الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَالِكٍ إنْ رَدَّ الْمُعَيَّنُ يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لَا لِخُصُوصِ الْفُقَرَاءِ فَتَأَمَّلْهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ
مُبْطِلَاتِ الْوَقْفِ
بِقَوْلِهِ:
(وَبَطَلَ) الْوَقْفُ (بِمَانِعٍ) : أَيْ بِحُصُولِ مَانِعٍ لِلْوَاقِفِ (قَبْلَ حَوْزِهِ) : أَيْ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَحُزْهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ - وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ وَلِيَّهُ - حَتَّى حَصَلَ لِلْوَاقِفِ مَانِعٌ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مَرَضٍ مُتَّصِلٍ بِمَوْتِهِ، بَطَلَ الْوَقْفُ وَرَجَعَ لِلْغَرِيمِ فِي الْفَلَسِ وَلِلْوَارِثِ فِي الْمَوْتِ، إنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ، وَإِلَّا نَفَذَ. وَهَذَا إذَا حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ، وَأَمَّا مَنْ حَبَّسَ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَإِلَّا بَطَلَ كَمَا يَأْتِي. وَلِلْوَاقِفِ فِي الْمَرَضِ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ فِي الصِّحَّةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الْمَانِعِ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ إلَّا إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ الرُّجُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ.
(أَوْ) بِحُصُولِ مَانِعٍ لَهُ (بَعْدَ عَوْدِهِ) : أَيْ الْوَقْفِ (لَهُ) أَيْ لِوَاقِفِهِ (قَبْلَ عَامٍ) بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ (وَلَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ لِلْوَاقِفِ (غَلَّةً كَدَارٍ) وَحَانُوتٍ وَحَمَّامٍ وَدَابَّةٍ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِحُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ حَالَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَامِ، وَسَوَاءٌ أَوْقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَادَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ؛ كَإِجَارَةٍ أَوْ بِغَيْرِهِ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ ثَانِيًا قَبْلَ الْمَانِعِ؛ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ. وَمَفْهُومُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
[مُبْطِلَاتِ الْوَقْفِ]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ سَفِيهًا] إلَخْ: مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ حَازَهُ صَحَّ هَذَا إذَا كَانَ الْحَائِزُ لَهُ رَشِيدًا، بَلْ وَلَوْ سَفِيهًا إلَخْ.
وَقَوْلُهُ: [حَتَّى حَصَلَ لِلْوَاقِفِ مَانِعٌ] : غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَحُزْهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ فَلَسٍ] : الْمُرَادُ بِالْفَلَسِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْأَخَصَّ وَالْأَعَمَّ الَّذِي هُوَ إحَاطَةُ الدَّيْنِ.
وَقَوْلُهُ: [بَطَلَ الْوَقْفُ] : جَوَابُ إذَا وَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ التَّمَامِ لِأَنَّ عَدَمَ إمْضَاءِ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ وَلِلْوَرَثَةِ فِي الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ] : أَيْ أَوْ الْغَرِيمُ وَالْمُرَادُ بِالْإِجَازَةِ الْإِمْضَاءُ.
قَوْلُهُ: [وَسَوَاءٌ أَوْقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ] : وَسَيَأْتِي بِشُرُوطِ مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَحْجُورِ الْآتِيَةِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ ثَانِيًا قَبْلَ الْمَانِعِ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَادَ لِانْتِفَاعِهِ بِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ ثَانِيًا بَطَلَ الْوَقْفُ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ
قَبْلَ عَامٍ " أَنَّهُ لَوْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَامِ فَحَصَلَ الْمَانِعُ، لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ الْمُدَّةُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا اشْتِهَارُ الْوَقْفِ غَالِبًا بِخِلَافِ الرَّهْنِ إذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالْمَانِعِ وَلَوْ طَالَتْ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ " وَلَهُ غَلَّةٌ " بِقَوْلِهِ: (بِخِلَافِ) مَا لَا غَلَّةَ لَهُ (نَحْوِ كُتُبٍ) لِلْعِلْمِ (وَسِلَاحٍ) فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَانِعِ إذَا عَادَ لِيَدِ الْوَاقِفِ قَبْلَ عَامٍ وَأَوْلَى بَعْدَهُ (إذَا صَرَفَهُ) قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُ (فِي مَصْرِفِهِ) بِأَنْ حِيزَ عَنْهُ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِتَابِ أَوْ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسِّلَاحِ أَوْ لِمَنْ يَنْجُرُ بِهِ فِي نَحْوِ الْقَدُومِ وَلَوْ كَانَتْ الْحِيَازَةُ لَهُ بِنَحْوِ تَغْيِيرَةِ الْكَرَّاسَ فَمَا بَعْدَهُ إلَخْ فَإِنَّهُ كَافٍ وَلَا يَبْطُلُ بِالْمَانِعِ قَبْلَ الْعَامِ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِنَا " بِخِلَافٍ " إلَخْ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ فِي الْبُطْلَانِ. وَقَوْلُنَا: " وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ "، أَنَّهُ لَوْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَامِ إلَخْ شَامِلٌ لِلْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ الْمَحْجُورِ وَعَلَى الْمَحْجُورِ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْأَرْجَحِ، فِي الثَّانِي قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَإِنْ عَادَ إلَيْهَا أَيْ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ بَعْدَ الْعَامِ نَفَذَتْ، وَإِنْ مَاتَ فِيهَا إذَا كَانَ رُجُوعُهُ إلَيْهَا بِالْكِرَاءِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ الْعَمَلُ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ. وَمُقَابِلُهُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلَةُ بِالْبُطْلَانِ إذَا عَادَ لِمَا حَبَّسَ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَوْ بَعْدَ أَعْوَامٍ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهَا. قَالَ الْمُحَشِّي: وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ سَيِّدِي أَحْمَدُ الزَّوَاوِيُّ فَقَالَ:
رُجُوعُ وَاقِفٍ لِمَا قَدْ وَقَفَا
…
بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ قَدْ خَفَا
ــ
[حاشية الصاوي]
أَوْ عَلَى غَيْرِهِ عَادَ بِكِرَاءٍ أَوْ إرْفَاقٍ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ بِكِرَاءٍ أَوْ إرْفَاقٍ فَلَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مَحْجُورِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ عَادَ لَهُ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَبْطُلُ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] ، فَجَعَلَ الْقَبْضَ وَصْفًا لَهَا.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى الْمَحْجُورِ] : أَيْ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ.
قَوْلُهُ: [قَالَ الْمُحَشِّي] : مُرَادُهُ بِهِ (بْن) .
قَوْلُهُ: [قَدْ خَفَا] : أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ.