الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ) : وَهُوَ ثُلُثُ الدِّيَةِ (بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ) : فَإِذَا ضَرَبَهُ فِي ظَهْرِهِ فَنَفَذَتْ لِبَطْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ بِجَنْبِهِ فَنَفَذَتْ لِلْجَنْبِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ.
(كَتَعَدُّدِ مُوضِحَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَآمَّةٍ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) بِبَعْضِهَا بَلْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَاصِلٌ فَيَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ الْمُتَقَدِّمُ بِتَعَدُّدِهَا، فَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمُوضِحَاتُ إلَخْ فَلَا يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مُتَّسِعَةٌ إنْ كَانَ بِضَرْبَةِ وَاحِدَةً أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ. فَلَوْ تَعَدَّدَ بِضَرَبَاتٍ فِي زَمَنٍ مُتَرَاخٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ.
(وَفِي إذْهَاب الْعَقْلِ) : خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ: " دِيَةٌ " مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، فَإِذَا ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ عَقْلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَقَدْ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِذَلِكَ. فَإِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فِي الشَّهْرِ يَوْمًا فَعَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
[تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِ الْجِرَاح]
قَوْلُهُ: [فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ] : أَيْ وَذَلِكَ ثُلُثَا دِيَةِ النَّفْسِ.
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِبَعْضِهَا] : قَيْدٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا وَهُوَ نُفُوذُ الْجَائِفَةِ لِجِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا الِاتِّصَالُ حَالَةَ النُّفُوذِ فَتَعَدُّدُ الْجَائِفَةِ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً مُوجِبٌ لِتَعَدُّدِ الْوَاجِبِ. بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْكَافِ فَلَا يُوجِبُهُ إلَّا الِانْفِصَالُ أَوْ تَرَاخِي الضَّرَبَاتِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَاصِلٌ] : أَيْ مَوْضِعٌ سَالِمٌ مِنْ ذَاتِ الْجُرْحِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ سَلْخٌ لِلْجِلْدِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمُوضِحَاتُ] : أَيْ بِأَنْ تَصِيرَ الْمُوضِحَاتُ شَيْئًا وَاحِدًا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ.
قَوْلُهُ: [فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ] : أَيْ فَلِكُلِّ جُرْحٍ دِيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عَلَى حَسَبِهِ.
[حُكْم مَا يَنْتِجُ مِنْ عَاهَة]
قَوْلُهُ: [خَبَرٌ مُقَدَّمٌ] : أَيْ وَكَذَا الْمَعْطُوفَاتُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [عَمْدًا أَوْ خَطَأً] : أَيْ وَتُرَبَّعُ فِي الْعَمْدِ.
قَوْلُهُ: [يَوْمًا] : أَيْ مَعَ لَيْلَةٍ وَإِلَّا لَوْ كَانَ يَوْمًا فَقَطْ أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ فَجُزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يُرَاعَى طُولُ النَّهَارِ وَلَا قِصَرُهُ، وَلَا طُولُ اللَّيْلِ وَلَا قِصَرُهُ، حَيْثُ كَانَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ فِي النَّهَارِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ وَالنَّهَارَ الْقَصِيرَ لَمَّا عَادَ لَهُمَا مَا يَأْتِي فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ
مِنْ الدِّيَةِ وَهَكَذَا بِالنِّسْبَةِ. فَإِنْ وَضَّحَهُ فَأَذْهَبَ عَقْلَهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: دِيَةُ الْعَقْلِ فَقَطْ. .
(أَوْ كُلِّ حَاسَّةٍ) : كَالسَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ الشَّمِّ أَوْ الذَّوْقِ أَوْ اللَّمْسِ: أَيْ الْقُوَّةُ الْمُنْبَثَّةُ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ يُدْرِكُ بِهَا الْحَرَارَةَ وَالنُّعُومَةَ وَضِدَّهُمَا عِنْدَ الْمُمَاسَّةِ.
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْأَصْلِ اللَّمْسَ كَوْنُهُ فِيهِ حُكُومَةٌ بَلْ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ؛ فَقِيَاسُهُ عَلَى الذَّوْقِ الَّذِي هُوَ قُوَّةٌ فِي اللِّسَانِ يُدْرِكُ بِهَا الطَّعْمَ ظَاهِرٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ:" كُلِّ حَاسَّةٍ " أَنَّهُ لَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ الْحَاسَّةِ لَيْسَ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بَلْ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
صَارَ أَمْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مُسْتَوِيًا فَلَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى طُولٍ وَلَا قِصَرٍ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ كَذَا فِي بْن.
قَوْلُهُ: [وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ] : أَيْ لِلْمُوضِحَةِ إنْ كَانَتْ خَطَأً وَإِلَّا فَالْقِصَاصُ، ثُمَّ إنْ زَالَ الْعَقْلُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَدِيَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ: [أَيْ الْقُوَّةُ الْمُنْبَثَّةُ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ] : تَفْسِيرٌ لِلْمَسِّ.
قَوْلُهُ: [مَنْ تَرَكَ الْأَصْلَ] : أَيْ خَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [فَقِيَاسُهُ عَلَى الذَّوْقِ] : أَيْ لِأَنَّ شُرَّاحَ خَلِيلٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ] : أَيْ فَإِذَا أَذْهَبَ بَعْضَ السَّمْعِ اُخْتُبِرَ نُقْصَانُهُ حَيْثُ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ النَّقْصَ مِنْ إحْدَى أُذُنَيْهِ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ سَدًّا مُحْكَمًا وَقْتَ سُكُونِ الرِّيحِ، وَيَكُونُ النِّدَاءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ، أَوْ يُصَاحُ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ حَتَّى يَنْقَطِعَ السَّمَاعُ ثُمَّ تُفْتَحُ الصَّحِيحَةُ وَتُسَدُّ الْأُخْرَى وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ بِالنِّسْبَةِ لِسَمْعِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي الْأُذُنَيْنِ مَعًا اُعْتُبِرَ سَمْعُ وَسَطٍ لَا فِي غَايَةِ الْحِدَّةِ وَلَا الثِّقَلِ مِنْ شَخْصٍ مِثْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي السِّنِّ وَالْمِزَاجِ فَيُوقَفُ فِي مَكَان وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يُعْلَمَ انْتِهَاءُ سَمْعِهِ ثُمَّ يُوقَفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَكَانَهُ فَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِهِ عَنْ سَمْعِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ تِلْكَ النِّسْبَةُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمُ سَمْعُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ قُوَّةٍ أَوْ ضَعْفٍ بِلَا اعْتِبَارِ سَمْعٍ وَسَطٍ وَمَحِلُّ أَخْذِهِ الدِّيَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إنْ حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَى وَلَمْ يَخْتَلِفْ.
قَوْلُهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ
(أَوْ النُّطْقِ) : صَوْتٌ بِحُرُوفٍ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ: (أَوْ الصَّوْتِ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِالسَّاذَجِ. .
(أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ) : بِأَنْ فَعَلَ مَعَهُ فِعْلًا كَضَرْبِهِ أَبْطَلَ إنْعَاظَهُ. وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ دِيَةُ الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ؛ فَلَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَأَبْطَلَ إنْعَاظَهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْجِهَاتِ وَإِلَّا فَهَدَرٌ، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ فِي إحْدَى الْعَيْنَيْنِ أُغْلِقَتْ الصَّحِيحَةُ وَيُؤْمَرُ بِالنَّظَرِ مِنْ بُعْدٍ ثُمَّ يُقَرَّبُ مِنْهُ حَتَّى يُعْلَمَ انْتِهَاءُ مَا أَبْصَرَتْ ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَتُفْتَحُ الصَّحِيحَةُ وَيُفْعَلُ بِهَا مِثْلُ الْمُصَابَةِ وَيُنْظَرُ فِي النِّسْبَةِ، فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا وَفِيهِمَا بَقِيَّةٌ اُعْتُبِرَ بَصَرٌ وَسَطٌ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْحَلِفِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِ الْقَوْلِ، وَهَذَا مَا لَمْ يُعْلَمُ بَصَرُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهِ وَجُرِّبَ الشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ مُنْفَرِدَةِ الطَّبْعِ كَرَائِحَةِ جِيفَةٍ وَأُمِرَ بِالْمُكْثِ عِنْدَهَا مِقْدَارًا مِنْ الزَّمَنِ وَهَذَا إنْ ادَّعَى عَدَمَهُ بِالْمَرَّةِ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ جُرِّبَ نَقْصُ الْمَنْطِقِ بِالْكَلَامِ بِاجْتِهَادِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ، فَإِنْ شَكُّوا أَوْ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ النَّقْصِ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَجُرِّبَ الذَّوْقُ بِالشَّيْءِ الْمُرِّ الَّذِي لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ عَادَةً فَإِنْ ادَّعَى النَّقْصَ صُدِّقَ بِيَمِينٍ وَنُسِبَ لِذَوْقٍ وَسَطٍ وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ حَيْثُ شَكَّ فِي زَوَالِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ بِأَنْ يُحْبَسَ وَيُتَجَسَّسَ عَلَيْهِ فِيهَا هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّنَا نَجْلِسُ مَعَهُ وَنُحَادِثُهُ وَنُسَايِرُهُ فِي الْكَلَامِ حَتَّى نَعْلَمَ خِطَابَهُ وَجَوَابَهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ عُمِلَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَكُّوا أَوْ اخْتَلَفُوا عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ فِي الْعَمْدِ وَعَلَى الْأَقَلِّ فِي الْخَطَأِ (اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الصَّوْتُ] : أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَهَابِ الْأَخَصِّ ذَهَابُ الْأَعَمُّ فَلِذَلِكَ عَطَفَ الْأَعَمَّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [كَضَرْبِهِ] : مِثَالٌ لِلْفِعْلِ.
وَقَوْلُهُ: [أَبَطَلُ] : صِفَةٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرْبِ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ السِّحْرَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَنْدَرِجُ] إلَخْ: سَيَأْتِي وَجْهُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحِلِّهَا.
(أَوْ نَسْلِهِ) : بِأَنْ فَعَلَ مَعَهُ فِعْلًا أَفْسَدَ مَنِيَّهُ، فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ (دِيَةٌ) .
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الدِّيَةِ قَوْلَهُ: (كَتَجْذِيمِهِ) : أَيْ إذَا فَعَلَ مَعَهُ فِعْلًا أَحْدَثَ فِي بَدَنِهِ جُذَامًا: دَاءٌ يَأْكُلُ الْأَعْضَاءَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. (أَوْ تَبْرِيصِهِ أَوْ تَسْوِيدِهِ) : أَيْ تَسْوِيدِ جَسَدِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ غَيْرَ أَسْوَدَ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ؛ فَإِنْ سَوَّدَهُ وَجَذَّمَهُ فَدِيَتَانِ.
(أَوْ قِيَامِهِ) وَحْدَهُ (أَوْ جُلُوسِهِ) : مَعَ ذَهَابِ قِيَامِهِ. أَمَّا لَوْ أَذْهَبَ بِفِعْلِ جُلُوسِهِ وَحْدَهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ، كَبَعْضِ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ. .
(وَمَارِنِ الْأَنْفِ) : مَا لَانَ مِنْهُ دُونَ الْعَظْمِ، وَيُسَمَّى أَرْنَبَةً، وَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. .
(وَالْحَشَفَةِ) إذَا قَطَعَهَا شَخْصٌ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. .
(وَفِي) قَطْعِ (بَعْضِهِمَا) : أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ (بِحِسَابِهَا) : أَيْ الدِّيَةُ (مِنْهُمَا) : أَيْ مِنْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ، فَيُقَاسُ الْمَارِنُ لَا الْأَنْفُ، وَتُقَاسُ الْحَشَفَةُ لَا الذَّكَرُ، كَمَا قَالَ:(لَا) يُقَاسُ (مِنْ أَصْلِهِ) وَأَصْلُ الْمَارِنِ: الْأَنْفُ، وَأَصْلُ الْحَشَفَةِ: الذَّكَرُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَفْسَدَ مَنِيَّهُ] : أَيْ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ نَسْلٌ.
قَوْلُهُ: [كَتَجْذِيمِهِ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْجُذَامُ جَسَدَهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ تَسْوِيدُهُ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ] : أَيْ لِأَنَّ الْبَرَصَ مِنْهُ أَبْيَضُ وَمِنْهُ أَسْوَدُ.
قَوْلُهُ: [مَعَ ذَهَابِ قِيَامِهِ] : أَيْ بِأَنْ صَارَ مُلْقًى.
قَوْلُهُ: [فَفِيهِ حُكُومَةٌ] : أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ التَّتَّائِيِّ إنَّ فِيهِ الدِّيَةَ.
قَوْلُهُ: [كَبَعْضِ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ] : أَيْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَوْلَى فِي الْحُكُومَةِ بَعْضُ أَحَدِهِمَا.
قَوْلُهُ: [وَيُسَمَّى أَرْنَبَةً] : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيُقَالُ لَهَا الرَّوْثَةُ بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَوَاوٍ فَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَالْحَشَفَةُ] : هِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ.
قَوْلُهُ: [وَأَصْلُ الْمَارِنِ الْأَنْفُ] : أَيْ وَأَمَّا قَطْعُ بَاقِي الْأَنْفِ وَالذَّكَرِ بَعْدَ قَطْعِ الْأَرْنَبَةِ وَالْحَشَفَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ كَمَا يَأْتِي
لِأَنَّ بَعْضَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ، إنَّمَا نُسِبَ إلَيْهِ لَا إلَى أَصْلِهِ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ فِي قَطْعِ ذَكَرِ الْعِنِّينِ دِيَةً، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ، وَأَمَّا ذَكَرُ الْخُنْثَى فَفِيهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ.
(وَالْأُنْثَيَيْنِ) : فِي قَطْعِهِمَا أَوْ سَلِّهِمَا أَوْ رَضِّهِمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الْوَاحِدَةِ نِصْفُ دِيَةٍ. وَفِي قَطْعِهِمَا مَعَ الذَّكَرِ دِيَتَانِ. .
(وَشَفْرَيْ الْمَرْأَةِ) : أَيْ قَطْعُ لَحْمِ جَانِبَيْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (إنْ بَدَا الْعَظْمُ) فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْعَظْمُ فَحُكُومَةٌ. وَفِي أَحَدِ الشُّفْرَيْنِ إنْ بَدَا الْعَظْمُ نِصْفُ دِيَةٍ وَالشُّفْرَانِ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ: اللَّحْمَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْفَرْجِ الْمُغَطِّيَانِ الْعَظْمَ.
(وَثَدْيَيْهَا) إذَا قَطَعَهُمَا شَخْصٌ مِنْ أَصْلِهِمَا عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، أَبْطَلَ اللَّبَنَ أَوْ لَا، شَابَّةً أَوْ عَجُوزًا. أَمَّا ثَدْيُ الرَّجُلِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ.
(أَوْ حَلَمَتَيْهِمَا) : أَيْ فِي قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ (إنْ أَبْطَلَ اللَّبَنَ) دِيَةٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [ذَكَرُ الْعِنِّينِ] : أَيْ وَهُوَ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ لِصِغَرِهِ، أَوْ لِعَدَمِ إنْعَاظِهِ لِكِبَرٍ أَوْ عِلَّةٍ عَنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لِلذَّكَرِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ يَجِبُ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي حَالَةٍ وَتَخْتَلِفُ فِي اثْنَتَيْنِ، فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي قَطْعِهِ جُمْلَةً أَوْ الْحَشَفَةِ وَحْدَهَا أَوْ إبْطَالِ النَّسْلِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ الْإِنْعَاظُ وَتَسْقُطُ إذَا قُطِعَ بَعْدَ قَطْعِ الْحَشَفَةِ، وَفِيهِ حِينَئِذٍ حُكُومَةٌ وَيَخْتَلِفُ إذَا قُطِعَ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ النَّسْلُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ عَاجِزٌ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ لِصِغَرِ ذَكَرِهِ أَوْ لِعِلَّةٍ كَالشَّيْخِ الْفَانِي فَقِيلَ دِيَةٌ وَقِيلَ حُكُومَةٌ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ.
قَوْلُهُ: [فَفِيهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ] : أَمَّا نِصْفُ الدِّيَةِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَنِصْفُ الْحُكُومَةِ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ هُنَا مَا يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ لِهَذَا الْقَدْرِ لَا مَا سَبَقَ فِي تَقْوِيمِهِ لِأَنَّ قَطْعَ ذَكَرِ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُصُهَا.
قَوْلُهُ: [فِي قَطْعِهِمَا أَوْ سَلِّهِمَا] : أَيْ خَطَأً.
وَقَوْلُهُ: [أَوْ رَضِّهِمَا] : أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ فِي الرَّضِّ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْوَاحِدَةِ نِصْفُ دِيَةٍ] : أَيْ وَالْيُمْنَى وَالْيُسْرَى عِنْدَ مَالِكٍ سَوَاءٌ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْيُسْرَى الدِّيَةُ كَامِلَةٌ لِأَنَّ النَّسْلَ مِنْهَا خَاصَّةً.
قَوْلُهُ: [وَفِي قَطْعِهِمَا مَعَ الذَّكَرِ] : أَيْ خَطَأً وَأَمَّا عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ.
كَامِلَةٌ، وَمِثْلُ إبْطَالِ اللَّبَنِ إفْسَادُهُ؛ فَالدِّيَةُ لِقَطْعِ اللَّبَنِ لَا لِقَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَ اللَّبَنَ بِدُونِ قَطْعٍ فِيهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَطَعَهُمَا فَلَمْ يُفْسِدْ اللَّبَنَ فَحُكُومَةٌ. فَلَوْ قَطَعَ حَلَمَتَيْ صَغِيرَةٍ فَيُسْتَأْنَى بِهَا لِزَمَنِ الْإِيَاسِ مِنْ اللَّبَنِ وَتَمَامِ سِنِّهِ، فَإِنْ أَيِسَ فَدِيَةٌ.
(أَوْ عَيْنِ أَعْوَرَ) : فِيهَا الدِّيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ. .
(بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) كَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ بِخِلَافِ الْأُذُنَيْنِ كَمَا يَأْتِي: (فَفِي) أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا وَفِيهِمَا الدِّيَةُ كَامِلَةٌ (إلَّا الْأُذُنَيْنِ) : فَلَيْسَ فِي قَطْعِهِمَا دِيَةٌ بَلْ حُكُومَةٌ حَيْثُ فِي السَّمْعِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَلِذَا اسْتَثْنَاهُمَا وَقَالَ: (فَحُكُومَةٌ) كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ فِي قَطْعِهِ حُكُومَةٌ بِالِاجْتِهَادِ، حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ بِهِ ذُوقَا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ. .
(وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) : الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا أَصْلًا، فِي قَطْعِهَا حُكُومَةٌ. فَإِنْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ فَكَالسَّلِيمَةِ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةُ. وَالسَّاعِدُ فِي قَطْعِهِ حُكُومَةٌ: وَهُوَ مَا عَدَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَمِثْلُ إبْطَالِ اللَّبَنِ إفْسَادُهُ] : أَيْ فَمُرَادُهُ بِالْإِبْطَالِ قَطْعُهُ رَأْسًا وَبِالْإِفْسَادِ صَيْرُورَتُهُ دَمًا مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَيِسَ فَدِيَةٌ] : أَيْ وَإِنْ حَصَلَ اللَّبَنُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِينَاءِ فَفِيهِمَا حُكُومَةٌ.
قَوْلُهُ: [كَمَا تَقَدَّمَ] : أَيْ مِنْ أَنَّهُ لِلسَّنَةِ.
قَوْلُهُ: [فَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا] : وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَالْوَاحِدِ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْعَيْنَ تُقَوَّمُ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ فِي مُعْظَمِ الْغَرَضِ. بِخِلَافِ إحْدَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ] : مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي قَطْعِهَا حُكُومَةٌ، وَكَذَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَالْمُنَاسِبُ رَفْعُ أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ بِالْأَلِفِ، وَمِثْلُ الْيَدِ الشَّلَّاءِ الرِّجْلُ الشَّلَّاءُ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْحُكُومَةَ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَمِثْلُهَا الرِّجْلُ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي مُتَعَمِّدًا وَلَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، لَكِنَّ فِي شب أَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَإِلَّا فَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ.
قَوْلُهُ: [فَكَالسَّلِيمَةِ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ] : أَيْ لِقَوْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُؤْخَذُ عُضْوٌ قَوِيٌّ بِضَعِيفٍ.
الْأَصَابِعَ إلَى الْمَنْكِبِ، وَسَوَاءٌ ذَهَبَ الْكَفُّ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ، أُخِذَ لَهَا عَقْلٌ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ السَّاعِدُ فِيهِ أُصْبُعٌ فَدِيَتُهُ وَالْحُكُومَةُ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَدِيَةُ الْأَصَابِعِ فَقَطْ. (وَأَلْيَتَا الْمَرْأَةِ) : فِي قَطْعِهِمَا خَطَأً حُكُومَةٌ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: فِيهِمَا الدِّيَةُ، أَمَّا عَمْدًا فَالْقِصَاصُ. .
(وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا) إذَا أَتْلَفَهَا شَخْصٌ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَلَوْ كَانَ أَخَذَ مِمَّنْ صَيَّرَهَا مُضْطَرِبَةً عَقْلًا عَلَى الرَّاجِحِ، إذْ فِي بَقَائِهَا جَمَالٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ يُرْجَى ثُبُوتُ الْمُضْطَرِبَةِ فَفِي قَلْعِهَا دِيَتُهَا. .
(وَعَسِيبِ حَشَفَةٍ) : أَيْ فِي قَطْعِ قَصَبَةِ الذَّكَرِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ حَشَفَةٌ لِقَطْعِهَا قِيلَ: حُكُومَةٌ. وَعَلِمْت أَنَّ قَطْعَ الْحَشَفَةِ فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ فِي الْعَسِيبِ دِيَةً. .
(وَحَاجِبٍ) : أَيْ فِي إزَالَةِ شَعْرِهِ، حُكُومَةٌ، وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا لِأَنَّ فِي الشَّعْرِ جَمَالًا:" اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ كَانَ حَاجِبُهُ يَزِينُهُ وَلَيْسَ فِي الْخَلْقِ مِثْلُهُ ".
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَدِيَةُ الْأَصَابِعِ فَقَطْ] : ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ بِأُنْمُلَةٍ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَكْثَرِيَّةَ تَكُونُ بِأُصْبُعٍ أُخْرَى قَالَ شب: فَمَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ فِيهَا أُصْبُعَانِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُمَا فَقَطْ سَوَاءً قَطَعَهُمَا مِنْ الْكُوعِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ دِيَتِهِمَا وَمَعَ قَطْعِ يَدِ شَخْصٍ فِيهَا أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأُصْبُعِ، وَحُكُومَةٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأُصْبُعِ سَوَاءٌ قَطَعَهَا مِنْ الْكُوعِ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ (اهـ) . قَوْلُهُ:[وَقَالَ أَشْهَبُ: فِيهِمَا الدِّيَةُ] : أَيْ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ بُدُوِّ الْعَظْمِ وَعَدَمِهِ كَمَا فَصَلُوا فِي شُفْرَيْهَا.
قَوْلُهُ: [فَفِي قَلْعِهَا دِيَتُهَا] أَيْ إنْ كَانَ خَطَأً فَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ.
قَوْلُهُ: [وَعَسِيبِ حَشَفَةٍ] : إطْلَاقُ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ إذْ قَصَبَةُ الذَّكَرِ، إنَّمَا يُقَالُ لَهَا عَسِيبٌ مَعَ وُجُودِ الْحَشَفَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ فِي عَسِيبِ الذَّكَرِ حُكُومَةً نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
قَوْلُهُ: [أَنَّ فِي الْعَسِيبِ دِيَةً] : أَيْ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ بِهِ فَتَحْصُلُ بِهِ اللَّذَّةُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فِي إزَالَةِ شَعْرِهِ حُكُومَةٌ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.
(وَهُدْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ: الشَّعْرُ عَلَى شَفْرِ الْعَيْنِ.
(فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ جَمِيلَهَا بِدُونِ اكْتِحَالٍ ". وَمَحِلُّ الْحُكُومَةِ فِي شَعْرِ الْحَاجِبِ وَالْهُدْبِ: إنْ لَمْ يُنْبِتْ، وَإِلَّا فَفِي عَمْدِهِ الْأَدَبُ فَقَطْ. .
(وَظُفْرٍ) : فِي قَلْعِهِ خَطَأً حُكُومَةٌ (وَفِي عَمْدِهِ) : أَيْ قَطْعُ الظُّفْرِ (الْقِصَاصُ) بِخِلَافِ عَمْدِ غَيْرِهِ فَالْأَدَبُ. .
(وَإِفْضَاءٍ) بِالْجَرِّ: عَطْفٌ عَلَى مَا فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَهُوَ إزَالَةُ الْحَاجِزِ الَّذِي بَيْنَ مَحِلِّ الْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ، وَمِثْلُهُ اخْتِلَاطُ مَحِلِّ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ أَنْ يَغْرَمَ مَا عَابَهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ بِأَنْ يُقَالَ: مَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُفْضَاةٍ؟ فَيَغْرَمُ النَّقْصَ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْفِعْلُ مِنْ الزَّوْجِ فَيُلْحَقُ بِالْخَطَأِ لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِي الْفِعْلِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فُضَّ مَالُهُ، وَاسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ فِي الْإِفْضَاءِ الدِّيَةَ.
(وَلَا يَنْدَرِجُ) الْإِفْضَاءُ (تَحْتَ مَهْرٍ) : بَلْ يَغْرَمُ الْحُكُومَةَ مَعَ الصَّدَاقِ زَوْجًا أَوْ أَجْنَبِيًّا غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا. .
(بِخِلَافِ) إزَالَةِ (الْبَكَارَةِ) مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْغَاصِبِ فَلَا يَغْرَمُ لِلْبَكَارَةِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ إلَّا بِإِزَالَتِهَا فَهِيَ مِنْ لَوَاحِقِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ.
(إلَّا) إنْ أَزَالَهَا (بِأُصْبُعِهِ) فَلَا تَنْدَرِجُ فِي الْمَهْرِ زَوْجًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْحُكُومَةُ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ، وَهِيَ مَعَ الْمَهْرِ إنْ وَطِئَ أَمَّا الزَّوْجُ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ عَمْدِ غَيْرِهِ فَالْأَدَبُ] : مُرَادُهُ بِالْغَيْرِ شَعْرُ الْحَاجِبِ وَالْهُدْبِ. وَقَوْلُهُ: [فَالْأَدَبُ] : أَيْ مَعَ الْحُكُومَةِ إنْ لَمْ يُنْبِتْ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [بِالْجَرِّ] : صَوَابُهُ الرَّفْعُ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْيَدِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ.
قَوْلُهُ: [وَاسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ بِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ اللَّذَّةِ، وَلَا تُمْسِكُ الْوَدْيَ وَلَا الْبَوْلَ إلَى الْخَلَاءِ، وَلِأَنَّ مُصِيبَتَهَا أَعْظَمُ مِنْ قَطْعِ الشُّفْرَيْنِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِمَا كَذَا فِي بْن.
الْبَكَارَةِ الَّتِي أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ حَيْثُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ بَنَى وَطَلَّقَ فَتَنْدَرِجُ فِي الْمَهْرِ، فَإِنْ أَمْسَكَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِزَالَةُ الْبَكَارَةِ بِالْأُصْبُعِ حَرَامٌ فَيُؤَدَّبُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ. .
(وَفِي) قَطْعِ (كُلِّ أُصْبُعٍ) : خَطَأً مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ إبْهَامًا أَوْ خِنْصَرًا مِنْ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ (عُشْرُهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ: أَيْ عُشْرُ دِيَةِ مَنْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ، فَيَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ. وَالْإِبِلَ وَغَيْرَهَا مُخَمَّسَةً وَمُرَبَّعَةً. .
(وَ) فِي قَطْعِ (الْأُنْمُلَةِ) خَطَأً (ثُلُثُهُ) : أَيْ ثُلُثُ الْعُشْرِ: وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ بَعِيرٍ مِنْ الْإِبِلِ (إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (فَنِصْفٌ) : أَيْ نِصْفُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا، وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسِنَاتِ الْأَرْبَعِ. وَتَقَدَّمَ الشُّفْعَةُ فِي الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ بِأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ أَوْ مُعَارَةٍ وَالشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ، وَالرَّابِعَةُ تَأْتِي: وَهِيَ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ. .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [حَيْثُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ] : أَيْ وَيُتَصَوَّرُ فِعْلُهُ بِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ فَعَلَهُ بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ خَلْوَةٌ.
قَوْلُهُ: [خَطَأً] : مِثْلُهُ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ، إمَّا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ أَوْ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ] : لَا يُقَالُ شُمُولُهُ لِلْأُنْثَى يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ مُسَاوَاةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا لِأَنَّنَا نَقُولُ مَا يَأْتِي كَالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا هُنَا.
قَوْلُهُ: [وَمُرَبَّعَةً] : أَيْ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي ح نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ أَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالْجِرَاحِ تُؤْخَذُ مُخَمَّسَةً وَلَا تُرَبَّعُ دِيَةُ الْعَمْدِ إلَّا فِي النَّفْسِ. وَفِي الْحَقِيقَةِ هُمَا طَرِيقَتَانِ.
قَوْلُهُ [وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ بَعِيرٍ] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا فِي الْإِبْهَامِ] : أَيْ خِلَافًا لِبَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ حَيْثُ قَالُوا: فِي الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُ الْعُشْرِ وَلَوْ فِي الْإِبْهَامِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ] : أَيْ بِالنَّسِيَةِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْله: [أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا] : أَيْ لِأَهْلِ الذَّهَبِ وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَهْلِ الْفِضَّةِ.
قَوْلُهُ: [الْمُسْتَحْسَنَاتُ الْأَرْبَعُ] : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي بَابِ الشُّفْعَةِ.