الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا وَأَحْكَامُهُ وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] . وَبِالْمَدِّ لُغَةُ نَجْدٍ وَلِذَا حَدَّ بَعْضُ الْقُضَاةِ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ يَا ابْنَ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالزِّنَا الَّذِي يُقْصَرُ وَيُمَدُّ قَالَهُ شَيْخُنَا الْأَمِيرُ. (الزِّنَا) الَّذِي فِيهِ الْحَدُّ الْآتِي (إيلَاجُ) : أَيْ تَغْيِيبُ (مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ، فَلَيْسَ زِنًا شَرْعًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. (مُكَلَّفٍ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا يُحْتَرَزُ عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ. (حَشَفَةً) أَوْ قَدْرَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ أَوْ مَعَ حَائِلٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ اللَّذَّةَ. (فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ) خَرَجَ الْإِيلَاجُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَحَيَوَانٍ بَهِيمِيٍّ وَالْجِنِّيِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ حَدُّ الزِّنَا وَأَحْكَامُهُ]
بَابٌ:
قَوْلُهُ: [وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ] : أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ لِوُقُوعِ الْأَلْفِ ثَالِثَةً.
قَوْلُهُ: [وَبِالْمَدِّ لُغَةُ نَجْدٍ] : أَيْ وَهُمْ تَمِيمٌ وَعَلَيْهِ فَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ قَالَ الْخَرَشِيُّ نَقْلًا عَنْ التَّنْبِيهَاتِ: الزِّنَا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ فَمَنْ مَدَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ فُعِلَ مِنْ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ، وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ انْتَهَى وَهُوَ مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا وَجَاحِدُ حُرْمَتِهِ كَافِرٌ.
قَوْلُهُ: [لَا كَافِرٍ] : أَيْ وَسَوَاءٌ وَطِئَ كَافِرَةً أَوْ مُسْلِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ تُحَدُّ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى زِنَاهَا وَطْءُ مُسْلِمٍ كَمَا أَنَّهَا تُحَدُّ إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا أَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ بَالِغٍ فِي فَرْجِهَا.
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ زِنًا شَرْعًا] : أَيْ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا وَفِيهِ الْعِقَابُ.
قَوْلُهُ: [مُكَلَّفٌ] : أَيْ وَلَوْ سَكْرَانَ حَيْثُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَكَالْمَجْنُونِ.
قَوْلُهُ: [فَرْجِ آدَمِيٍّ] : أَيْ غَيْرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ فِي قُبُلٍ
إنْ تَصَوَّرَ بِصُورَةٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ أَوْ كَانَ عَلَى جِهَةِ التَّخَيُّلِ لَا التَّحَقُّقِ. (مُطِيقٌ) : لِلْوَطْءِ عَادَةً لِوَاطِئِهَا فَيُحَدُّ الْوَاطِئُ وَإِنْ كَانَ الْمُطِيقُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (عَمْدًا) : خَرَجَ النَّاسِي طَلَاقَهَا وَالْجَاهِلُ. (بِلَا شُبْهَةٍ) :
خَرَجَ وَطْءُ أَمَةِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي.
(وَإِنْ) كَانَ الْفَرْجُ الْمَوْلَجُ فِيهِ (دُبُرًا) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَيًّا (أَوْ مَيِّتًا) : فَإِنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي دُبُرِ الذَّكَرِ يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا؛ مَمْلُوكًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا شُبْهَةَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْإِيلَاجِ فَفِيهِ الْحَدُّ الْآتِي، حَالَ كَانَ الْمُغَيَّبُ فِي دُبُرِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.
(غَيْرَ زَوْجٍ) : وَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ.
(أَوْ مُسْتَأْجَرَةً) : مُطْلَقًا فَيُحَدُّ، إلَّا مِنْ السَّيِّدِ لِلْوَطْءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
لِأَنَّهُ كَثُقْبَةٍ فَإِنْ وَطِئَ فِي دُبُرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى فَيَكُونُ فِيهِ الْجَلْدُ كَإِتْيَانِ أَجْنَبِيَّةً بِدُبُرٍ. وَلَا يُقَدَّرُ ذَكَرًا مَلُوطًا بِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِ الرَّجْمُ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا وَأَمَّا إنْ وَطِئَ هُوَ غَيْرَهُ بِذَكَرِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ إذْ لَيْسَ ذَكَرًا مُحَقَّقًا إلَّا أَنْ يُمْنِيَ مِنْ ذَكَرِهِ فَلَا إشْكَالَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ عَلَى جِهَةِ التَّخَيُّلِ] : أَيْ كَانَ بِصُورَةِ آدَمِيٍّ عَلَى جِهَةِ التَّخَيُّلِ.
قَوْلُهُ: [وَالْجَاهِلُ] : أَيْ لِلْحُكْمِ كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامِ أَوْ لِذَاتِهَا.
قَوْلُهُ: [دُبُرِ الذَّكَرِ] إلَخْ: لَكِنَّ دُبُرَ الذَّكَرِ فِيهِ الرَّجْمُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ بِكْرًا.
قَوْلُهُ: [وَلَا شُبْهَةَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْإِيلَاجِ] : أَيْ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النِّسَاءُ وَلَا مَفْهُومَ لِلْإِيلَاجِ، بَلْ التَّلَذُّذُ بِالْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ مُطْلَقًا] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْ نَفْسِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً، أَوْ مِنْ وَلِيِّ الْحُرَّةِ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ مِنْ سَيِّدِ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا مِنْ السَّيِّدِ لِلْوَطْءِ] : أَيْ نَظَرًا لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الَّتِي أَحَلَّ سَيِّدُهَا وَطْأَهَا لِلْوَاطِئِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِعِوَضٍ وَبِدُونِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ سَيِّدِهَا مُحَلَّلَةٌ فَلَا حَدَّ فِيهَا كَذَا فِي بْن وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا حَدَّ فِي وَطْءِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ، وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمُؤَجِّرُ وَلِيَّهَا أَوْ سَيِّدَهَا أَوْ نَفْسَهَا لِأَنَّ
(أَوْ مَمْلُوكَةً تَعْتِقُ عَلَيْهِ) : بِالْمِلْكِ، كَبِنْتِهِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا مَثَلًا وَوَطِئَهَا فَيُحَدُّ إنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ. (أَوْ مَرْهُونَةً) : أَيْ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ. (أَوْ ذَاتَ مَغْنَمٍ) : قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَوْ حِيزَتْ. (أَوْ حَرْبِيَّةً) : فِي بِلَادِ الْحَرْبِ. أَوْ دَخَلَتْ بِأَمَانٍ، لَا إنْ خَرَجَ بِهَا لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِخُرُوجِهِ بِهَا أَوْ دَخَلَتْ بِدُونِ أَمَانٍ فَحَازَهَا.
(أَوْ مَبْتُوتَةً) لَهُ (وَإِنْ) غَيَّبَ الْحَشَفَةَ (بِعِدَّةٍ) بِنِكَاحٍ فَأَوْلَى بِدُونِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
عَقْدَ الْإِجَارَةِ عِنْدَهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِنْ حَرُمَ عِنْده الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [تُعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ] : أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا يَرَى أَنَّ عِتْقَ الْقَرَابَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحُكْمِ لَا بِنَفْسِ الْمِلْكِ أَوْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَدْرَأْ عَنْهُ الْحَدَّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلَا مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَى ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَكَذَا خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ شَيْخِهِ (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَلَا حَدَّ] : أَيْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ حِيزَتْ] : أَيْ بِأَنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ وَهَزَمْنَاهُمْ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْجَيْشُ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُ الْحَدِّ لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ لِإِرْثِ نَصِيبِهِ عَنْهُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْغَنِيمَةِ وَقِلَّةِ الْجَيْشِ (اهـ) . وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي عَبْدٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ هَلْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي أَمْ لَا وَهَذَا فِيمَنْ لَهُ سَهْمٌ مِنْهَا وَإِلَّا حُدَّ وَلَوْ قَلَّ الْجَيْشُ. إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ حَدِّهِ مُطْلَقًا فِي الزِّنَا وَحَدِّ السَّارِقِ مِنْهَا إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي مِلْكِهَا هَلْ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهَا أَوْ حَتَّى تُقَسَّمَ جَازَ فِي الْجَمِيعِ؟ . قُلْت: أُجِيبُ بِأَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ وَهِيَ قَبْلَ الْحَوْزِ لَيْسَتْ فِي حِرْزٍ مِثْلِهَا كَذَا فِي عب.
قَوْلُهُ: [بِعِدَّةٍ بِنِكَاحٍ] إلَخْ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْبَاتَّ لِزَوْجَتِهِ إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الْبَتَاتِ مُتَعَمِّدًا يُحَدُّ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ مُسْتَنِدًا لِعَقْدٍ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ بِدُونِ عَقْدٍ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ هَذَا إذَا كَانَ وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِعِدَّةٍ بِدُونِ عَقْدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى.
وَبَعْدَ الْعِدَّةِ كَانَ الْبَتُّ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ عَلَى الرَّاجِحِ.
(أَوْ خَامِسَةٍ) : عَلِمَ بِتَحْرِيمِهَا وَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَهَا مِنْ الْخَوَارِجِ.
(أَوْ مُحَرَّمَةِ صِهْرٍ بِنِكَاحٍ) : فَيُحَدُّ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِيهَا، وَمَفْهُومٌ " بِنِكَاحٍ " لَوْ كَانَتْ بِمِلْكٍ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيُحَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَأْتِي وَلَمْ يَقُلْ مُؤَبَّدٌ كَالْأَصْلِ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَتْ الصِّهَارَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدَةً مِثْلُ أَنْ يَدْخُلَ بِأُمٍّ ثُمَّ يَعْقِدَ عَلَى الْبِنْتِ وَيُولِجَ. (أَوْ مُطَلَّقَةٍ) مِنْهُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) فَأَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فِيهَا بِدُونِ عَقْدٍ. (أَوْ مُعْتَقَةٍ) لَهُ فَأَوْلَجَ إلَخْ. (أَوْ مَكَّنَتْ مَمْلُوكَهَا) : فَأَوْلَجَ الْحَشَفَةَ. (بِلَا عَقْدٍ) : رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ، أَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ فَجَائِزٌ فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمُعْتَقَةِ. وَأَمَّا فِي الْمَالِكَةِ فَيُدْرَأُ الْحَدُّ وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(لَا إنْ عَقَدَ) فَلَا حَدَّ.
(أَوْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً مِنْهُ) فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ فَلَا حَدَّ بَلْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ، حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ كَفِي عِدَّةِ بَائِنٍ مِنْهُ غَيْرِ مَبْتُوتَةٍ. أَمَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَهَا مِنْ الْخَوَارِجِ] : أَيْ فَإِنَّ الْخَوَارِجَ أَجَازُوا تِسْعًا مُسْتَدِلِّينَ بِجَمْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] وَرُدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّ الْوَاوَ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مُحَرَّمَةِ صِهْرٍ بِنِكَاحٍ] : أَيْ وَذَلِكَ كَأُمِّ الزَّوْجَةِ وَبِنْتِهَا وَزَوْجَةِ الْأَبِ وَزَوْجَةِ الِابْنِ.
قَوْلُهُ: [وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ] : أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَى أُمَّ أَمَتِهِ وَعَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَى نَفْسِ الشِّرَاءِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا تَقَدَّمَ] : أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَمْلُوكَةٍ تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْحَدِّ.
قَوْلُهُ: [بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ] : أَيْ فَالْقَيْدُ ضَائِعٌ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مُطَلَّقَةٍ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ] : أَيْ وَلَوْ طَلْقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَائِنٌ بِالْإِجْمَاعِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَقْدٍ.
قَوْلُهُ: [فَأَوْلَجَ] إلَخْ: أَيْ الْحَشَفَةَ فِيهَا بِدُونِ عَقْدٍ.
عَلَى الرَّاجِحِ كَفِي عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ. (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) : أَيْ مُتَّعِدَةٍ مِنْ غَيْرِهِ (وَهِيَ مَمْلُوكَتُهُ) فَلَا حَدَّ. (أَوْ زَوْجَتُهُ) إذَا وَطِئَهَا فِي حَالِ عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَيْ اسْتِبْرَائِهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
(أَوْ مُشْتَرَكَةً) وَطِئَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءُ، فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ، لَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ.
(أَوْ مُحَرَّمَةً) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ: أَيْ كَانَ تَحْرِيمُهَا (لِ) أَجْلِ (عَارِضٍ) كَحَائِضٍ فَلَا حَدَّ وَيُؤَدَّبُ.
(أَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ) فَيُؤَدَّبُ. (أَوْ حَلِيلَةً) : أَيْ زَوْجَتَهُ إذَا غَيَّبَ حَشَفَتَهُ بِدُبُرِهَا فَيُؤَدَّبُ.
(أَوْ مَمْلُوكَةً لَا تَعْتِقُ) : أَيْ اشْتَرَى - مَثَلًا - مَنْ لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَوَطِئَهَا؛ وَهِيَ عَمَّتُهُ أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ مَثَلًا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، فَلَا حَدَّ وَيُؤَدَّبُ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ.
(أَوْ بِنْتًا بِعَقْدٍ) عَلَى أُمٍّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِذَا وَطِئَ الْبِنْتَ بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا حَالَةَ عَقْدِهِ عَلَى أُمِّهَا غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَفِي عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ] : أَيْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ اسْتِبْرَائِهَا] : إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعِدَّةِ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ طَلَاقِ زَوْجٍ أَوْ وَفَاتِهِ وَمَا عَدَاهُ يُقَالُ لَهُ اسْتِبْرَاءٌ، وَلَوْ قَالَ إذَا وَطِئَهَا فِي حَالِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ غَيْرِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ هَذَا التَّعْقِيدِ.
قَوْلُهُ: [كَحَائِضٍ] : أَيْ وَمُحَرَّمَةٍ وَنُفَسَاءَ وَمُعْتَكِفَةٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ] : أَيْ كَبِنْتِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً.
قَوْلُهُ: [أَيْ زَوْجَتَهُ] : مِثْلُهَا أَمَتُهُ لِأَنَّ الْأَدَبَ مُرَتَّبٌ عَلَى التَّغْيِيبِ فِي الدُّبُرِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مَمْلُوكَةً لَا تَعْتِقُ] : الْمَعْنَى أَوْ مُحَرَّمٌ مَمْلُوكَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَيُؤَدَّبُ] : أَيْ إنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ وَإِلَّا فَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ.
قَوْلُهُ. [فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ] : أَيْ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ مَا دَامَتْ الْأُمُّ فِي عِصْمَتِهِ فَهُوَ تَحْرِيمٌ عَارِضٌ، فَإِذَا طَلَّقَ الْأُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَلَّتْ لَهُ
(أَوْ) وَطِئَ (أُخْتًا) تَزَوَّجَهَا (عَلَى أُخْتِهَا) . (أَوْ) وَطِئَ (بَهِيمَةً) مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ أَوْ غَيْرَهَا بِقُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ فَلَا حَدَّ. (أُدِّبَ) فِي الْجَمِيعِ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ.
(كَمُسَاحَقَةٍ) فِعْلُ شِرَارِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بِبَعْضٍ، فَفِيهِ الْأَدَبُ فَقَطْ.
(وَأَمَةً مُحَلَّلَةً) فَإِنَّ مَنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا لَهُ فِي الْوَطْءِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُؤَدَّبُ، مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ؛ فَالْمُحَلَّلَةُ مَنْ يَقُولُ سَيِّدُهَا لِغَيْرِهِ: أَذِنْت لَك فِي وَطْئِهَا أَوْ أَبَحْتُهُ لَك إلَخْ. (وَقُوِّمَتْ) الْمُحَلَّلَةُ (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْوَاطِئِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ حَمَلَتْ أَمْ لَا، فَإِنْ أَعْدَمَ بِيعَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَهُ الزِّيَادَةُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ وَإِنْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَاحِقٌ بِهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ.
(وَإِنْ أَبَيَا) : امْتَنَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ مِنْ التَّقْوِيمِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْوِيمِ
ــ
[حاشية الصاوي]
ابْنَتُهَا فَصَارَ الْعَقْدُ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ الْغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا حُدَّ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ وَطِئَ أُخْتًا] إلَخْ: أَيْ فَالْعَقْدُ عَلَى الْأُخْتِ الْمَوْطُوءَةِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ، لِأَنَّ حُرْمَتَهَا مَا دَامَتْ الْأُخْتُ الْأُولَى فِي الْعِصْمَةِ فَالتَّحْرِيمُ عَارِضٌ، وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِالْأُخْتِ السَّابِقَةِ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَأُدِّبَ فِي الْجَمِيعِ] : الْمُنَاسِبُ حَذْفُ أَلْ وَمَحِلُّ الْأَدَبِ مَا لَمْ يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَالْبَهِيمَةُ الْمَوْطُوءَةُ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ وَالْأَكْلِ.
قَوْلُهُ: [كَمُسَاحَقَةٍ] : أَيْ لِأَنَّهُ لَا إيلَاجَ فِيهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ زِنًا.
قَوْلُهُ: [وَأَمَةً مُحَلَّلَةً] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قِنًّا أَوْ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ. قَالَ الْخَرَشِيُّ بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ الْبَرْبَرِ وَبَعْضِ بِلَادِ فرباش أَنَّهُمْ يُحَلِّلُونَ أَزْوَاجَهُمْ لِلضِّيفَانِ يَعْتَقِدُونَهُ كَرْمًا جَهْلًا مِنْهُمْ فَعَلَيْهِمْ الْأَدَبُ إنْ جَهِلُوا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَبَحْتُهُ لَك] : إلَخْ: لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَهُ الزِّيَادَةُ] : أَيْ إنْ زَادَ ثَمَنُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ عَنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ.
وَقَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ النَّقْصُ] : أَيْ إنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ عَنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ أَبَيَا] : مُبَالَغَةٌ فِي التَّقْوِيمِ أَيْ هَذَا إذَا رَضِيَا بَلْ وَإِنْ أَبَيَا.