الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ حَيْثُ لَا مَانِعَ كَبَنْقَدَ عَنْ إبِلٍ - حَالٍّ، أَمَّا لَوْ وُجِدَ مَانِعٌ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ مَالٌ مُتَقَرِّرٌ فِي الذِّمَّةِ وَمَا صُولِحَ بِهِ عَنْهَا مَالٌ مَأْخُوذٌ عَنْهَا، فَيَجِبُ مَا يَجُوزُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ؛ فَلَا يَجُوزُ صُلْحٌ عَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ وَعَكْسُهُ لِأَنَّهُ نَسِيئَةٌ فِي الصَّرْفِ وَلَا أَحَدُهُمَا عَنْ إبِلٍ وَعَكْسُهُ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَا بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ نَقْدًا، لِأَنَّ فِيهِ: ضَعًّا وَتَعَجُّلًا، وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجَلِهَا لِلسَّلَفِ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْجَانِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّلْحِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْجُرْحِ
(وَ
قُتِلَ) الْقَاتِلُ (بِمَا قَتَلَ) بِهِ
(وَلَوْ نَارًا) عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَقَّ فِي الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ] : أَيْ فَالْخَطَأُ مُبْتَدَأٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ فِي حُكْمِهِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ.
قَوْلُهُ: [حَالٍّ] : صِفَةٌ لِنَقْدٍ، وَأَمَّا بِنَقْدٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ الْإِبِلِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِإِبِلٍ بَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ مُعَجَّلٍ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَعٌّ وَتَعَجُّلٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ نَسِيئَةٌ فِي الصَّرْفِ] : أَيْ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: [مُؤَجَّلًا] : رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَحَدُهُمَا.
قَوْلُهُ: [نَقْدًا] : أَيْ مُعَجَّلًا قَبْلَ مَجِيءِ أَجَلِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجَلِهَا] : فِي الْكَلَامِ سَقْطٌ وَالْأَصْلُ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا.
قَوْلُهُ: [لِلسَّلَفِ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ] : الْمُرَادُ بِالسَّلَفِ التَّأْخِيرُ فِي الْأَجَلِ وَزِيَادَةُ الْجَانِي ظَاهِرَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّلْحِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْجُرْحِ] : أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ
[قَتْلَ الْقَاتِلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ نَارًا] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ بِهِ نَارًا وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالنَّارِ لِحَدِيثِ: «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» . فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّعْذِيبِ بِهَا.
قَوْلُهُ: [فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ] : تَسْمِيَةُ الْقِصَاصِ اعْتِدَاءً
بِمِثْلِ مَا قَتَلَ بِهِ الْجَانِي فَلَا يُنَافِي قَوْلُهُ بَعْدَ: " وَمُكِّنَ " إلَخْ.
وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَقُتِلَ " أَنَّ الْجُرْحَ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِذَا أَوْضَحَ بِحَجَرٍ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْأَخَفِّ كَالْمُوسَى. وَمَحْمَلُ الْمُصَنِّفِ: حَيْثُ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ. أَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
(إلَّا) أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ (بِخَمْرٍ) : فَيَتَعَيَّنُ قَتْلُ الْجَانِي بِالسَّيْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
(وَ) كَذَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِ (لِوَاطٍ) إذْ لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ.
(وَسِحْرٍ) ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَنَّهُ قَتَلَ بِهِ فَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ وَلَا يَلْزَمُ بِفِعْلِ السِّحْرِ مَعَ نَفْسِهِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى الرَّاجِحِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مُشَاكَلَةٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاعْتِدَاءِ الْخُرُوجُ عَنْ الْحُدُودِ وَهُوَ فَاحِشَةٌ وَاَللَّهُ لَا يَأْمُرُ بِهَا.
قَوْلُهُ: [بِمِثْلٍ مَا قَتَلَ بِهِ الْجَانِي] : أَيْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ إلَّا بِخَمْرٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [أَنَّ الْجُرْحَ] : أَيْ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ.
قَوْلُهُ: [فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْأَخَفِّ] : حِفْظًا لِلنُّفُوسِ.
قَوْلُهُ: [فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ] : أَيْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِسُهُولَتِهِ وَلِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثِلِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ بِخَمْرٍ] : أَيْ بِأَنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِهِ حَتَّى مَاتَ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِلِوَاطٍ] : أَيْ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ بِالسَّيْفِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ بَلْ رَجَعَ عَنْهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ لِأَنَّ قَبُولَ رُجُوعِهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ رَجْمِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لِإِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ وَرُجُوعُهُ لَا يَنْفِي عَنْهُ الْقِصَاصَ. قَالَ الْبِسَاطِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يُقْتَلُ بِلِوَاطٍ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ لَهُ خَشَبَةٌ فِي دُبُرِهِ حَتَّى يَمُوتَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِيفَاءُ بِاللِّوَاطِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ] إلَخْ: حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِلِوَاطٍ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ إذْ لَوْ اسْتَمَرَّ أَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَلْزَمُ بِفِعْلِ السِّحْرِ مَعَ نَفْسِهِ] : أَيْ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ الْقَائِلِ: إنَّهُ إذَا أَقَرَّ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ.
(وَمَا يَطُولُ) : كَمَنْعِ طَعَامٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ نَخْسَةٍ بِإِبْرَةٍ حَتَّى مَاتَ عَلَى الرَّاجِحِ؛ فَلَا يُفْعَلُ بِالْجَانِي ذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى كَوْنِهِ يُقْتَلُ بِمَا قُتِلَ بِهِ قَوْلُهُ: (فَيُغْرَقُ) إنْ صَدَرَ مِنْهُ الْقَتْلُ بِالْغَرَقِ.
(وَيُخْنَقُ) : إنْ صَدَرَ مِنْهُ الْقَتْلُ بِالْخَنْقِ.
(وَبِحَجَرٍ) فَإِذَا قَتَلَ بِضَرْبٍ بِحَجَرٍ فَيُقْتَلُ بِضَرْبٍ بِحَجَرٍ.
(وَيُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ) حَيْثُ قَتَلَ بِضَرْبٍ بِعَصًا فَيُضْرَبُ بِعَصًا حَتَّى يَمُوتَ (وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ) لِلْقِصَاصِ (مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا) كَانَ الْقَتْلُ مِنْ الْجَانِي بِهِ أَوْ غَيْرِهِ، لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ.
(وَانْدَرَجَ طَرَفٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ فَقْءِ عَيْنٍ مِنْ شَخْصٍ ثُمَّ قَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي النَّفْسِ (إنْ تَعَمَّدَهُ) الْجَانِي: أَيْ تَعَمَّدَ الطَّرَفَ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الطَّرَفِ خَطَأً فَلَا تَنْدَرِجُ فِي النَّفْسِ بَلْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِلطَّرَفِ ثُمَّ الْقِصَاصُ، هَذَا إذَا كَانَ الطَّرَفُ مِنْ الْمَقْتُولِ بَلْ:(وَإِنْ) كَانَ الطَّرَفُ (لِغَيْرِهِ) : أَيْ لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ؛ كَقَطْعِ يَدِ شَخْصٍ وَفَقْءِ عَيْنِ آخَرَ وَقَتْلِ آخَرَ عَمْدًا فَتَنْدَرِجُ الْأَطْرَافُ فِي النَّفْسِ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ ثُمَّ يُقْتَلُ.
وَمَحَلُّ انْدِرَاجِ طَرَفِ الْمَقْتُولِ فِي النَّفْسِ: (إنْ لَمْ يَقْصِدْ) الْجَانِي (مُثْلَةً)
ــ
[حاشية الصاوي]
تَنْبِيهٌ
اُخْتُلِفَ فِي الْقَتْلِ بِالسُّمِّ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ وَيُجْتَهَدُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ أَوْ لَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ؟ تَأْوِيلَانِ.
قَوْلُهُ: [كَمَنْعِ طَعَامٍ] : دَخَلَتْ تَحْتَ الْكَافِ قَتْلُهُ بِالسَّلْخِ أَوْ بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. قَوْلُهُ: [فَيُقْتَلُ بِضَرْبٍ بِحَجَرٍ] : أَيْ فِي مَحَلِّ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ.
قَوْلُهُ: [فَيُضْرَبُ بِعَصًا حَتَّى يَمُوتَ] : مُرَادُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصَرُ عَلَى مِقْدَارِ ضَرْبِ الْجَانِي بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَوْتِهِ بِالضَّرْبِ. قَوْلُهُ: [مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي قَتَلَ بِشَيْءٍ أَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ: إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْجَانِي قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ كَلَحْسِ فَصٍّ وَإِلَّا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ