الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُونَ الْمُمْسِكِ وَأُدِّبَ.
(وَيُقْتَلُ الْأَدْنَى) صِفَةً (بِالْأَعْلَى)(كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) فَالْإِسْلَامُ أَعْلَى مِنْ الْحُرِّيَّةِ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَا يُ
قْتَلُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى
كَمُسْلِمٍ بِحُرٍّ كِتَابِيٍّ.
(وَ) يُقْتَلُ (الْجَمْعُ) كَاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (بِوَاحِدٍ) : إنْ تَعَمَّدُوا الضَّرْبَ لَهُ وَضَرَبُوهُ (وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ) أَوْ تَمَيَّزَتْ وَتَسَاوَتْ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:(وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَيَّزَتْ وَكَانَ بَعْضُهَا أَقْوَى شَأْنُهُ إزْهَاقُ الرُّوحِ (قُدِّمَ الْأَقْوَى) ضَرْبًا فِي الْقَتْلِ دُونَ غَيْرِهِ (إنْ عُلِمَ) : فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قُتِلَ الْجَمِيعُ.
(أَوْ تَمَالَئُوا) عَلَى قَتْلِهِ؛ بِأَنْ قَصَدَ الْجَمِيعُ قَتْلَهُ وَضَرْبَهُ وَحَضَرُوا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ إلَّا أَحَدُهُمْ لَكِنْ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يُبَاشِرْهُ هَذَا لَمْ يَتْرُكْهُ الْآخَرُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّمَالُؤَ مُوجِبٌ لِقَتْلِ الْجَمِيعِ وَإِنْ وَقَعَ الضَّرْبُ مِنْ الْبَعْضِ، أَوْ كَانَ الضَّرْبُ بِنَحْوِ سَوْطٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَأَمَّا تَعَمُّدُ الضَّرْبِ بِلَا تَمَالُؤٍ فَإِنَّمَا يُوجِبُ قَتْلَ الْجَمِيعِ إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ أَوْ تَمَيَّزَتْ وَتَسَاوَتْ أَوْ لَمْ تَتَسَاوَ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُ الْأَقْوَى وَالْأَقْدَمِ وَعُوقِبَ غَيْرُهُ. وَهَذَا إذَا رُفِعَ مَيِّتًا أَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ أَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
تَنْبِيهٌ
يُقْتَصُّ مِنْ الْعَائِنِ الْقَاتِلِ عَمْدًا بِعَيْنِهِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ وَتَكَرَّرَ، وَأَمَّا الْقَاتِلُ بِالْمُحَالِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي (عب) وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا تَكَرَّرَ وَثَبَتَ قِيَاسًا عَلَى الْعَائِنِ الْمُجَرَّبِ، وَاسْتَبْعَدَ بْن ذَلِكَ، وَأَمَّا الْقَاتِلُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُجَرَّبِ فَكَالْعَائِنِ جَزْمًا.
[قَتْلَ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى]
قَوْلُهُ: [وَيُقْتَلُ الْأَدْنَى] : تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ شُرُوطِ الْقِصَاصِ وَأَرْكَانِهِ.
وَقَوْلُهُ: [وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ] : أَيْ ضَرْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ يَنْشَأُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ عَنْ بَعْضِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْلِ الْجَمْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ فِي اللَّخْمِيِّ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَنْفَذَ أَحَدُ الضَّارِبِينَ مَقَاتِلَهُ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ الضَّرَبَاتِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَفِي أَمْوَالِهِمْ إذَا لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ كَذَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ الضَّرْبُ بِنَحْوِ سَوْطٍ] : أَيْ هَذَا إذَا ضَرَبُوهُ بِآلَةٍ يُقْتَلُ بِهَا عَادَةً، بَلْ وَإِنْ حَصَلَ بِآلَةٍ لَا يُقْتَلُ بِهَا عَادَةً فَالْمَدَارُ عَلَى التَّمَالُؤِ أَيْ التَّعَاقُدِ وَالِاتِّفَاقِ
مَغْمُورًا حَتَّى مَاتَ، وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ، وَلَا يُقْتَلُ بِهَا إلَّا وَاحِدٌ كَمَا يَأْتِي.
(وَ) يُقْتَلُ (الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى، وَالصَّحِيحُ بِالْمَرِيضِ) .
يُقْتَلُ (الْكَامِلُ) الْأَعْضَاءِ وَالْحَوَاسِّ (بِالنَّاقِصِ عُضْوًا) : كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (أَوْ حَاسَّةٍ) كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ.
(وَ) يُقْتَلُ (الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) : كَحَافِرِ بِئْرٍ لِمُعَيَّنٍ، فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا وَكَمُكْرِهٍ - بِالْكَسْرِ - مَعَ مُكْرَهٍ بِالْفَتْحِ؛ هَذَا لِتَسَبُّبِهِ وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ.
(وَ) يُقْتَلُ (أَبٌ أَوْ مُعَلِّمٌ) صَنْعَةً أَوْ قُرْآنًا (أَمَرَ) كُلٌّ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْمُعَلِّمِ (صَبِيًّا) بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، وَلَا يُقْتَلُ الصَّغِيرُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ.
(وَ) يُقْتَلُ (سَيِّدٌ أَمَرَ) عَبْدَهُ بِقَتْلِ حُرٍّ فَقَتَلَهُ، وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ كَبِيرًا لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ. فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ أَوْ الْمُتَعَلِّمُ كَبِيرًا قُتِلَ وَحْدَهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا قُتِلَا مَعًا كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى عَاقِلَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمُتَعَلِّمِ نِصْفُ الدِّيَةِ مَعَ الْقِصَاصِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْمُعَلِّمِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَمَا يَأْتِي] : أَيْ آخِرَ الْبَابِ.
قَوْلُهُ: [وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى] : أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ زَائِدًا حُرِّيَّةً أَوْ إسْلَامًا كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [بِالْمَرِيضِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَرِيضُ مُشْرِفًا وَمُحْتَضَرًا لِلْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: [مَعَ مُكْرَهٍ بِالْفَتْحِ] : أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ هُوَ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ حَاضِرًا وَإِلَّا فَيُقْتَلُ أَيْضًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّخْلِيصِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَالْمَجْمُوعِ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ خَوْفِ الْقَتْلِ مِنْ الْمُكْرَهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ عَبْدًا لِذَلِكَ الْآمِرِ، وَإِلَّا كَانَ أَمْرُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُقْتَلُ الصَّغِيرُ] : أَيْ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَإِنَّمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ كَبِيرًا] : أَيْ بَالِغًا وَأَمَرَ السَّيِّدُ فِيهِ كَالْإِكْرَاهِ فَلِذَلِكَ يُقْتَلُ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى عَاقِلَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعَاقِلَةِ لَهُ.
(وَ) يُقْتَلُ (شَرِيكُ صَبِيٍّ) دُونَ الصَّبِيِّ (إنْ تَمَالَآ) مَعًا عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، لِأَنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ. فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَاهُ أَوْ الْكَبِيرُ فَقَطْ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُهَا وَإِنْ قَتَلَاهُ أَوْ الْكَبِيرُ خَطَأً، فَعَلَى عَقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ] إلَخْ: مَحَلُّ قَسْمِ الدِّيَةِ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَدَّعِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ - فَإِنَّهُمْ يَقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَيَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا يُقْتَلُ بِهَا وَيُسْتَحَقُّ بِهَا وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: [فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ] : إنَّمَا كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي عَمْدِهِ وَخَطَئِهِ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ.
تَنْبِيهٌ:
هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبْعٍ نَظَرًا لِتَعَمُّدِ قَتْلِهِ وَمِنْ شَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ جُرْحًا يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا وَمِنْ شَرِيكِ حَرْبِيٍّ لَمْ يَتَمَالَأْ مَعَهُ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ لَا يُقْتَصُّ مِمَّا ذُكِرَ، بَلْ إنَّمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا؟ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ يَكُونُ بِقَسَامَةٍ وَبِنِصْفِ الدِّيَةِ بِلَا قَسَامَةٍ
1 -
مَسْأَلَةٌ: إنْ تَصَادَمَ الْمُكَلَّفَانِ أَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا أَوْ غَيْرَهُ فَسَقَطَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ قَصْدًا فَمَاتَا فَلَا قِصَاصَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَحُكْمُ الْقَوَدِ يَجْرِي بَيْنَهُمَا أَوْ حَمْلًا عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ لَا عَلَى الْخَطَأِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ إذَا تَصَادَمَتَا، وَجُهِلَ الْحَالُ فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ مِنْ رُؤَسَائِهِمَا فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ، لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا كَالْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَصْرِفَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ عَنْ الْآخَرِ فَلَا ضَمَانَ بَلْ هُوَ هَدَرٌ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَالْقِيمَةُ فِي الْأَمْوَالِ. بِخِلَافِ السَّفِينَتَيْنِ فَهَدَرٌ وَحُمِلَا عَلَيْهِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَرَ أَهْلُ السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الصَّرْفِ وَمَنَعَهُمْ خَوْفُ الْغَرَقِ أَوْ النَّهْبِ أَوْ الْأَسْرِ حَتَّى أَهْلَكَتْ إحْدَى السَّفِينَتَيْنِ الْأُخْرَى فَضَمَانُ الْأَمْوَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ خَلِيلٍ وَشُرَّاحِهِ) .
فَائِدَةٌ
قَالَ (شب) : ذَكَرَ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ فُرُوعًا لَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِمَا هُنَا؛ أَحَدُهَا: لَوْ قَادَ بَصِيرٌ أَعْمَى فَوَقَعَ الْبَصِيرُ وَوَقَعَ الْأَعْمَى عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ
(لَا) يُقْتَلُ (شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَ) لَا شَرِيكُ (مَجْنُونٍ) : بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَوْ الْمَجْنُونِ نِصْفُهَا. هَذَا إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَالنِّصْفُ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَيْضًا.
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجِنَايَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَقَالَ: (وَمَا دُونَ النَّفْسِ - كَجُرْحٍ) وَقَطْعٍ وَضَرْبٍ وَإِذْهَابِ مَنْفَعَةٍ؛ كَسَمْعٍ (وَبَصَرٍ: كَالنَّفْسِ) : أَيْ كَالْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ (فِعْلًا) : أَيْ فِي الْفِعْلِ مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا (وَفَاعِلًا) : أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةً أَوْ إسْلَامًا (وَمَفْعُولًا) : مِنْ كَوْنِهِ مَعْصُومًا لِلْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُتَعَلِّقُ الْجِنَايَةِ: غَيْرُ النَّفْسِ؛ إنْ أَفَاتَتْ بَعْضَ الْجِسْمِ فَقَطْعٌ، وَإِلَّا فَإِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ: الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَعْمَى. ثَانِيهَا لَوْ طَلَب غَرِيقًا فَلَمَّا أَخَذَهُ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ فَتَرَكَهُ وَمَاتَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ثَالِثُهَا: لَوْ سَقَطَ مِنْ عَلَى دَابَّتِهِ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ السَّاقِطِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ، وَلَوْ انْكَسَرَتْ سِنٌّ مِنْ السَّاقِطِ وَانْكَسَرَتْ سِنٌّ مِنْ الْآخَرِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ عَلَى السَّاقِطِ دِيَةُ سِنِّ الَّذِي سَقَطَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَى الْآخَرِ دِيَتُهَا. وَقَالَ رَبِيعَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةُ صَاحِبِهِ وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجِنَايَةَ بِسَبَبِ السَّاقِطِ دُونَ سَبَبٍ آخَرَ (اهـ)
قَوْلُهُ: [كَجَرْحٍ] : بِفَتْحِ الْجِيمِ الْفِعْلُ وَأَثَرُهُ بِالضَّمِّ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ الْجُرْحِ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ.
قَوْلُهُ: [مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا] : أَيْ قَصْدًا.
وَقَوْلُهُ: [عُدْوَانًا] : أَيْ تَعَدِّيًا يُحْتَرَزُ عَنْ اللَّعِبِ وَالْأَدَبِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ جُرْحٌ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [غَيْرَ حَرْبِيٍّ] : أَيْ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَوْ أَمَّنَّاهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَا فَعَلَهُ؛ وَتَقَدَّمَ إيضَاحُ تِلْكَ الْقُيُودِ أَوَّلَ الْبَابِ.
قَوْلُهُ [مِنْ كَوْنِهِ مَعْصُومًا] : أَيْ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ التَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ إيضَاحُهُ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَفَاتَتْ بَعْضَ الْجِسْمِ] : أَيْ أَذْهَبَتْهُ.
أَزَالَتْ اتِّصَالَ عَظْمٍ لَمْ يَبِنْ فَكَسْرٌ. وَإِلَّا فَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْجِسْمِ فَجُرْحٌ وَإِلَّا فَإِتْلَافُ مَنْفَعَةٍ (اهـ) .
وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: " كَالنَّفْسِ " - يَقْتَضِي مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ - أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ النَّاقِصِ - كَالْعَبْدِ - إنْ جَرَحَ كَامِلًا كَالْحُرِّ اسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: (إلَّا نَاقِصًا) لِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (كَعَبْدٍ) أَوْ كَافِرٍ (جَنَى عَلَى طَرَفٍ) أَوْ مَنْفَعَةِ (كَامِلٍ؛ كَحُرٍّ) أَوْ مُسْلِمٍ (فَلَا قِصَاصَ) مِنْ النَّاقِصِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ النَّاقِصِ عَلَى الْكَامِلِ - كَجِنَايَةِ ذِي يَدٍ شَلَّاءَ عَلَى صَحِيحَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ كَمَا مَرَّ، وَدِيَةُ الْجُرْحِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْكَافِرِ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَحُكُومَةٌ إنْ بَرَأَ عَلَى شَيْنٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي الْمُتَعَمِّدِ إلَّا الْعُقُوبَةُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَمْ يَبِنْ] : أَيْ لَمْ يَنْفَصِلْ بَلْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِبَعْضِ الْعُرُوقِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا] : أَيْ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ إفَاتَةُ بَعْضِ الْجِسْمِ وَلَا إزَالَةُ اتِّصَالِ عَظْمٍ لَمْ يَبِنْ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَإِتْلَافُ مَنْفَعَةٍ] : أَيْ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ إفَاتَةُ بَعْضِ الْجِسْمِ وَلَا إزَالَةُ اتِّصَالِ عَظْمٍ لَمْ يَبِنْ وَلَا غَاصَتْ فِي الْجِسْمِ، وَإِنَّمَا أُذْهِبَتْ مَنْفَعَةٌ مِنْ الْجِسْمِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [يَقْتَضِي مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ] : أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي التَّشْبِيهِ أَنْ يَكُونَ تَامًّا فَأَفَادَ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ.
قَوْلُهُ: [مِنْ النَّاقِصِ] : مُرَادُهُ بِالنَّاقِصِ وَالْكَامِلِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى لَا بِاعْتِبَارِ الْحِسِّ، فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْأَعْضَاءَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْجَمِيعِ.
قَوْلُهُ: [كَعَبْدٍ] : مِثَالٌ لِنَقْصِ الْحُرِّيَّةِ.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ كَافِرٍ] : مِثَالٌ لِنَقْصِ الْإِسْلَامِ.
قَوْلُهُ: [كَجِنَايَةِ ذِي يَدٍ شَلَّاءَ] : أَيْ تَنْزِيلًا لِلنَّقْصِ الْمَعْنَوِيِّ مَنْزِلَةَ النَّقْصِ الْحِسِّيِّ.
قَوْلُهُ: [كَمَا مَرَّ] : أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ] : أَيْ مِنْ الشَّارِعِ وَسَتَأْتِي دِيَاتُ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي قَدَّرَهَا الشَّارِعُ.
وَقَوْلُهُ: [فَحُكُومَةٌ] إلَخْ: أَيْ مَالٌ يَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي بَعْدَ تَقْوِيمِ الذَّاتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا سَالِمَةً وَمَعِيبَةً، وَيَنْظُرُ لِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِهِ عَلَى الْجَانِي وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ.