قِيلَ] : رَاجِحٌ لِلتَّعْلِيلِ.
وَقَوْلُهُ: [وَفِيهِ نَظَرٌ] : أَيْ بَلْ رُبَّمَا حَصَلَ لَهَا وَهْنٌ بِالِاسْتِعْمَالِ، فَالْأَحْسَنُ أَنَّ مَنْعَ التَّزَيُّنِ بِالدَّنَانِيرِ الْمَسْكُوكَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَتَزَيُّنِ الْحَوَانِيتِ وَالْجُدَرَانِ بِهَا وَكَذَا آلَاتُ اللَّهْوِ وَتَعْلِيمُ الْأَنْغَامِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا ذُكِرَ، وَتُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ وَلَا أُجْرَةَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ كِرَاءُ الشَّمْعِ لِلْمَشْيِ بِهِ فِي الزِّفَافِ مِنْ غَيْرِ وَقُودٍ كَالْمُسَمَّى فِي مِصْرَ بِشَمْعِ الْقَاعَةِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ مَنْ قَالَ ارْقَ هَذَا الْجَبَلَ وَلَك كَذَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ.
قَوْلُهُ: [احْتِرَازًا مِنْ مَنْفَعَةِ آبِقٍ] : وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ وَحَلِّ الْمَرْبُوطِ وَفِي (ح) عَنْ الْأَبِيِّ لَا يَحِلُّ مَا يَأْخُذُهُ الَّذِي يَكْتُبُ الْبَرَاءَةَ لِرَدِّ الضَّائِعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السِّحْرِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا يُؤْخَذُ عَلَى الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ يَرْقِيهِ بِالرُّقَى الْعَرَبِيَّةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ
(غَيْرَ حَرَامٍ) احْتِرَازًا مِنْ اسْتِئْجَارِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَالْمُغَنِّيَاتِ. وَمِنْ الْحَرَامِ: الرَّقْصُ وَالْمَشْيُ عَلَى حَبْلٍ أَوْ أَعْوَادٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ اللَّعِبِ الَّذِي يَقَعُ فِي الْأَفْرَاحِ. (وَلَا مُتَضَمِّنَةً) تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ (اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ) : أَيْ ذَاتٍ (قَصْدًا) : احْتِرَازًا مِنْ اسْتِئْجَارِ شَاةٍ - مَثَلًا - لِشُرْبِ لَبَنِهَا، أَوْ شَجَرَةٍ لِأَكْلِ ثَمَرِهَا؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ شُرْبُ اللَّبَنِ وَأَكْلُ الثَّمَرِ. وَاسْتَثْنَوْا الرَّضَاعَ كَمَا يَأْتِي.
(وَلَا مُتَعَيِّنَةً) : عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَالصَّلَاةِ، وَحَمْلِ مَيِّتٍ أَوْ دَفْنِهِ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ، أَوْ فَتْوَى تَعَيَّنَتْ عَلَى عَالِمٍ: لَا إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ كَمَا يَأْتِي.
ــ
[حاشية الصاوي]
بِالرُّقَى الْعَجَمِيَّةِ امْتَنَعَ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَكَانَ الشَّيْخُ يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ يَقُولُ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ النَّفْعُ فَذَلِكَ جَائِزٌ (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [وَمِنْ الْحَرَامِ الرَّقْصُ] : أَيْ حَيْثُ كَانَ حَرَامًا فَالِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَدَفْعُ الدَّرَاهِمِ لَهُمْ حَرَامٌ.
قَوْلُهُ: [وَلَا مُتَضَمِّنَةً تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ] إلَخْ: صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ هُنَاكَ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَالْأَوَّلُ كَإِجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ، وَالثَّانِي كَإِجَارَةِ الشَّجَرِ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهِ وَالثِّيَابِ لِلُّبْسِ فَإِنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ وَهُوَ ذَهَابُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودٍ.
قَوْلُهُ: [وَاسْتَثْنَوْا الرَّضَاعَ كَمَا يَأْتِي] : أَيْ وَكَذَلِكَ اسْتَثْنَوْا إيجَارَ أَرْضٍ فِيهَا بِئْرٌ أَوْ عَيْنٌ، وَاسْتِئْجَارَ شَاةٍ لِلَبَنِهَا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ، فَإِنَّ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَهُوَ الْمَاءُ فِي الْأُولَى وَاللَّبَنُ فِي الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: [كَالصَّلَاةِ] : أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلًا، وَأَمَّا عَلَى كَوْنِهِ إمَامًا فِي مَسْجِدٍ أَوْ مَكَان مَخْصُوصٍ فَجَائِزٌ.
وَقَوْلُهُ: [وَحَمْلُ مَيِّت أَوْ دَفْنُهُ] : أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْمُتَعَيَّنِ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ فَتْوَى تَعَيَّنَتْ عَلَى عَالِمٍ] : فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيَجُوزُ لِلْمُفْتِي إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ رِشْوَةٌ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِهِ: فِي الْأَجْرِ عَلَى الشَّهَادَةِ خِلَافٌ، وَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ وَمَنْ شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ جُلِّ تَكَسُّبِهِ فَأَخْذُهُ الْأَجْرَ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ لِتَعَذُّرِهِ عِنْدِي خَفِيفٌ (اهـ) .
وَقَوْلُهُ: [لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ] أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ.
ثُمَّ بَيَّنَ مُحْتَرَزَ بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقُيُودِ بِقَوْلِهِ: (لَا نَحْوِ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ) مِنْ سَائِرِ الرَّيَاحِينِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ " تَتَقَوَّمُ ". (أَوْ دَنَانِيرَ لِلزِّينَةِ) : إنْ كَانَتْ الزِّينَةُ لِرِجَالٍ، فَالْمَنْعُ لِحُرْمَةِ الْمَنْفَعَةِ. وَإِنْ كَانَتْ لِنِسَاءٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّنَانِيرِ وَالْحُلِيِّ.
(وَلَا آلَةٌ) لِلَّهْوِ (أَوْ جَارِيَةٌ لِلْغِنَاءِ. أَوْ) نَحْوُ اسْتِئْجَارِ (حَائِضٍ) أَوْ نُفَسَاءَ (لِكَنْسِ مَسْجِدٍ)، وَهَذَا مُحْتَرَزٌ " غَيْرُ حَرَامٍ " (وَلَا لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) : وَأَوْلَى الْفَرْضُ لِتَعَيُّنِ ذَلِكَ.
(بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ) : كَتَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ حَيْثُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَحَدٍ، فَيَجُوزُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِنْ سَائِرِ الرَّيَاحِينِ] : بَيَانٌ لِنَحْوِ التُّفَّاحَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا آلَةٌ لِلَّهْوِ] : أَيْ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ جَوَازُهُ فِي النِّكَاحِ فَكُلُّ مَا جَازَ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ فِي النِّكَاحِ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ جَارِيَةٌ لِلْغِنَاءِ] : وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ، نَحْوِ الْمُنْشِدِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْقَصَائِدَ النَّبَوِيَّةَ وَالْكَلَامَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَعَارِفِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ، وَتَقَدَّمَ لَنَا مَبْحَثٌ طَوِيلٌ فِي الْوَلِيمَةِ فِي حُكْمِ الْمَلَاهِي فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا مُحْتَرَزٌ غَيْرُ حَرَامٍ] : اسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَا آلَةٌ لِلَّهْوِ إلَى هُنَا.
قَوْلُهُ: [وَلَا لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ] : أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الْمُتَعَيَّنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا أَوْ مَنْدُوبًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَسَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا الْمَنْدُوبَاتُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ جَوَازَ الْإِجَارَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لِمَنْ قُرِئَ لِأَجْلِهِ كَالْمَيِّتِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ وُصُولُ ذَلِكَ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [كَتَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ] : أَيْ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا، قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فَإِنْ قُلْت: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عِبَادَةٌ لَا يَتَعَيَّنُ فِعْلُهَا عَلَى أَحَدٍ لِمَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا؟ قُلْت لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ الْمُتَمَيِّزَةِ بِصُورَتِهَا لِلْعِبَادَةِ وَالصَّلَاةِ لَا تُفْعَلُ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ مُنِعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْغُسْلُ فَيَكُونُ لِلْعِبَادَةِ وَالنَّظَافَةِ، وَكَذَا الْحَمْلُ لِلْمَيِّتِ تُشَارِكُهُ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ بِصُورَتِهِ لِلْعِبَادَةِ (اهـ بْن) .