الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ
وَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهَا بِقَوْلِهِ: (نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) : إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ، وَإِضَافَةُ " مُكَاتَبَةُ "" لِأَهْلِ " مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ]
[أَرْكَان الْكِتَابَةِ]
بَابٌ:
هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكِتَابِ بِمَعْنَى الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] أَيْ أَجَلٌ مُقَدَّرٌ أَوْ مِنْ الْكَتْبِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] وَ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] وَيُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ كِتَابٌ وَكِتَابَةٌ وَكَتَبَةً وَمُكَاتَبَةً قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] الْآيَةُ.
قَوْلُهُ: [إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ] : إنْ قُلْت قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] يَقْتَضِي وُجُوبَهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ. أُجِيبُ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجِبُ وَالْأَمْرُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَالصَّيْدُ بَعْدَ الْإِحْلَالِ لَا يَجِبُ إجْمَاعًا وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] وَكُلٌّ مِنْ الِانْتِشَارِ وَالِابْتِغَاءِ لَا يَجِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ بَلْ الْأَمْرُ فِيمَا ذُكِرَ لِلْإِبَاحَةِ وَالْكِتَابَةُ لَمَّا كَانَتْ عَقْدًا فِيهِ غَرَرٌ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَأَذِنَ الْمَوْلَى فِيهَا لِلنَّاسِ بِقَوْلِهِ: {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] فَالْآيَةُ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ مَأْخُوذٌ مِنْ
فَيَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ. وَمَفْهُومُهُ: أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا تُنْدَبُ لَهُ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ. فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَبَاطِلَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَصَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفٌ لُزُومُهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَاتِبُ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ فَصَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ أَوْ الزَّوْجِ.
ثُمَّ عَرَّفَ الْكِتَابَ تَبَعًا لِابْنِ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: (وَهِيَ) أَيْ الْكِتَابَةُ شَرْعًا (عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ) : خَرَجَتْ الْقَطَاعَةُ لِأَنَّهَا عَلَى مُعَجَّلٍ. (مِنْ الْعَبْدِ) : خَرَجَ عِتْقُهُ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَلَا يُسَمَّى كِتَابَةً. وَخَرَجَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَالٍ أَصْلًا كَالْعِتْقِ الْمُبْتَلِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَالتَّدْبِيرِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عُمُومٍ قَوْله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] .
قَوْلُهُ: [فَيَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ] : تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بَعْضِهِ.
قَوْلُهُ: [بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ] : وَكَذَلِكَ تَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَبْطُلُ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ.
قَوْلُهُ: [عِتْقٌ عَلَى مَالٍ] : قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ صَوَابُهُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقًا عَلَى مَالٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ لَا نَفْسُهُ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [خَرَجَتْ الْقَطَاعَةُ] : أَيْ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْكِتَابَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ، وَقَدْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مُتَعَارِفَةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ ابْنُ التِّينِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ. وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ الْكِتَابَةُ إسْلَامِيَّةٌ وَلَمْ تُعْرَفْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِلَافُ الصَّحِيحِ، وَقِيلَ «أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو الْمُؤَمَّلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَعِينُوا أَبَا الْمُؤَمَّلِ فَأُعِينَ فَقَضَى كِتَابَتَهُ وَفَضَلَتْ عِنْدَهُ فَضْلَةٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ثُمَّ بَرِيرَةُ أَفَادَهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْمُوَطَّإِ.
قَوْلُهُ: [خَرَجَ عِتْقُهُ عَلَى مُؤَجَّلِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ] : أَيْ فَتَجُوزُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْأَجْنَبِيُّ لِلسَّيِّدِ خُذْ مِنِّي مِائَةً بَعْدَ سَنَةٍ وَأَعْتِقْ عَبْدَك.
(مَوْقُوفٌ) صِفَةٌ لَهُ: " لِمُعْتَقٍ "(عَلَى أَدَائِهِ) : أَيْ عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمَعْتُوقِ عَلَيْهِ.
(وَأَرْكَانُهَا) الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (أَرْبَعَةٌ) :
أَوَّلُهَا: (مَالِكٌ) لِلرَّقَبَةِ. وَشَرْطُهُ الرُّشْدُ، فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا فَكَالصَّبِيِّ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ.
(وَ) جَازَ (لِوَلِيٍّ مَحْجُورٍ) : صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ (مُكَاتَبَةِ رَقِيقِهِ) : أَيْ رَقِيقِ الْمَحْجُورِ (بِالْمَصْلَحَةِ) : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابَةِ مَصْلَحَةٌ فَلَا. وَمَفْهُومُ " مُكَاتَبَةٍ " أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِتْقُهُ نَاجِزًا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ مَالَهُ مِنْ الْمَحْجُورِ بِدُونِ عِتْقٍ.
(وَ) ثَانِي الْأَرْكَانِ (رَقِيقُ: وَإِنْ أَمَةٌ) بَالِغَةٌ بِرِضَاهَا (وَصَغِيرًا) : ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ، لَا عَلَى الْمَشْهُورِ، إذْ لَا بُدَّ - عَلَى الْمَشْهُورِ - مِنْ رِضَاهُ، وَرِضَا الصَّغِيرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ وَالصَّغِيرُ:(بِلَا مَالٍ) لَهُمَا (وَ) لَا (كَسْبٍ) لَهُمَا: لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْكَسْبِ، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُمَا. (وَلَا يُجْبَرُ الرَّقِيقُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى قَبُولِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَأُخِذَ مِنْهَا أَيْضًا الْجَبْرُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَكَالصَّبِيِّ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ] : أَيْ مِنْ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَصَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفٌ لُزُومُهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ.
قَوْلُهُ: [بِالْمَصْلَحَةِ] : أَيْ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْكِتَابَةِ وَعَدَمِهَا فَالْجَوَازُ عَلَى بَابِهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْكِتَابَةِ وَجَبَتْ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ فِي عَدَمِهَا مُنِعَتْ.
قَوْلُهُ: [لَا عَلَى الْمَشْهُورِ] : أَيْ مِنْ أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ.
قَوْلُهُ: [مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ] : أَيْ وَهُوَ الْقَوْلُ بِجَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ] : أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ.
قَوْلُهُ: [وَأُخِذَ مِنْهَا أَيْضًا الْجَبْرُ] : الَّذِي أَخَذَ الْجَبْرَ مِنْهَا أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَ الْجَبْرِ ابْنُ رُشْدٍ.
(إلَّا) أَنْ يَكُونَ (غَائِبًا أَدْخَلَهُ حَاضِرٌ مَعَهُ) .
وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ: (وَصِيغَةُ) مُصَوَّرَةٌ (بِ كَاتَبْتُك بِكَذَا وَنَحْوِهِ) : أَيْ نَحْوُ: كَاتَبْتُك: كَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا، أَوْ: أَنْتَ مُكَاتَبٌ عَلَى كَذَا، أَوْ: مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ التَّنْجِيمَ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِدُونِهِ قَطْعًا وَإِنْ لَزِمَ. وَيَلْزَمُهُ التَّنْجِيمُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَيْ التَّأْخِيرُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَوْ نَجْمًا وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ لَكِنَّهَا تَكُونُ قَطَاعَةً.
وَصَرَّحَ بِالرُّكْنِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا] إلَخْ: أَيْ فَيُجْبَرُ اتِّفَاقًا أَيْ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ لَزِمَ الْعَبْدُ الْغَائِبُ وَإِنْ كَرِهَ، لِأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ يُؤَدِّي عَنْهُ.
قَوْلُهُ: [بِكَذَا] : اُنْظُرْ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِكَذَا هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِجَهْلِ الثَّمَنِ أَوْ تَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ، وَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَسْمِيَةُ عِوَضٍ. إنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُكَاتَبَ بِهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَاهِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالرُّكْنِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَدَمُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِهِ كَرُكْنِيَّةِ الصَّدَاقِ مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَزِمَ] : الْمُرَادُ بِلُزُومِهِ وُجُوبُهُ وَالْمُرَادُ بِتَنْجِيمِهِ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَالْمَشْهُورُ لُزُومُهُ وَتَنْجِيمُهُ.
قَوْلُهُ: [لَكِنَّهَا تَكُونُ قَطَاعَةً] : أَيْ يُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ فَالْقَطَاعَةُ عِنْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْكِتَابَةِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ تَنْجِيمُهَا، وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَطَاعَةً لَا كِتَابَةً، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعْنَوِيٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءً وَاجِبٌ، وَإِذَا وَقَعَتْ بِدُونِهِ لَزِمَ التَّنْجِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَطَاعَة، وَالثَّانِي يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءً لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِذَا وَقَعَتْ غَيْرُ مُنَجَّمَةٍ لَمْ يَلْزَمْ تَنْجِيمُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهَذِهِ فِي الْحَالَةِ يُقَالُ لَهَا