الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُوجِبُ الْقِصَاصِ ثَلَاثَةٌ: جَانٍ: وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالْعِصْمَةُ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَزْيَدَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ.
وَمَجْنِيٌّ عَلَيْهِ: وَشَرْطُهُ الْعِصْمَةُ وَالْمُكَافَأَةُ لِلْجَانِي أَوْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَا أَنْقَصَ مِنْهُ.
وَجِنَايَةٌ: وَشَرْطُهَا الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ.
وَإِلَى بَيَانِ ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ) : أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رَقِيقًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ سَكْرَانَ بِحَرَامٍ؛ فَلَا قِصَاصَ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ جَنَى حَالَ جُنُونِهِ. فَإِنْ جَنَى حَالَ إفَاقَتِهِ اُقْتُصَّ مِنْهُ، فَإِنْ جُنَّ اُنْتُظِرَ حَتَّى يُفِيقَ فَإِنْ لَمْ يُفِقْ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ. وَالسَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ.
(غَيْرُ حَرْبِيٍّ) : نَعْتٌ " لِمُكَلَّفٍ ". وَغَيْرُ الْحَرْبِيِّ: هُوَ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ. فَالْحَرْبِيُّ لَا يُقْتَلُ قِصَاصًا، بَلْ يُهْدَرُ دَمُهُ، وَلِذَا لَوْ أَسْلَمَ أَوْ دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ لَمْ يُقْتَلْ، فَقَوْلُهُ: غَيْرُ حَرْبِيٍّ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: " مَعْصُومٌ "
ــ
[حاشية الصاوي]
[مُوجِبُ الْقِصَاصِ وَشَرْطُهُ]
قَوْلُهُ: [وَمُوجِبُ الْقِصَاصِ ثَلَاثَةٌ] : الْمُنَاسِبُ أَرْكَانُ الْقِصَاصِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْخَرَشِيِّ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقِصَاصِ الْجِنَايَةُ بِشُرُوطِهَا وَهِيَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ.
قَوْلُهُ: [وَالْعِصْمَةُ] : أَيْ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ، فَالْمُرَادُ عِصْمَةٌ مَخْصُوصَةٌ.
قَوْلُهُ: [أَوْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ] : أَيْ كَمَا إذَا جَنَى عَبْدٌ مُسْلِمٌ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ، أَوْ جَنَى ذِمِّيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ.
قَوْلُهُ: [لَا أَنْقَصُ مِنْهُ] : أَيْ كَمَا لَوْ جَنَى حُرٌّ مُسْلِمٌ عَلَى عَبْدٍ أَوْ مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَى بَيَانِ ذَلِكَ] : اسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى مُوجِبِ الْقِصَاصِ الَّذِي تَقَدَّمَ، فَقَوْلُهُ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَسَيَأْتِي الثَّانِي فِي قَوْلِهِ مَعْصُومًا.
قَوْلُهُ: [وَالسَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ] : أَيْ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
قَوْلُهُ: [فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا مَعْصُومٌ] : أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ لَنَا مِنْ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَكُونُ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ
(وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ) عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ مُمَاثِلًا لَهُ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ - فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى وَبِالذَّكَرِ الْمُمَاثِلِ لَهَا، وَعَكْسُهُ. وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ وَالذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ وَلَوْ رَقِيقًا.
(حِينَ الْقَتْلِ) : مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْجَانِي أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِمَا ذُكِرَ حِينَ الْقَتْلِ، لَا قَبْلَهُ فَقَطْ وَلَا بَعْدَهُ.
وَمَفْهُومُ: " لَا زَائِدَ " أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْجَانِيَ لَوْ كَانَ زَائِدًا عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ مُسْلِمٌ بِرَقِيقٍ وَلَا بِذِمِّيٍّ، وَلَا يُقْتَلُ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِأَنْ مُمَاثِلًا لَهُ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ وَسَقَطَ مِنْهَا لَفْظُ كَانَ، وَالْمُرَادُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَضِدَّيْهِمَا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الذُّكُورَةِ وَلَا فِي الْأُنُوثَةِ.
قَوْلُهُ: [فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ] إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ إلَى آخِرِ مَا قُلْنَاهُ.
قَوْلُهُ: [وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ] : أَيْ الْمُسْتَوِيَيْنِ فِي الدِّينِ أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا وَالْقَاتِلُ ذِمِّيًّا وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى مَا قِيلَ فِي الْعَبْدِ بِالْعَبْدِ.
قَوْلُهُ: [وَبِالذَّكَرِ الْمُمَاثِلِ لَهَا] : أَيْ إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً.
وَقَوْلُهُ: [وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ] إلَخْ: مِثَالٌ لِكَوْنِ الْجَانِي أَنْقَصَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الدِّينِ، أَوْ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا وَالْقَاتِلُ ذِمِّيًّا لَا الْعَكْسُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ رَقِيقًا] : أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ الْمَقْتُولُ رَقِيقًا وَالذِّمِّيُّ الْقَاتِلُ حُرًّا لِأَنَّ خَيْرِيَّةَ الدِّينِ أَفْضَلُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ.
قَوْلُهُ: [حِينَ الْقَتْلِ] : الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْتُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْجَانِي لِلْقِصَاصِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَقْتَ الْقَتْلِ أَيْ إزْهَاقِ الرُّوحِ، فَلَوْ قَتَلَ مَعْصُومًا وَهُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ زَائِدُ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا قِصَاصَ. وَلَوْ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ أَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ ذَلِكَ، وَلَوْ رَمَى عَبْدًا وَجَرَحَ مِثْلَهُ ثُمَّ عَتَقَ الْجَانِي فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ زَائِدُ حُرِّيَّةٍ، وَكَذَا لَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ مِثْلَهُ أَوْ جَرَحَهُ وَأَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
بِذِمِّيٍّ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْلَى مِنْ حُرِّيَّةِ الذِّمِّيِّ، وَالْأَعْلَى لَا يُقْتَلُ بِالْأَدْنَى. وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِقِيمَةِ رَقِيقٍ أَوْ دِيَةٍ.
وَالْكَلَامُ هُنَا فِي غَيْرِ قَتْلِ الْغِيلَةِ. وَأَمَّا فِيهَا: فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ: " إلَّا الْغِيلَةَ ". وَحَذَفْنَا هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ حُكْمَ الْغِيلَةِ سَيَأْتِي مُسْتَقِلًّا بِفَصْلٍ.
وَقَوْلُهُ (مَعْصُومًا) : مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ " أَتْلَفَ " وَهُوَ إشَارَةٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَشُرُوطُهُ: أَيْ إنْ أَتْلَفَ الْمُكَلَّفُ الْمَذْكُورُ مَعْصُومًا مُكَلَّفًا أَمْ لَا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ بَلْ الْعِصْمَةُ، فَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ، فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ بِالِارْتِدَادِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ زِيَادَةِ الْجَانِي بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ أَنْقَصَ مِنْ الْجَانِي، فَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ قَدَّمَ مِثَالَهُ.
(لِلتَّلَفِ) مُتَعَلِّقٌ " بِمَعْصُومٍ ": أَيْ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ: أَيْ مِنْ وَقْتِ الضَّرْبِ أَوْ الرَّمْيِ بِالسَّهْمِ لِلْمَوْتِ؛ فَمَنْ ضَرَبَ أَوْ رَمَى مَعْصُومًا فَارْتَدَّ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ لَمْ يُقْتَصَّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِمَّا يَتَعَلَّقُ] إلَخْ: بَيَانٌ لِحُكْمٍ.
قَوْلُهُ: [فِي غَيْرِ قَتْلِ الْغِيلَةِ] : بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: وَهِيَ قَتْلٌ لِأَخْذِ الْمَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَلِذَا قَالَ مَالِكٌ: لَا عَفْوَ فِيهِ وَلَا صُلْحَ، وَصُلْحُ الْوَلِيِّ مَرْدُودٌ وَالْحُكْمُ فِيهِ لِلْإِمَامِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [مَعْصُومًا] : صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَخْصًا مَعْصُومًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ] : أَيْ الْمُرْتَدِّ.
وَقَوْلُهُ: [لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ بِالِارْتِدَادِ] : تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ مِنْ قَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَتَرَكَ التَّعْلِيلَ لِلْحَرْبِيِّ لِظُهُورِهِ، لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ دَمُهُ هَدَرٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ يُسَوَّغُ لَهُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ. بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَقَتْلُهُ لَيْسَ إلَّا لِلْحَاكِمِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ فِيهِ الْقِصَاصُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثَالُهُ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ مُسْلِمٌ بِرَقِيقٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [أَيْ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ] : الْأَوْضَحُ حَذْفُ قَوْلِهِ لِلتَّلَفِ وَأَيْ الَّتِي بَعْدَهَا.