الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِغَيْرِ النَّارِ فَإِنْ آذَتْ وَقُدِرَ عَلَى تَرْكِهَا فَيُكْرَهُ الْقَتْلُ وَلَوْ بِالنَّارِ وَهَلْ الْمَنْهِيُّ عَنْ قَتْلِهِ مُطْلَقُ النَّمْلِ أَوْ خُصُوصُ الْأَحْمَرِ الطَّوِيلِ الْأَرْجُلِ لِعَدَمِ أَذِيَّتِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَشَأْنُهُ الْإِيذَاءُ وَيُسْتَحَبُّ قَتْلُ الْوَزَغِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ أَذِيَّةٌ وَقَدْ رَغَّبَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ سَبْعُونَ وَفِي الثَّالِثَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ» . وَاعْلَمْ أَنَّهَا ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ فَمَيْتَتُهَا نَجِسَةٌ وَتُنَجِّسُ الْمَائِعَ الَّذِي تَمُوتُ فِيهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَيُكْرَهُ قَتْلُ الضِّفْدَعِ إنْ لَمْ يُؤْذِ فَإِنْ آذَتْ جَازَ إنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَرْكِهَا وَإِلَّا نُدِبَ عَدَمُ الْقَتْلِ وَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِالذَّكَاةِ إنْ كَانَتْ بَرِّيَّةً.
(وَ
الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ)
الْمُبَشِّرَةُ أَوْ الصَّادِقَةُ (جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ) كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ شَخْصٍ مُمْتَثِلٍ أَمْرَ اللَّهِ وَإِلَّا فَلَا،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ] إلَخْ: إنْ قُلْت كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنَّ الْأَجْرَ يَزِيدُ بِتَعَدُّدِ الضَّرَبَاتِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَهَا فِي مَرَّةٍ يَدُلُّ عَلَى مَزِيدِ اعْتِنَاءِ الْقَاتِلِ بِالْأَمْرِ وَمَزِيدِ الْحَمِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ] : أَيْ وَلِمَا وَرَدَ أَيْضًا أَنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ عَلَى إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام.
قَوْلُهُ: [وَاعْلَمْ أَنَّهَا ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ] إلَخْ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَرَّرَهُ لِذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَرْكِهَا] : أَيْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الصَّبْرُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا لِمَا قِيلَ إنَّهَا أَكْثَرُ الْحَيَوَانَاتِ تَسْبِيحًا حَتَّى قِيلَ إنَّ صَوْتَهَا جَمِيعَهُ ذِكْرٌ وَلِأَنَّهَا أَطْفَأَتْ مِنْ نَارِ إبْرَاهِيمَ ثُلُثَيْهَا.
[الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ]
قَوْلُهُ: [الْمُبَشِّرَةُ أَوْ الصَّادِقَةُ] : أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى تَنْوِيعِ الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ شَخْصٍ مُمْتَثِلٍ أَمْرَ اللَّهِ] إلَخْ: هَذَا التَّقْيِيدُ عَلَى حَسْبِ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ مُمْتَثِلٍ بَلْ وَتَكُونُ مِنْ الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ كَرُؤْيَا عَزِيزِ مِصْرَ وَرُؤْيَا مَنْ كَانَ مَعَ يُوسُفَ عليه السلام فِي السِّجْنِ.
وَالْأَحْسَنُ عَدَمُ تَحْدِيدِ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَأَمَّا تَحْدِيدُهُ بِنِصْفِ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُوحِيَ إلَيْهِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يُلْقِيه الْمَلَكُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حَدِيثٍ صَحِيحٍ بِأَنَّهَا سِتَّةٌ وَأَنَّ مَا بَعْدَهَا ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ. وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهَا جُزْءًا: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ إذْ فِيهَا اطِّلَاعٌ عَلَى الْغَيْبِ مِنْ وَجْهٍ أَوْ؛ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ أَنْوَاعٌ؛ لِأَنَّ الْوَحْيَ كَانَ يَأْتِي عَلَى أَنْوَاعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُصَّهَا) : أَيْ يُخْبِرَ بِهَا وَيَعْرِضَ مَا رَأَى (عَلَى عَالِمٍ صَالِحٍ مُحِبٍّ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ نُورٌ وَفِرَاسَةٌ. (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ يَحْرُمُ (تَعْبِيرُهَا لِغَيْرِ عَارِفٍ بِهَا) قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَالْعِلْمُ بِتَفْسِيرِ الرُّؤْيَا لَيْسَ مِنْ كُتُبٍ كَمَا يَقَعُ لِلنَّاسِ مِنْ التَّعْبِيرِ مِنْ ابْنِ سِيرِينَ فَيَحْرُمُ تَفْسِيرُهَا بِمَا فِيهِ، بَلْ يَكُونُ بِفَهْمِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ وَفِرَاسَةٍ وَعِلْمٍ بِالْمَعَانِي، وَالْفِرَاسَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا: نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ يُدْرِكُ بِهِ الصَّوَابَ وَقِيلَ؛ ظَنٌّ صَائِبٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَرُمَ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا عَلَى خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ تَفْسِيرُهَا بِالضِّدِّ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ، بَلْ إنْ كَانَتْ شَرًّا يَقُولُ نَحْوَ: نَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا، أَوْ يَسْكُتُ.
وَإِنْ فَسَّرَ بِالضِّدِّ لَا تَخْرُجُ عَلَى مَا عُبِّرَتْ بِهِ. وَقِيلَ: الرُّؤْيَا عَلَى مَا عُبِّرَتْ بِهِ، وَلِذَلِكَ يُنْهَى عَنْ قَصِّهَا عَلَى عَدُوٍّ خَوْفَ أَنْ يُخْبِرَ بِسُوءٍ فَتَخْرُجُ عَلَيْهِ (وَمَنْ رَأَى) فِي نَوْمِهِ (مَا يَكْرَهُ) وَاسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ (فَلْيَتْفُلْ) بِضَمِّ الْفَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا تَحْدِيدُهُ] إلَخْ: هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَهُ شُرَّاحُ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتِمُّ إلَّا لَوْ لَمْ يُعَارِضْهَا رِوَايَاتٌ أُخَرُ مَعَ أَنَّهُ عَارَضَهَا رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: «جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا» وَمِنْهَا «جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا» وَمِنْهَا «جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ»
قَوْلُهُ: [أَوْ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ أَنْوَاعٌ] : أَيْ فَتَارَةً تَكُونُ بِالْمِلْكِ جِهَارًا وَهُوَ أَقْسَامٌ وَبِالْمُكَالَمَةِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَبِالْإِلْقَاءِ فِي الرَّوْعِ وَبِالْمَنَامِ.
قَوْلُهُ: [فَيَحْرُمُ تَفْسِيرُهَا بِمَا فِيهِ] : أَيْ إنْ لَمْ يَنْضَمَّ لِذَلِكَ بَصِيرَةٌ مِنْ الْمُعَبِّرِ؛ لِأَنَّ مَا فِي ابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ شَاهِينَ صَحِيحٌ قَطْعًا لَكِنْ لَا تَتَّحِدُ النَّاسُ فِيهِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَأَزْمَانِهِمْ وَأَشْغَالِهِمْ.
مِنْ بَابِ قَتَلَ وَبِكَسْرِهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَالتُّفْلُ نَفْثٌ بِرِيقٍ (عَلَى) جِهَةِ (يَسَارِهِ) لِأَنَّهَا جِهَةُ الْأَقْذَارِ وَالشَّيْطَانِ فَكَأَنَّهُ يَطْرُدُهُ بِتَحْقِيرٍ وَيُكَرِّرُ التُّفْلَ (ثَلَاثًا) لِلتَّأْكِيدِ فِي طَرْدِ الشَّيْطَانِ (وَلْيَقُلْ) نَدْبًا:(اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْت) فِي مَنَامِي أَنْ يَضُرَّ بِي فِي دِينِي وَدُنْيَايَ (وَلْيَتَحَوَّلْ) نَدْبًا (عَلَى شِقِّهِ الْآخَرِ) تَفَاؤُلًا بِأَنَّ اللَّهَ يُبَدِّلُ الْمَكْرُوهَ بِالْحَسَنِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَنَامَ بَلْ يَقُومَ لِلدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ. (وَلَا يَنْبَغِي قَصُّهَا) أَيْ الرُّؤْيَةُ الَّتِي فِيهَا مَكْرُوهٌ وَلَوْ عَلَى حَبِيبٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [نَفْثٌ بِرِيقٍ] : أَيْ قَلِيلٌ وَقِيلَ بِغَيْرِ رِيقٍ وَاخْتُلِفَ فِي التَّفْلِ وَالنَّفْثِ؛ فَقِيلَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَلَا يَكُونَانِ إلَّا بِرِيقٍ، وَقِيلَ النَّفْثُ بِغَيْرِ رِيقٍ وَعَلَيْهِ فَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ طَرْدُ الشَّيْطَانِ وَإِظْهَارُ احْتِقَارِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ.
قَوْلُهُ: [وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَنَامَ] : قَالَ فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَعُودَ لِمَنَامِهِ بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَادَ يَعُودُ لَهُ الشَّيْطَانُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَنْبَغِي قَصُّهَا] : قَالَ فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ
تَنْبِيهٌ: الِاحْتِيَاطُ إذَا رَأَى مَا يُحِبُّ كَتْمَ مَا رَآهُ إلَّا عَنْ حَبِيبٍ يَعْلَمُ بِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا. بِخِلَافِ مَنْ رَأَى الْمَكْرُوهَ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ بَعْدَ قِيَامِهِ الصَّلَاةُ وَالسُّكُوتُ عَنْ التَّحْدِيثِ بِمَا يَرَاهُ (اهـ) وَعَلَيْهِ بِالتَّضَرُّعِ وَالِالْتِجَاءِ إلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّ مَا أَرَاهُ الْمَكْرُوهَ فِي مَنَامِهِ إلَّا لِيَتَحَرَّزَ مِنْهُ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَاتَبَهُ فِي مَنَامِهِ» .