الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْوَلَاءُ قَدْ عَرَّفَهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ؛ وَلِذَا لَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ اكْتِفَاءً بِمَا فِي الْحَدِيثِ فَلِذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُفْتَتِحًا بِالْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم:
«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودٌ، لُحْمَةٌ، بِضَمِّ اللَّامِ: أَيْ اتِّصَالٌ بَيْنَ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ كَاتِّصَالٍ هُوَ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرِّقُّ كَالْمَعْدُومِ وَالْمُعْتَقِ صَيَّرَهُ بِتَحْرِيرِهِ مَوْجُودًا كَالْوَلَدِ الْمَعْدُومِ الَّذِي تَسَبَّبَ أَبُوهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْوَلَاءُ] [
الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ]
بَابٌ: هُوَ أَحَدُ خَوَاصِّ الْعِتْقِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلَايَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ مِنْ النَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ وَهُوَ الْقُرْبُ، وَأَمَّا مِنْ الْإِمَارَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِالْكَسْرِ وَقِيلَ بِالْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَلِلْمَوْلَى لُغَةٌ يُقَالُ لِلْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ وَأَبْنَائِهِمَا وَالنَّاصِرُ وَابْنُ الْعَمِّ وَالْقَرِيبُ وَالْعَاصِبُ وَالْحَلِيفُ وَالْقَائِمُ بِالْأَمْرِ وَنَاظِرُ الْيَتِيمِ وَالنَّافِعُ الْمُحِبُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا وِلَايَةُ الْإِنْعَامِ بِالْعِتْقِ وَسَبَبُهُ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ، فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ نَجَزَ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا وَإِلَّا فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ وَحُكْمُ الْوَلَاءِ حُكْمُ الْعُصُوبَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ.
قَوْلُهُ: [لُحْمَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ] : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلُحْمَةُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [هُوَ النَّسَبُ] : الْمُنَاسِبُ حَذْفُ هُوَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّحْمَةِ الِاتِّصَالُ وَالِارْتِبَاطُ وَالْمُرَادُ بِالنَّسَبِ الْقَرَابَةُ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ وَتَقْدِيمُ الضَّمِيرِ يُوهِمُ أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرِّقُّ] : الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ فِي حَالِ اتِّصَافِهِ بِالرِّقِّ كَالْمَعْدُومِ.
وَقَوْلُهُ: [مَوْجُودًا] : أَيْ كَالْمَوْجُودِ.
فِي وُجُودِهِ (لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ.
(وَهُوَ) : أَيْ الْوَلَاءُ ثَابِتٌ (لِمَنْ أَعْتَقَ) حَقِيقَةً كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ مُدَبَّرُ، أَوْ كَاتَبَ. أَوْ اسْتَوْلَدَ وَلَوْ قَالَ الْمُعْتِقُ: وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، فَإِنَّ قَوْلَهُ لَغْوٌ. خِلَافٌ لِابْنِ الْقَصَّارِ الْقَائِلِ، إنَّهُ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ، كَانَ الْمُعْتَقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْعِتْقُ (حُكْمًا كَعِتْقِ غَيْرِ عَنْهُ) بِإِذْنِهِ اتِّفَاقًا فِي أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، بَلْ:(وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ عَنْ مَيِّتٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ الْوَلَاءُ ثَابِتٌ لِمَنْ أَعْتَقَ] : اعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ وَكَانَ خَبَرُهُ ظَرْفًا أَوْ جَارًا وَمَجْرُورًا أَفَادَ الْحَصْرَ أَيْ حَصْرُ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ كَالْكَرْمِ فِي الْعَرَبِ، «وَالْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» أَيْ لَا كَرَمَ إلَّا فِي الْعَرَبِ وَلَا أَئِمَّةَ إلَّا مِنْ قُرَيْشٍ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا وَلَاءَ إلَّا لَمُعْتِقٍ لَا لِغَيْرِهِ، وَيَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ الْحَصْرِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ بِعَصَبَةِ الْمُعْتَقِ وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَقَدْ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ حُكْمًا إلَخْ. فَإِنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْمُنَجَّرُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ فِي حُكْمِ الْمُعْتَقِ أَوْ الْحَصْرِ إضَافِيٌّ أَيْ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِذَا بَاعَ شَخْصٌ الْعَبْدَ وَشَرَطَ عَلَى مُشْتَرِيهِ أَنْ يَعْتِقَهُ وَيَجْعَلَ الْوَلَاءَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ لَا لِلْبَائِعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ:" وَهُوَ لِمَنْ أَعْتَقَ " مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ بِالتَّبَعَاتِ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَثَوَابُ الْعِتْقِ لِأَرْبَابِ التَّبَعَاتِ وَهَذَا إذَا جَهِلَ أَرْبَابُ التَّبَعَاتِ، فَإِنْ عَلِمُوا وَأَجَازُوا عِتْقَهُ مَضَى وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ وَإِنْ رَدُّوهُ رُدَّ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ.
قَوْلُهُ: [أَنْتَ حُرٌّ] : أَيْ الْآنَ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ أَيْ أَعْتَقَهُ لِأَجَلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ كَاتَبَ أَوْ اسْتَوْلَدَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْتَ حُرٌّ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ فَلَا يُقَالُ إنْ فِيهِ عَطْفُ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْخَالِصِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ حُكْمًا] : مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ حَقِيقَةً.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ بِلَا إذْنٍ] : اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، فَقَوْلُ شَارِحِنَا اتِّفَاقًا تَبِعَ فِيهِ (عب) وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ