الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ثُمَّ) - إذَا لَمْ يَأْتِ بِحُجَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا - (حَكَمَ) عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الدَّعْوَى مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ. (كَنَفْيِهَا) : أَيْ كَمَا يُحْكَمُ إذَا نَفَى حُجَّتَهُ وَقَالَ: لَا حُجَّةَ عِنْدِي.
(وَعَجَّزَهُ) : أَيْ حَكَمَ بِعَجْزِهِ بَعْدَ إنْظَارِهِ (وَسَجَّلَهُ) : أَيْ التَّعْجِيزَ أَيْ كَتَبَهُ فِي سِجِلِّهِ بِأَنْ يَكْتُبَ فِيهِ: إنَّا طَلَبْنَا مِنْهُ حُجَّةً فِي الْبَيِّنَةِ وَأَنْظَرْنَاهُ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَحَكَمْنَا عَلَيْهِ، فَلَا تُقْبَلُ لَهُ حُجَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ. وَفَائِدَةُ التَّسْجِيلِ مَخَافَةُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُنْظِرْهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ التَّعْجِيزِ خَمْسَ مَسَائِلَ لَيْسَ لِلْقَاضِي فِيهَا تَعْجِيزٌ فَقَالَ:(إلَّا فِي) دَعْوَى (دَمٍ) : كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ عَمْدًا وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، فَأَنْظَرَهُ الْقَاضِي لِيَأْتِيَ بِهَا، فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَلَا يُعَجِّزُهُ. فَمَتَى أَتَى بِهَا حُكِمَ بِقَتْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (وَعِتْقٍ) ادَّعَاهُ الرَّقِيقُ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُنْكِرِ، وَقَالَ: عِنْدِي بَيِّنَةٌ، فَأَنْظَرَهُ لَهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهَا، فَلَا يُعَجِّزُهُ بَلْ مَتَى أَقَامَهَا حَكَمَ بِعِتْقِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حُجَّتِهِ، إذَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقِيمُهَا عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ.
[التَّعْجِيزِ فِي الْقَضَاء]
قَوْلُهُ: [فَلَا تُقْبَلُ لَهُ حُجَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ] : اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الَّذِي كُتِبَ عَجْزُهُ إذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قِيلَ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقِيلَ: تُقْبَلُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَنِسْيَانِهَا أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ثَالِثُهَا صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ الْمَطْلُوبُ وَقُضِيَ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ يَمْضِي وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا عَجَزَ الطَّالِبُ فَإِنَّ تَعْجِيزَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، وَأَمَّا إذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حُجَّةً فَلَا تُقْبَلُ لَهُ حُجَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهَا وَحَلَفَ (اهـ بْن) . قَوْلُهُ:[لَيْسَ لِلْقَاضِي فِيهَا تَعْجِيزٌ] : أَيْ اتِّفَاقًا وَلَوْ حَكَمَ بِالتَّعْجِيزِ بَطَلَ حُكْمُهُ وَضَابِطُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الدَّمِ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ لَيْسَ لِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ
(وَطَلَاقٍ) ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَأَنَّ لَهَا بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَلَمْ تَأْتِ بِهَا فَلَا يُعَجِّزُهَا، فَمَتَى أَقَامَتْهَا حَكَمَ بِطَلَاقِهَا. (وَحَبْسٍ) : ادَّعَاهُ إنْسَانٌ عَلَى الْوَاقِفِ أَوْ وَاضِعِ الْيَدِ الْمُنْكِرِ، وَقَالَ: لِي بَيِّنَةٌ عَلَى وَقْفِهِ، فَأَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا، فَلَا يُعَجِّزُهُ، فَمَتَى أَتَى بِهَا حَكَمَ بِالْوَقْفِ. (وَنَسَبٍ) : ادَّعَاهُ إنْسَانٌ، وَأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ وَلَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا بَعْدَ الْإِنْظَارِ لَمْ يَحْكُمْ بِتَعْجِيزِهِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ، مَتَى أَقَامَهَا حَكَمَ بِنَسَبِهِ. فَهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ إنَّمَا هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الطَّالِبِ. وَأَمَّا الْمَطْلُوبُ فَيُعَجِّزُهُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.
(وَإِنْ لَمْ يُجِبْ) عَطْفٌ عَلَى " إنْ أَقَرَّ " أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ، بَلْ سَكَتَ (حُبِسَ وَضُرِبَ) لِيُجِيبَ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ (حُكِمَ) عَلَيْهِ بِالْحَقِّ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي، لِأَنَّ الْيَمِينَ فَرْعُ الْجَوَابِ وَهُوَ لَمْ يُجِبْ. (وَإِنْ أَنْكَرَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْمُعَامَلَةَ) مِنْ أَصْلِهَا فَقَالَ: لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي
ــ
[حاشية الصاوي]
ثُبُوتِهِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعْجِيزِ لَا يَقْطَعُ الْحُجَّةَ فِيهِ، وَقَوْلُنَا فِي غَيْرِ الدَّمِ، وَأَمَّا هُوَ فَلِوَلِيِّ الدَّمِ إسْقَاطُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ غِيلَةً وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ، فَالضَّابِطُ يَشْمَلُهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْمَطْلُوبُ] : أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا إذَا أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ أَوْ الْمُطَلِّقِ أَوْ الْمُحْبِسِ أَوْ الْمُنْكِرِ لَا لِلنَّسَبِ فَقَالَ: إنَّ لِي فِيهَا مَطْعَنًا ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ فَلِلْقَاضِي تَعْجِيزُهُ. .
قَوْلُهُ: [حُبِسَ وَضُرِبَ] : أَيْ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي فِي قَدْرِ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ] : مِثْلُ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينِ شَكِّهِ فِي أَنَّهُ لَهُ عِنْدَهُ مَا يَدَّعِيهِ، فَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَقَالَ: عِنْدِي شَكٌّ فِيمَا يَدَّعِيهِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الْمُدَّعِي وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَقَالَ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى بِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ.