الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّفِينَةِ بِالْمُحَاسَبَةِ فِيهَا بِنِسْبَةِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْكِرَاءَ فِيهَا لَازِمٌ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ.
(وَرُكْنُهَا) : أَيْ الْجَعَالَةِ أَيْ أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ (كَالْإِجَارَةِ) : الْعَاقِدُ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَبِهِ، مَا يَدُلُّ مِنْ صِيغَةٍ.
(وَشَرْطُهَا) : أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: (عَدَمُ شَرْطِ النَّقْدِ) لِلْجُعْلِ فَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهَا لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَأَمَّا تَعْجِيلُهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَا يُفْسِدُهَا. (وَ) الثَّانِي: عَدَمُ شَرْطِ (تَعْيِينِ الزَّمَنِ) بِأَنْ شَرَطَ عَدَمَ التَّعْيِينِ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَإِنْ شَرَطَ تَعْيِينَهُ، كَإِنْ تَأْتِنِي بِالْآبِقِ أَوْ تَحْفِرْ لِي الْبِئْرَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ كَذَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ، فَقَدْ يَنْقَضِي الزَّمَنُ قَبْلَ التَّمَامِ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا فَفِيهِ زِيَادَةُ غَرَرٍ، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْغَرَرُ. وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِإِذْنِ الشَّارِعِ بِهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْأَوَّلُ؟ هَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ] : أَيْ فَلَمَّا كَانَ عَقْدُهَا مُنْحَلًّا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ بَعْدَ الْعَمَلِ صَارَ تَرْكُهُ لِلْإِتْمَامِ إبْطَالًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَصَارَ الثَّانِي كَاشِفًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَوَّلُ كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ.
[أَرْكَانُ الْجَعَالَةِ]
قَوْلُهُ: [الْعَاقِدُ] : أَيْ وَتَحْتَهُ شَخْصَانِ الْجَاعِلُ وَالْمُجَاعِلُ
وَقَوْلُهُ: [وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ] : هُوَ تَحْصِيلُ الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ.
وَقَوْلُهُ: [وَبِهِ] : هُوَ الْعِوَضُ.
وَقَوْلُهُ: [مِنْ صِيغَةٍ] : بَيَانٌ لِمَا يَدُلُّ وَلَا يُشْرَطُ فِيهَا اللَّفْظُ كَالْإِجَارَةِ.
[شُرُوط الْجَعَالَة]
قَوْلُهُ: [وَشَرْطُهَا] : أَيْ الْجَعَالَةِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى تِلْكَ الْأَرْكَانِ.
قَوْلُهُ: [لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ] : أَيْ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا احْتِمَالًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ شَرَطَ تَعْيِينَهُ] : أَيْ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَعْيِينَهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْعَامِلَ] إلَخْ: تَعْلِيلٌ لِوَجْهِ الْفَسَادِ.
قَوْلُهُ: [لِإِذْنِ الشَّارِعِ بِهَا] : أَيْ وُرُودِ النَّصِّ فِيهَا بِالْخُصُوصِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(إلَّا بِشَرْطِ التَّرْكِ مَتَى شَاءَ) : أَيْ أَنَّ مَحِلَّ كَوْنِ شَرْطِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ مُفْسِدًا مَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ أَنَّ لَهُ التَّرْكَ مَتَى شَاءَ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ أَوْ شُرِطَ لَهُ ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَجَعَ فِيهَا حِينَئِذٍ لِأَصْلِهَا مِنْ عَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَانِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَدْ صَارَ تَعْيِينُهُ مُلْغَى. وَاشْتَرَطَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَحْوِ الْآبِقِ أَنْ لَا يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِمَحَلِّهِ، وَمَنْ عَلِمَهُ دُونَ صَاحِبِهِ فَهُوَ غَارٌّ، فَإِنْ عَلِمَ الْعَامِلُ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ عَمَلِ مِثْلِهِ وَالْمُسَمَّى وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ.
(وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَيْسَ بِلَازِمٍ. (وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ فَقَطْ) دُونَ الْعَامِلِ (بِالشُّرُوعِ) فِي الْعَمَلِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجُعْلَ يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ.
(وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ) قَوْلَ الْجَاعِلِ: مَنْ أَتَانِي بِعَبْدِي أَوْ بَعِيرِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَهُ كَذَا. وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: أَنْ يَقَعَ مِنْ الْجَاعِلِ قَوْلٌ بِذَلِكَ وَلَمْ يَسْمَعْهُ هَذَا الَّذِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ] : تَأَمَّلْ فِي هَذَا الْقَيْدِ، فَإِنَّ الْعَامِلَ لَهُ الْحِلُّ عَنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا اشْتَرَطَ لَهُ الْحِلَّ أَمْ لَا فَكَيْفَ يَصِحُّ عِنْدَ الشَّرْطِ وَيَفْسُدُ عِنْدَ السُّكُوتِ عَلَيْهِ؟ وَأَجَابَ عَنْهُ الْخَرَشِيُّ بِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ دَخَلَ عَلَى التَّمَامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّرْكُ وَحِينَئِذٍ فَغَرَرُهُ قَوِيٌّ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَقَدْ دَخَلَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَغَرَرُهُ خَفِيفٌ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَلَهُ الْأَقَلُّ] إلَخْ: هَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، إنَّمَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ عَلِمَهُ رَبُّهُ فَقَطْ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى وَجُعْلُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَاهُ مَعًا فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ جُعْلَ مِثْلِهِ نَظَرًا لِسَبْقِ الْجَاعِلِ بِالْعَدَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ] : أَيْ التَّرْكُ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرَ اللَّازِمِ لَا يُطْلَقُ عَلَى تَرْكِهِ فَسْخٌ إلَّا بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ، إذْ حَقُّ الْفَسْخِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي تَرْكِ الْأَمْرِ اللَّازِمِ وَالْعَلَاقَةِ الْمُشَابِهَةِ فِي الْجَمِيعِ.
قَوْلُهُ: [وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ] : الْمُرَادُ بِهِ مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَهُ فَقَطْ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَلْتَزِمْ جُعْلًا وَظَاهِرُهُ اللُّزُومُ لِلْجَاعِلِ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ فِيمَا لَا بَالَ لَهُ.
أَتَى بِهِ مِنْ الْقَائِلِ وَلَا بِالْوَاسِطَةِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ قَوْلٌ أَصْلًا. فَفِي الصُّورَتَيْنِ. (جُعْلَ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَهُ) : أَيْ كَانَ عَادَتُهُ الْإِتْيَانَ بِالْإِبَاقِ أَوْ غَيْرِهَا؛ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اعْتَادَ جَلْبَ مَا ضَلَّ إذَا أَتَى بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ رَبَّهَا فَإِنْ سَمِعَهُ فَلَهُ مَا سَمَّى. (وَلِرَبِّهِ) : أَيْ الْآبِقِ مَثَلًا (تَرْكُهُ لَهُ) : أَيْ لِلْعَامِلِ الَّذِي شَأْنُهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ رَبُّهُ لَهُ جُعْلَ الْمِثْلِ. فَإِنْ الْتَزَمَ لَهُ الْجُعْلَ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ جُعْلِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ. وَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ رَبِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهُ سَمَّى شَيْئًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَلَهُ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا بِالْوَاسِطَةِ] : عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَا بِنَفْسِهِ لَا بِالْوَاسِطَةِ.
قَوْلُهُ: [بِالْإِبَاقِ] : بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ جَمْعُ آبِقٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرِهَا] : أَيْ كَالْإِتْيَانِ بِالضَّوَالِّ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَمِعَهُ فَلَهُ مَا سَمَّى] : أَيْ كَانَ قَدْرَ جُعْلِ الْمِثْلِ أَوْ لَا كَانَ عَادَتُهُ طَلَبَ الْإِبَاقِ أَوْ لَا.
وَقَوْلُهُ: [فَإِنْ الْتَزَمَ لَهُ الْجُعْلَ لَزِمَهُ] : شَرْطٌ وَجَوَابٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ مِنْ هُنَا لِإِيهَامِهِ خِلَافَ الْمُرَادِ مَعَ كَوْنِهِ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ مَا يُفِيدُهُ. وَاخْتُلِفَ إذَا الْتَزَمَ رَبُّهُ جُعْلًا وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْآتِي بِهِ فَهَلْ كَذَلِكَ لِرَبِّهِ تَرْكُهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ؟ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَنَازَعَهُ (ر) بِأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جُعْلَ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَ طَلَبَ الْإِبَاقِ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ (بْن) .
قَوْلُهُ: [فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ] إلَخْ: جَوَابُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ] : مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ، وَمَعْنَاهُ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ الْعَامِلُ الْمُعْتَادُ لِطَلَبِ الْإِبَاقِ قَوْلَ رَبِّهِ مَنْ يَأْتِينِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا وَأَتَى بِهِ فَاخْتَارَ رَبُّهُ تَرْكَهُ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ كَلَامٌ بِحَيْثُ يَقُولُ لَا آخُذُ إلَّا جُعْلَ الْمِثْلِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ] : أَيْ أَوْقَعَهُ فِي التَّعَبِ.