الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ
مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّزْكِيَةُ
، وَالشَّيْخُ رحمه الله قَدْ قَدَّمَهُ عَمَّا هُنَا - وَذِكْرُهُ هُنَا أَنْسَبُ - فَقَالَ:(وَإِنَّمَا يُزَكِّي) الشُّهُودَ (مُبَرَّزٌ) : فِي الْعَدَالَةِ، لَا مُطْلَقَ عَدْلٍ، وَإِلَّا لَاحْتَاجَ لِمَنْ يُعَدِّلُهُ أَيْضًا وَيَتَسَلْسَلُ (مَعْرُوفٌ) عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ، كَأَنْ يَعْرِفَهُ الْعُدُولُ عِنْدَهُ وَيُخْبِرُوهُ بِأَنَّهُ مُبَرَّزٌ (عَارِفٌ) بِأَحْوَالِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ (فَطِنٌ) : أَيْ نَبِيهٌ (لَا يُخْدَعُ) فِي عَقْلِهِ كَالتَّفْسِيرِ لِفَطِنٍ: أَيْ لَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ أَحْوَالُ النَّاسِ الْمُمَوَّهَةِ الظَّاهِرِ بِإِظْهَارِ الصَّلَاحِ، وَلَا يَغْتَرُّ بِظَاهِرِ حَالِهِمْ مَعَ مُخَالِفَتِهَا لِسَرَائِرِهِمْ، كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ.
(مُعْتَمِدٌ) فِي مَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِمْ (عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ) لِمَنْ يُزَكِّيهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا سَفَرُهُ مَعَهُ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الصُّحْبَةِ لَا تُفِيدُ مَعْرِفَةَ أَحْوَالِ الصَّاحِبِ (مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ؛ أَوْ) أَهْلِ (مَحَلَّتِهِ) : فَالْمُزَكِّي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَلَا مَحَلَّتِهِ تُوجِبُ الرِّيبَةَ فِي الشَّاهِدِ، حَيْثُ زَكَّاهُ الْبَعِيدُ مَعَ وُجُودِ أَهْلِ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ (إلَّا لِعُذْرٍ) : كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَلَا مَحَلَّتِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ بِأَنْ قَامَ مَانِعٌ مِنْ عَدَمِ التَّبْرِيزِ أَوْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَمِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِوُجُوهِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ (بْن) .
[مِنْ يَصِحّ مِنْهُ التَّزْكِيَة]
قَوْلُهُ: [مَعْرُوفٌ] : صِفَةٌ لِمُبَرَّزٍ.
قَوْلُهُ: [عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ] : أَيْ وَيَرْجِعُ فِي طُولِهَا لِلْعُرْفِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ] : أَيْ الْعَارِفِينَ بِهِ وَأَشْعَرَ الْإِتْيَانَ بِأَوْصَافِ الْمُزَكَّى مُذَكَّرًا أَنَّ النِّسَاءَ لَا تَقْبَلُ تَزْكِيَتَهُنَّ لَا لِرِجَالٍ وَلَا لِنِسَاءٍ وَلَوْ فِيمَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ كَمَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [فَالْمُزَكِّي] : الْمُنَاسِبُ فَالتَّزْكِيَةُ لِأَجْلِ الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ تُوجِبُ الرِّيبَةَ.
مُتَعَدِّدٍ) وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ. نَعَمْ تَزْكِيَةُ السِّرِّ يَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) الْمُزَكِّي (الِاسْمَ) : أَيْ اسْمَ الشَّاهِدِ الَّذِي زَكَّاهُ؛ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ وَالْأَحْوَالِ (بِأَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا) : أَيْ أَنَّ التَّزْكِيَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ حَذَفَ وَاحِدًا مِنْهَا لَمْ يَكْفِ أَوْ أَبْدَلَهُ بِمُرَادِفِهِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ رِضًا كَفَى، وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى عَدْلٍ أَوْ عَلَى رِضًا كَفَى. وَالْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ - ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.
(وَوَجَبَتْ) التَّزْكِيَةُ (إنْ بَطَلَ حَقٌّ) بِتَرْكِهَا (أَوْ ثَبَتَ بَاطِلٌ) . كَالتَّجْرِيحِ لِلشَّاهِدِ يَجِبُ إنْ ثَبَتَ بِتَرْكِهِ بَاطِلٌ أَوْ بَطَلَ حَقٌّ.
(وَهُوَ) : أَيْ التَّجْرِيحُ (يُقَدَّمُ) عَلَى التَّعْدِيلِ: يَعْنِي أَنَّ بَيِّنَةَ التَّجْرِيحِ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهَا حَفِظَتْ مَا لَمْ تَحْفَظْهُ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [نَعَمْ تَزْكِيَةُ السِّرِّ يَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ] : أَيْ وَالتَّعَدُّدُ فِيهَا مَنْدُوبٌ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي (بْن) وَيَفْتَرِقَانِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُزَكِّي السِّرِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْرِيزُ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْقَاضِي بِعَدَالَتِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذَا عَدَلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ. بِخِلَافِ مُزَكِّي الْعَلَانِيَةِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: [إنَّمَا تَكُونُ بِهَذَا الْقَوْلِ] : أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] مَعَ قَوْله تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] .
قَوْلُهُ: [وَالْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ] : أَيْ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ عَدْلٍ وَرِضًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ أَشْهِدْ.
قَوْلُهُ: [وَوَجَبَتْ التَّزْكِيَةُ] : أَيْ الشَّهَادَةُ بِهَا.
قَوْلُهُ: [تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ أَعْدَلَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى الْأَشْهَرِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا حَفِظَتْ مَا لَمْ تَحْفَظْهُ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ] : أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ التَّعْدِيلِ تَحْكِي عَنْ ظَاهِرِ الْحَالِ وَالْمُجَرَّحَةُ تُخْبِرُ عَمَّا خَفِيَ فَهِيَ أَزْيَدُ عِلْمًا