الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا " إلَخْ أَيْ: أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ.
(فَإِنْ سَكَتَ) مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (زَمَنًا) مِنْ غَيْرِ إظْهَارِ نُكُولٍ (فَلَهُ الْحَلِفُ) وَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ نُكُولًا.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى
الْحِيَازَةِ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ
. وَالْحَائِزُ فِي كُلٍّ؛ إمَّا أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ، وَإِمَّا شَرِيكٌ، وَإِمَّا قَرِيبٌ فَقَالَ:(وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ) فِي الشَّيْءِ الْمُحَازِ (عَقَارًا) مَفْعُولُ " حَازَ ".
وَالْحِيَازَةُ: وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ (وَتَصَرَّفَ) فِيهِ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَطْعِ شَجَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالتَّصَرُّفُ فِي الرَّقِيقِ: بِالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَفِي الثِّيَابِ. زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ بِاللُّبْسِ وَالتَّقْطِيعِ. وَفِي الدَّوَابِّ: بِالرُّكُوبِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَكَتَ] : أَيْ وَأَوْلَى لَوْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِيَتَرَوَّى فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا وَالْإِحْجَامِ، ثُمَّ طَلَبَ الْحَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ
[الْحِيَازَةِ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ]
قَوْلُهُ: [ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْحِيَازَةِ] : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ وَإِنَّمَا أَلْحَقُوهَا بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا مَا تُسْمَعُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ، وَفِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهَا وَرُبَّمَا يَذْكُرُونَهَا مَعَ الْأَقْضِيَةِ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَقَعُ فِيهِ الْقَضَاءُ.
قَوْلُهُ [وَالْحَائِزُ فِي كُلٍّ] إلَخْ: أَيْ فَتَكُونُ الْأَقْسَامُ سِتَّةً وَسَيُوَضَّحُ تَفْصِيلُهَا، وَهَذَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الْقَرِيبِ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ وَإِلَّا فَتَكُونُ الْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةً.
قَوْلُهُ: [غَيْرَ شَرِيكٍ] : أَيْ لِلْمُدَّعِي.
وَقَوْلُهُ: [وَتَصَرَّفَ] : أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ التِّسْعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْعَقَارِ.
قَوْلُهُ: [بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ] : أَيْ كَثِيرَيْنِ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ لَا لَهُ أَوْ كَانَا يَسِيرَيْنِ عُرْفًا
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِ ذَلِكَ] : أَيْ كَفَتْقِ عَيْنٍ أَوْ إجْرَاءِ نَهْرٍ.
قَوْلُهُ: [وَالتَّصَرُّفُ فِي الرَّقِيقِ] إلَخْ: خُرُوجٌ عَنْ مَوْضِعِ الْمُصَنِّفِ فَحَقُّ تَصَرُّفَاتِ الرَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ تُذْكَرُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرِ الْعَقَارِ.
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِ ذَلِكَ] : أَيْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ.
قَوْلُهُ: [مِمَّا يَأْتِي فِيهِ] : أَيْ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِيجَارِ.
قَوْلُهُ: [بِالرُّكُوبِ] : أَيْ زِيَادَةَ مَا تَقَدَّمَ
وَنَحْوِهِ (ثُمَّ ادَّعَى) عَلَى الْحَائِزِ (حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ) لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ (عَشْرَ سِنِينَ) مَعْمُولٌ لِ " حَازَ " وَمَا بَعْدَهُ. إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّصَرُّفِ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِهَا، وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالْهِبَةِ. لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي قَرِيبًا (لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى دَعْوَاهُ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» . وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْحِيَازَةُ الْقَاطِعَةُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا لِيَمِينٍ: أَيْ مِنْ الْحَائِزِ. وَهَذَا فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا الْوَقْفُ فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ. وَكَذَا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي - غَائِبًا أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَمَنَعَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ مَانِعٌ - فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ. وَمَحَلُّ عَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي: مَا لَمْ يَكُنْ الْحَائِزُ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ وَالْغَصْبِ لِأَمْوَالِ النَّاسِ، فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لَا تَنْفَعُهُ كَمَا فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى حِيَازَةِ الشَّرِيكِ بِقَوْلِهِ: (كَشَرِيكٍ) فِي الْعَقَارِ الْمُحَازِ (أَجْنَبِيٍّ حَازَ فِيهَا) : أَيْ فِي الْعَشْرِ سِنِينَ (إنْ هَدَمَ) الْحَائِزُ (أَوْ بَنَى) .
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقَوْلُهُ: [وَنَحْوِهِ] : أَيْ مِنْ سَائِرِ الْغَلَّاتِ كَالطَّحْنِ وَالدَّرْسِ.
قَوْلُهُ: [حَاضِرٌ] : أَيْ بِالْبَلَدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ أَمْرَ ذَلِكَ الْمَحُوزِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ فَلَهُ الْقِيَامُ إذَا أَثْبَتَ عَدَمَ عِلْمِهِ.
قَوْلُهُ: [سَاكِتٌ] : مَفْهُومُهُ لَوْ نَازَعَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ.
قَوْلُهُ: [عَشْرَ سِنِينَ] : تَحْدِيدُ الْحِيَازَةِ فِي الْعَقَارِ بِالْعَشْرِ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرَبِيعَةَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا قَارَبَ الْعَشْرَ كَتِسْعٍ وَثَمَانٍ كَالْعَشْرِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُحَدَّدُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ.
قَوْلُهُ: [وَمَنَعَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ مَانِعٌ] : مِنْ الْعُذْرِ الْمَانِعِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ إلَّا بَعْدَ زَوَالِهِمَا. بِخِلَافِ جَهْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تُسْقِطُ الْحَقَّ وَتَقْطَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ.
قَوْلُهُ: [إنْ هَدَمَ الْحَائِزُ أَوْ بَنَى] : أَيْ وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ عَالِمٌ بِالتَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ.
وَكَذَا إنْ غَرَسَ أَوْ قَطَعَ الشَّجَرَ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ. وَهَذَا فِي الْفِعْلِ الْكَثِيرِ عُرْفًا. فَهَدْمُ شَيْءٍ يَسِيرٍ أَوْ بِنَاؤُهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ عَادَةً؛ كَفُرْنٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ قَطْعِ شَجَرَةٍ وَنَحْوِهَا لَا يُعْتَبَرُ.
(وَفِي الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ (مُطْلَقًا) شَرِيكًا: أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ. (مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً) لَا الْأَرْبَعِينَ فَقَطْ عَلَى الْأَرْجَحِ.
(إلَّا الْأَبُ وَابْنُهُ فِيمَا) : أَيْ فَلَا حِيَازَةَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِزَمَنٍ (تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ) عَادَةً (وَيَنْقَطِعُ) فِيهِ (الْعِلْم) بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَالْحَائِزُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي؛ كَالسِّتِّينَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكَذَا إنْ غَرَسَ أَوْ قَطَعَ الشَّجَرَ] : أَيْ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَأَوْلَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، فَخَالَفَ الشَّرِيكُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرِيكَ لَا يُعَدُّ حَائِزًا إلَّا بِأَحَدِ تِلْكَ الْأُمُورِ السَّبْعَةِ. بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْغَيْرِ الشَّرِيكِ فَيُعَدُّ حَائِزًا بِالتَّصَرُّفِ بِهَذِهِ السَّبْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَوَالِيَ وَالْأَصْهَارَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إلَّا مَعَ الطُّولِ جِدًّا بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ كَانَ بِالِاسْتِغْلَالِ بِالْكِرَاءِ أَوْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ زَرْعٍ. الثَّانِي: أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ اسْتِغْلَالٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ زَرْعٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَغَرْسِ الشَّجَرِ أَوْ قَطْعِهِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ لَا بِاسْتِغْلَالٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ زَرْعٍ.
قَوْلُهُ: [مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً] : فِي (عب) مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَالْأَجَانِبُ الشُّرَكَاءُ تَكْفِي الْحِيَازَةُ عَشْرَ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِوَاحِدٍ مِنْ سَبْعَةِ أُمُورٍ.
قَوْلُهُ: [إلَّا الْأَبُ وَابْنُهُ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْحَائِزِ مِنْهُمَا بِمَا يُفِيتُ الذَّاتَ أَوْ كَانَ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ جِدًّا كَالسِّتِّينَ سَنَةً، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ الْمُدَّةَ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ.
سَنَةً فَأَكْثَرَ، وَالْآخِذُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ. هَذَا كُلُّهُ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ.
(وَغَيْرُ الْعَقَارِ) مِنْ الْعُرُوضِ وَالدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ فَالْحِيَازَةُ (فِي الْقَرِيبِ) فِيهِ (الزِّيَادَةُ عَلَى عَشْرٍ) مِنْ السِّنِينَ. وَلَا يَكْفِي الْعَشْرُ مَعَ الْحُضُورِ وَالسُّكُوتِ بِلَا مَانِعٍ.
(وَفِي الْأَجْنَبِيِّ: مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) السِّنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ فِيمَا حَازَهُ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَلَا كَلَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا تُسْمَعُ لَهُ دَعْوَى.
(إلَّا الدَّابَّةَ) فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ (وَأَمَةَ الْخِدْمَةِ) تُسْتَخْدَمُ لِلْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ (فَالسَّنَتَانِ) فَقَطْ يَكُونُ حِيَازَةً، وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَهُمَا فِيهِمَا دَعْوَى مُدَّعٍ حَاضِرٍ سَاكِتٍ بِلَا مَانِعٍ. وَأَمَّا الثَّوْبُ يُلْبَسُ فَالْعَامُ فَقَطْ. وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [هَذَا كُلُّهُ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ] : أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ أَوَّلِ مَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ إلَى هُنَا.
قَوْلُهُ: [فَالْحِيَازَةُ فِي الْقَرِيبِ] : ظَاهِرُهُ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَهُ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ: [فِيهِ] : أَيْ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ عُرُوضٍ وَدَوَابَّ وَرَقِيقٍ.
قَوْلُهُ: [مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ] : ظَاهِرُهُ كَانَ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ.
قَوْلُهُ: [مَعَ التَّصَرُّفِ فِيمَا حَازَهُ] : أَيْ فَالتَّصَرُّفُ فِي الرَّقِيقِ بِالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، وَفِي الثِّيَابِ بِاللُّبْسِ وَالتَّقْطِيعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ، وَفِي الدَّوَابِّ بِالرُّكُوبِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [إلَّا الدَّابَّةَ] : هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ.
قَوْلُهُ: [لِلْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ] : الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ رُجُوعُهُ لِلدِّيَةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ وَتَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الشَّرِيكِ يُفِيدُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الشَّرِيكَ لَا يُعَدُّ حَائِزًا فِي الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ إلَّا بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الثَّوْبُ يُلْبَسُ فَالْعَامُ] : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ أَيْضًا
فَتَفُوتُ بِوَطْئِهَا بِالْفِعْلِ مَعَ عِلْمِ رَبِّهَا وَسُكُوتِهِ بِلَا عُذْرٍ. وَكَذَا الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ يَجْرِي عَلَى الْفُضُولِيِّ الْآتِي.
(وَلَا حِيَازَةَ) فِي شَيْءٍ مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (إنْ شَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ (بِإِعَارَةٍ وَنَحْوِهَا) : كَإِجَارَةٍ وَعُمْرَى وَإِخْدَامٍ وَمُسَاقَاةٍ فَتُسْمَعُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ. وَيُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ بِذَلِكَ كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَقْوَى. وَمَحَلُّ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ: مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْحَائِزِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي وَسُكُوتِهِ بِلَا عُذْرٍ مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْمَالِكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ:
(وَإِنْ تَصَرَّفَ غَيْرُ مَالِكٍ مُطْلَقًا) قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، شَرِيكًا أَوْ لَا (بِهِبَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) : كَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَبَيْعٍ (وَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعِي (حَاضِرٌ) حِينَ التَّصَرُّفِ (عَالِمٌ) بِهِ (لَمْ يُنْكِرْهُ) مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِنْكَارِ (مَضَى) فِعْلُ غَيْرِ الْمَالِكِ وَ (لَا كَلَامَ لَهُ) : أَيْ لِلْمَالِكِ.
(وَلَهُ) فِي الْبَيْعِ بِحُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ بِلَا مَانِعٍ (أَخْذُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) : لِأَنَّ حُضُورَهُ مَعَ سُكُوتِهِ بِلَا مَانِعٍ إذْنٌ مِنْهُ وَإِقْرَارٌ بِالْبَيْعِ (إنْ لَمْ يَطُلْ كَسَنَةٍ) . فَإِنْ مَضَى الْعَامُ فَلَا ثَمَنَ لَهُ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ إنْ قَبَضَهُ الْفُضُولِيُّ. وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِأَجَلٍ - كَالْعَامِ -.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَتَفُوتُ بِوَطْئِهَا] : أَيْ مُطْلَقًا كَانَ الْوَاطِئُ لَهَا أَجْنَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ لَوْ بَقِيَتْ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ] : أَيْ مِثْلُ وَطْءِ الْأَمَةِ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [بِإِعَارَةٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ ثُبُوتِ الْحِيَازَةِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَالتَّفَاصِيلُ الْمُتَقَدِّمَةُ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْمَالِكَ أَعَارَهَا لِلْحَائِزِ أَوْ آجَرَهَا أَوْ أَعْمَرَهَا أَوْ أَخْدَمَهَا إنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ سَاقَاهَا إنْ كَانَ بُسْتَانًا، وَأَوْلَى مِنْ ثُبُوتِ الْبَيِّنَةِ إقْرَارُ الْحَائِزِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي إلَّا بِتَصَرُّفٍ بِهِبَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ، وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَخْ.
فَلِرَبِّهِ قَبْضُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ، إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ. وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ. وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنَ. وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ، وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ حَقُّهُ. وَإِنْ قَامَ بَعْدَ الْعَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْكِتَابَةِ: هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ؟ قَوْلَانِ (اهـ.) . وَأَمَّا الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَمِ فَقِيلَ: يُسْقِطُهَا مُضِيُّ عِشْرِينَ عَامًا مَعَ حُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ وَسُكُوتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ. وَقِيلَ: مُضِيُّ ثَلَاثِينَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلِرَبِّهِ قَبْضُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ] : أَيْ مَا لَمْ يَسْكُتْ عَامًا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ.
قَوْلُهُ: [قَالَ ابْنُ رُشْدٍ] : قَصْدُهُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ الِاسْتِدْلَال عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا.
قَوْلُهُ: [فِي كُلِّ شَيْءٍ] : أَيْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْعَارِضِ.
قَوْلُهُ: [اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ] : أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا لِأَجَلٍ فَلَا يَضُرُّهُ إلَّا مُضِيُّ عَامٍ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ] : أَيْ بِنَقْضِ الْبَيْعِ أَوْ إمْضَائِهِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ] : أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ قَوْلُهُ: [حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُ الرَّدُّ بَعْدَ حُضُورِهِ وَعِلْمِهِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ، فَإِنْ مَضَى فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْضِ ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ مِنْ الْبَيْعِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ أَيْضًا. كَذَا ذَكَرُوا فَتَأَمَّلْهُ (اهـ) فَلَعَلَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ] : أَيْ دُونَ الْعَامِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ مَضَى ثَلَاثِينَ] : هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ
وَقِيلَ: لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُسْقِطُهَا مُضِيُّ السَّنَتَيْنِ بَعِيدٌ جِدًّا، وَالْأَظْهَرُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِلِاجْتِهَادِ فِي حَالِ الزَّمَنِ وَالدَّيْنِ وَالنَّاسِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ] : هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبُنْيَانِ، وَنَصَّهُ إذَا تَقَرَّرَ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ وَثَبَتَ فِيهَا لَا يَبْطُلُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَكَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ بِهِ لِعُمُومِ خَبَرِ:«لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» (اهـ) وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ التُّونُسِيُّ وَالْغُبْرِينِيُّ.
قَوْلُهُ: [فِي حَالِ الزَّمَنِ وَالدَّيْنِ وَالنَّاسِ] : أَيْ فَيُعْمَلُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَشَأْنُ الْغَنِيِّ يُمْهِلُ أَحِبَّاءَهُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ وَشَأْنُ الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ لَا مُهْلَةَ عِنْدَهُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَيْرَ صَاحِبٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.