الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ (وَكَفَتْوَى لَمْ تَتَعَيَّنْ) : فَإِنْ تَعَيَّنَتْ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ أَوْ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا مُحْتَرَزٌ:" وَلَا مُتَعَيِّنَةٌ ".
وَلَمَّا كَانَتْ قَاعِدَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ الْأَصْلُ فِيهِ الْحُلُولُ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ الْأَصْلُ فِيهَا التَّأْجِيلُ، إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ يَجِبُ فِيهَا تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ:
(وَعُجِّلَ الْأَجْرُ) وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ (إنْ شُرِطَ) التَّعْجِيلُ (أَوْ اُعْتِيدَ) . وَلَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا كَ: أَكْرِنِي دَارَك سَنَةً مَثَلًا لِأَسْكُنَهَا، أَوْ: أَرْضَكَ لِأَزْرَعَهَا
أَوْ: دَابَّتَك لِأُسَافِرَ عَلَيْهَا لِمَكَّةَ مَثَلًا بِكَذَا كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ. إلَّا أَنَّ وُجُوبَ تَعْجِيلِ الْأَجْرِ فِي هَذَيْنِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ يُقْضَى بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى تَأْخِيرِهِ جَازَ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ (أَوْ عُيِّنَ) الْأَجْرُ كَ: هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الْعَبْدُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ تَعَيَّنَتْ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ] إلَخْ: أَيْ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ ذَلِكَ عَنْ جُلِّ تَكَسُّبِهِ فَيَأْخُذُهُ بِقَدْرِ ضَرُورَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لِعَدَمِ قَبُولِهِ] : أَيْ لِجَهْلِهِ أَوْ لِعَدَمِ دِيَانَتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا مُحْتَرَزٌ وَلَا مُتَعَيِّنَةٌ] : اسْمُ الْإِشَارَةِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ " بِخِلَافِ الْكَفَاءَةِ " إلَخْ.
[تأجيل الْأُجْرَة وَتَعْجِيلهَا]
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا لِأَنَّ الْأَجْرَ الْمُعَيَّنَ سَيَأْتِي بَعْدُ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [فِي هَذَيْنِ] : أَيْ فِي شَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ اعْتِيَادِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَجْرَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ لِعَدَمِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ فِي التَّأْخِيرِ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنَافِعِ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً فَصُوَرُهَا أَرْبَعٌ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً وَالْأَجْرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يَجِبُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا التَّعْجِيلُ أَوْ الشُّرُوعُ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْجِيلُ وَلَمْ يَتَعَدَّ لِحَقِّ اللَّهِ، وَهُوَ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا نَفَى الْمَفْهُومُ تَفْصِيلَ الْكُلِّ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى تَأْخِيرِهِ جَازَ] إلَخْ: أَيْ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا عَلِمْت.
فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ، أَيْ إنْ شُرِطَ التَّعْجِيلُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي:" وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ ". وَالتَّعْجِيلُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَأْخِيرِهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، لَا ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَالسَّلَمِ كَمَا قِيلَ، لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ. وَإِنَّمَا أَخَّرْنَا قَوْلَهُ:" أَوْ عُيِّنَ " عَنْ قَوْلِهِ: " إنْ شُرِطَ ". . . إلَخْ لِكَوْنِ التَّعْجِيلِ فِيهِ وَفِيمَا يَلِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالسَّلَمِ. وَأَمَّا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ] : أَيْ وَلَوْ حُكْمًا وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَوَّلًا وَآخِرًا: أَنَّهُ إنْ عُيِّنَ الْأَجْرُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ وَلَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا؛ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ صَحِيحَةٌ وَأَرْبَعٌ فَاسِدَةٌ، إنْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْخِيَارِ فَسَدَ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَإِنَّمَا فَسَدَ فِي الْجَمِيعِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ؛ فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَجَبَ التَّعْجِيلُ إنْ شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ كَالْمَنَافِعِ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ أَمْ لَا، فَهَذِهِ أَرْبَعٌ أَيْضًا صَحِيحَةٌ إنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَسَدَتْ الْأَرْبَعُ لِلتَّرَدُّدِ فَهَذِهِ ثَمَانٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ بِالتَّعْجِيلِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَجَبَ التَّعْجِيلُ لِحَقِّ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا أَوْ مَضْمُونَةً، وَشَرَعَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ لِلْأَجْرِ، بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْخِيَارِ فَصَحِيحَةٌ أَيْضًا إلَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا تَعْجِيلُ الْأَجْرِ لِحَقِّ اللَّهِ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ قَدْ عَلِمْت أَحْكَامَهَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَاَلَّتِي بَعْدَهَا] : أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَهِيَ الَّتِي نَبَّهْنَا عَلَيْهَا أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: [بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ] : أَيْ فِي هَذِهِ، وَأَمَّا الَّتِي بَعْدَهَا فَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا سَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَالسَّلَمِ] : مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ] : عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالسَّلَمِ] ؛ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ إمَّا بَيْعٌ
مَا قَبْلَهُمَا الْحَقُّ فِي تَعْجِيلِهِمَا لِلْآدَمِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ بَحْثُ الْحَطَّابُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: " أَوْ عُيِّنَ " مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " إنْ شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ "، أَيْ: عُيِّنَ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ وَلَمْ يُعْتَدْ فَفَاسِدَةٌ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلَانِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِبَيَانِ أَنَّ التَّعْجِيلَ حَقٌّ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَيُفْرَدُ الْمُعَيَّنُ عَمَّا قَبْلَهُ لِبَيَانِ أَنَّهُ وَمَا يَلِيه حَقُّ التَّعْجِيلِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، إلَّا أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ أَخَّرَهُ وَضَمَّهُ لِمَا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلْنَا.
(أَوْ) لَمْ يُعَيَّنْ (فِي مَضْمُونِهِ) : أَيْ وَيَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ إذَا كَانَ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ (لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا) : أَيْ فِي الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ. كَ: اسْتَأْجَرْتُك عَلَى فِعْلِ كَذَا فِي ذِمَّتِك، أَيْ بِنَفْسِك أَوْ غَيْرِك، أَوْ: عَلَى أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَى دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّك لِبَلَدِ كَذَا بِدَنَانِيرَ مَثَلًا. فَإِنْ شَرَعَ فَلَا ضَرَرَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا - أَيْ تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ - فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عَجَّلَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَك بِمَنَافِعِ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَذِمَّتَك مَشْغُولَةٌ بِالدَّرَاهِمِ أَيْ الْأُجْرَةِ. وَأَمَّا لَوْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ السَّيْرِ لَجَازَ تَأْخِيرُ الْأَجْرِ لِانْتِفَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ مِنْ مَوَانِعِ السَّلَمِ.
قَوْلُهُ: [يُرَدُّ عَلَيْهِ] : أَيْ عَلَى خَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عُيِّنَ] إلَخْ: لَيْسَ هَذَا لَفْظُ خَلِيلٍ، بَلْ لَفْظُهُ وَعَجَّلَ إنْ عُيِّنَ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلَانِ] : الْمُنَاسِبُ لِتَرْتِيبِ خَلِيلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَخِيرَانِ.
قَوْلُهُ: [وَيُفْرَدُ الْمُعَيَّنُ عَمَّا قَبْلَهُ] : الْمُنَاسِبُ عَمَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [لَوْ أَخَّرَهُ] : هَذَا مِمَّا يُعِينُ أَنَّ كَلَامَهُ أَوَّلًا لَا سَبْقَ قَلَمٍ.
قَوْلُهُ: [أَيْ وَيَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا اُشْتُرِطَ.
قَوْلُهُ: [فِي ذِمَّتِك] إلَخْ: لَيْسَ هَذَا التَّصْرِيحُ لَازِمًا، بَلْ إنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَالْمَنَافِعُ مَضْمُونَةٌ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْمِيرِ الذِّمَّتَيْنِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ إلَخْ.
الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضُ الْأَوَاخِرِ. وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ وَلَوْ شَرَعَ، لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ:" لَمْ يَشْرَعْ ": أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، وَقَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي إبَّانِ السَّفَرِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، فَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةً بِقَوْلِهِ:
(إلَّا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ) : أَيْ مَسَافَةِ السَّفَرِ، حَجًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ (فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ) : أَيْ وَقْتِ سَفَرِ النَّاسِ عَادَةً، كَمَا لَوْ وَقَعَ عَقْدُ الْكِرَاءِ لِحَاجٍّ مَعَ جَمَّالٍ فِي مِصْرَ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي أَوَائِلِ شَوَّالٍ، فَإِنَّ شَأْنَ الْمِصْرِيِّ إنَّمَا يَسِيرُ فِي آخِرِ شَوَّالٍ (فَالْيَسِيرُ) : أَيْ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ الْيَسِيرِ مِنْ الْأَجْرِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ تَعْجِيلُ الْجَمِيعِ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ
يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِسَبَبِ هُرُوبِ الْجَمَّالِينَ إذَا قَبَضُوا الْأُجْرَةَ
. فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَسَدَتْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا فَيَكْفِي، تَعْجِيلُ الْيَسِيرِ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ الشُّرُوعُ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْأُجْرَةِ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْعَمَلُ يَسِيرًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْجِيلِ، وَأَقَرَّهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَعَلَيْهِ: فَلَا يَكُونُ قَبْضُ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ إلَّا فِي الْيَسِيرِ (انْتَهَى - ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ) .
(وَإِلَّا) يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا وَلَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ وَلَا الْعَادَةُ تَعْجِيلُهُ وَلَا الْمَنَافِعُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [قَبْضٌ، لِلْأَوَاخِرِ] : هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ] : أَيْ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ، فَيَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِي الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَالْأَوَّلُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَتَعَيَّنُ تَعْجِيلُ الْجَمِيعِ] : أَيْ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ الدِّينَارِ وَالدِّينَارَيْنِ. فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فِي نَفْسِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِهَا كُلِّهَا كَمَا قَالَ.
قَوْلُهُ: [ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ] : مُرَادٌ بِهِ (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا] : مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ عُيِّنَ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ وَلَا الْعَادَةُ تَعْجِيلُهُ] : مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَا الْمَنَافِعُ] : مَضْمُونَةٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُخَلْبَطٌ.