الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَصِيغَةٌ) عَطْفٌ عَلَى " الْمُعْتِقُ ". وَهِيَ: إمَّا صَرِيحَةٌ - وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفْ عَنْ الْعِتْقِ بِنِيَّةِ غَيْرِهِ وَتَنْصَرِفُ عَنْهُ بِقَرِينَةٍ، وَإِمَّا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ: وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَإِمَّا كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ: وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ.
وَبَدَأَ بِالصَّرِيحَةِ فَقَالَ: (بِعَتَقْتُ) رَقَبَتَك أَوْ عَتَقْتُك (وَفَكَكْت) رَقَبَتَك أَوْ: أَنْتَ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ (وَحَرَّرْت) كَذَلِكَ. وَلَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَتَأَبَّدُ؛ كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الْيَوْمِ. " وَالْوَاوُ " بِمَعْنَى " أَوْ " وَمَحَلُّ الْعِتْقِ بِالصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ: حَيْثُ كَانَتْ (بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ) فَإِنْ وُجِدَتْ صَرَفَتْهَا عَنْ الْعِتْقِ؛ كَفِعْلِ الْعَبْدِ فِعْلًا حَسَنًا فَقَالَ سَيِّدُهُ: أَنْتَ حُرٌّ، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْعِتْقَ بَلْ: أَنْتَ تَفْعَلُ فِعْلَ الْحُرِّ (أَوْ غَيْرَهُ) : أَيْ غَيْرَ
ــ
[حاشية الصاوي]
[صِيغَة الْعِتْق]
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ] إلَخْ: أَيْ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ.
وَقَوْلُهُ: [وَتَنْصَرِفُ عَنْهُ بِقَرِينَةٍ] : بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ كَأَنَّهُ قَالَ لَكِنْ تَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ بِقَرِينَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ] إلَخْ: أَيْ لِغَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: [إلَّا بِالنِّيَّةِ] : أَيْ أَوْ بِالْقَرِينَةِ بَلْ هِيَ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَنْفَعُ فِي الصَّرِيحِ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ] إلَخْ: هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرِيحَ هُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْقَرِينَةِ وَالْبِسَاطُ وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَالْبِسَاطِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ صَرْفُهَا لَهُ عَلَى نِيَّةٍ بَلْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ لَهُ وَالْخَفِيَّةُ مَا لَا تَنْصَرِفُ لَهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالطَّلَاقُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ كَالْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: [بِعَتَقْتُ] : الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَعْتَقْت لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَتَقَ لَازِمٌ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْهَمْزَةِ فَمُسَايَرَةُ الشَّارِحِ لَهُ غَفْلَةٌ عَمَّا قَدَّمَهُ.
قَوْلُهُ: [وَالْوَاو بِمَعْنَى أَوْ] : أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَكَكْت وَحَرَّرْت.
قَوْلُهُ: [بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ] : أَيْ حَالَ كَوْنِ الصَّرِيحِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَدْحِ ذَلِكَ الْعَبْدِ.
الْمَدْحِ، كَقَرِينَةِ ذَمٍّ وَزَجْرٍ كَمُخَالَفَةِ سَيِّدِهِ فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ: إلَخْ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ فِي فُتْيَا وَلَا قَضَاءٍ، وَقَرِينَةُ مَكْسٍ؛ فَلَوْ طَلَبَ الْمُكَّاسُ مَكْسَ الْعَبْدِ فَقَالَ سَيِّدُهُ: هُوَ حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَّفَهُ.
وَأَشَارَ لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِقَوْلِهِ: (وب: كَوَهَبْتُ) لَك نَفْسَك أَوْ خِدْمَتَك أَوْ: عَمَلَك أَوْ: غَلَّتَك طُولَ عُمْرِك، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ (أَوْ: لَا مِلْكَ) لِي عَلَيْك (أَوْ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك) وَلَا يَنْفَعُهُ دَعْوَى أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ الْعِتْقِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (لِجَوَابٍ) لِكَلَامٍ قَبْلَهُ وَقَعَ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ غَيْرِ الْعِتْقِ.
وَأَشَارَ لِلْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي لَا تَنْصَرِفُ لِلْعِتْقِ إلَّا بِنِيَّةٍ بِقَوْلِهِ: (وب: كَاسْقِنِي) الْمَاءَ (وَ) بِقَوْلِهِ لِلْعَبْدِ: (اذْهَبْ) وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ كُلَّ كَلَامٍ يَنْوِي بِهِ الْعِتْقَ وَقَوْلُهُ: (إنْ نَوَاهُ بِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: (وَبِكَاسْقِنِي) إلَخْ لَا لِمَا قَبْلَهُ عَلِمْت أَنَّ الظَّاهِرَةَ لَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ بِنَحْوِ اسْقِنِي، فَلَا عِتْقَ. وَعَلِمْت أَنَّ الظَّاهِرَةَ هُنَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي عَبْدِ الْبَاقِي.
(وَهُوَ) : أَيْ الْعِتْقُ (فِي خُصُوصِهِ) كَالطَّلَاقِ فَيَلْزَمُ إذَا قَالَ: إنْ مَلَكْت
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَخْ] : أَيْ إلَى آخَرِ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَّفَهُ] : أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعِتْقِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ فَإِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِكْرَاهِ فَلَا حِنْثَ وَإِلَّا فَفِيهِ الْحِنْثُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَنْفَعُهُ دَعْوَى] إلَخْ: مُقْتَضَى كَوْنِ هَذِهِ الصِّيَغِ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ أَنَّ الدَّعْوَى تَنْفَعُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ تَصْرِفُهَا النِّيَّةُ.
قَوْلُهُ: [وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ حَتَّى صَرِيحَ الطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ اسْقِنِي الْمَاءَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ
قَوْلُهُ: [وَعَلِمْت أَنَّ الظَّاهِرَةَ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَنَا مُقْتَضَى كَوْنِ هَذِهِ الصِّيَغِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [فَيَلْزَمُ إذَا قَالَ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَخُصُّ بِمَا عَيَّنَهُ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ
عَبْدًا مِنْ الزِّنْجِ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ. أَوْ: كُلُّ عَبْدٍ مَلَكْته فِي سَنَةِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ؛ فَيَلْزَمُ عِتْقُ مَنْ مَلَكَهُ لِتَخْصِيصِهِ (وَعُمُومِهِ) : كَالطَّلَاقِ؛ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، لِدَفْعِ الْحَرَجِ فِي التَّعْمِيمِ.
(وَ) الْعِتْقُ (فِي مَنْعِ وَطْءٍ أَوْ) فِي مَنْعِ (بَيْعٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ) كَالطَّلَاقِ نَحْوَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَأَمَتِي حُرَّةٌ؛ فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا وَبَيْعِهَا، أَوْ: فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ؛ فَيُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ. فَإِنْ قُيِّدَ بِأَجَلٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَلَهُ الْوَطْءُ إلَى ضِيقِ الْأَجَلِ بِحَيْثُ لَوْ وَطِئَ لَفَرَغَ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُضَادُّ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الْوَطْءِ.
وَهُوَ فِي (عِتْقِ بَعْضٍ) : كَالطَّلَاقِ " فَإِذَا قَالَ: نِصْفُك أَوْ رُبُعُك
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي مِلْكِهِ وَمَا يَتَجَدَّدُ عَلَّقَهُ أَمْ لَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْآنِ وَلَا بِأَبَدًا وَنَحْوِهِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِالْآنِ كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ الْآنَ حُرٌّ لَزِمَهُ فِيهِ فَقَطْ مُعَلَّقًا أَمْ لَا لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ مَثَلًا، وَإِنْ قَيَّدَ بِأَبَدًا وَنَحْوِهِ فَالْعَكْسُ أَيْ فَيَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ مُعَلِّقًا فِيهِمَا أَمْ لَا فَالصُّوَرُ سِتٌّ أَفَادَهُ (عب) .
قَوْلُهُ: [وَعُمُومُهُ كَالطَّلَاقِ] : أَيْ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَلَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ مُعَلِّقًا لَهُ عَلَى شَيْءٍ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا أَوْ غَيْرَ مُعَلِّقٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُهُ حَالَ حَلِفِهِ فَقَطْ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ وَهُوَ يُخَالِفُ: كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلَّقَهُ أَمْ لَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ، وَأَمَّا إذَا قَيَّدَ بِ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَسْتَوِي الْبَابَانِ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِي غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ] : أَيْ مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ، وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ فَلَا يُمْنَعُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَمَّا صِيغَةُ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةُ بِأَجَلٍ كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَيُضَادُّهُ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لَهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَلَا يُضَادُّهُ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ فِي عِتْقِ بَعْضٍ] إلَخْ: أَيْ وَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ وَأَدَبِ الْمُجْزِئِ
حُرٌّ عَتَقَ جَمِيعُهُ (أَوْ عُضْوٍ) كَقَوْلِهِ: يَدُك حُرَّةٌ، فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ (وَنَحْوِهِ) كَكَلَامِك أَوْ: شَعْرِكَ، عَتَقَ الْجَمِيعُ لَكِنَّ التَّكْمِيلَ فِي عِتْقِ بَعْضٍ إلَخْ يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَتَكَمَّلُ.
(وَ) الْعِتْقُ (فِي تَمْلِيكِهِ) لِلْعَبْدِ أَمْرَ نَفْسِهِ أَوْ تَفْوِيضِهِ لَهُ: كَتَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا.
(وَ) هُوَ فِي (جَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ) : فَإِذَا قَالَ فِي جَوَابِ سَيِّدِهِ: أَعْتَقْت نَفْسِي فَيَعْتِقُ اتِّفَاقًا؛ كَاخْتَرْتُ نَفْسِي، وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِ " اخْتَرْت نَفْسِي " فَالْمَذْهَبُ لَا يَعْتِقُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يَعْتِقُ فَخَالَفَ الزَّوْجَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (إلَّا) الْعِتْقُ (لِأَجَلٍ) فَإِنَّهُ يُخَالِفُ الطَّلَاقَ إذْ مَنْ طَلَّقَ لِأَجَلٍ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَمَنْ أَعْتَقَ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ (أَوْ) قَالَ لِأَمَتَيْهِ: (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ، فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَيُطَلَّقَانِ مَعًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَأَمَّا فِي الْأَمَتَيْنِ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ) فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ وَإِمْسَاكُ الْأُخْرَى فَإِنْ نَسِيَ مَنْ نَوَاهَا عَتَقَا كَالطَّلَاقِ؛ فَالْمُخَالَفَةُ حَيْثُ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَفِي (بْن) أَنَّ التَّجْزِئَةَ فِي الْعِتْقِ مَكْرُوهَةٌ فَقَطْ وَلَا أَدَبَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ] : أَيْ بِقَوْلِهِ اخْتَرْت نَفْسِي وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاخْتِيَارِهِ نَفْسِهِ إلَّا إرَادَةَ الْعِتْقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
قَوْلُهُ: [إذْ مَنْ طَلَّقَ لِأَجَلٍ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ] : إنَّمَا نَجَّزَ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ لِلْأَجَلِ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ.
قَوْلُهُ: [يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا] : قَيَّدَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَحَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ لِأَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا ظَاهِرًا كَقَوْلِهِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: [فَيُطَلَّقَانِ مَعًا] : أَيْ الْآنَ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ وَخَيَّرَهُ الْمَدَنِيُّونَ كَالْعِتْقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الطَّلَاقَ فَرْعُ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتًا يَخْتَارُهَا مِنْ بَنَاتِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْعِتْقُ فَرْعُ الْمِلْكِ وَهُوَ يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَيَجُوزُ أَنْ تَشْتَرِيَ أَمَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَخْتَارَهَا مِنْ إمَاءٍ مُعَيَّنَةٍ.