الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَتَعَيَّنَ " عِلَّةً لِلنَّفْيِ - أَيْ عَدَمِ الْجَوَازِ لَا لِلْمَنْفِيِّ - أَيْ مُنْتَقِبَةٍ
(وَ) جَازَتْ الشَّهَادَةُ مِنْ عَدْلَيْنِ عِنْدَ حَاكِمٍ (بِسَمَاعٍ فَشَا) بَيْنَ النَّاسِ أَيْ اشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ وَتُسَمَّى شَهَادَةَ السَّمَاعِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَقَبٌ لِمَا يُصَرِّحُ الشَّاهِدُ فِيهِ بِاسْتِنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْلِ (عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ) فَتَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ (بِمِلْكٍ) مُتَعَلِّقٍ بِ " سَمَاعٍ " أَيْ تَشْهَدُ بِسَمَاعِهِمْ بِمِلْكِ الشَّيْءِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِحَائِزٍ) لَهُ، لَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَوْزِهِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَشْهَدَ بِهِ لِغَيْرِ حَائِزِهِ (بِ: لَمْ) أَيْ بِقَوْلِهِمْ لِلْحَاكِمِ: لَمْ (نَزَلْ نَسْمَعُ مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الشَّيْءُ الَّذِي فِي حَوْزِهِ (لَهُ) أَيْ لِهَذَا الْحَائِزِ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَالْبَاجِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَغَيْرُهُمْ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عِلَّةً لِلنَّفْيِ] : فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ: لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا وَشَخْصِهَا قَوْلُهُ: [لَا لِلْمَنْفِيِّ] : إلَخْ: أَيْ لِفَسَادِ الْمَعْنَى
1 -
تَنْبِيهٌ:
إنْ طَلَبَ الشُّهُودُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى امْرَأَةٍ فَقَالُوا: أَشْهَدَتْنَا مُنْتَقِبَةٌ وَنَحْنُ نَعْرِفُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لَا نَعْرِفُهَا قَلَّدُوا وَعُمِلَ بِجَوَابِهِمْ فِي تَعْيِينِهَا، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَا يُتَّهَمُونَ. فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ غَيْرِ الْمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهَا وَقَلَّدُوا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودَ عَلَى ذَاتِ امْرَأَةٍ فَأَنْكَرَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ: لَا يَعْرِفُونَ ذَاتِي خُلِطَتْ بِنِسَاءٍ وَقِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا، فَإِنْ عَيَّنُوهَا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمْ.
وَالدَّابَّةُ وَالرَّقِيقُ كَالْمَرْأَةِ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ خُلِطَ بِغَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُ مَا شَهِدُوا بِهِ حَيْثُ غَلَّطَهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَ (بْن) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَ.
[الشَّهَادَة بِفَشْوِ السَّمَاع]
قَوْلُهُ: [فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْلِ] : أَمَّا خُرُوجُ شَهَادَةِ الْبَتِّ فَلِعَدَمِ اسْتِنَادِهِ لِشَيْءٍ أَصْلًا، وَأَمَّا شَهَادَةُ النَّقْلِ فَبِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهَا سَمَاعٌ مِنْ مُعَيَّنٍ.
قَوْلُهُ: [عَلَى ذَلِكَ] : أَيْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: [بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ] : أَيْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ ابْنُ فَتُّوحٍ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَا تَكْمُلُ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ فِيهَا أَهْلُ الْعَدْلِ وَغَيْرُهُمْ، عَلَى هَذَا مَضَى عَمَلُ النَّاسِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ: يَكْفِي أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ، وَشَهَرَ أَيْضًا وَاعْلَمْ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ إذْ الْأَصْلُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِمَا عَلِمَ مِمَّا تُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَإِذَا شَهِدَتْ بِسَمَاعِ الْمِلْكِ لِحَائِزٍ لَمْ يُنْزَعْ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَلَا طُولَ الْحِيَازَةِ - خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ - فَإِنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا سَبَقَ فَهْمُهُ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ بِلَا تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ فِي بَيِّنَةِ الْبَتِّ بِالْمِلْكِ، وَسَتَأْتِي لَهُ فِي الْحِيَازَةِ بِقَوْلِهِ:" وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ " إلَخْ - ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي.
(وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ) بِالْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ؛ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ لِهَذَا الْحَائِزِ، وَشَهِدَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَشَهَرَ أَيْضًا] : اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الثَّابِتَ فِي نُطْقِ الشُّهُودِ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا اعْتِمَادُهُمْ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ: الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ أَيْضًا فَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إلَّا إذَا اعْتَمَدَ الشُّهُودُ عَلَى سَمَاعٍ فَاشٍ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يَكْفِي فِي قَبُولِهَا اعْتِمَادُهُمْ عَلَى سَمَاعٍ فَاشٍ مِنْ الثِّقَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَقُولُ: الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي نُطْقِ الشُّهُودِ، أَمَّا الِاعْتِمَادُ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ الْفَاشِيِّ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي مَالَ إلَيْهَا (بْن) حَيْثُ قَالَ: الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّعَلُّقِ لَا فِي الِاعْتِمَادِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [مِمَّا تُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُ] : أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ.
قَوْلُهُ: [خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ] : يَعْنِي خَلِيلًا حَيْثُ قَالَ: " وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ بِمِلْكِ الْحَائِزِ وَتَصَرُّفٍ طَوِيلٍ "(اهـ) .
قَوْلُهُ: [ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي] : مُرَادُهُ بِهِ (بْن) نَقْلًا عَنْ (ر) .
قَوْلُهُ: [أَوْ أَهَذَا الْعَبْدُ] : هَكَذَا نُسْخَةُ الْمُؤَلِّفِ بِهَمْزَةٍ قَبْلَ هَذَا وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ حَذْفُ تِلْكَ الْهَمْزَةِ
أُخْرَى بَتًّا بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَدَّعِيهِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ وَنُزِعَ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ، وَأُعْطِيَ لِمَنْ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ بِبَيِّنَةِ الْبَتِّ.
(إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِنَقْلِ الْمِلْكِ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ (مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ) الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةَ الْبَتِّ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ: يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْبَتِّ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ قَدْ انْتَقَلَ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ مِنْ أَبِي الْقَائِمِ أَوْ جَدِّهِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ. وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ صَاحِبَ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ حَائِزٌ لِلشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ.
وَالْكَلَامُ فِي حِيَازَةٍ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ، إمَّا لِقَصْرِهَا، وَإِمَّا لِكَوْنِ الْمُدَّعِي الْقَائِمِ عَلَى الْحَائِزِ كَانَ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا قَامَ بِهِ مَانِعٌ. وَأَمَّا الْحَاضِرُ الَّذِي لَا مَانِعَ لَهُ إذَا سَكَتَ الْعَشْرَ سِنِينَ فَلَا تُسْمَعُ لَهُ دَعْوَى وَلَا بَيِّنَةٌ فِي الْعَقَارِ. وَكَذَا غَيْرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَهَاهُنَا بَحْثٌ قَوِيٌّ: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الْقَائِمِ عَلَى الْحَائِزِ مُجَرَّدَةً فَالْحَوْزُ كَافٍ فِي دَفْعِهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى بَيِّنَةٍ بِسَمَاعٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَ دَعْوَى الْقَائِمِ بَيِّنَةُ سَمَاعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا بَيِّنَةُ قَطْعٍ فَبَيِّنَةُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَنُزِعَ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ] : أَيْ وَالْكَلَامُ فِي حِيَازَةٍ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ وَإِلَّا لَمْ يُنْزَعْ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ] إلَخْ: نَحْصُلُ أَنَّهُ لَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَلَّا تَمْضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْمِلْكُ، وَأَلَّا تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِنَقْلِ الْمِلْكِ مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ حَاضِرًا قَامَ بِهِ مَانِعٌ] : أَيْ كَالْخَوْفِ مِنْ الْحَائِزِ.
قَوْلُهُ: [إذَا سَكَتَ الْعَشْرَ سِنِينَ] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَأَمَّا الْأَقَارِبُ فَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ. وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: [مُجَرَّدَةً] : أَيْ عَنْ بَيِّنَةِ الْبَتِّ أَوْ السَّمَاعِ.
قَوْلُهُ: [فِي دَفْعِهَا] : الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الدَّعْوَى.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَ مَعَهَا] : أَيْ مَعَ دَعْوَاهُ