الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَبِمَعْصِيَةٍ) : أَيْ أَوْصَى بِمَالٍ لَهَا أَوْ بِفِعْلِهَا، فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَيَفْعَلُ الْوَرَثَةُ بِالْمَالِ مَا شَاءَ لَهُمَا؛ كَوَصِيَّةٍ بِمَالٍ يَشْتَرِي بِهِ خَمْرًا يُشْرَبُ، أَوْ دَفَعَهُ لِمَنْ يَقْتُلُ نَفْسًا ظُلْمًا، أَوْ يَبْنِي بِهِ مَسْجِدًا فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ لِلْمَوْتَى كَقَرَافَةِ مِصْرَ، أَوْ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ، أَوْ يَصُومُ عَنْهُ، أَوْ بِقِنْدِيلِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يُعَلَّقُ فِي قُبَّةِ وَلِيٍّ.
(وَ) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (لِوَارِثٍ) لِحَدِيثِ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَبِمَعْصِيَةٍ] : الْمُرَادُ بِهَا الْأَمْرُ الْمُحَرَّمُ فَالْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا كَمَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ قَالَ (ر) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ وَفِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بِالْمُبَاحِ وَعَدَمِ تَنْفِيذِهَا قَوْلَانِ، وَكَأَنَّ الْأُجْهُورِيَّ قَاسَ مَا قَالَهُ عَلَى اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَرِهَ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْدُوبِ فَتَنْفُذُ وُجُوبًا وَمَا فِي التَّتَّائِيِّ مِنْ نَدْبِ تَنْفِيذِهَا فَمَرْدُودٌ.
قَوْلُهُ: [كَوَصِيَّةٍ بِمَالٍ يَشْتَرِي بِهِ خَمْرًا] : أَيْ وَمِنْهُ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ بِنِيَاحَةٍ عَلَيْهِ أَوْ بِلَهْوٍ مُحَرَّمٍ فِي عُرْسٍ
قَوْلُهُ: [أَوْ يَبْنِي بِهِ مَسْجِدًا] : قَالَ (بْن) : وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا أَنْ يُوصِيَ بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَيْهِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ الْمَوْلِدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ، وَكَأَنْ يُوصِي بِكَتْبِ جَوَابِ سُؤَالِ الْقَبْرِ وَجَعْلِهِ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي صُورَةٍ مِنْ نُحَاسٍ وَيُجْعَلَ فِي جِدَارِ الْقَبْرِ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ] إلَخْ: أَيْ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ فَإِنَّهَا نَافِذَةٌ كَالْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ عَنْهُ.
[بُطْلَان الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَر مِنْ الثُّلُث]
قَوْلُهُ: [وَبَطُلَتْ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ] : أَيْ وَلَوْ بِقَلِيلِ زِيَادَةٍ عَلَى حَقِّهِ فَإِنْ أَوْصَى لِلْوَارِثِ وَلِغَيْرِهِ بَطَلَتْ حِصَّةُ الْوَارِثِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [لِحَدِيثِ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ] : أَيْ وَهُوَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ} [البقرة: 180] الْآيَةُ وَهَذَا عَجْزُ الْحَدِيثِ وَصَدْرُهُ: «إنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .
(كَغَيْرِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (بِزَائِدِ الثُّلُثِ) : وَيُعْتَبَرُ الزَّائِدُ (يَوْمَ التَّنْفِيذِ) لَا يَوْمَ الْمَوْتِ. وَظَاهِرُهُ: بُطْلَانُ الزَّائِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لَحِقَ بَيْتَ الْمَالِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى صِحَّتِهَا كَأَحْمَدَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
(وَإِنْ أُجِيزَ) : مَا أَوْصَى بِهِ لِلْوَارِثِ أَوْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ: أَيْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ (فَعَطِيَّةٌ مِنْهُمْ) : أَيْ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، لَا تَنْفِيذٌ لِوَصِيَّةِ الْمُوصِي. فَلَا بُدَّ مِنْ حِيَازَةِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِلْمُجِيزِ، وَكَوْنِ الْمُجِيزِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ. وَلَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ الْقَبُولِ لِقَوْلِ الرَّمَاصِيِّ: لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ الْأُجْهُورِيِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْأَمِيرُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِزَائِدِ الثُّلُثِ] : أَيْ فَإِذَا أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِنِصْفِ مَالِهِ مَثَلًا أَوْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ يَبْلُغُ ذَلِكَ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَرُدَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لَحِقَ بَيْتَ الْمَالِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَعَطِيَّةٌ مِنْهُمْ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.
قَوْلُهُ: [لَا تَنْفِيذٌ لِوَصِيَّةِ الْمُوصِي] : أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ الْعَطَّارِ الْقَائِلَيْنِ بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِنْ أُجِيزَتْ فَلَا تَحْتَاجُ لِقَبُولٍ ثَانٍ وَنَحْتَاجُ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا يَكُونُ فِعْلُ الْمَيِّتِ مَحْمُولًا عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يُرَدَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ، وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْخِلَافِ أَيْضًا لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَةٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا فَأَجَازَ الْوَارِثُ فَهَلْ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمَيِّتِ أَوْ ثُلُثُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِوَارِثِهِ وَهِيَ زَوْجَةٌ لِذَلِكَ الْوَارِثِ فَأَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِالْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ لَا تَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ آيِلٌ أَمْرُهُ لِمِلْكِ الْكُلِّ بِالْإِجَازَةِ أَوْ الْبَعْضِ بِالْمَوْتِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَلَا بُدَّ مِنْ حِيَازَةِ الْمُوصَى لَهُ] : أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ] : أَيْ بِأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا لَا دَيْنَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ الْقَبُولِ] الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ أَذْكُرْ شَرْطَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَتْنِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ الشُّرُوطِ أَصْلًا.